مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ مَرْوِيَّةٌ مِنْ طُرُقٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْآثَارُ مَرْوِيَّةٌ مِنْ طُرُقٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَجَابِرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَغَيْرِهِمْ وَمِنِ الرُّوَاةِ لَهَا مَنْ يُوقِفُ حَدِيثَ عُقْبَةَ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَجْعَلُهُ مِنْ حَدِيثِهِمَا وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حدثنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى أَنْ يَقْعُدَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ وَيُقَصَّصَ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حدثنا حفص عن بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أن يقعد عليها يعني القبور وعن بن مَسْعُودٍ لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ حَتَّى تُطْفَأَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْعُدَ عَلَى قَبْرٍ وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ مِثْلُهُ سَوَاءً وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَأَنْ يَجْلِسَ أَحَدُكُمْ عَلَى جَمْرَةٍ فَتَحْرِقُ رِدَاءَهُ ثُمَّ قَمِيصَهُ ثُمَّ إِزَارَهُ حَتَّى تَخْلُصَ إِلَى جِلْدِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى قَبْرٍ وَهَذَا الْجُلُوسُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ تَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَرَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ لَأَنْ أَطَأَ عَلَى جَمْرَةٍ أَوْ عَلَى حَدِّ سَيْفٍ حَتَّى يَخْطِفَ رِجْلِي أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ أَنْ أَمْشِيَ عَلَى مُسْلِمٍ وَمَا أُبَالِي فِي الْقُبُورِ قَضَيْتُ حَاجَتِي أَوْ فِي السُّوقِ وَالنَّاسُ ينظرون وعن الحسن وبن سِيرِينَ وَمَكْحُولٍ كَرَاهِيَةُ الْمَشْيِ عَلَى الْقُبُورِ وَالْقُعُودِ عَلَيْهَا وَقَالَ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الْقُعُودِ عَلَى الْقُبُورِ فِيمَا نَرَى لِلْمَذَاهِبِ يُرِيدُ حَاجَةَ الْإِنْسَانِ وَحُجَّتُهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَتَوَسَّدُ الْقُبُورَ وَيَضْطَجِعُ عَلَيْهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 63 وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ جَازَ الْمَشْيُ وَالْقُعُودُ فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَهُوَ قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَا أُبَالِي قَضَيْتُ حَاجَتِي عَلَى الْقُبُورِ أَوْ فِي السُّوقِ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ لِأَنَّ الْمَوْتَى يَجِبُ الِاسْتِحْيَاءُ مِنْهُمْ كَمَا يَجِبُ مِنَ الْأَحْيَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَلِكَ جَاءَتِ السُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ النَّقْلِ بِالسَّلَامِ عَلَى الْقُبُورِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ جماعة من أصحابه والتابعين وَلَا أَعْلَمَ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ مُجِيزٌ ذَلِكَ من فقهاء المسلمين إلا شيء رُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا وَجْهَ لَهُ وَرَوَى أَبُو أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ له هلم يا بن أَخِي إِنَّمَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْجُلُوسِ عَلَى الْقَبْرِ لَحَدَثِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ فُضَيْلٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ لَا تَخْلُ وَسْطَ مَقْبَرَةٍ وَلَا تَبُلْ فِيهَا وَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْآثَارِ الْمَرْوِيَّةِ فِي الْكُرَّاسَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَالِكٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ بْنَ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ يَقُولُ كُنَّا نَشْهَدُ الْجَنَائِزَ فَمَا يَجْلِسُ آخِرُ النَّاسِ حَتَّى يُؤْذَنُوا قَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَبُو بَكْرٍ هَذَا لَا يُوقَفُ لَهُ عَلَى اسْمٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكُ بْنُ الْمُبَارَكِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَمَا يَنْصَرِفُ النَّاسُ حَتَّى يُؤْذَنُوا وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا قَدِيمًا فَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَنْصَرِفُونَ حَتَّى يُؤْذَنَ لَهُمْ أَوْ يَسْتَأْذِنُوا وَرُوِيَ عن بن مسعود وزيد بن ثابت وعروة وبن الزُّبَيْرِ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ إِذَا وُرِيَتِ الْجِنَازَةُ وَلَا يَسْتَأْذِنُونَ هَذَا مَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُمْ (رَحِمَهُمُ اللَّهُ) وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ مَنْ شَيَّعَ جِنَازَةً كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ مِنَ الْأَجْرِ وَمَنْ قَعَدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 64 وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ فَمَا يَجْلِسُ النَّاسُ حَتَّى يُؤْذَنُوا فَقَدْ ذَكَرْنَا الْقِيَامَ عَلَى الْقَبْرِ وَمَا جَاءَ عَنِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَرَوَيْنَا ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ وَعَلْقَمَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى الْقُبُورِ وَيُجِيزُونَ الْقِيَامَ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ وَرَوَيْنَا كَرَاهِيَةَ الْقِيَامِ عَلَى الْقَبْرِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَاتِّبَاعُ الصَّحَابَةِ أَوْقَعُ وَأَصْوَبُ مِنَ اتِّبَاعِ مَنْ بَعْدَهُمْ وَلَوْ عَلِمَ الَّذِينَ جَاءَ عَنْهُمْ خِلَافُهُمْ فِعْلَهُمْ مَا خَالَفُوهُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ |