مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ هَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ أَجْوَدِ أَسَانِيدِ الْآحَادِ وَفِي هَذَا (...) |
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ هَذَا الْإِسْنَادُ مِنْ أَجْوَدِ أَسَانِيدِ الْآحَادِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حَسَبِ مَا قَيَّدَهُ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ ذِكْرِ الْحِسْبَةِ وَهِيَ الصَّبْرُ وَالِاحْتِسَابُ وَالرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ أَنَّ الْمُسْلِمَ تُكَفَّرُ خَطَايَاهُ وَيُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ بِالصَّبْرِ عَلَى مُصِيبَتِهِ وَلِذَلِكَ خَرَجَ عَنِ النَّارِ فَلَمْ تَمَسَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ أَحَادِيثَ تُعَضِّدُ هَذَا الْمَعْنَى وَتَشُدُّهُ مِنْهَا حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 73 ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ يَعْنِي لَمْ يَبْلُغُوا أَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمُ الْأَقْلَامُ بِالسَّيِّئَاتِ فَإِذَا كَانَ الْآبَاءُ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَةِ اللَّهِ لِأَطْفَالِهِمْ دَلَّ عَلَى أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُرْحَمُوا مِنْ أَجْلِ مَنْ لَيْسَ بِمَرْحُومٍ أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا الْمُجْبِرَةَ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ هُمْ فِي الْمَشِيئَةِ وَشَهِدَ بِهَذَا مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ يَظَلُّ مُحْبَنْطِئاً يُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ فَيَقُولُ لَا حَتَّى يَدْخُلَهَا أَبَوَايَ فَيُقَالُ لَهُ ادْخُلِ الْجَنَّةَ أَنْتَ وَأَبَوَاكَ وَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ صِغَارُكُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ وَأَبْيَنُ مِنْ هَذَا حَدِيثُ شُعْبَةَ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ مَاتَ له بن صَغِيرٌ فَوَجَدَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا يَسُرُّكَ أَلَّا تَأْتِيَ بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَهُ يَسْتَفْتِحُ لَكَ فَقَالُوا لَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَهُ خَاصَّةً أَمْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً قَالَ بَلْ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ) الْمُدَّثِّرِ 38 39 قَالَ أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ وَسَنَذْكُرُ الْآثَارَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا فِرَقُ الْإِسْلَامِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْمُجْبِرَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي الْأَطْفَالِ فِي بَابِ جَامِعِ الْجَنَائِزِ بَعْدُ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ فَهُوَ لَفْظٌ مُخَرَّجٌ فِي التَّفْسِيرِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 74 الْمُسْنَدِ لِأَنَّ الْقَسَمَ الْمَذْكُورَ فِيهِ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا) مَرْيَمَ 71 قَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ (حَتْمًا مَقْضِيًّا) وَاجِبًا وَكَذَلِكَ قَالَ السُّدِّيُّ وَرَوَاهُ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عن بن مَسْعُودٍ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْوُرُودِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلُونَ الْوُرُودُ الدُّخُولُ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّهُ قد اختلف في ذلك عن بن عَبَّاسٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ بِذَلِكَ عَنْهُمَا فِي التمهيد ذكر بن جريج عن عطاء عن بن عَبَّاسٍ قَالَ الْوُرُودُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الدُّخُولُ لِيَرِدَهَا كُلُّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ ثم قال بن عَبَّاسٍ فِي الْقُرْآنِ أَرْبَعَةُ أَوْرَادٍ قَوْلُهُ تَعَالَى (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) هُودٍ 98 وَقَوْلُهُ (حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ) الْأَنْبِيَاءِ 98 وَقَوْلُهُ (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا) مَرْيَمَ 86 وَقَوْلُهُ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا واردها) مريم 71 قال بن عَبَّاسٍ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ مِنْ دُعَاءِ مَنْ مَضَى اللَّهُمَّ أَخْرِجْنِي مِنَ النَّارِ سَالِمًا وَأَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ غَانِمًا وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْوُرُودُ هُوَ الدُّخُولُ لَا يَبْقَى بَرٌّ وَلَا فَاجِرٌ إِلَّا دَخَلَهَا فَتَكُونُ عَلَى الْمُؤْمِنِ بَرْدًا وَسَلَامًا كَمَا كَانَتْ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَيُنَجِّ اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَيَذْرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا يَقُولُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَفُوزُ بِالسَّلَامَةِ أَهِلُ الطَّاعَةِ وَيَشْقَى بِالْعَذَابِ أُولِي الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ وَقَالَ آخَرُونَ الْوُرُودُ الْمَمَرُّ عَلَى الصِّرَاطِ رَوَى الكعبي عن أبي صالح عن بن عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) مَرْيَمَ 71 قَالَ الْمَمَرُّ عَلَى الصِّرَاطِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ وَخَالِدِ بْنِ مِعْدَانَ وَأَبِي نَضْرَةَ وَهُوَ قَوْلُ السُّدِّيِّ وَرَوَى إِسْرَائِيلُ وَشُعْبَةُ عَنِ السُّدِّيِّ أَنَّهُ سَأَلَ مَرَّةً الْهَمْدَانِيَّ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وجل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 75 (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) مَرْيَمَ 71 قَالَ فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُمْ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ يَرِدُ النَّارَ ثُمَّ يَصْدُرُونَ مِنْهَا بِأَعْمَالِهِمْ فَأَوَّلُهُمْ كَالْبَرْقِ ثُمَّ كَالرِّيحِ ثُمَّ كَخَطْوِ الْفَرَسِ ثُمَّ كَالرَّاكِبِ فِي رَحْلِهِ ثُمَّ كَشَدِّ الرَّجُلِ ثُمَّ كَمَشْيِهِ وَقَفَهُ إِسْرَائِيلُ وَكَانَ شُعْبَةُ رُبَّمَا رَفَعَهُ وَكَانَ كَثِيرًا يَرْفَعُهُ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ خِطَابٌ لِلْكُفَّارِ ذَكَرَ وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ السائب عن رجل عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) مَرْيَمَ 71 قَالَ هُوَ خِطَابٌ لِلْكُفَّارِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ هُوَ خِطَابٌ لِلْمُشْرِكِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ وَإِنْ مِنْكُمْ يَا هَؤُلَاءِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وقد روي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَؤُهَا (وَإِنْ مِنْهُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) رَدًّا عَلَى الْآيَاتِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنَ الْكُفَّارِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) 71 مَرْيَمَ |