مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم قال كل بن آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ
تَابَعَ يَحْيَى قَوْمٌ عَلَى قَوْلِهِ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ وَالْمَعْنَى (...)
 
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم قال كل بن آدَمَ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ إِلَّا عَجْبَ الذَّنَبِ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ
تَابَعَ يَحْيَى قَوْمٌ عَلَى قَوْلِهِ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَأْكُلُهُ التُّرَابُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ
وَعَجْبُ الذَّنَبِ مَعْرُوفٌ وَهُوَ الْعَظْمُ فِي الْأَسْفَلِ بَيْنَ الْإِلْيَتَيْنِ الْهَابِطُ مِنَ الصُّلْبِ يُقَالُ
لِطَرَفِهِ الْعُصْعُصُ وَيُقَالُ عَجْبُ الذَّنَبِ وَعَجْمُ الذَّنَبِ وَهُوَ أَصْلُهُ
وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَعُمُومُهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ بَنُو آدَمَ فِي ذَلِكَ كُلُّهُمْ سَوَاءٌ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ
رُوِيَ فِي أَجْسَادِ الْأَنْبِيَاءِ وَأَجْسَادِ الشُّهَدَاءِ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَأْكُلُهُمْ وَحَسْبُكَ مَا جَاءَ فِي
شُهَدَاءِ أُحُدٍ وَغَيْرِهِمْ
وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ اللَّفْظَ فِي ذَلِكَ لَفْظُ عُمُومٍ يُرَادُ بِهِ الْخُصُوصُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
فَكَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَنْ تَأْكُلُهُ الْأَرْضُ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ مِنْهُ عَجْبُ الذَّنَبِ
وَإِذَا جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَ الْأَرْضُ عَجْبَ الذَّنَبِ جَازَ أَنْ لَا تَأْكُلَ الشُّهَدَاءَ
وَذَلِكَ كُلُّهُ حُكْمُ اللَّهِ وَحِكْمَتُهُ وَلَيْسَ فِي حُكْمِهِ إِلَّا مَا شَاءَ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ هَذَا مَا
عَرَفْنَا بِهِ وَيُسَلَّمُ لَهُ إِذَا جَهِلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَكِنَّهُ قَوْلُ مَنْ يَجِبُ التَّسْلِيمُ لَهُ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ جَابِرٍ قَالَ اسْتَصْرَخَ بِنَا إِلَى قَتْلَانَا
يَوْمَ أُحُدٍ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 89
وَأَجْرَى مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ الْعَيْنَ وَاسْتَخْرَجْنَاهُمْ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً لَيِّنَةً
أَجْسَادُهُمْ تَمْشِي أَطْرَافُهُمْ
وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكَّبُ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ابْتَدَأَ خَلْقُهُ وَتَرْكِيبُهُ مِنْ عَجْبِ الذَّنْبِ
وَهَذَا لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِخَبَرٍ وَلَا خَبَرَ عِنْدَنَا فِيهِ مُفَسِّرٌ وَإِنَّمَا فِيهِ جُمْلَةُ مَا جَاءَ فِي هَذَا
الْخَبَرِ
وَأَمَّا الْأَحَادِيثُ فِي خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْهَا فِي التَّمْهِيدِ بَعْضَ مَا وَصَلَنَا