مَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ
قَالَتْ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي تَتْبَعُهُ فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَوَقَفَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أَنَّهَا قَالَتْ سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَلَبِسَ ثِيَابَهُ ثُمَّ خَرَجَ
قَالَتْ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي تَتْبَعُهُ فَتَبِعَتْهُ حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَوَقَفَ فِي أَدْنَاهُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ
يَقِفَ ثُمَّ انصرف فسبقته
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 120
بِرَيْرَةُ فَأَخْبَرَتْنِي فَلَمْ أَذْكُرْ لَهُ شَيْئًا حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى
أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ
قَالَ أبو عمر يحتمل أن تكون الصلاة ها هنا الدُّعَاءُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى
أَنَّ زِيَارَةَ الْقُبُورِ وَالدُّعَاءِ لِأَهْلِهَا عِنْدَهَا أَفْضَلُ وَأَرْجَى لِقَبُولِ الدُّعَاءِ فَكَأَنَّهُ أُمِرَ أَنْ
يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ وَيَدْعُوَ بِالرَّحْمَةِ كَمَا قِيلَ لَهُ (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) مُحَمَّدٍ
19
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الصلاة ها هنا الصَّلَاةُ عَلَى الْمَوْتَى فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ خُصُوصٌ لَهُمْ
فَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى قَبْرٍ مَرَّتَيْنِ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَلَى قَبْرِ
مَنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَدَثَانِ ذَلِكَ وَأَكْثَرُ مَا قَالُوا فِي ذَلِكَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ
وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِ
الْمِسْكِينَةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لِيُعْلِمَهُمْ بِالصَّلَاةِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دُفِنَ مِنْ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ
كَالْمِسْكِينَةِ وَمِثْلِهَا لِيَكُونَ مُسَاوِيًا بَيْنَهُمْ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِمْ وَلَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ بِذَلِكَ لِيَتِمَّ
عَدْلُهُ فِيهِمْ لِأَنَّ صَلَاتَهِ عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ رَحْمَةٌ وَبَرَكَةٌ وَرِفْعَةٌ
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَسَمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِالطَّائِفَتَيْنِ وَلَمْ يُقَدِّمْ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُصَلِّي
بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى لِيَشْمَلَهُمْ عَدْلُهُ وَلَا يُؤْثِرُ بَعْضَهُمْ لِنَفْسِهِ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ خُرُوجَهُ لِلْبَقِيعِ لِلصَّلَاةِ عَلَى أَهْلِهِ كَانَ كَالْمُوَدِّعِ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ
وَقَوْلُهُ إِنِّي بُعِثْتُ إِلَى أَهْلِ الْبَقِيعِ لِأُصَلِّي عَلَيْهِمْ فَهُوَ عِنْدِي كَلَامٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْعُمُومِ
وَمَعْنَاهُ الْخُصُوصُ كَأَنَّهُ قَالَ بُعِثْتُ إِلَى الْبَقِيعِ لِأُصَلِّي عَلَى مَنْ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ مِنْ
أَصْحَابِي لِيَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ
وَفِيهِ لِبَرِيرَةَ فَضِيلَةٌ
وَفِيهِ الِاسْتِخْدَامُ بِالْعِتْقِ
وَالِاسْتِخْدَامُ بِاللَّيْلِ وَذَلِكَ عِنْدِي فِيمَا خَفَّ أَوْ فِيهِ طَاعَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَحَسَنٌ أَنْ
يُجَازِيَهُ عَلَى ذَلِكَ وَيُكَافِئَهُ لِاسْتِخْدَامِهِ بِهِ
وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ مُرَاعَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا وَنَهَارًا
وَقَدْ رَوَى أَبُو مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ حَدِيثًا
حَسَنًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) حِينَ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ
وَنُعِيَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ اللَّهِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 121
إِبْرَاهِيمُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ الْعَبْدِيُّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ
جُبَيْرٍ مَوْلَى الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ أَخْبَرَنِي
أَبُو مُوَيْهِبَةَ مَوْلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَسْتَغْفِرَ لِأَهْلِ الْبَقِيعِ فَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ثُمَّ انْصَرَفَ
فَأَقْبَلَ عَلَيَّ وَقَالَ يَا أَبَا مُوَيْهِبَةَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَيَّرَنِي فِي مَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ وَالْخُلْدِ
فِيهَا ثُمَّ الْجَنَّةِ أَوْ لِقَاءِ رَبِّي فَاخْتَرْتُ لِقَاءَ ربي فأصبح رسول الله صلى الله عليه
وسلم من تِلْكَ اللَّيْلَةِ فَبَدْأَهُ وَجَعُهُ الَّذِي مَاتَ مِنْهُ