مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ فِي
الصَّدَقَةِ إِنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا تَكُونُ الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ عَلَى دِمَشْقَ فِي
الصَّدَقَةِ إِنَّمَا الصَّدَقَةُ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَلَا تَكُونُ الصَّدَقَةُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فِي الْحَرْثِ وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بَنِ يَحْيَى
عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ
عُمَارَةَ وَالِدِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَعِيدٍ صَحِيحٌ وَلَا مَطْعَنَ لِأَحَدٍ فيه
وأما رواية بن أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ فَمَعْلُولَةٌ لَا تَصِحُّ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنَّمَا هِيَ لِيَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِنَّ هَذِهِ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُوجَدُ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ دُونَ سائر الصحابة
والذي ذكره من ذلك هو الْأَغْلَبُ الْمَعْرُوفُ إِلَّا أَنِّي قَدْ وَجَدْتُهَا مِنْ رِوَايَةِ سُهَيْلِ بْنِ
أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الطَّائِفِيُّ عَنْ عَمْرِو
بْنِ دينار عن جَابِرٍ كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ ذَكَرْتُهُمَا بِإِسْنَادَيْهِمَا
فِي التَّمْهِيدِ
وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمَذْكُورُ أَكْثَرُ بَيَانًا وَأَكْثَرُ فَائِدَةً فِي النَّصِّ
قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ كَانَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا صَدَقَةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزَّرْعِ وَالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ حَتَّى يَكُونَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا
فِي الرِّقَةِ حَتَّى تَبْلُغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ
وَهَذَا أَعَمُّ فَائِدَةً وَلَا خِلَافَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ إِسْنَادُهُ فِيهِ لِينٌ فَإِنَّ إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى
الْقَوْلِ بِهِ تَصْحِيحٌ لَهُ
وَأْمَّا قَوْلُهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ الذَّوْدُ وَاحِدُ الْإِبِلِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 125
تَقُولُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ أَوْ خَمْسِ جِمَالٍ أَوْ خَمْسِ نُوقٍ صَدَقَةٌ وَالذَّوْدُ
وَاحِدٌ وَمِنْهُ قِيلَ الذَّوْدُ إِلَى الذَّوْدِ إِبِلٌ
وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الذَّوْدَ قِطْعَةٌ مِنَ الْإِبِلِ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى الْعَشْرِ
وَالْأَوَّلُ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَشْهَرُ
قَالَ الْحُطَيْئَةُ
(وَنَحْنُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُ ذَوْدٍ ... لَقَدْ عَالَ الزَّمَانُ عَلَى عِيَالِي)
أَيْ مَالَ عَلَيْهِمْ
وَالْأَكْثَرُ أَنَّ الذَّوْدَ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ وَتَرَكُوا الْقَيَاسَ فِي الْجَمْعِ فَقَالُوا ثَلَاثُ ذَوْدٍ لِثَلَاثٍ مِنَ الْإِبِلِ وأربع ذود
وعشر ذود كما قالوا ثلاث مائة وأربع مائة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ
وَالْقِيَاسُ ثَلَاثُ مِئِينَ وَمِئَاتٍ ولا يكادون يقولون ذلك
قال بن قُتَيْبَةَ ذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الذَّوْدَ وَاحِدٌ وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الذَّوْدَ جَمِيعٌ
وَاخْتَارَ بن قُتَيْبَةَ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّهُ جَمِيعٌ وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يُقَالُ خَمْسُ ذَوْدٍ كَمَا لَا
يُقَالُ خَمْسُ ثَوْبٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ قَوْلُهُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ خَمْسُ ثَوْبٍ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَا
يَرْوُونَهُ إِلَّا فِي خَمْسِ ذَوْدٍ عَلَى التَّنْوِينِ لَا عَلَى الْإِضَافَةِ وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ
أَهْلُ اللُّغَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّدَقَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ
هِيَ الزَّكَاةُ الْمَعْرُوفَةُ وَهِيَ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ سَمَّاهَا اللَّهُ صَدَقَةً وَسَمَّاهَا زَكَاةً
وَقَالَ عز وجل (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) التوبة 103
وقال (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) التَّوْبَةِ 60 يَعْنِي الزَّكَاةَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 126
وقال (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) البقرة 43
وقال (الذين لا يؤتون الزكاة) فُصِّلَتْ 7
فَهِيَ الصَّدَقَةُ وَهِيَ الزَّكَاةُ وَهَذَا مَا لَا تَنَازُعَ فِيهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ دُونَ الْخَمْسِ مِنَ الْإِبِلِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَهَذَا
إجماع من علماء المسلمين
وأفادنا قَوْلُهُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ فَائِدَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا إِيجَابُ الزَّكَاةِ فِي
الْخَمْسِ فَمَا فوقها ونفي الزكاة عما في دونها ولا خِلَافِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا
فَفِيهَا شَاةٌ
وَاسْمُ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنَ الْغَنَمِ وَالْغَنَمُ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ
وَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ
فَرِيضَتُهَا فَإِذَا بَلَغَتِ الْإِبِلُ عَشَرَةً فَفِيهَا شَاتَانِ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ مَبْسُوطًا فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَاشِيَةِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ
شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ إِجْمَاعٌ
مِنَ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا
وَفِيهِ مَعْنَيَانِ يَقْتَضِيَانِ فَائِدَتَيْنِ كَمَا ذَكَرْنَا فِيمَا قَبْلُ فِي الْإِبِلِ إِحْدَاهُمَا نَفْيُ الزَّكَاةِ عَمَّا
دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ وَالثَّانِيةُ إِيجَابُهَا فِي هَذَا الْمِقْدَارِ وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ بِحِسَابِهَا
هَذَا مَا يُوجِبُهُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ لِعَدَمِ النَّصِّ عَنِ الْعَفْوِ مِنْهَا فِيمَا بَعْدَ الْخَمْسِ الْأَوَاقِي
حَتَّى تَبْلُغَ مِقْدَارًا فَلَمَّا عُدِمَ النَّصُّ فِي ذَلِكَ وَجَبَ الْقَوْلُ بِإِيجَابِهَا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ
بِدَلَالَةِ الْعَفْوِ عَمَّا دُونَ الْخَمْسِ الْأَوَاقِي لِأَنَّهُ إِيجَابٌ لَهَا فِي الْخَمْسِ فَمَا فَوْقَهَا وَعَلَى
هَذَا أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَسَنَذْكُرُ الْقَائِلِينَ بِهِ وَالْخِلَافَ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَالْأُوقِيَّةُ عِنْدَهُمْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا كَيْلًا لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ
وَالْأَصْلُ فِي الْأُوقِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ الْأُوقِيَّةُ اسْمٌ لِوَزْنِ سِلْعَةٍ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا
كَيْلًا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 127
وَالَنَّشُّ نِصْفُ الْأُوقِيَّةِ وَالنَّوَاةُ وَزْنُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَيْلًا
وَمَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ ذَلِكَ هُوَ قول جمهور العلماء
قال أبو عبيد كانت الدَّرَاهِمُ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ إِلَى أَيَّامِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فَجَمَعَهَا
وَجَعَلَ كُلَّ عَشْرَةٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ وَزْنَ سَبْعَةِ مَثَاقِيلَ
قَالَ وَكَانَتِ الدَّرَاهِمُ يَوْمَئِذٍ دِرْهَمٌ مِنْ ثَمَانِيَةِ دَوَانِقَ زَيْفٌ وَدِرْهَمٌ مِنْ أَرْبَعَةِ دَوَانِقَ جَيِّدٌ
قَالَ فَاجْتَمَعَ رَأْيُ عُلَمَاءِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِعَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى أَنْ جَمَعُوا الْأَرْبَعَةَ الدَّوَانِقِ إِلَى
الثَّمَانِيَةِ فَصَارَتِ اثْنَيْ عَشَرَ دَانِقًا فَجَعَلُوا الدِّرْهَمَ سِتَّةَ دَوَانِقَ وَسَمَّوْهُ كَيْلًا فَاتَّفَقَ لَهُمْ
فِي ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مائتي درهم زكاة وأن أربعين دِرْهَمًا أُوقِيَّةٌ وَأَنَّ فِي الْخَمْسِ الْأَوَاقِي
الَّتِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيَسَ فِيمَا دُونَهَا صَدَقَةٌ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ لَا
زِيَادَةَ وَهِيَ نِصَابُ الصَّدَقَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأُوقِيَّةُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ
مَجْهُولَةَ الْمَبْلَغِ مِنَ الدَّرَاهِمِ فِي الْوَزْنِ ثُمَّ يُوجِبُ الزَّكَاةَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ يَعْلَمُ مَبْلَغَ وَزْنِهَا
وَوَزْنُ الدِّينَارِ دِرْهَمَانِ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ فِي الْبُلْدَانِ وَكَذَلِكَ دِرْهَمُ الْوَزْنِ الْيَوْمَ أَمْرٌ
مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ مَعْرُوفٌ بِالْآفَاقِ إِلَّا أَنَّ الْوَزْنَ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ مُخَالِفٌ لِوَزْنِهِمْ فَالدِّرْهَمُ
الْكَيْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ دَرَاهِمَنَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى
دَخْلِ أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ مِنْهَا فِي مِائَةِ كَيْلٍ مِنْ دَرَاهِمِهِمْ
هَكَذَا أَجْمَعَ الْأُمَرَاءُ وَالنَّاسُ عِنْدَنَا بِالْأَنْدَلُسِ وَمَا أَظُنُّ عَبْدَ الْمَلِكِ وَعُلَمَاءَ عَصْرِهِ
نَقَصُوا شَيْئًا مِنَ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أَنْكَرُوا وَكَرِهُوا الْجَارِي عِنْدَهُمْ مِنْ ضَرْبِ الرُّومِ
فَرَدُّوهَا إِلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامَ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي الدِّرْهَمِ الْمَعْهُودِ عِنْدَنَا أَنَّهُ دِرْهَمٌ
وَخُمُسَانِ تَكُونُ الْمِائَتَا دِرْهَمٍ كَيْلًا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمِنَا وَقَدْ قِيلَ إِنَّ
الدِّرْهَمَ الْمَعْهُودَ بِالْمَشْرِقِ وَهُوَ الْمَعْهُوُدُ بِالْكَيْلِ الْمَذْكُورِ هُوَ بِوَزْنِنَا الْيَوْمَ بِالْأَنْدَلُسِ دِرْهَمٌ
وَنَصِفٌ وَأَظُنُّ ذَلِكَ بِمِصْرَ وَمَا وَالَاهَا
وَأَمَّا أَوْزَانُ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَعَلَى مَا ذَكَرْتُ لَكَ لِمَ تَخْتَلِفُ عَلَيْنَا كُتُبُ عُلَمَائِهِمْ أَنَّ
دِرْهَمَهُمْ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ دِرْهَمٍ بوزننا
وهذا موجود في كتب الكوفين وَالْبَغْدَادِيِّينَ إِلَى عَصْرِنَا هَذَا وَيُسَمُّونَهَا فِي وَثَائِقِهِمْ
وزن سبعة
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 128
وَقَدْ حَكَى الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ أنه اخْتِلَافَ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ فِي الْيَمَنِ وَنَاحِيَةِ
عَدَنٍ فَقَالَ قَدِ اصْطَلَحَ النَّاسُ عَلَى دَرَاهِمِنَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ لَطِيفٌ
قَالَ وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ فَلَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَجُمْلَةُ النِّصَابِ وَمَبْلَغُهُ الْيَوْمَ بِوَزْنِنَا عَلَى الدَّخْلِ الْمَذْكُورِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ
دِينَارًا دَرَاهِمَ حِسَابُ الدِّينَارِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمِنَا الَّتِي هِيَ دَخْلُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا
وَمِائَةً فِي مِائَةٍ كَيْلًا عَلَى حِسَابِ الدِّرْهَمِ الْكَيْلِ دِرْهَمٌ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارٍ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ
السَّلَفِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ وَالْخَلَفِ مِنْهُمْ وَأَمَّا عَلَى حِسَابِ الدِّرْهَمِ الدِّرْهَمُ وَنِصْفٌ فَإِنَّهَا
تَكُونُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ دِينَارًا دَرَاهِمَ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ
الْعَلْمَاءِ فَإِذَا مَلَكَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَزْنَ الْمِائَتَيِ الدِّرْهَمِ الْمَذْكُورَةَ مِنْ فِضَّةٍ مَضْرُوبَةٍ أَوْ
غَيْرِ مَضْرُوبَةٍ وَهِيَ الْخَمْسُ الْأَوَاقِي الْمَنْصُوُصُ عَلَيْهَا فِي الْحَدِيثِ حَوْلًا كَامِلًا فَقَدْ
وَجَبَتْ عَلَيْهِ صَدَقَتُهَا وَذَلِكَ رُبُعُ عُشْرِهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِلْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ وَمَنْ ذُكِرَ
فِي آيَةِ الصَّدَقَةِ إِلَّا الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَغْنَى الْإِسْلَامَ وَأَهَلَهُ الْيَوْمَ عَنْ أَنْ
يَتَأَلَّفَ عَلَيْهِ كَافِرٌ وَسَنُبَيِّنُ هَذَا الْمَعْنَى في باب قسم الصَّدَقَاتِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مُجَوَّدًا
إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْوَرِقِ فَإِنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ قَالُوا الْوَرِقُ وَالرِّقَةُ هِيَ الدَّرَاهِمُ
الْمَضْرُوبَةُ وَلَا يُقَالُ عِنْدَهُمْ لِمَا عداها من النقود والمسبوك والمصنوع ورقا وَلَا رِقَةٌ
وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهُ فِضَّةٌ وَالْفِضَّةُ اسْمٌ جَامِعٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَالْفِضَّةُ وَالْوَرِقُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ
الْخَمْسَ الْأَوَاقِ الْمَذْكُورَةِ مِنَ الْفِضَّةِ فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ الْوَرِقِ
فَبِحِسَابِ ذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ رُبْعُ عُشْرِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ
هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ منهم أبو يوسف ومحمد
وهو قول بن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ
وأبي ثور وأبي عبيد وبن علية وروي ذلك عن علي وبن عُمَرَ
رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبَى إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ
عَلِيٍّ فِي كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَفِي كُلِّ
مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ
وروى بن عيينة وغيره عن أيوب عن بن سيرين عن جابر الحذاء عن بن
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 129
عُمَرَ قَالَ فِي كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَا زَادَ فَبِالْحِسَابِ
وَعَنْ إِبِرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِثْلُهُ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ الْعِرَاقِ لَا شَيْءَ فِيمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ
حَتَّى تَبْلُغَ الزِّيَادَةُ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَإِذَا بَلَغَتْهَا كَانَ فِيهَا دِرْهَمٌ وَذَلِكَ رَبْعُ عُشْرِهَا مُضَافًا
إِلَى الْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ تُتَمِّمُ سِتَّةَ دَرَاهِمَ وَمَا زَادَ على العشرين دينار مِنَ الذَّهَبِ فَلَا
شَيْءَ فِيهِ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ
هَذَا قَوْلٌ يُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ
عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابَ
وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنُ وطاوس وعطاء والشعبي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ
وَمَكْحُولٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا
وَاحْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ لِهَذَا الْمَذْهَبِ بِمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي
إسحاق السبيعي عن عاصم بن ضمرة والحارث الْأَعْوَرُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَدْ عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ فَهَاتُوا
صَدَقَةَ الرِّقَةِ رُبُعَ الْعُشْرِ مِنْ كُلِّ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَمِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا
نِصْفَ دِينَارٍ وَلَيْسَ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَإِذَا حَالَ عَلَيْهَا
الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَمَا زَادَ فَفِي كل أربعين دِرْهَمٌ وَفِي كُلِّ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ تَزِيدُ
عَلَى الْعِشْرِينَ دِينَارًا دِرْهَمٌ حَتَّى يَبْلُغَ الذَّهَبُ أَرْبَعِينَ دِينَارًا فَيَكُونُ فِيهَا دِينَارٌ وَفِي
أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفُ دِينَارٍ وَدِرْهَمٌ
هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَنْ أَوَّلِهُ إِلَى آخِرِهِ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ
السَّبِيعِيِّ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ وَالْحَارِثِ الْخَارِقِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَرَوَاهُ الْحُفَّاظُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ عَنْ
عَلِيٍّ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَغَيْرُهُ لَمْ يَتَجَاوَزُوا بِهِ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا سَاقُوهُ الْمَسَاقَ
الَّذِي سَاقَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ وَلَا يُحْفَظُ هَذَا التَّلْخِيصُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ
إِلَّا مِنْ أَقَاوِيلِ التَّابِعِينَ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 130
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَيْضًا خِلَافُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ فَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ درهم
فبالحساب
كما روي فيه عن بن عُمَرَ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ
وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ لِمَذْهَبِهِ هَذَا مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ بِأَنْ قال ما زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْ
دِرْهَمٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَا يَثْبُتُ بِاخْتِلَافٍ
قَالَ وَهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَمَا زَادَ عَلَى
الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَبِالْحِسَابِ كَمَا قَالَ فِيمَا زَادَتْ فَفِي كُلِّ مِائَتَيْنِ شَاةٌ
قَالَ وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى الْأَوْقَاصِ فِي الْمَاشِيَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَيْنِ وَجَبَ رَدُّ مَا اخْتَلَفُوا
فِيهِ إِلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ أَوْقَاصِ الْمَوَاشِي
قَالَ وَهَذَا معنى قوله فبالحساب إذ زَادَتْ تَزِيدُ إِذَا زَادَتْ أَرْبَعِينَ فَبِالْحِسَابِ فِي كُلِّ
أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ وَكَذَلِكَ الذَّهَبُ إِذَا زَادَتْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا غَيْرُ لَازِمٍ لِأَنَّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ أُصُولُ وَالْأُصُولُ لَا
يُقَاسُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ وَلَا يُرَدُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ وَأَصْلُ الْكُوفِيِّينَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ
لِأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عُمَارَةَ لَا يَلْتَفِتُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ إِلَى حَدِيثِهِ لِضَعْفِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ في هذا الباب قول ثالث رواه بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ
عَنْ طَاوُسٍ قَالَ إِذَا زَادَتِ الدَّرَاهِمُ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فلا شيء فيها حتى تبلغ أربع
مائة دِرْهَمٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى الْخَبَرِ فِي الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَمَا جَاءَ فِي
الْخَبَرِ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ شَاةٌ وَفِي عَشْرٍ شَاتَانِ
وَلَا أَعْلَمُ أحدا قاله كما رواه بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ
وذكر عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ خلاف ذلك على
ما رواه بن طاوس عن أبيه والذي روى بن طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ إِذَا زَادَتِ الدَّرَاهِمُ
عَلَى مِائَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ فَإِذَا زَادَتِ الدَّنَانِيرُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارٍ
فَلَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمَا وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ طَاوُسٍ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَا زَادَ عَلَى الْمِائَتَيْنِ فَلَا
يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى يبلغ أربعين درهما كيلا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 131
قال وقاله بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حُجَيْرٍ عَنْ طَاوُسٍ
مِثْلُهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ فَفِيهِ مَعْنَيَانِ
أَحَدُهُمَا نَفْيُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ عَمَّا كَانَ دُونَ هَذَا الْمِقْدَارِ وَالثَّانِي وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي هَذَا
الْمِقْدَارِ فَمَا فَوْقَهُ
وَالْوَسْقُ سِتُّونَ صَاعًا بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِصَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّاعُ
أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ بِمُدِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدُّهُ زِنَةُ رِطْلٍ وَثُلُثٍ وَزِيَادَةِ شَيْءٍ لَطِيفٍ
بِالرِّطْلِ الْبَغْدَادِيِّ وَهُوَ رِطْلُ النَّاسِ فِي آفَاقِ الْإِسْلَامِ الْيَوْمَ وَعَلَى هَذَا جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَإِلَى هَذَا رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ حِينَ نَاظَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدِّ وَأَتَاهُ بِمُدِّ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ
وَالْأَنْصَارِ بِمَا ذَكَرَهُ وُرَّاثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَ هُوَ
وَأَصْحَابُهُ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُونَ فِي زِنَةِ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِطْلَانِ وَيَقُولُونَ
فِي الصَّاعِ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ أَنَّ الصَّاعَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ وَالْمُدُّ
رِطْلٌ وَثُلُثٌ
وَقَدْ بَيَّنَا الْآثَارَ بِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْحِجَازِ فِي رِوَايَةِ الْمُدِّ وَالصَّاعِ فِي التَّمْهِيدِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى زِنَةِ الْمُدِّ الَّذِي مَبْلَغُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ فَقِيلَ هُوَ بِالْمَاءِ وَقِيلَ هُوَ
بِالْبُرِّ الْمُتَوَسِّطِ فَمَبْلَغُ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ أَلِفُ مُدٍّ وَمِائَتَيْ مُدٍّ بِالْمُدِّ الْمَدَنِيِّ مُدِّ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي وَرِثَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَهِيَ بِالْكَيْلِ الْقُرْطُبِيِّ عِنْدَنَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُوُنَ
قَفِيزًا عَلَى حِسَابِ كُلِّ قَفِيزٍ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ مُدًّا وَإِنْ كَانَ الْقَفِيزُ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ مُدًّا
كَمَا زَعَمَ جَمَاعَةٌ مِنَ الشُّيُوخِ عِنْدَنَا فَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ قَفِيزًا وَنِصْفُ قَفِيزٍ أَوْ
أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ قَفِيزٍ وَوَزْنُ جَمِيعِهَا ثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ رُبْعًا وَثُلُثُ رُبْعٍ كُلُّ رُبْعٍ مِنْهَا مِنْ
ثَلَاثِينَ رِطْلًا
وَالْأَحْوَطُ عِنْدِي وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ قَفِيزًا بِكَيْلِ قُرْطُبَةَ هَوَ
هَذَا الْمِقْدَارُ الَّذِي لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا دُونَهُ وَتَجِبُ فِيهِ وَفِيمَا دُونَهُ كَيْلًا بِحِسَابِ ذَلِكَ
مِنْ كُلِّ شَيْءٍ عُشْرُهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ مِنَ التَّمْرِ فَهُوَ عِنْدِي جَوَابُ السَّائِلِ سَأَلَهُ عَنْ نِصَابِ زَكَاةِ التَّمْرِ فَأَجَابَهُ
وَسَمِعَ الْمُحَدِّثُ التَّمْرَ فَذَكَرَهُ عَلَى حَسَبِ مَا سَمِعَهُ
وَلَيْسَ ذِكْرُ التَّمْرِ بِمَانِعٍ مِنْ جَرْيِ الزَّكَاةِ فِي غَيْرِ التَّمْرِ بِدَلِيلِ الْآثَارِ وَالِاعْتِبَارِ
وَالْإِجْمَاعِ وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى وَهُوَ أَصَحُّهَا لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّمْرِ وَلَا غَيْرُهُ وَعُمُومُ
لَفْظِهِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا يُوسَقُ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ تَمْرًا كَانَ أَوْ حَبًّا
وَقَدْ رَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ يَحْيَى بْنِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 132
عُمَارَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا
تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ الْحَدِيثَ
وَسَنَذْكُرُ الْحُبُوبَ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَالثِّمَارُ فِي بَابِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي الْحَرْثِ
وَالْعَيْنِ وَالْمَاشِيَةِ فَهُوَ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْعَيْنِ وَالْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ لَا
يَخْتَلِفُونَ فِي جُمْلَةِ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُونَ فِي تَفْصِيلِهِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ عَنْهُمْ فِي أَبْوَابِهِ مِنْ هَذَا
الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَالْحَرْثُ يَقْتَضِي كُلَّ مَا يَزْرَعُهُ الْآدَمِيُّونَ وَيَقْتَضِي الثِّمَارَ وَالْكُرُومَ
وَلِلْعُلَمَاءِ فِيمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ سَنُبَيِّنُ وُجُوهَهُ فِي
مَوَاضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَلِكَ عُرُوضُ التِّجَارَةِ