عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظاهر حديث عائشة وبن عُمَرَ هَذَانَ سُقُوطُ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَلْيِ بِذَلِكَ وَتَرْجَمَ مَالِكٌ هَذَا الْبَابَ وَتَأَوَّلَ مَنْ أَوْجَبَ الزكاة في الحلي أن (...) |
عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتِهِ وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ ثُمَّ لَا
يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ ظاهر حديث عائشة وبن عُمَرَ هَذَانَ سُقُوطُ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَلْيِ بِذَلِكَ وَتَرْجَمَ مَالِكٌ هَذَا الْبَابَ وَتَأَوَّلَ مَنْ أَوْجَبَ الزكاة في الحلي أن عائشة وبن عُمَرَ لَمْ يُخْرِجَا الزَّكَاةَ مِنْ حَلْيِ الْيَتَامَى لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَلَا الصغار وتأولوا في الجواري أن بن عُمَرَ كَانَ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ الْعَبْدَ مِلْكٌ وَلَا زَكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ حَتَّى يَكُونَ حُرًّا فاستدلوا على مذهب بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يَأْذَنُ لِعَبِيدِهِ بالتحلي بالذهب وما تأولوه على عائشة وبن عُمَرَ بَعِيدٌ خَارِجٌ عَنْ ظَاهِرِ حَدِيثِهِمَا لِأَنَّ في حديث بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِمَّا كَانَ يُحَلِّي بِهِ بَنَاتِهِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَيْسَ فِي هَذَا يَتِيمٌ وَلَا عَبْدٌ وَرَوَى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِحُ الْبِنْتَ لَهُ عَلَى ألف دينار يحليها منه بأربع مائة دِينَارٍ فَلَا يُزَكِّيهِ وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي بَابِ زَكَاةِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي أَنَّ الْحَلْيَ الْمُتَّخَذَ لِلنِّسَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَأَنَّهُ الْعَمَلُ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْمَدِينَةِ خَارِجٌ عَنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ كَأَنَّهُ قَالَ الصَّدَقَةُ وَاجِبَةٌ مِنَ الْوَرِقِ فِيمَا بَلَغَ خَمْسَ أَوَاقٍ مَا لَمْ يَكُنْ حَلْيًا مُتَّخَذًا لِزِينَةِ النِّسَاءِ بِدَلِيلِ مَا انْتَشَرَ فِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ عُلَمَائِهَا مِنْ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ وَلَمَّا عَطَفَ عَلَى هَذَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذِكْرَ الْإِبِلِ وَذِكْرَ الْأَوْسُقِ وَهِيَ أَمْوَالٌ يُطْلَبُ فِيهَا النَّمَاءُ كَمَا يُطْلَبُ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فِي التَّصَرُّفِ بِهِمَا النَّمَاءُ وَصَارَ تَارِكُ التَّصَرُّفِ بِهَا بَيْعًا لِلِمُتَصَرِفِ وَلِمَا أَنَّهَا لَا تُوضَعُ لِلتَّصَرُّفِ بِهَا عُلِمَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْحَلْيَ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِذَا كَانَ متخذا للنساء لأنه لا يطلب به شيئا مِنَ النَّمَاءِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمَدَنِيُّونَ فِي الْحَلْيِ الْمُتَّخَذِ لِلرِّجَالِ وَالْمُتَّخَذِ لِلْكِرَاءِ فَالزَّكَاةُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ فيه واجبة وإنما تَسْقُطُ عَمَّا وَصَفْنَا مِنْ حَقِّ النِّسَاءِ خَاصَّةً الجزء: 3 ¦ الصفحة: 150 وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَهْلُ الْفَتْوَى فِي الْأَمْصَارِ فِي زَكَاةِ الْحَلْيِ فَذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحِجَازِ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي بَعْضِ أَوْقَاتِهِ قَالَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِي الْحَلْيِ وَتَرَكَ الْجَوَابَ فِيهِ وَخَرَّجَ أَصْحَابُهُ مَسْأَلَةَ زَكَاةِ الْحَلْيِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ فِي الْخَمْسِ الْأَوَاقِي وَمَا زَادَ صَدَقَةٌ وَلَمْ يَخُصَّ حَلْيًا مِنْ غَيْرِ حَلْيٍ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الذَّهَبِ فِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ وَلَمْ يَخُصَّ حَلْيًا مِنْ غَيْرِ حَلْيٍ وَالْآخَرُ أَنَّ الْأَصْلَ الْمُجْتَمَعَ عَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْوَالِ النَّامِيَةِ وَالْمَطْلُوبُ فِيهَا الثَّمَنُ بِالتَّصَرُّفِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِي أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ لِلنِّسَاءِ يَلْبَسْنَهُ وهو قول بن عُمَرَ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَعَامِرٍ الشَّعْبِيِّ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَرَبِيعَةَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَأَبُو عُبَيْدٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْحَلْيُ الَّذِي يَكُونُ زِينَةً وَمَتَاعًا فَهُوَ كَالْأَثَاثِ وَلَيْسَ كَالرِّقَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي السُّنَّةِ يُؤْخَذُ رُبْعُ العشر منها والرقة عند العرب الورق المنقوشة ذَاتُ السِّكَّةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنَ حَيٍّ الزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ كَهِيَ في غيرة الْحَلْيِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي الْحَلْيِ الزَّكَاةُ وَقَالَ اللَّيْثُ مَا كَانَ مِنْهُ يُلْبَسُ وَيُعَارُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَمَا صُنِعَ لِيُقِرِّبَهُ مِنَ الصَّدَقَةِ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ وَمَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحَلْيِ عَبْدُ الله بن عباس وبن مَسْعُودٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَالزُّهْرِيُّ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَجُمْلَةُ قَوْلِ الثَّوْرِيِّ فِي زَكَاةِ الْحَلْيِ قَالَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَلْيِ زَكَاةٌ مِنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 151 الْجَوَاهِرِ وَالْيَوَاقِيتِ إِلَّا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ إِذَا بَلَغَتِ الْفِضَّةُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالذَّهَبُ عِشْرِينَ دِينَارًا فَإِنْ كَانَ الْجَوْهَرُ الْيَاقُوتُ لِلتِّجَارَةِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ سُفْيَانُ وَمَا كَانَ عِنْدَهُ فِي سَيْفٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ أَوْ قَدَحٍ مُفَضَّضٍ أَوْ آنِيَةِ فِضَّةٍ أَوْ خَاتَمٍ فَيَضُمُّ ذَلِكَ كُلَّهُ بَعْدَ أَنْ يَحْسُبَهُ وَيَعْرِفَ وَزْنَهُ فَمَا كَانَ مِنْهُ ذَهَبًا ضَمَّهُ إِلَى الذَّهَبِ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِضَّةً ضَمَّهُ إِلَى الْفِضَّةِ ثُمَّ زَكَّاهُ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُزَكَّى الْحَلْيُ ذَهَبُهُ وَفِضَّتُهُ وَيُتْرَكُ جَوْهَرُهُ وَلُؤْلُؤُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْلَةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي زَكَاةِ الْحَلْيِ قَالَ بِبَغْدَادَ (وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنْهُ) لَا زَكَاةَ فِي حَلْيٍ إِذَا اسْتَمْتَعَ بِهِ أَهْلُكَ فِي عَمَلٍ مُبَاحٍ قَالَ فَإِنِ انْكَسَرَ الْحَلْيُ فَكَانَ أَهْلُهُ عَلَى إِصْلَاحِهِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهِ زُكِّيَ لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ مِنْ حَدِّ التَّجَمُّلِ قَالَ وَكُلُّ حَلْيٍ عَلَى سَيْفٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَالَ وَأَمَّا آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُضَمَّنَهُ فَتُزَكَّى وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُتَّخَذَ لِأَنَّهَا مَنْهِيٌّ عَنْهَا قَالَ وَكُلُّ حَلْيَةٍ سِوَى الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مِنْ لُؤْلُؤٍ أَوْ يَاقُوتٍ أَوْ زَبَرْجَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا زَكَاةَ فِيهِ إِنَّمَا الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَقَالَ بِمِصْرَ قَدْ قِيلَ فِي الْحَلْيِ صَدَقَةٌ وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ فِيهِ فَمَنْ قَالَ فِيهِ زَكَاةٌ زَكَّى كُلَّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِيهِ فَإِنْ كَانَ مَنْظُومًا بِعَيْنِهِ يُعْتَبَرُ وَزْنُهُ مَيَّزَهُ وَوَزَنَهُ وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْهُ بِقَدْرِ وَزْنِهِ وَاحْتَاطَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ أَدَّى جَمِيعَ مَا فِيهِ وَمَنْ قَالَ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ فَلَا زَكَاةَ عِنْدَهُ فِي خَاتَمٍ وَلَا حِلْيَةِ سَيْفٍ وَلَا مُصْحَفٍ وَلَا مِنْطَقَةٍ وَلَا قِلَادَةٍ وَلَا دُمْلُجٍ قَالَ فَإِنِ اتَّخَذَ الرَّجُلُ شَيْئًا مِنْ حَلْيِ النِّسَاءِ لِنَفْسِهِ فَعَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَ وَلَوِ اتَّخَذَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ إِنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ زَكَّيَاهُ فِي الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا وَلَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَلْيِ إِلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْبَغْدَادِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ فِضَّةٍ تِبْرًا أَوْ حَلْيًا مَكْسُورًا أَوْ مَصْنُوعًا أَوْ حَلْيَةَ سَيْفٍ أَوْ إِنَاءٍ أَوْ مِنْطَقَةٍ فَفِي ذَلِكَ الزَّكَاةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحَلْيِ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 152 الرِّقَةِ رُبُعُ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ عَلَى عُمُومِهِ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا وَفِي يَدٍ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ لَهَا أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا قَالَتْ لَا قَالَ أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ فَخَلَعَتْهُمَا وَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ هُمَا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فَهَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ فِي تَرْكِ زَكَاةِ الْحَلْيِ وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بِنِ شَدَّادٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ هَذَا وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ فِي الْمُوَطَّأِ بِإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَنِ الْحَلْيِ أَثْبَتُ إِسْنَادًا وَأَعْدَلُ شَهَادَةً وَيَسْتَحِيلُ فِي الْعُقُولِ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ تَسَمَعُ مِثْلَهُ مِنْ هَذَا الْوَعِيدِ فِي تَرْكِ زَكَاةِ الْحَلْيِ وَتُخَالِفُهُ وَلَوْ صَحَّ ذَلِكَ عَنْهَا عُلِمَ أَنَّهَا قَدْ عَلِمَتِ النَّسْخَ مِنْ ذَلِكَ وَقَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ كَانَ عِنْدَهُ تِبْرٌ أَوْ حَلْيٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ لِلُبْسٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةَ فِي كُلِّ عَامٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِيهِ إِذَا كَانَ لَا يُرَادُ بِهِ زِينَةُ النِّسَاءِ قَالَ مَالِكٌ وَأَمَّا التِّبْرُ الْمَكْسُورُ الَّذِي يُرِيدُ أَهْلُهُ إِصْلَاحَهُ وَلُبْسَهُ فَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ يُرِيدُ مَالِكٌ أَنَّهُ مُعَدٌّ لِلْإِصْلَاحِ لِلُبْسِ النِّسَاءِ فَكَأَنَّهُ حَلْيٌ صَحِيحٌ مُتَّخَذٌ لِلنِّسَاءِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُسْقِطُ الزَّكَاةَ عَنِ الْحَلْيِ وَالشَّافِعِيُّ يَرَى فِيهِ الزَّكَاةَ إِذَا كَانَ مَكْسُورًا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ التِّبْرِ عِنْدَهُ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عِنْدَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا أَنَ يَكُونَ حَلْيًا يَصْلُحُ لِلزِّينَةِ وَيُمْكِنُ النِّسَاءُ اسْتِعْمَالَهُ وَأَجْمَعُوا أَنْ لَا زَكَاةَ فِي الْحَلْيِ إِذَا كَانَ جَوْهَرًا أَوْ يَاقُوتًا لَا ذَهَبَ فِيهِ وَلَا فِضَّةَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ لِلتِّجَارَةِ وَكَانَ مُخْتَلِطًا بِالذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ عُرِفَ وَزْنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَزُكِّيَ وَقَوَّمَ الجوهر المدبر عِنْدَ رَأْسِ كُلِّ حَوْلٍ - عِنْدَ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ - مَعَ سَائِرِ عُرُوضِ تِجَارَتِهِ وَإِنْ كَانَ غير مدبر زَكَّاهَا حِينَ يَبِيعُهَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 153 وَأَمَّا غَيْرُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فَإِنَّهُمْ يُلْزِمُونَ التَّاجِرَ بِتَقْوِيمِ الْعُرُوضِ فِي كُلِّ عام إذا اشتراها بنية التجارة مدبرا كان أو غير مدبر لِأَنَّ كُلَّ تَاجِرٍ يَطْلُبُ الرِّبْحَ فِيمَا يَشْتَرِيهِ وَإِذَا جَاءَهُ الرِّبْحُ بَاعَ إِنْ شَاءَ فَهُوَ مدبر قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَسْقَطَ الزَّكَاةَ عَنِ الْحَلْيِ الْمُسْتَعْمَلِ وَعَنِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ فَقَدِ اضْطَرَدَ قِيَاسُهُ وَمَنْ أَوَجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحَلْيِ وَالْبَقْرِ الْعَوَامِلِ فَقَدِ اضْطَرَدَ قِيَاسُهُ أَيْضًا وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْحَلْيِ وَلَمْ يُوجِبْهَا فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ أَوْ أَوْجَبَهَا فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ وَأَسْقَطَهَا مِنَ الْحَلْيِ فَقَدْ أَخْطَأَ طَرِيقَ الْقِيَاسِ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَلَا فِي الْمِسْكِ وَلَا الْعَنْبَرِ زَكَاةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا اللُّؤْلُؤُ وَالْمِسْكُ وَالْعَنْبَرُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي أَعْيَانِهَا كَسَائِرِ الْعُرُوضِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَذَاهِبِ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِي التِّجَارَةِ بِالْعُرُوضِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْعُرُوضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَنْبَرِ وَاللُّؤْلُؤِ هَلْ فِيهِمَا الْخُمْسُ حِينَ يَخْرُجَانِ مِنَ الْبَحْرِ أَوْ لَا فَجُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنْ لا شيء فيهما وهو قول أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْكُوفَةِ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَدَاوُدَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي اللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَكُلِّ حِلْيَةٍ تَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْهُ فِي ذَلِكَ وَكَانَ يَكْتُبُ إِلَى عماله واختلف فيه عن بن عَبَّاسٍ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ دَسَرَهُ الْبَحْرُ رَوَى مَعْمَرٌ وَالثَّوْرِيُّ عن بن طاوس عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الْعَنْبَرِ فَقَالَ إِنْ كَانَ فِي الْعَنْبَرِ شَيْءٌ ففيه الخمس وروى بن عيينة وبن جريج عن عمرو بن دينار عن أذينة عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى فِي الْعَنْبَرِ خمسا ويقول هو شيء دسره البحر وليس في حديثه بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ رَجُلًا يقال له أذينة يقول سمعت بن عَبَّاسٍ يَقُولُ لَيْسَ الْعَنْبَرُ بِرِكَازٍ وَإِنَّمَا هُوَ شيء دسره البحر وبن عيينة أيضا عن بن طاوس عن أبيه أن بن الزُّبَيْرِ اسْتَعْمَلَ إِبْرَاهِيمَ بْنَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 154 سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَلَى بَعْضِ تِهَامَةَ فأتى بن عَبَّاسٍ يَسْأَلُهُ عَنِ الْعَنْبَرِ هَلْ فِيهِ زَكَاةٌ فقال بن عَبَّاسٍ إِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ فَفِيهِ الْخُمُسُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) التَّوْبَةِ 103 وَأَمَرَهُمْ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِإِيتَاءِ الزَّكَاةِ فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بَعْضِ الْأَمْوَالِ دُونَ بَعْضٍ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يُرِدْ جَمِيعَ الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبَعْضَ وَإِذَا كُنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْبَعْضُ مِنَ الْأَمْوَالِ فَلَا سَبِيلَ إِلَى إِيجَابِ زَكَاةٍ إِلَّا فِيمَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَفَ عَلَيْهِ أَصْحَابَهُ |