وَأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُعْطِي أَمْوَالَ
الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حَجْرِهَا مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَجَابِرٍ أَنَّ الزَّكَاةَ (...)
 
وَأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ تُعْطِي أَمْوَالَ
الْيَتَامَى الَّذِينَ فِي حَجْرِهَا مَنْ يَتَّجِرُ لَهُمْ فِيهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَجَابِرٍ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي مَالِ الْيَتِيمِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ
وَقَالَ بِقَوْلِهِمْ مِنَ التَّابِعِينَ عَطَاءٌ وَجَابِرُ بن زيد ومجاهد وبن سِيرِينَ
وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٌ
وَذَكَرَ أَحْمَدُ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ فَضْلٍ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ
عَنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ لَوْ عِنْدِي مَالُ يَتِيمٌ قَدْ كَادَتِ الصَّدَقَةُ
أَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 155
وَذُكِرَ عَنِ الْقَطَّانِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنَ مَكْحُولٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ
الْمُسَيَّبِ عَنْ عُمَرَ ابْتَغُوا بِأَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ
قَالَ أَحْمَدُ أَخْبَرْنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن دينار عن بن عُمَرَ
أَنَّهُ كَانَ يُزَكِّي مَالَ الْيَتِيمِ
قَالَ وحدثنا بن مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثابت عن بن لِأَبِي رَافِعٍ قَالَ
بَاعَ لَنَا عَلِيٌّ أَرْضًا ثَمَانِينَ أَلْفًا ثُمَّ أَعْطَانَاهَا فَإِذَا هِيَ تَنْقَصُ فَقَالَ إِنِّي كُنْتُ أُزَكِّيهَا
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ
فِي الَّذِي يَلِي مَالَ الْيَتِيمِ قَالَ يُعْطِي زَكَاتَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَهَذَا مِنْ طَرِيقِ الْإِتْبَاعِ وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَالْقِيَاسِ عَلَى مَا أَجْمَعَ
عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِ مِنْ زَكَاةِ مَا تُخْرِجُهُ أَرْضُ الْيَتِيمِ مِنَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَهُوَ مِمَّا
لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ حِجَازِيٌّ وَلَا عِرَاقِيٌّ مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَيْضًا أَنَّ فِي مَالِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ أَرْشَ مَا يَجْنِيهِ مِنَ
الْجِنَايَاتِ وَقِيمَةَ مَا يُتْلِفُهُ مِنَ الْمُتْلَفَاتِ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَائِضَ وَالَّذِي يُجَنُّ أَحْيَانًا لَا يُرَاعَى لَهُمْ مِقْدَارُ أَيَّامِ الْحَيْضِ
وَالْجُنُونِ مِنَ الْحَوْلِ
وَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ لَيْسَتْ كَالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْبَدَنِ فَإِنَّهَا
تَجِبُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَعَلَى مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ يَتِيمٍ وَلَا صَغِيرٍ إِلَّا فِيمَا
تُخْرِجُ أَرْضُهُ مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَوْزَاعِيُّ
إِلَّا أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ وَالثَّوْرِيَّ قَالَا إِذَا بَلَغَ الْيَتِيمُ فَادْفَعْ إِلَيْهِ مَالَهُ وَأَعْلِمْهُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ
لِلَّهِ فَإِنْ شَاءَ زَكَّى وأن شاء ترك
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا ضَعِيفٌ مِنَ الْقَوْلِ
وَقَالَ بن أَبِي لَيْلَى فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى الزَّكَاةُ وَإِنْ أَدَّاهَا عَنْهُمُ الْوَصِيُّ غَرِمَ
وَهَذَا أَيْضًا فِي الموصي المأمون أضعف مما مضى
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 156
وقال بن شُبْرُمَةَ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ وَمَا أَخْرَجَتْ
أَرْضُهُ فَفِي ذَلِكَ الزَّكَاةُ
وَهَذَا أَيْضًا تَحَكُّمٌ إِلَّا أَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهِ مَا كَانَ السُّعَاةُ يَأْخُذُونَهُ عَامًا
ومدار المسألة على قولين قول أَهْلُ الْحِجَازِ بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَقَوْلِ
أَبِي حَنِيفَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ أَنْ لَا زَكَاةَ فِي أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ
زَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا تُخْرِجُهُ أَرْضُ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ سَائِرِ مَالِهِ أَنَّ الزَّكَاةَ
حَقٌّ طَارِئٌ عَلَى مِلْكٍ ثَابِتٍ لِلْمَالِكِ قَبْلَ وُجُوبِ الْحَقِّ فَهُوَ طُهْرَةٌ وَالزَّكَاةُ لَا تَلْزَمُ إِلَّا
مَنْ تَلْحَقُهُ الطَّهَارَةُ وَالرِّكَازُ وَثَمَرَةُ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ لِحُدُوثِهَا يَجِبُ حَقُّ الزَّكَاةِ فِيهَا فَلَا
يَمْلِكُهَا مَالِكُهَا إِلَّا وَهُوَ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلِمَسَاكِينِ فَصَارَ كَالشَّرِكَةِ فَاسْتَوَى فِيهِ حَقُّ الصَّغِيرِ
وَالْكَبِيرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مُحَالٌ أَنْ تَجِبَ الصَّدَقَةُ إِلَّا عَلَى مِلْكٍ فَكَيْفَ لَا يَمْلِكُ مَا يَخْرُجُ مِنَ
الْأَرْضِ حَتَّى وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ
عَلَى مِلْكِ أَصْلِ مَا زُرِعَ وَمَا أَخْرَجَتْهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ مَا تَجِبُ فِيهِ
الزَّكَاةُ مِنْ مَالِهِ إِلَّا حَيْثُ فَرَّقَتِ السُّنَّةُ مِنْ مُرُورِ الْحَوْلِ فَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَمَا خَالَفَ
هَذَا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَلَا مَعْنًى يَصِحُّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ إِذَا حَلَّ بَيْعُهُ فَإِنَّمَا قَبْلَ حَصَادِهِ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ
(وءاتوا حقه يوم حصاده) الْأَنْعَامِ 141
وَكَذَلِكَ لَا مَعْنًى لِتَشْبِيهِهِ بِالرِّكَازِ لِأَنَّ الرِّكَازَ لَا تَجْرِي مَجْرَى الصَّدَقَةِ إِنَّمَا تَجْرِي
مَجْرَى الْفَيْءِ وَبِنَفْسِ الْغَنِيمَةِ يَجِبُ الْخُمُسُ فِيهَا لِمَنْ سَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَأَحْسَنُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ لَهُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ مَأْمُورٌ بِأَدَائِهَا
وَالطِّفْلُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ خِطَابٌ بِأَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ
لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ فِيمَا تُخْرِجُهُ أَرْضُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الزَّكَاةِ فِي مَالِهِ لَيْسَ كَحُكْمِ مَا
يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنَ الْفَرَائِضِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنْ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَلَا الصَّغِيرِ أَبُو وَائِلٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ
وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ