مَالِكٌ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ إِنِّي أرى أن

يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثُ وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ
الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا
قَالَ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا هَلَكَ وَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاةَ مَالِهِ إِنِّي أرى أن
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 157
يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ وَلَا يُجَاوَزُ بِهَا الثُّلُثُ وَتُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ
الدَّيْنِ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ رَأَيْتُ أَنْ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا
قَالَ وَذَلِكَ إِذَا أَوْصَى بِهَا الْمَيِّتُ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِذَلِكَ الْمَيِّتُ فَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُهُ فَذَلِكَ
حَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذلك أهله لم يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ إِذَا أَوْصَى بِهَا لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا كَالدَّيْنِ مِنْ
جَمِيعِ الْمَالِ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يَحْرِمَ وَارِثَهُ مَالَهُ كُلَّهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْهُ لِعَدَاوَتِهِ لَهُ إِلَّا مَنْعَهُ
بِأَنْ يُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي سَائِرِ عُمُرِهِ بِمَا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ جَمِيعًا
فَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ وَجَعَلَ مَا أَوْصَى بِهِ لَا يَتَعَدَّى ثُلُثَهُ عَلَى سُنَّةِ الْوَصَايَا وَرَأَى أَنْ يُبْتَدَأَ
بِهَا عَلَى سَائِرِ الْوَصَايَا تَأْكِيدًا لَهَا وَخَوْفًا أَنْ لَا يَحِلَّ الثُّلُثُ جَمِيعَ وَصَايَاهُ وَقَدْ قَالَ
إِنَّ الْمُدْبِرَ فِي الصِّحَّةِ تبدى عليها
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَصَدَاقُ الْمَرِيضِ يُبَدَّى أَيْضًا وَسَيَأْتِي هَذَا الْمَعْنَى فِي الْوَصَايَا
إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَرَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ فَكَلَامٌ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ
مِنْ رَأْسِ مَالِ الْمَيِّتِ وَلَا مِيرَاثَ وَلَا وَصِيَّةَ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ
وَهَذَا أَمْرٌ مَجْتَمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الزَّكَاةَ تُبَدَّى عَلَى الْوَصَايَا بِمَنْزِلَةِ تَبْدِيَةِ الدَّيْنَ
عَلَيْهَا وَعَلَى غَيْرِهَا مِنَ الْوَصَايَا وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَمْرًا لَأَشْكَلَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ
لَفْظُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَمَا اسْتَحْسَنَهُ لِلْوَرَثَةِ إِنْ لَمْ يُوصِ الْمَيِّتُ بِزَكَاةِ مَالِهِ فَمُسْتَحْسَنٌ عِنْدَ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَا
يَرَى الزَّكَاةَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
وذكر بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ رَبِيعَةَ فِيمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ زَكَاةُ مَالِهِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ
مَالِهِ وَعَلَيْهِ مَا تَحَمَّلَ
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ مَاتَ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِي إِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ ثُمَّ صَحَّ أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا
أَنَّهَا بمنزلة الدين تأخذ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الزَّكَاةُ يُبْدَأُ بها قبل ديون الناس ثم يقسم ما له بَيْنَ غُرَمَائِهِ لِأَنَّ مَنْ
وَجَبَتْ فِي مَالِهِ زَكَاةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ فِي مَالِهِ شَيْءٌ حَتَّى تُخْرَجَ الزَّكَاةُ وَلَهُ
التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مَا لَمْ يُوقِفِ الْحَاكِمُ مَالَهُ لِلْغُرَمَاءِ
قَالَ أَبُو ثَوْرٍ الزَّكَاةُ بِمَنْزِلَةِ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَجَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى بِالثُّلُثِ فَنَظَرَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 158
الْوَصِيُّ فَإِذَا الرَّجُلُ لَمْ يُعْطِ الزَّكَاةَ قَالَ يُخْرِجُ الزَّكَاةَ ثُمَّ يُخْرِجُ الثُّلُثَ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَالُوا فِيمَنْ أَوْصَى بِزَكَاةِ مَالِهِ وَبِحَجٍّ وَكَفَّارَاتِ أَيْمَانٍ أَنَّهُ
يَبْدَأُ بِالزَّكَاةِ إِنْ قَصَرَ الثُّلُثُ عَنْ وَصَايَاهُ ثُمَّ بِالْحَجِّ لِلْفَرْضِ ثُمَّ بِالْكَفَّارَةِ
قَالُوا وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنَ الْقُرَبِ زَكَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَوْصَى لِقَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ
بُدِئَ بِالَّذِينَ أَوْصَى لَهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ
وَقَالَ مَالِكٌ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَى وَارِثٍ فِي مَالٍ وَرِثَهُ الزَّكَاةُ حَتَّى يَحُولَ
عَلَيْهِ الْحَوْلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَوَ إِجْمَاعٌ مِنْ جَمَاعَةِ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَالْحَدِيثُ فيه مأثور عن علي
وبن عُمَرَ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَقَدْ رَفَعَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ بن
عُمَرَ
وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ جَمَاعَةِ العلماء إلا ما جاء عن بن عَبَّاسٍ وَأَبِي مُعَاوِيَةَ بِمَا
قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَلَمْ يُخَرِّجْ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ وَلَا الْتَفَتَ إِلَيْهِ
قَالَ مَالِكٌ إِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَارِثٍ زَكَاةٌ فِي مَالٍ وَرِثَهُ فِي دَيْنٍ وَلَا عَرْضٍ وَلَا دَارٍ
وَلَا عَبْدٍ وَلَا وَلِيدَةٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَى ثَمَنِ مَا بَاعَ مِنْ ذَلِكَ أَوِ اقْتَضَى الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ
بَاعَهُ وَقَبَضَهُ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُزَكِّي الْوَارِثُ الدَّيْنَ حَتَّى يقبضه كقول مالك
وقال الشافعي الوارث كالمورث فِي الدَّيْنِ يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ وَرِثَهُ وَأَمْكَنَهُ
أَخْذُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَرَكَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ زَكَّاهُ كَمَا مضى إذا قبضه