مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ وَيُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ (...) |
مَالِكٌ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ أَبِي تَمِيمَةَ السَّخْتِيَانِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ فِي
مَالٍ قَبَضَهُ بَعْضُ الْوُلَاةِ ظُلْمًا يَأْمُرُ بِرَدِّهِ إِلَى أَهْلِهِ وَيُؤْخَذُ زَكَاتُهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ ثُمَّ عَقَّبَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهُ كَانَ ضِمَارًا قَالَ أَبُو عُمَرَ الضِّمَارُ الْغَائِبُ عَنْ صَاحِبِهِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ أَوْ لَا يَعْرِفُ مَوْضِعَهُ وَلَا يَرْجُوهُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هَذَا الْخَبَرَ وَفَسَّرَ فِيهِ الضِّمَارَ وَذَكَرَهُ بن أبي عمر وغيره عن بن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ أَنِ انْظُرْ أَمْوَالَ بَنِي عَائِشَةَ الَّتِي كَانَ أَخَذَهَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَرُدَّهَا عَلَيْهِمْ وَخُذْ زَكَاتَهَا لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ قَالَ ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِكِتَابٍ آخَرَ لَا تَأْخُذْ مِنْهَا إِلَّا زَكَاةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ كَانَ مَالًا ضِمَارًا وَالضِّمَارُ الَّذِي لَا يَدْرِي صَاحِبُهُ أَيَخْرُجُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا التَّفْسِيرُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ أَصَحُّ وَأَوْلَى وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ الطَّارِئِ وَهُوَ الضِّمَارُ فَ قَالَ مَالِكٌ وَآخِرُ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ إِذَا وَجَدَهُ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ قَبَضَهُ وَقَالَ اللَّيْثُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَيَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا وَقَالَ الْكُوفِيُّونَ إِذَا غَصَبَ الْمَالَ غَاصِبٌ وَجَحَدَهُ سِنِينَ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ فِي مَفَازَةٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ دَفَنَهُ فِي صَحْرَاءَ فَلَمْ يَقِفْ عَلَى مَوْضِعِهِ ثُمَّ وَجَدَهُ بَعْدَ سِنِينَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِمَا مَضَى وَيَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَزُفَرُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيَسْتَأْنِفُ بِهِ حَوْلًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 161 قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) فِإِنَّهُ أَوْجَبَ فِيهِ زَكَاةً وَاحِدَةً قِيَاسًا عَلَى مَذْهَبِهِ فِي الدَّيْنِ وَفِي الْعَرْضِ لِلتِّجَارَةِ إِذَا لم يكن صاحبه مدبرا وَقَدْ قَالَ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَطَاءٌ والحسن وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي كل هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَيَسَ عَلَيْهِ فِيهِ إِلَّا زَكَاةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا مَنْ قَالَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِمَا مَضَى فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَمَّا لَمْ يُطْلِقْ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا تَصَرَّفَ فِيهِ جَعَلُوهُ كَالْمَالِ الْمُسْتَعَارِ الطَّارِئِ وَأَمَّا مَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الزَّكَاةَ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ فَلِأَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَيُثَابُ عَنْهُ وَيُؤْجَرُ فِيهِ إِنْ ذَهَبَ قال أبو عمر أما القياس فإن كل مَا اسْتَقَرَّ فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْمَالِكِ فَهَذَا لَا زَكَاةَ عَلَى مَالِكِهِ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْغَرِيمُ الْجَاحِدُ لِلدَّيْنِ وَكُلُّ ذِي ذِمَّةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْمَالِ أَنْ يُزَكِّيَ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ غَاصِبًا كَانَ لَهُ أَوْ غَيْرَ غَاصِبٍ وَأَمَّا مَا كَانَ مَدْفُونًا فِي مَوْضِعٍ يُصِيبُهُ صَاحِبُهُ أَوْ غَيْرَ مَدْفُونٍ وَلَيْسَ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ أَوْ كَانَ لُقْطَةً فَالْوَاجِبُ عِنْدِي عَلَى رَبِّهِ أَنْ يُزَكِّيَهُ إِذَا وَجَدَهُ لِمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ فَإِنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ فِي ذِمَّةِ غَيْرِهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُلْتَقِطُ قَدِ اسْتَهْلَكَهُ وَصَارَ فِي ذِمَّتِهِ وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ وَالْمُغِيرَةِ وَرِوَايَةٌ عن بن الْقَاسِمِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ بَيَّنَ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) مَذْهَبَهُ فِي الدَّيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ مُوَطَّئِهِ وَأَشَارَ إِلَى الْحُجَّةِ لِمَذْهَبِهِ بعض الإشارة والدين عنده والعروض لغير المدبر بَابٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَرَ فِي ذَلِكَ إِلَّا زَكَاةً وَاحِدَةً لِمَا مَا مَضَى مِنَ الْأَعْوَامِ تَأَسِّيًا بِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمَالِ الضِّمَارِ لِأَنَّهُ قَضَى أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ إِلَّا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَالدَّيْنُ الْغَائِبُ عِنْدَهُ كَالضِّمَارِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الضِّمَارِ مَا غَابَ عَنْ صَاحِبِهِ وَالْعُرُوضُ عِنْدَهُ لِمَنْ لَا يُدْبِرُ وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ لِمَنْ يُدْبِرُ إِذَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الدَّيْنِ الْمَذْكُورِ وَلَيْسَ لِهَذَا الْمَذْهَبِ فِي النَّظَرِ كَبِيرُ حَظٍّ إِلَّا مَا يُعَارِضُهُ مِنَ النَّظَرِ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ وَالَّذِي عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الدَّيْنِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ فَهُوَ كَالْوَدِيعَةِ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ كَتَرْكِهِ لَهُ فِي بَيْتِهِ وَمَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ فَقَدْ مَضَى فِي هَذَا الْبَابِ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَالِاحْتِيَاطُ فِي هَذَا أَوْلَى وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 162 |