مَالِكٌ أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ فَوَجَدْتُ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ (...) |
مَالِكٌ أَنَّهُ قَرَأَ كِتَابَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الصَّدَقَةِ قَالَ فَوَجَدْتُ فِيهِ بِسْمِ اللَّهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَدُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 179 وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى سِتِّينَ حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ جَذَعَةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى تِسْعِينَ ابْنَتَا لَبُونٍ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ طَرُوقَتَا الْفَحْلِ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْإِبِلِ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 180 وَفِي الرِّقَةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كِتَابُ عُمَرَ هَذَا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِي الْمَدِينَةِ مَحْفُوظٌ وَكُلُّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَعَانِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا أَنَّ فِي الْغَنَمِ شَيْئًا مِنَ الْخِلَافِ نَذْكُرَهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَذَلِكَ نَذْكُرُ الْخِلَافَ عَلَى الْإِبِلِ فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَدْ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ عَنِ بن شهاب عن سالم عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابَ الصَّدَقَاتِ فَلَمْ يُخْرِجْهُ إِلَى عُمَّالِهِ حَتَّى قُبِضَ وَعَمِلَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى قُبِضَ ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى قُبِضَ فَكَانَ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا الْغَنَمُ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ وَذَكَرَ مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ مِنْ كِتَابِ عُمَرَ سَوَاءً وَقَدَ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ فِي التَّمْهِيدِ وروى بن المبارك وغيره عن يونس عن بن شِهَابٍ قَالَ أَخْرَجَ إِلَيَّ سَالِمٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ ابْنَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ نُسْخَةَ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصدقة قال بن شِهَابٍ أَقْرَأَنِيهَا سَالِمٌ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا وَهِيَ الَّتِي انْتَسَخَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حِينَ أُمِّرَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَأَمَرَ عُمَّالَهُ بِالْعَمَلِ بِهَا وَلَمْ يَزَلِ الْعُلَمَاءُ يَعْمَلُونَ بِهَا قَالَ وَهَذَا كِتَابُ تَفْسِيرِهَا لَا يُؤْخَذُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ ذَوْدٍ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا فَفِيهَا شَاةٌ حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا فَإِذَا بَلَغَتْ عَشَرَةً فَفِيهَا شَاتَانِ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ عِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ كَانَ فِيهَا فَرِيضَةٌ وَالْفَرِيضَةُ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَإِنْ لَمْ تُوجَدِ ابْنَةُ مَخَاضٍ فَابْنُ لَبُونٍ ذَكَرٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَأَرْبَعِينَ فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ سِتِّينَ فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَسِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ خَمْسًا وَسَبْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ سِتًّا وَسَبْعِينَ فَفِيهَا ابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعِينَ فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ فَفِيهَا حِقَّتَانِ حِينَ تَبْلُغُ عِشْرِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً ففيها ابنتا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 181 لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ فَإِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ خَمْسِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَخَمْسِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ سِتِّينَ وَمِائَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسِتِّينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ سَبْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَسَبْعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ ثَمَانِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَتَا لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَثَمَانِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ تِسْعِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَابْنَةُ لَبُونٍ حَتَّى تَبْلُغَ تِسْعًا وَتِسْعِينَ وَمِائَةً فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْنِ فَفِيهَا أَرْبَعُ حِقَاقٍ أَوْ خَمْسُ بَنَاتِ لَبُونٍ أَيَّ السِّنِّ وَجَدْتَ أَخَذْتَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَيْسَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحِجَازِ اخْتِلَافٌ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ إِلَّا فِي قَوْلِ بن شِهَابٍ فِي رِوَايَتِهِ لِكِتَابِ عُمَرَ فَإِذَا كَانَتْ إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون فَهَذَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَسَائِرُهُ إِجْمَاعٌ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةً وَاحِدَةً فَالْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخَذَ ثَلَاثَ بَنَاتِ لبون وإن شاء أخذ حقتين قال بن القاسم وقال بن شِهَابٍ إِذَا زَادَتْ وَاحِدَةً عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ إِلَى أَنْ تَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً تَكُونُ فِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ قال بن القاسم اتفق مالك وبن شِهَابٍ فِي هَذَا وَاخْتَلَفَا فِيمَا بَيْنَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ قَالَ بن القاسم ورأى علي قول بن شهاب وذكر بن حَبِيبٍ أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ وعبد العزيز بن أبي حازم وبن دِينَارٍ كَانُوا يَقُولُونَ بِقَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ السَّاعِيَ مُخَيَّرٌ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ (أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَذَكَرَ أَنَّ الْمُغِيرَةَ الْمَخْزُومِيَّ كَانَ يَقُولُ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ لَا غَيْرَ إِلَى) ثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ قَالَ وَلَيْسَ السَّاعِي فِي ذَلِكَ مُخَيَّرًا قَالَ وَأَخَذَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ هَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَبِهِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الزِّيَادَةِ شَيْءٌ عَلَى حِقَّتَيْنِ حَتَّى يَبْلُغَ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا حِقَّةٌ وَابْنَتَا لَبُونٍ بِإِجْمَاعٍ مِنْ عُلَمَائِنَا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 182 الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا وَصَفْتُ لَكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي فَرَائِضَ الْإِبِلِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهَا فِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كَلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ فَلَمَّا احْتَمَلَتِ الزِّيَادَةُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ كَمَا رَأَيْتَ لِاحْتِمَالِ الْأَصْلِ لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ففيها ثلاث بنات لبون كقول بن شِهَابٍ وَهَذَا أَوْلَى عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ وَالثَّوْرِيَّ قَالُوا إِذَا زَادَتِ الْإِبِلُ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ اسْتَقْبَلَتِ الْفَرِيضَةُ وَمَعْنَى اسْتِقْبَالِ الْفَرِيضَةِ عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ خَمْسِ ذَوْدٍ شَاةٌ وَهَذَا قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ سُفْيَانُ إِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ تُرَدُّ الْفَرَائِضُ إِلَى أَوَّلِهَا فَإِنْ كَثُرَتِ الْإِبِلُ فَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ وَفِي كُلِّ سِتِّينَ جَذَعَةٌ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مِثْلُ هَذَا وَتَفْسِيرُ ذَلِكَ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا الْحِقَّتَانِ حَتَّى تَصِيرَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ فِي الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ حِقَّتَانِ وَفِي الْخَمْسِ شَاةٌ وَذَلِكَ فَرْضُ الثَّلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَشَاتَانِ الْحِقَّتَانِ لِلْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَشَاتَانِ ثُمَّ ذَلِكَ فَرْضُهَا إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ فَيَكُونُ فِيهَا حِقَّتَانِ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ إِلَى أَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَأَرْبَعُ شِيَاهٍ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا حِقَّتَانِ وَابْنَةُ مَخَاضٍ إِلَى خَمْسِينَ وَمِائَةٍ فَإِذَا بَلَغَتْهَا فَفِيهَا ثَلَاثُ حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى الْخَمْسِينَ وَمِائَةٍ اسْتَقْبَلَ بِهَا الْفَرِيضَةَ كَمَا اسْتَقْبَلَ بِهَا إِذَا زَادَتْ عَلَى الْعِشْرِينَ وَمِائَةٍ إلى مائتين فيكون فيها أربعة حِقَاقٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ اسْتَقْبَلَ بِهَا أَيْضًا ثُمَّ كَذَلِكَ أَبَدًا وَرَوَى الثَّوْرِيُّ وَالْكُوفِيُّونَ قولهم عن إبراهيم عن علي وبن مَسْعُودٍ وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ مَا لَمْ أَرَ لِذِكْرِهِ وَجْهًا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَفِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ إِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ وَفِيمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ عَنْهُ وَهِيَ مُنْقَطِعَةٌ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ فُقَهَاءِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 183 الْأَمْصَارِ وَالَّذِي عَلَيْهِ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ أَنَّ فِي مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةٍ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَكَذَلِكَ فِي ثلاث مائة وما زاد عليها حتى تبلغ أربع مائة فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَالِكُ بن أنس والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم وهو قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسَائِرِ أَهْلِ الْأَثَرِ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ إِذَا كَانَتِ الغنم ثلاث مائة شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا خَمْسُ شِيَاهٍ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ قَوْلَهُ هَذَا عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الْآثَارُ الْمَرْفُوعَةُ فِي كِتَابِ الصَّدَقَاتِ فَعَلَى مَا قَالَهُ جَمَاعَةُ فقهاء الأمصار لا على مَا قَالَهُ النَّخَعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالسَّائِمَةُ مِنَ الْغَنَمِ وَسَائِرِ الْمَاشِيَةِ هِيَ الرَّاعِيَةُ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْإِبِلِ الْعَوَامِلِ وَالْبَقَرِ الْعَوَامِلِ وَالْكِبَاشِ الْمَعْلُوفَةِ فَرَأَى مَالِكٌ وَاللَّيْثُ أَنَّ فِيهَا الزَّكَاةَ لِأَنَّهَا سائمة في طبعها وخلفها وَسَوَاءٌ رَعَتْ أَوْ أَمَسَكَتْ عَنِ الرَّعْيِ وَقَالَ سَائِرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ لَا زَكَاةَ فِي الْإِبِلِ وَلَا فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُهْلَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ سَائِمَةٌ رَاعِيَةٌ وَيُرْوَى هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيٍّ وَجَابِرٍ وَطَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْهُمْ وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ مَنْ لَهُ أَرْبَعَةٌ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةٌ وَوَاحِدٌ عَامِلٌ وَتِسْعٌ وَعِشْرُونَ مِنَ الْبَقَرِ رَاعِيَةٌ وَوَاحِدَةٌ عَامِلَةٌ أَوْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ شَاةً رَاعِيَةً وَكَبْشٌ مَعْلُوفٌ فِي دَارِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا يَخْرُجُ فِي الصَّدَقَةِ تَيْسٌ وَلَا هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ يَعْنِي مُجْتَهِدًا فَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ فِي الصَّدَقَاتِ الْعَدْلُ كَمَا قَالَ عُمَرُ عَدْلٌ بَيْنَ هَذَا الْمَالِ وَخِيَارِهِ لَا الزَّائِدِ وَلَا النَّاقِصِ فَفِي التَّيْسِ زِيَادَةٌ وَفِي الْهَرِمَةِ وَذَاتِ الْعَوَارِ نُقْصَانٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ فَمَعْنَاهُ أَنْ تَكُونَ الْهَرِمَةُ وَذَاتُ الْعَوَارِ خَيْرًا لِلْمَسَاكِينِ مِنَ الَّتِي أَخْرَجَ صَاحِبُ الْغَنَمِ إِلَيْهِ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِهِ وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ كَمَا جَاءَ فِي كتاب عمر الجزء: 3 ¦ الصفحة: 184 وروي ذلك أيضا عن علي وبن مَسْعُودٍ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْعَمْيَاءِ وَذَاتِ الْعَيْبِ هَلْ تُعَدُّ عَلَى صَاحِبِهَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ تُعَدُّ الْعَجْفَاءُ وَالْعَمْيَاءُ وَالْعَرْجَاءُ وَلَا تُؤْخَذُ وَرَوَى أَسَدُ بْنُ الْفُرَاتِ عَنْ أَسَدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِالْعَمْيَاءِ كَمَا لَا تُؤْخَذُ وَلَمْ تَأْتِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَسَيَأْتِي اخْتِلَافُهُمْ فِي الْعَدِّ عَلَى رَبِّ الْمَاشِيَةِ فِي السَّخْلِ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَالتَّيْسُ عند العرب كلما يَبْدُو عَنِ الْغَنَمِ مِنْ ذُكُورِ الضَّأْنِ أَوْ مِنَ الْمَعْزِ لِأَنَّ الْغَنَمَ الضَّأْنُ وَالْمَعْزُ وَالْهَرِمَةُ الشَّاةُ الشَّارِفُ وَذَاتُ الْعَوَارِ (بِفَتْحِ الْعَيْنِ) الْعَيْبُ وَ (بِضَمِّهَا) ذَهَابُ الْعَيْنِ وَقَدْ قِيلَ فِي ذَلِكَ بَالضِّدِّ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْعَوْرَاءَ لَا تُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ إِذَا كَانَ بَيِّنًا وَكَذَلِكَ كَلُّ عَيْبٍ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهَا نُقْصَانًا بَيِّنًا إِذَا كَانَتِ الْغَنَمُ صِحَاحًا كُلُّهَا أَوْ أَكْثَرُهَا فَإِنْ كَانَ كُلُّهَا عَوْرَاءَ أَوْ شَوَارِفَ أَوْ جَرْبَاءَ أَوْ عَجْفَاءَ أَوْ فِيهَا مِنَ الْعُيُوبِ مَا لا يجوز معه في الضحايا فقد قيل لَيْسَ عَلَى رَبِّهَا إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ صَدَقَتَهَا مِنْهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَدِّقُ بِسَائِمَةٍ مِنَ الْعُيُوبِ صَحِيحَةٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي غَنَمِهِ وَقِيلَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمُصَدِّقَ بِجَذَعَةٍ أَوْ ثَنِيَّةٍ تَجُوزُ ضَحِيَّةً وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ مُسْتَوْعِبًا فِي هَذَا الْمَعْنَى عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) لَا تَأْخُذِ الرُّبَّى وَلَا الْمَاخِضَ وَلَا الْأَكُولَةَ وَلَا فَحْلَ الْغَنَمِ وَتَأْخُذِ الْجَذَعَةُ وَالثَّنِيَّةَ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بُيْنَ مُجْتَمِعٍ فَقَدْ فَسَّرَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فِي مُوَطَّئِهِ فَقَالَ مَالِكٌ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ النَّفَرُ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً قَدْ وَجَبَتْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي غَنَمِهِ الصَّدَقَةُ فَإِذَا أَظَلَّهُمُ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِئَلَّا يَكُونَ عَلَيْهِمْ فِيهَا إِلَّا شَاةً وَاحِدَةً فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ وَتَفْسِيرُ قَوْلِهِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَنَّ الْخَلِيطَيْنِ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِمَا فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا أَظَلَّهُمَا الْمُصَدِّقُ فَرَّقَا غَنَمَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ عَلَى كل الجزء: 3 ¦ الصفحة: 185 وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَنُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ أَصْحَابَ الْمَوَاشِي لَمْ يَذْكُرْ يَحْيَى هَذِهِ الْكَلِمَةَ هَا هُنَا فِي الْمُوَطَّأِ وَهِيَ عِنْدَهُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ مِنَ الْمُوَطَّأِ وَذَكَرَهَا غَيْرُهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ هُوَ افْتِرَاقُ الْخُلَطَاءِ عِنْدَ قُدُومِ الْمُصَدِّقِ يُرِيدُونَ بِهِ بخس الصدقة فهذا لا يصلح وَقَدْ يُرَادُ بِهِ السَّاعِي يَجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ ليأخذ منه الأكثر مِمَّا عَلَيْهِمُ اعْتِدَاءً فَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْخُلَطَاءِ فَالنَّفَرُ الثَّلَاثَةُ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ لِكُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً فَإِنَّمَا فِيهَا شَاةٌ فَلَا يَنْبَغِي لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يُفَرِّقَ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُمْ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَوْمِ يَكُونُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمْ أَرْبَعُونَ شَاةً عَلَى حَسَبِهِ فَإِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ جَمَعُوهَا لِيَبْخَسُوهُ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُجْتَمِعِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ شَاةً فَيُفَرِّقُهَا عِشْرِينَ عِشْرِينَ لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْ هَذِهِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ هَذِهِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ لِرَجُلٍ أربعون شاة وللآخر خمسون يجمعانها لئلا يؤخذ مِنْهَا شَاةٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا إِلَى أَنَّ الْمُخَاطَبَ أَرْبَابُ الْمَوَاشِي وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ خُلَطَاءَ فِي عِشْرِينَ وَمِائَةِ شَاةٍ حَسَبَهُ إِذَا جُمِعَتْ بَيْنَهُمْ أَنْ يَكُونَ فِيهَا شَاةٌ لِأَنَّهَا إِذَا فُرِّقَتْ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ رَجُلٌ لَهُ مِائَةُ شَاهٍ وَشَاةٌ وَآخِرُ لَهُ مِائَةُ شَاةٍ وَشَاةٌ فَإِذَا تُرِكَا عَلَى افْتِرَاقِهِمَا كَانَ فِيهِمَا شَاتَانِ وَإِذَا جُمِعَتَا كَانَ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَرَجُلَانِ لَهُمَا أَرْبَعُونَ شَاةً فإذا فرقت فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَإِذَا جُمِعَتْ فَفِيهَا شَاةٌ وَالْخَشْيَةُ خَشْيَةُ السَّاعِي أَنْ تَقِلَّ الصَّدَقَةُ وَخَشْيَةُ رَبِّ الْمَالِ أَنْ تَكْثُرَ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْخَشْيَةِ مِنَ الْآخَرِ فَأَمَرَ أَنْ يُقَرَّ كُلٌّ عَلَى حَالِهِ إِنْ كَانَ مُجْتَمِعًا صُدِقَ مُجِتَمِعًا وَإِنْ كَانَ مُفْتَرِقًا صُدِقَ مفترقا وقال أبو حنيفة وأصحابه مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجُتَمِعٍ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً فَفِيهَا شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ فَرَّقَهَا الْمُصَدِّقُ أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 186 وَمَعْنَى قَوْلِهِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلَيْنِ أَرْبَعِينَ شَاةً فَإِنْ جَمَعَهَا صَارَتْ فِيهَا شَاةٌ وَلَوْ فَرَّقَهَا عِشْرِينَ عِشْرِينَ لَمْ يكن فيها شيء قالوا وَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ لَمْ يَجْمَعْ بَيْنَ أَغْنَامِهِمَا وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إِذَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ هُوَ أَنْ يَكُونَ لِلرَّجُلِ ثَمَانُونَ شَاةً فَإِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ قَالَ هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عِشْرُونَ أَوْ يَكُونُ لَهُ أربعون شاة فيأخذ من إخوته أربعون أربعون فَيَقُولُ هَذِهِ كُلُّهَا لِي فَلَيْسَ فِيهَا إِلَّا شَاةٌ وَاحِدَةٌ فَهَذِهِ خَشْيَةُ الصَّدَقَةِ لِأَنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهُ يَخْشَى الصَّدَقَةَ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَقُلْ فِيهِ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ فَقَدْ يَكُونُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ يَكُونُ عَلَى وَجْهِ أَنْ يَكُونَ يَجِيءُ الْمُصَدِّقُ إِلَى إِخْوَةٍ ثَلَاثَةٍ وَلَوْ أُخِذَ مِنْهُمْ عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ فَيَقُولُ هَذِهِ بَيْنَكُمْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ أَوْ يَكُونُ لَهُمْ أَرْبَعُونَ فَيَقُولُ الْمُصَدِّقُ هَذِهِ لِوَاحِدٍ مِنْكُمْ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا حَمَلَ الْكُوفِيُّونَ أَبَا يُوسُفَ وَأَصْحَابَهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ لِأَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ إِنَّ الْخُلْطَةَ تُغَيِّرُ الصَّدَقَةَ وَإِنَّمَا يُصْدِقُ الْخُلَطَاءُ عِنْدَهُمْ صَدَقَةَ الْجَمَاعَةِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ يُصَدِقُونَ صَدَقَةَ الْمَالِكِ الْوَاحِدِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْخُلَطَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَا تَأَوَّلُوهُ فِي الْحَدِيثِ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُتَفَرِّقٍ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ يَرْتَفِعُ مَعَهُ فَائِدَةُ الْحَدِيثِ وَلِلْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا يَأْتِي فِي بَابِ الْخُلَطَاءِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالسَّاعِي وَذَلِكَ أَنَّ السَّاعِيَ إذا جاؤوا لرجل عِشْرُونَ وَمِائَةُ شَاةٍ فَفَرَّقَهَا عَلَى أَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ أَخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَلَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي أَنْ يَجِيءَ إِلَى قَوْمٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عِشْرُونَ شَاةً أَوْ ثَلَاثُونَ فَيَجْمَعُ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يُزَكِّيهَا وَكَذَلِكَ أَصْحَابُ الْمَوَاشِي إِذَا كَانَ لِرَجُلٍ أَرْبَعُونَ شَاةً فَكَانَ فِيهَا الزَّكَاةُ فَإِذَا جَاءَ الْمُصَدِّقُ فَرَّقَهَا عَلَى نَفْسَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِئَلَّا يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ يَكُونُ لِثَلَاثَةٍ أَرْبَعُونَ أَرْبَعُونَ شَاةً فَإِذَا جاء المصدق جمعوها وصيروها لواحد فتأخذ مِنْهَا شَاةٌ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ وَلَا لِلْمُصَدِّقِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَسَنَذْكُرُ وَجْهَ التَّرَاجُعِ بَيْنَ الْخَلِيطَيْنِ إِذَا أُخِذَتِ الشَّاةُ مِنْ غَنَمِ أَحَدِهِمَا فِي بَابِ صدقة الخلطاء الجزء: 3 ¦ الصفحة: 187 وَأَمَّا قَوْلُهُ وَفِي الرِّقَةِ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَ أَوَاقٍ رُبُعُ الْعُشْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي زَكَاةِ الْمَالِ فِي زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَبْلَغِ النِّصَابِ فِيهَا وَالرِّقَةُ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ هِيَ الْفِضَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُنَا فِي الْمَضْرُوبِ مِنْهَا وَالنَّفْرِ وَالْمَسْبُوكِ وَمَضَى الْقَوْلُ فِي الْحَلْيِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْحَلْيِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |