ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّهَا قَالَتْ مُرَّ عَلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ عظيم فقال

عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ فَقَالُوا شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ حَدِيثَ عَائِشَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا) أَنَّهَا قَالَتْ مُرَّ عَلَى عُمَرَ
بْنِ الْخَطَّابِ بِغَنَمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَأَى فِيهَا شَاةً حَافِلًا ذَاتَ ضَرْعٍ عظيم فقال
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 201
عُمَرُ مَا هَذِهِ الشَّاةُ فَقَالُوا شَاةٌ مِنَ الصَّدَقَةِ فَقَالَ عُمَرُ مَا أَعْطَى هَذِهِ أَهْلُهَا وَهُمْ
طَائِعُونَ لَا تَفْتِنُوا النَّاسَ لَا تَأْخُذُوا حَزَرَاتِ الْمُسْلِمِينَ نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ حَافِلًا يَعْنِي الَّتِي قَدِ امْتَلَأَ ضَرْعُهَا لَبَنًا وَمِنْهُ قِيلَ مَجْلِسٌ حَافِلٌ
وَمُحْتَفَلٌ
وَإِنَّمَا أُخِذَتْ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ غَنَمٍ كُلِّهَا لَبُونٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا رُبًّى أُخِذَ مِنْهَا أَوْ
لَوْ كَانَتْ كُلُّهَا مَوَاخِضَ أُخِذَ مِنْهَا وَلَكِنَّ عُمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) كَانَ شَدِيدَ الْإِشْفَاقِ
عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالطَّيْرِ الْحَذِرِ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْخُلَفَاءُ فِيمَنْ أَمَّرُوهُ وَاسْتَعْمَلُوهُ الْحَذَرَ مِنْهُمْ
وَاطَّلَاعَ أَعْمَالِهِمْ
وَكَانَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) إِذَا قِيلَ لَهُ أَلَا تَسْتَعْمِلُ أَهْلَ بَدْرٍ قَالَ أُدَنِّسُهُمْ بِالْوِلَايَةِ!
عَلَى أَنَّهُ قَدِ اسْتَعْمَلَ مِنْهُمْ قَوْمًا مِنْهُمْ سَعْدٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ
وَرُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ إِنَّكَ لَتَسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ الْفَاجِرَ فَقَالَ أَسْتَعْمِلُهُ لِأَسْتَعِينَ
بِقُوَّتِهِ ثُمَّ أَكُونُ بَعْدَ قَفَاهُ يُرِيدُ أَسْتَقْصِي عَلَيْهِ وَأَعْرِفُ مَا يَعْمَلُ بِهِ
وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الشَّاةَ الْحَافِلَ لَمْ تُؤْخَذْ إِلَّا عَلَى وَجْهِهَا أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِرَدِّهَا وَوَعَظَ
وَحَذَّرَ تَنْبِيهًا لِيُوقَفَ عَلَى مَذْهَبِهِ وَيُنْشَرَ ذَلِكَ عَنْهُ فَتَطْمَئِنَّ نُفُوسُ الرَّعِيَّةِ وَيَخَافَ
عَامِلُهُمْ
وَأَمَّا الْحَزَرَاتُ فَمَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ خَيْرُ الْمَالِ وَخِيَارُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ
الْحَزَرَاتُ خِيَارُ الْمَالِ وَقِيلَ الْحَزَرَاتُ كَرَائِمُ الْأَمْوَالِ وَكَذَلِكَ قَالَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ
وَالسَّلَامُ) لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ إِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ
الْمَظْلُومِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 202
وَأَمَّا قَوْلُهُ نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ فَمَأْخُوذٌ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا تُحْدِثُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ نَكِّبُوا عَنْ ذَوَاتِ الدَّرِّ
وَخُذُوا الْجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ الْمَكِّيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيِّ عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوكَ لِذَلِكَ
فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ
وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُعْتَدِي فِي الصَّدَقَةِ كَمَانِعِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ وَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَابَ الْمَوَاشِي كَمَا وَعَظَ
السُّعَاةُ
رُوِيَ مَنْ حَدِيثِ جَرِيرٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَنْصَرِفُ الْمُصَدِّقُ
عَنْكُمْ إِلَّا وَهُوَ رَاضٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْآثَارِ فِي التَّمْهِيدِ وَفِي سَمَاعِ أَبِي قُرَّةَ قُلْتُ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ
نَكِّبُوا عَنِ الطَّعَامِ فَقَالَ لِي يُرِيدُ اللَّبَنَ
وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ لَبُونًا إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْغَنَمُ كُلُّهَا ذَاتَ لَبَنٍ فَيَأْخُذُ حِينَئِذٍ لَبَوْنًا
مِنْ وَسَطِهَا وَلَا يَأْخُذُ حَزَرَاتِ النَّاسِ