ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَجَاهَدَتْهُمْ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِيهِ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ (...) |
ذَكَرَ مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لَجَاهَدَتْهُمْ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا فِيهِ حَدِيثٌ يَتَّصِلُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 213 أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الليث عن عقيل عن بن شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ نُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَمَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ قَالَ أَبُو عمر رواه بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَقَالَ عِقَالًا كَمَا قَالَ عَقِيلٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ وَكَفَرَ مَنَ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ لَمْ يَخْرُجْ عَلَى كَلَامِ عُمَرَ لِأَنَّ كَلَامَ عُمَرَ إِنَّمَا خَرَجَ عَلَى مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَمَنَعَ الزَّكَاةَ وَتَأَوَّلُوا قوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة) التَّوْبَةِ 103 فَقَالُوا الْمَأْمُورُ بِهَذَا رَسُولُ اللَّهِ لَا غيره وكانت الرِّدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ قَوْمٌ كَفَرُوا وَعَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَقَوْمٌ آمَنُوا بِمُسَيْلِمَةَ وَهُمْ أَهْلُ الْيَمَامَةِ وَطَائِفَةٌ مَنَعَتِ الزَّكَاةَ وَقَالَتْ مَا رَجَعْنَا عَنْ دِينِنَا وَلَكِنْ شَحَحْنَا عَلَى أَمْوَالِنَا وَتَأَوَّلُوا مَا ذَكَرْنَاهُ بَدَأَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِتَالَ الْجَمِيعِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمِيعُ الصَّحَابَةِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا خَالَفُوهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِينَ مَنَعُوا الزَّكَاةَ قَدْ رَدُّوا عَلَى اللَّهِ قَوْلَهُ تَعَالَى (فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) الْبَقَرَةِ 43 وَرَدُّوا عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ شَهِدُوا التَّنْزِيلَ وَعَرَفُوا التَّأْوِيلَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم) التَّوْبَةِ 103 وَمَنَعُوا حَقًّا وَاجِبًا لِلَّهِ عَلَى الْأَئِمَّةِ الْقِيَامُ بِأَخْذِهِ مِنْهُمْ وَاتَّفَقَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِهِمْ حَتَّى يُؤَدُّوا حَقَّ اللَّهِ فِي الزَّكَاةِ كَمَا يَلْزَمُهُمْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا قَاتَلَهُمْ أَجْرَى فِيهِمْ حُكْمَ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ تَأْوِيلًا وَاجْتِهَادًا فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَأَى أَنَّ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَا مَدْخَلَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ الَّذِي اسْتَوْجَبَهُ مَانِعُ الزَّكَاةِ حَقِّ اللَّهِ وَفِي الْأَغْلَبِ أَنَّهُمْ لَا رَأْيَ لَهُمْ فِي مَنْعِ الزَّكَاةِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 214 فَرَأَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَانِعِينَ لِلزَّكَاةِ وَالْمُقَاتِلِينَ دُونَهَا الْجَاحِدِينَ لَهَا وَعَزَرَ أَبَا بَكْرٍ بِاجْتِهَادِهِ وَلَمْ يَسَعْهُ فِي دِينِهِ أَوْ بَانَ لَهُ مَا بَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمْ بِعَدَائِهِمْ وَأَطْلَقَ سَبِيلَهُمْ وَذَلِكَ أَيْضًا بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ مِنَ غَيْرِ نَكِيرٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مَعْذُورٌ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَدَا كُلَّ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ كَانَ بِأَيْدِي مَنْ سَبَاهُ مِنْهُمْ وَخَيَّرَ الْمَرْأَةَ إِنْ أَرَادَتْ أَنْ تَبْقَى عَلَى نِكَاحِهِ يَنْكِحُهَا الَّذِي سَبَاهَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهَا وَأَمَّا الْعِقَالُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى هُوَ صَدَقَةُ عَامٍ وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ عِقَالُ النَّاقَةِ الَّتِي تُعْقَلُ بِهِ وَخَرَجَ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْلِيلِ وَالْمُبَالَغَةِ وَقَالَ بن الْكَلْبِي كَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ عتبة بن أخيه مصدقا فجاز عَلَيْهِمْ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ (سَعَى عِقَالًا فَلَمْ يَتْرُكْ لَنَا سَبَدًا ... فَكَيْفَ لَوْ قَدْ سَعَى عَمْرٌو عِقَالَيْنِ) وَهَذَا حُجَّةٌ أَنَّ الْعِقَالَ صَدَقَةُ سَنَةٍ وَمَنْ رَوَاهُ عَنَاقًا فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقْلِيلَ أَيْضًا لِأَنَّ الْعَنَاقَ لَا يُؤْخَذُ فِي الصَّدَقَةِ عِنْدَ طائفة مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَتِ الْغَنَمُ عَنَاقًا كلها وَذَكَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي الْمُسْنَدِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ قَالَ حَدَّثَتْنَا أَمُّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ صَدَقَةُ كَذَا وَكَذَا قَالَ كَذَا وَكَذَا قَالَ فَإِنَّ فُلَانًا تَعَدَّى عَلَيَّ قَالَ فَنَظَرُوا فَوَجَدُوهُ قَدْ تَعَدَّى بِصَاعٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ بِكُمْ إِذَا سَعَى مَنْ يَتَعَدَّى عَلَيْكُمْ أَشَدَّ مِنْ هَذَا التَّعَدِي قَالَ أَبُو عُمَرَ كَانَ يَبْكِي مَا يَحِلُّ بِأُمَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ أَبُو يَحْيَى زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّاجِيُّ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ لَهُ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَشْعَثُ بْنُ برَازٍ قَالَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 215 جَاءَ رَجُلٌ إِلَى الْحَسَنِ فَقَالَ إِنِّي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَإِنَّهُ يُبْعَثُ عَلَيْنَا عُمَّالٌ يُصَدِّقُونَنَا وَيَظْلِمُونَنَا وَيَعْتَدُونَ عَلَيْنَا وَيَقُوِّمُونَ الشَّاةَ بِعَشَرَةٍ وَقِيمَتُهَا ثَلَاثَةٌ وَيُقَوِّمُونَ الْفَرِيضَةَ مِائَةً وَثَمَنُهَا ثَلَاثُونَ فَقَالَ الْحَسَنُ إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا عَفْوًا وَلَا تُزَادُ إِلَّا عَفْوًا مَنْ أَدَّاهَا سَعِدَ بِهَا وَمَنْ بَخِلَ بِهَا شَقِيَ إِنَّ الْقَوْمَ وَاللَّهِ لَوْ أَخَذُوهَا مِنْكُمْ وَوَضَعُوهَا فِي حَقِّهَا وَفِي أَهْلِهَا مَا بَالُوا كَثِيرًا أَدَّيْتُمْ أَوْ قَلِيلًا وَلَكِنَّهُمْ حَكَمُوا لِأَنْفُسِهِمْ وَأَخَذُوا لَهَا قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّا يُؤْفَكُونَ يَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا لَقِيَتْ هَذِهِ الْأُمَّةُ بَعْدَ نَبِيِّهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مُنَافِقٍ قَهَرَهُمْ وَاسْتَأْثَرَ عَلَيْهِمْ |