ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ
بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ
وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ (رَحِمَهُ اللَّهُ) عَنِ الثِّقَةِ عِنْدَهُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ بُسْرِ
بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ
وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُوَطَّأِ مُنْقَطِعًا وَبَلَاغًا فَإِنَّهُ يَتَّصِلُ مِنْ وُجُوهٍ
صِحَاحٍ ثَابِتَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حديث بن عُمَرَ وَجَابِرٍ وَمُعَاذٍ وَأَنَسٍ
وَقَدْ ذَكَرْتُهَا عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
قَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ (الْبَعْلُ) مَا كَانَ مِنَ الْكُرُومِ وَالنَّخْلِ قَدْ ذَهَبَتْ عُرُوقُهُ فِي الْأَرْضِ
إِلَى الْمَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى السَّقْيِ الْخَمْسَ سِنِينَ وَالسِّتَّ يَحْتَمِلُ تَرْكَ السَّقْيِ
قَالَ وَ (الْعَثَرِيُّ) مَا يُزْرَعُ عَلَى السَّحَابِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا الْعَثِيرُ لِأَنَّهُ لَا يُسْقَى إِلَّا
بِالْمَطَرِ خَاصَّةً وَفِيهِ جَاءَ الْحَدِيثُ مَا سُقِيَ عَثَرِيًّا أَوْ غَيْلًا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 218
قَالَ وَالْغَيْلُ سَيْلٌ دُونَ السَّيْلِ الْكَثِيرِ
قَالَ بن السِّكِّيتِ الْمَاءُ الْجَارِي عَلَى الْكَرْمِ وَالْغَرَبُ الدَّلْوُ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِيمَا سُقِيَ
بِالْغَرَبِ وَالنَّضْحِ
وَقَالَ النَّضْرُ بْنُ شَمِيلٍ (الْبَعْلُ) مَاءُ الْمَطَرِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ آدَمَ
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ (الْبَعْلُ) مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنَ الْأَرْضِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ
وَلَا غَيْرِهَا
وَفِيهِ يَقُولُ النَّابِغَةُ
(مِنَ الْوَارِدَاتِ الْمَاءَ بِالْقَاعِ تَسْتَقِي ... بِأَعْجَازِهَا قَبْلَ اسْتِقَاءِ الْحَنَاجَرِ)
فَإِذَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ فَهُوَ عِذْيٌ
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ
(هُنَالِكَ لَا أُبَالِي طَلْعَ بَعْلٍ ... وَلَا نَخْلٍ أَسَافِلُهَا رِوَاءِ)
وَمَا سَقَتْهُ الْعُيُونُ وَالْأَنْهَارُ فَهُوَ سَيْحٌ وَغَيْلٌ وَالْعَذْيُ هُوَ الْعَثَرِيُّ وَهَذَا يَنْصَرِفُ عَلَى
ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَعْلٌ وَغَيْلٌ وَسَقْيٌ
وَكَذَلِكَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ
الْعُشْرُ
فَمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ عُيُونٌ وَعَثَرِيٌّ وَمَا سَقَتِ الْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ غَيْلٌ وَسَيْحٌ وَسَقْيٌ وَالْبَعْلُ
مَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ مِنْ ثَرَاءِ الْأَرْضِ وَالنَّضْحِ مَا سُقِيَ بِالسَّوَاقِي وَالدَّلْوِ وَالدَّالِيَةِ مَا كَانَ
نَضْحًا فَمُؤْنَتُهُ أَشَدُّ وَلِذَلِكَ كَانَ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِظَاهِرِهِ فِي الْمِقْدَارِ الْمَأْخُوذِ مِنَ الشَّيْءِ الْمُزَكَّى وَذَلِكَ
الْعُشْرُ فِي الْبَعْلِ كُلِّهِ مِنَ الْحُبُوبِ وَكَذَلِكَ الثِّمَارُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ كُلٌّ
عَلَى أَصْلِهِ وَكَذَلِكَ مَا سَقَتِ الْعُيُونُ وَالْأَنْهَارُ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ قَلِيلَةٌ وَكَذَلِكَ أَيْضًا وَرَدَتِ
السُّنَّةُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 219
وَأَمَّا مَا سُقِيَ بِالسَّوَاقِي وَالدَّوَالِي فَنِصْفُ الْعُشْرِ فيما تجب فيها الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ كُلٌّ
أَيْضًا عَلَى أَصْلِهِ وَسَنُبَيِّنُ أُصُولَهُمْ فِيمَا فِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنًى آخَرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هَذَا الْحَدِيثُ يُوجِبُ الْعُشْرَ فِي
كُلِّ مَا زَرَعَهُ الْآدَمِيُّونَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ وَكُلِّ مَا أَنْبَتَتْهُ أَشْجَارُهُمْ مِنَ الثِّمَارِ كُلِّهَا
قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ
جِذَاذِهِ وَحَصَادِهِ وقطافه كما قال الله تعالى (وءاتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ 141
وَذَلِكَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا حَمَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ شُعْبَةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ
وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ فِي قَلِيلِ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ أَوْ كَثِيرِهِ إِلَّا الْحَطَبَ
وَالْقَصَبَ وَالْحَشِيشَ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا شَيْءَ فِيمَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ ثَمَرَةٌ بَاقِيَةٌ ثُمَّ
تَجِبُ فِيمَا يَبْلُغُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَا تَجِبُ فِيمَا دُونَهَا
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ الْفَضْلِ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
أَنْ يُؤْخَذَ مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ الْعُشْرُ
وَاعْتَبَرَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وبن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ
وَقَالَ مَالِكٌ الْحُبُوبُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ
وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْجُلَانُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَصِيرُ
طَعَامًا تُؤْخَذُ مِنْهَا الصَّدَقَةُ بَعْدَ أَنْ تُحْصَدُ وَتَصِيرُ حَبًّا
قَالَ وَفِي الزَّيْتُونِ الزَّكَاةُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَضَتِ السَّنَةُ فِي الزَّكَاةِ فِي التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالزَّيْتُونِ
فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالرِّشَاءِ وَالنَّاضِحِ نِصْفُ
العشر
وقال الثوري وبن أَبِي لَيْلَى لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ زَكَاةٌ إِلَّا التَّمْرَ
وَالزَّبِيبَ وَالْحِنْطَةَ وَالشَّعِيرَ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَيُقْتَاتُ مَأْكُولًا وَلَا شَيْءَ فِي
الزَّيْتُونِ لِأَنَّهُ إِدَامٌ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 220
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ مِثْلَهُ
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ أَمَّا مَا يُوسَقُ وَيَجْرِي فِيهِ الْكَيْلُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَلَا زَكَاةَ
فِيمَا دُونَهَا وَأَمَّا مَا لَا يُوسَقُ فَفِي قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ