مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بن سعد عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ
الْجُعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَارَةِ وَلَا عَذْقُ بن حُبَيْقٍ قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الْغَنَمِ تُعَدُّ بِسِخَالِهَا وَلَا يُؤْخَذُ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ زِيَادِ بن سعد عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يُؤْخَذُ فِي صَدَقَةِ النَّخْلِ
الْجُعْرُورُ وَلَا مُصْرَانُ الْفَارَةِ وَلَا عَذْقُ بن حُبَيْقٍ قَالَ وَهُوَ يُعَدُّ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ
وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي الصَّدَقَةِ
قَالَ مَالِكٌ وَمِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الْغَنَمِ تُعَدُّ بِسِخَالِهَا وَلَا يُؤْخَذُ السَّخْلُ فِي الصَّدَقَةِ
وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ بن وهب فِي مُوَطَّئِهِ فَقَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَلِيلِ بْنُ حميد عن بن
شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ
مِنْهُ تُنْفِقُونَ) الْبَقَرَةِ 267 قَالَ الْجُعْرُورُ وَلَوْنُ الْحُبَيْقِ
قَالَ وَكَانَ نَاسٌ يَتَيَمَّمُونَ شَرَّ غَلَّاتِهِمْ فَيُخْرِجُونَهَا فِي الصَّدَقَةِ فَنُهُوا عَنْ لَوْنَيْنِ الْجُعْرُورِ
ولون الحبيق
قال ونزلت (ولا تيمموا) الْبَقَرَةِ 267
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَسْنَدَهُ عَنِ بن شِهَابٍ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ فروياه
عن بن شِهَابٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ
قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ عَنْ أَبِيهِ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم نهى عن لَوْنَيْنِ الْجُعْرُورِ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ وَذَكَرَ
تَمَامَ الْخَبَرِ في معنى قول بن شِهَابٍ فِي الْجُعْرُورِ وَلَوْنِ الْحُبَيْقِ
وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ فِي حَدِيثِهِ وَفِيهِ نَزَلَتْ (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) الْبَقَرَةِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 221
وَقَالَ الْحَسَنُ كَانَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ بِرَذَالَةِ مَالِهِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ
وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ الْقُرْآنِ وَأَجَلُّ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ ذَلِكَ
الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا بَابٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ هَذَانِ النَّوْعَانِ فِي الصَّدَقَةِ لِلتَّمْرِ
عَنْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا أُخِذَ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ الدَّنِيُّ كُلُّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ
إِذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ حِيَنَئِذٍ يُتَيَمَّمُ الْخَبِيثُ إِذَا أُخْرِجَ عَنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ
نَوْعَيْنِ رَدِيئًا وَجَيِّدًا أُخِذَ مِنْ كُلٍّ بِحِسَابِهِ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنَ الرَّدِيءِ عَنِ الْجَيِّدِ وَلَا مِنَ
الْجَيِّدِ عَنِ الرَّدِيءِ
وَهَذَا كُلُّهُ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّ وَإِنْ كَانَ التَّمْرُ أَصْنَافًا أُخِذَ مِنَ الْوَسَطِ
قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ مِنَ الثِّمَارِ إِلَّا النَّخِيلُ وَالْأَعْنَابُ
فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْرَصُ حِينَ يَبْدُو صَلَاحُهُ وَيَحِلُّ بَيْعُهُ وَذَلِكَ أَنَّ ثَمَرَ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ يُؤْكَلُ
رُطَبًا وَعِنَبًا فَيُخْرَصُ عَلَى أَهْلِهِ لِلتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ وَلِئَلَّا يَكُونَ عَلَى أَحَدٍ فِي ذَلِكَ
ضِيقٌ فَيُخْرَصُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُمْ وبينه يأكلونه كيف شاؤوا ثُمَّ يُؤَدُّونَ مِنْهُ
الزَّكَاةَ عَلَى مَا خُرِصَ عَلَيْهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً فِي الْكِتَابِ الْمِصْرِيِّ وَقَالَ بِالْقِرَآنِ يُخْرَصُ
الْكَرْمُ وَالنَّخْلُ فَالْحَبُّ وَالزَّيْتُونُ قِيَاسًا عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَاتِّبَاعًا لِأَنَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ
النَّاسَ
قُلْنَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا فِي أَنَّ الْحُبُوبَ كُلَّهَا لَا يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنْهَا
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي الزَّيْتُونِ فَمَالِكٌ يَرَى الزَّكَاةَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خَرْصٍ (عَلَى مَا يَأْتِي فِي
الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ)
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْخَرْصُ بَاطِلٌ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَعَلَى رَبِّ
الْمَالِ أَنْ يُؤَدَّى عُشْرُهُ زَادَ أَوْ نَقَصَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخَرْصَ لِلزَّكَاةِ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مَعْمُولٌ بِهِ
سُنَّةٌ مَعْمُولَةٌ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُرْسِلُ عَبْدَ اللَّهِ
بْنَ رَوَاحَةَ وَغَيْرَهُ إِلَى خَيْبَرَ وَغَيْرِهَا يَخْرُصُ الثِّمَارَ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ بِالْمُدَايَنَةِ
شُذُوذٌ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 222
وَكَذَلِكَ شَذَّ دَاوُدُ فَقَالَ لَا يُخْرَصُ إِلَّا النَّخْلُ خَاصَّةً وَدَفَعَ حَدِيثَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ
عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ وَقَالَ إِنَّهُ مُنْقَطِعٌ لن يُسْمَعْ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي خَرْصُ الْعِنَبِ إِلَّا فِي
حَدِيثِ عَتَّابٍ الْمَذْكُورِ
وَقَالَ اللَّيْثُ لَا يُخْرَصُ إِلَّا التَّمْرُ وَالْعِنَبُ وَأَهْلُهُ أُمَنَاءُ عَلَى ما رفعوا إلا أن يهتموا
فينصب للسلطان أَمِينًا
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَصْحَابُ الْإِمْلَاءِ يُخْرَصُ الرُّطَبُ تَمْرًا أَوِ
الْعِنَبُ زَبِيبًا فَإِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْهُمُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ
خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فِي الْخَرْصِ لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ شَيْءٌ
فَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَمَّا الْحُبُوبُ لَا تُخْرَصُ فَهُوَ مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَإِنَّمَا
اخْتَلَفُوا فِيمَا وَصَفْنَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْجَائِحَةِ أَنَّ النَّاسَ أُمَنَاءُ فِيمَا يدعون منها فهذا لا خلاف فيها إِلَّا أَنْ
يَتَبَيَّنَ كَذِبُ مَنْ يَدَّعِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَبِنْ كَذِبُهُ وَأُوهِمَ أُحْلِفَ
وَأَمَّا مَا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ مِنْ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ قَبْلَ الْحَصَادِ وَالْجِذَاذِ وَالْقِطَافِ فَقَدِ اخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ هَلْ يُحْسَبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَمْ لَا فَقَالَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَزُفَرُ يُحْسَبُ
عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا أَكَلَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَأَطْعَمَ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ أُخِذَ مِنْهُ
عُشْرُ مَا بَقِيَ مِنَ الْخَمْسَةِ الْأَوْسُقِ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّا أَكَلَ وَأَطْعَمَ وَلَوْ
أَكَلَ الْخَمْسَةَ الْأَوْسُقِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عُشْرٌ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ
مَا بَقِيَ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَقَالَ اللَّيْثُ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ يَبْدَأُ بِهَا قَبْلَ النَّفَقَةِ وَمَا أَكَلَ كَذَلِكَ هُوَ وَأَهْلُهُ فَلَا
يُحْسَبُ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الرُّطَبِ الَّذِي تُرِكَ لِأَهْلِ الْحَائِطِ يَأْكُلُونَهُ وَلَا يُخْرَصُ عَلَيْهِمْ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَتْرُكُ الْخَارِصُ لِرَبِّ الْحَائِطِ مَا يَأْكُلُهُ هُوَ وَأَهْلُهُ رُطَبًا لَا يَخْرُصُهُ
عَلَيْهِمْ وَمَا أَكَلَهُ وَهُوَ رُطَبٌ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (كلوا من ثمره إذا أثمر
وءاتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ 141 وَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ الْمَأْكُولُ قَبْلَ
الْحَصَادِ بِهَذِهِ الْآيَةِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 223
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا
الربع
قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ
مَسْعُودِ بْنِ نِيَارٍ يَقُولُ جَاءَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ إِلَى مَسْجِدِنَا فَحَدَّثَنَا أَنَّ رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال إِذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تدعوا الثلث
فدعوا الربع
ومن حديث بن لَهِيعَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عليه وسلم قَالَ خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ الْعَرِيَّةَ وَالْوَاطِئَةَ وَالْأَكَلَةَ وَالْوَصِيَّةَ
وَالْعَامِلَ وَالنَّوَائِبَ
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ
يَأْمُرُ الْخُرَّاصَ أَنِ اخْرُصُوا وَارْفَعُوا عَنْهُمْ قَدْرَ مَا يَأْكُلُونَ
وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ قَدْرَ هَذِهِ الْآثَارِ
وَمِنَ الْحُجَّةِ لَهُ مَا رَوَى سَهْلُ بن أبي حثمة أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ أَبَا
حَثْمَةَ خَارِصًا فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا حَثْمَةَ قَدْ زَادَ عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن بن عَمِّكَ يَزْعُمُ أَنَّكَ زِدْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
لَقَدْ تَرَكْتُ لَهُ قَدْرَ عَرِيَّةِ أَهْلِهِ وَمَا تَطْعَمُهُ الْمَسَاكِينُ وَمَا تُسْقِطُ الرِّيحُ فقال قد زادك
بن عَمِّكَ وَأَنْصَفَكَ
فَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فَإِنْ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا تَرَكَ الَّذِي تَرَكَ
لِلْعَرَايَا وَالْعَرَايَا صَدَقَةٌ فَمِنْ هُنَا لَمْ تَجِبْ فِيهَا صَدَقَةٌ وَهَذَا تَعْنِيدٌ مِنَ الْقَوْلِ وَظَاهِرُ
الْحَدِيثِ بِخِلَافِهِ عَلَى أَنَّ مَالِكًا يَرَى الصَّدَقَةَ فِي الْعَرِيَّةِ إِذَا أَعْرَاهَا صَاحِبُهَا قَبْلَ أَنْ
يَطِيبَ أَوَّلُ تَمْرِهَا عَلَى الْمُعْرِي فإن عراها بعد فهي على المعرا إِذَا بَلَغَتْ خَمْسَةَ
أَوْسُقٍ
وَأَمَّا مَا احْتَجَّ بِهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (كُلُوا من ثمره إذا أثمر وءاتوا حَقَّهُ
يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ 141 وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْمَأْكُولَ أَخْضَرُ لَا يُرَاعَى فِي الزَّكَاةِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 224
بِهَذِهِ الْآيَةِ فَقَدْ يَحْتَمِلُ عِنْدَ مُخَالِفِهِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ آتُوا حَقَّ جَمِيعِ الْمَأْكُولِ
وَالْبَاقِي وَالظَّاهِرُ مَعَ الشَّافِعِيِّ وَالْآثَارُ
وَأَمَّا الْخَبَرُ فِي الْخَرْصِ لِإِحْصَاءِ الزَّكَاةِ وَالتَّوْسِعَةِ عَلَى النَّاسِ فِي أَكْلِ مَا يَحْتَاجُونَ
إِلَيْهِ مِنْ رُطَبِهِمْ وعنبهم فذكر
عبد الرزاق عن بن جريج عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ (وَذَكَرَتْ
شَأْنَ خَيْبَرَ) فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إِلَى الْيَهُودِ
فَيَخْرُصُ النَّخْلَ حِينَ يَطِيبُ أَوَّلُ التَّمْرِ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُ ثُمَّ يُخَيِّرُ الْيَهُودَ بِأَنْ يَأْخُذُوهَا
بِذَاكَ الْخَرْصِ أَوْ يَدْفَعُونَهَا إِلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى الزَّكَاةُ قَبْلَ أَنْ تُؤَكَلَ الثِّمَارُ وَتَفْتَرِقَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَإِنَّمَا كَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِالْخَرْصِ لِكَيْ تُحْصَى إِلَى آخِرِهِ مِنْ قول بن شِهَابٍ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ وَقِيلَ
مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ
وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ الْقَائِلِينَ بِالْخَرْصِ لِإِحْصَاءِ الزَّكَاةِ وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ
بَيْنِهِمْ أَنَّ الْخَرْصَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَّلِ مَا يَطِيبُ التَّمْرُ وَيَزْهَى بِحُمْرَةٍ أَوْ
صُفْرَةٍ وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ إِذَا جَرَى فِيهِ الْمَاءُ وَطَابَ أَكْلُهُ