أَمَّا الْحُبُوبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَسَنَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا عَنْهُمْ
فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا الزيتون فذكر
مالك أنه سأل بن شهاب عن الزيتون فقال فيه العشر
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ (...)
 
أَمَّا الْحُبُوبُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا مَذَاهِبُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا وَسَنَزِيدُ ذَلِكَ بَيَانًا عَنْهُمْ
فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا الزيتون فذكر
مالك أنه سأل بن شهاب عن الزيتون فقال فيه العشر
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ وَيَبْلُغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ
فَمَا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَالزَّيْتُونُ بِمَنْزِلَةِ النَّخِيلِ مَا كَانَ مِنْهُ سَقَتْهُ
السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا فَفِيهِ الْعُشْرُ وَمَا كَانَ يُسْقَى بِالنَّضْحِ فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ
وَلَا يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْتُونِ فِي شَجَرِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُهُ فِي موطئه أَنَّ الزَّيْتُونَ لَا يُخْرَصُ وَلَا يُخْرَصُ مِنَ الثمار
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 225
غَيْرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَلَا يُخْرَصُ شَيْءٌ مِنَ الحبوب ولم يختلف عنده شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ
إِلَّا رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ فِي خَرْصِ الزَّيْتُونِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ قَالَ يخرص النخل والعنب بالخير وَيُخْرَصُ الزَّيْتُونُ قِيَاسًا
عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ
وَقَالَ فِي الْكِتَابِ الْمِصْرِيِّ لَا زَكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ لِأَنَّهُ إِدَامٌ لَيْسَ بِقُوتٍ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرِ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَيَرَى أَنَّ الزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الثِّمَارِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِهِ
عَزَّ وَجَلَّ (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ) إِلَى آخَرَ الْآيَةِ الْأَنْعَامِ 141
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقَوْلُ فِي خَرْصِ الْعِنَبِ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا
قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْكُدَيْمِيُّ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَا جَمِيعًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ السَّرِيِّ الْحَافِظُ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ
إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَخْرُصَ الْعِنَبَ وآخذ زَكَاتَهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ
تَمْرًا
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ مَضَتِ الزَّكَاةُ فِي التَّمْرِ أَنَّ الزَّكَاةَ فِي الْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ فِيمَا سَقَتِ
السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ فَذَكَرَ مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ مِنَ الثِّمَارِ وَلَا فِي غَيْرِ الْحِنْطَةِ
وَالشَّعِيرِ من الحبوب
وذكر عنه بن الْمُنْذِرِ الزَّكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ فَوَهِمَ عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى أَبِي ثَوْرٍ
وَفِي الْمُوَطَّأِ وَسُئِلَ مَالِكٌ مَتَى يُخْرَجُ مِنَ الزَّيْتُونِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ أَقَبْلَ النَّفَقَةِ أَمْ
بَعْدَهَا فَقَالَ لَا يُنْظَرُ إِلَى النَّفَقَةِ وَلَكِنْ يُسْأَلُ عَنْهُ أَهْلُهُ كَمَا يُسْأَلُ أَهْلُ الطَّعَامِ عَنِ
الطَّعَامِ وَيُصَدَّقُونَ بِمَا قَالُوا فَمَنْ رُفِعَ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَصَاعِدًا أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ
الْعُشْرُ بَعْدَ أَنْ يُعْصَرَ وَمَنْ لَمْ يُرْفَعْ مِنْ زَيْتُونِهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِي زَيْتِهِ
الزَّكَاةُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ تُؤْخَذُ زَكَاةُ الزَّيْتُونِ مِنْ حَبِّهِ إِذَا بَلَغَ خَمْسَةَ
أَوْسُقٍ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 226
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بِبَغْدَادَ
قِيلَ لِمُحَمَّدٍ إِنَّ مَالِكًا يَقُولُ إِنَّمَا تُؤْخَذُ زَكَاتُهُ مِنْ زَيْتِهِ فَقَالَ مَا اجْتَمَعَ الْبَابُ عَلَى حَبِّهِ
فَكَيْفَ عَلَى زَيْتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَنْ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ عَلَى الزَّيْتُونِ فَإِنَّمَا قَالَهُ قِيَاسًا عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ
الْمُجْتَمَعِ عَلَى الزَّكَاةِ فِيهِمَا
وَالْقَائِلُونَ في الزيتون بالزكاة بن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَهُوَ أُحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
وَقِيَاسُ الزَّيْتُونِ عَلَى النَّخْلِ وَالْعِنَبِ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ
قُوتٌ وَالزَّيْتُونَ إِدَامٌ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالسُّنَّةُ عِنْدَنَا فِي الْحُبُوبِ الَّتِي يَدَّخِرُهَا النَّاسُ وَيَأْكُلُونَهَا أَنَّهُ
يُؤْخَذُ مِمَّا سَقَتْهُ السَّمَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا سَقَتْهُ الْعُيُونُ وَمَا كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَمَا سُقِيَ
بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ إِذَا بَلَغَ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسِقٍ بِالصَّاعِ الْأَوَّلِ صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا زَادَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ بِحِسَابِ ذَلِكَ
قَالَ مَالِكٌ وَالْحُبُوبُ الَّتِي فِيهَا الزَّكَاةُ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ وَالذُّرَةُ وَالدُّخْنُ وَالْأُرْزُ
وَالْعَدَسُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْجُلَانُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْحُبُوبِ الَّتِي تَصِيرُ طَعَامًا
فَالزَّكَاةُ تُؤْخَذُ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَدَ وَتَصِيرَ حَبًّا
قَالَ وَالنَّاسُ مُصَدَّقُونَ فِي ذَلِكَ وَيُقْبَلُ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ مَا دَفَعُوا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيمَا عَلِمْتُ أَنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ
وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا زَكَاةَ فِي غَيْرِهَا
رُوِيَ ذلك عن الحسن وبن سيرين والشعبي وقال به من الكوفيين بن أَبِي لَيْلَى
وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وبن الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ آدَمَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُوُ عُبَيْدٍ
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ مَا رَوَاهُ وَكِيعٌ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 227
عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْخُذُ الزَّكَاةَ إِلَّا مِنَ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ
وَمِثْلُ هَذَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ رَأْيًا مِنْهُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْفُوعًا
وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَوْلُهُ فِي زَكَاةِ الْحُبُوبِ كَقَوْلِ مَالِكٍ إِلَّا أَنَّهَا عِنْدَهُ أَصْنَافٌ يُعْتَبَرُ
النِّصَابُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَلَا يَضُمُّ شَيْئًا مِنْهَا إِلَى غَيْرِهِ قِطْنِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَسَتَأْتِي مَسْأَلَةُ ضَمِّ الْحُبُوبَ فِي الزَّكَاةِ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ وَغَيْرِهَا فِي مَوْضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَاخْتُلِفَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فَرُوِيَ عَنْهُ نَحْوُ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدٍ وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ
الشَّافِعِيِّ
وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ
وَالْحُجَّةُ لِمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَهُمَا الْقِيَاسُ عَلَى مَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فِي الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لِأَنَّهُ
يَيْبَسُ وَيُؤْخَذُ قُوتًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ مَا يزرع الْآدَمِيُّونَ وَيَيْبَسُ وَيُدَّخِرُ ثُمَّ يُقْتَاتُ مَأَكُولًا خُبْزًا وَسَوِيقًا
وَطَبِيخًا فَفِيهِ الصَّدَقَةُ
قَالَ وَالْقَوْلُ فِي كُلِّ صِنْفٍ جَمَعَ مِنْهُ رَدِيئًا وَجَيِّدًا أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِالْجَيِّدِ مَعَ الرَّدِيءِ كَمَا
يُعْتَدُّ بِذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ
وَالْعَلَسُ عِنْدَهُ ضَرْبٌ مِنَ الْحِنْطَةِ
قَالَ فَإِنْ أُخْرِجَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا اعْتُبِرَ فِيهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَإِلَّا فَإِذَا بَلَغَتْ عَشْرَةَ أَوْسُقٍ
أُخِذَتْ صَدَقَتُهَا لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ
وَقَالَ فَخَيَّرَ أَهْلُهَا فِي ذَلِكَ فَأَبَى ذَلِكَ اخْتَارُوا وَأَحْمَلُوا عَلَيْهِ
ثُمَ قَالَ يُسْأَلُ عَنِ الْعَلْسِ أَهْلُ الْحِنْطَةِ وَالْعَلْسِ
وَقَالَ لَا يُؤْخَذُ زَكَاةُ شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ فِي سَبِيلِهِ
قَالَ وَيُضَمُّ الْعَلْسُ إِلَى الْحِنْطَةِ إِلَى أَنْ يُخْرَجَ مِنْ أَكْمَامِهِ
وَقَالَ إِسْحَاقُ كُلُّ حَبٍّ يُقْتَاتُ وَيَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ
وَقَالَ اللَّيْثُ كُلُّ مَا يُقْتَاتُ فَفِيهِ الصَّدَقَةُ
وَعَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ الصَّدَقَةُ مِنَ الثِّمَارِ فِي التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَمِنَ الْحُبُوبِ فِي
الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 228
وَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ تُجْمَعُ
الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ
بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ يُكَمَّلُ النِّصَابُ فِي بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ وَكَذَلِكَ الْقِطْنِيَّةُ كُلُّهَا صِنْفٌ
وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تُضَمُّ حَبَّةٌ عُرِفَتْ بِاسْمٍ وَهِيَ فِي دُونِ صَاحِبَتِهَا وَهِيَ خِلَافُهَا ثَابِتَةٌ
فِي الْخِلْقَةِ وَالطَّعْمِ إِلَى غَيْرِهَا وَيُضَمُّ كُلُّ صنف بعضه إلى بعض ردي إِلَى صِنْفِهِ
كَالتَّمْرِ إِلَى غَيْرِهِ وَالزَّبِيبِ أَسْوَدِهِ وَأَحْمَرِهِ وَالْحِنْطَةِ أَنْوَاعِهَا مِنَ السَّمْرَاءِ وَغَيْرِهَا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو ثَوْرٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ
وَقَالَ اللَّيْثُ تُضَمُّ الْحُبُوبُ كُلُّهَا الْقِطْنِيَّةُ وَغَيْرُهَا بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ
وَكَانَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ يَنْهَى عَنْ ضَمِّ الذَّهَبِ إِلَى الْوَرِقِ وَضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى
بَعْضٍ ثُمَّ كَانَ فِي آخِرِ عُمُرِهِ يَقُولُ فِيهَا بِقَوْلٍ الشَّافِعِيِّ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ بَاعَ زَرْعَهُ وَقَدْ صَلَحَ وَيَبِسَ فِي أَكْمَامِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَلَيْسَ عَلَى الَّذِي
اشْتَرَاهُ زَكَاةٌ وَلَا يَصْلُحُ بَيْعُ الزَّرْعِ حَتَّى يَيْبَسَ فِي أَكْمَامِهِ وَيَسْتَغْنِيَ عَنِ الْمَاءِ
قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ أَوْ أَرْضَهُ وَفِي ذَلِكَ زَرْعٌ أَوْ ثَمَرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ
فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَإِنْ كَانَ قَدْ طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ إِلَّا أَنْ
يَشْتَرِطَهَا عَلَى الْمُبْتَاعِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي غَيْرِ الْمُوَطَّأِ لِيَحْيَى فِيمَنْ هَلَكَ وَخَلَّفَ زَرْعًا فَوَرِثَهُ وَرَثَتُهُ إِنْ كَانَ
الزَّرْعُ قَدْ يَبِسَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ يَوْمَ مَاتَ
أَخْضَرَ فَإِنَّ الزَّكَاةَ عَلَيْهِمْ إِنْ كَانَ فِي حِصَّةِ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَإِلَّا فَلَا
زَكَاةَ عَلَيْهِمْ
وَحُجَّةُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْمُرَاعَاةَ فِي الزَّكَاةِ إِنَّمَا تَجِبُ بِطِيبِ أولها فقد باع ماله
وَحِصَّةُ الْمَسَاكِينِ عِنْدَهُ مَعَهُ فَيُحِيلُ عَلَى أَنَّهُ ضَمِنَ ذَلِكَ لَهُمْ وَيَلْزَمُهُ هَذَا وَجْهُ النَّظَرِ
فِيهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ إِبِلَهُ أَوْ غَنَمَهُ بَعْدَ وَجُوَبِ الزَّكَاةِ فِيهَا قَالَ يَقْبِضُ
الْمُصَدِّقُ صَدَقَتَهَا مِمَّنْ وَجَدَهَا عِنْدَهُ وَسِعَ الْمُبْتَاعُ الْبَائِعَ بِالزَّكَاةِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا بَاعَ قبل أن تطيب الثمرة فالبيع جائر والزكاة على المشتري
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 229
وإن باع بعد ما طَابَتِ الثَّمَرَةُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ إِلَّا أَنْ يَبِيعَ تِسْعَةَ
أَعْشَارِ الثَّمَرَةِ إِنْ كَانَتْ تُسْقَى بِعَيْنٍ أَوْ كَانَتْ بَعْلًا وَتِسْعَةَ أَعْشَارِهَا وَنِصْفَ عُشْرِهَا
إِنْ كَانَتْ تُسْقَى بِغَرَبٍ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فِي إِنْفَاذِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَالْعُشْرُ مَأْخُوذٌ مِنَ
الثَّمَرَةِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرَى عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ هَذَا إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ
طِيبِهِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ بَاعَ زَرْعَهُ فَضْلًا فَفَضَّلَهُ الْمُشْتَرِي فَالْعُشْرُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ تَرْكَهُ
الْمُشْتَرِي حَتَّى صَارَ حبا فهو على المشتري
وذكر بن سَمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ إِذَا كَانَ الَّذِي بَاعَ ذَلِكَ لَوْ تَرَكَهُ بَلَغَ
خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِ الْعُشْرُ إِذَا بَاعَهُ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْهَا فَلَا عُشْرَ فِيهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا قُطِعَ التَّمْرُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ عُشْرٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ بَيْعُ الزَّرْعِ حَتَّى يَيْبَسَ فِي أَكْمَامِهِ وَيَسْتَغْنِي عَنِ الْمَاءِ فَأَكْثَرُ
الْعُلَمَاءِ عَلَى إِجَازَةِ بَيْعِ الزَّرْعِ فِي سُنْبُلِهِ إِذَا كَانَ قَائِمًا قَدْ يَبِسَ وَاسْتَغْنَى عَنِ الْمَاءِ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنَ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى
يَشْتَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى
يَشْتَدَّ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُدْرَسَ وَيُصَفَّى
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إِذَا كَانَ قَائِمًا
وَلِأَصْحَابِهِ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامٌ سَيَأْتِي فِي الْبُيُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقْدَ رَوَى الرَّبِيعُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ رَجَعَ إِلَى الْحَدِيثِ بِالْقَوْلِ الْمَذْكُورِ وَأَجَازَ الْبَيْعَ فِي
الْحَبِّ إِذَا يَبِسَ قَائِمًا وَالْأَشْهَرُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبِّ حَتَّى
يُصَفَّى مِنْ تِبْنِهِ وَيُمْكِنَ النَّظَرُ إليه
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 230
وَحُجَّتُهُ أَنَّ حَدِيثَ أَنَسٍ مَضْمُومٌ إِلَيْهِ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَالْمَجْهُولِ وَمَا لَا يُتَأَمَّلُ
وَيُنْظَرُ إِلَيْهِ فَدَلِيلُ النَّهْيِ عَنِ الْمُلَامَسَةَ وَالْمُنَابَذَةِ وَكُلُّ مَا لَا يُنْظَرُ إِلَيْهِ وَلَا يُتَأَمَّلُ وَلَا
يُسْتَبَانُ فَهُوَ مِنْ بُيُوعِ الْأَعْيَانَ دُونَ السَّلَمِ الْمَوْصُوفِ
وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي رَدِّ ظَاهِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ هَذَا حَتَّى يُضَمَّ إِلَيْهِ وَصَفْنَا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى فِي
الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) الْبَقَرَةِ 230 وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَبْتُوتَةَ لَا تَحِلُّ بِنِكَاحِ
الزَّوْجِ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ طَلَاقَةُ وَالْخُرُوجُ مِنْ عِدَّتِهَا وَكَذَلِكَ الْحَامِلُ وَالْحَائِضُ لَا
تُوطَأُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ حَتَّى يَنْضَمَّ إِلَى الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ الطُّهْرُ فَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ - يعني ويصير حبا مصفى ينظروا إِلَيْهِ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
قَالَ مَالِكٌ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى (وءاتوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) الْأَنْعَامِ 141 أَنَّ ذَلِكَ
الزَّكَاةُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ سَمِعْتُ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ هُوَ الزَّكَاةُ
وَمِمَّنْ روي ذلك عنه بن عباس ومحمد بن الحنفية وزيد بن أَسْلَمَ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ
وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَطَاوُسٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ أَنْ يُعْطَى الْمَسَاكِينُ عِنْدَ الْحَصَادِ وَالْجَذَاذِ مَعَ غَيْرِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ
غَيْرِ الزَّكَاةِ
روي ذلك عن بن عُمَرَ وَأَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُنَيْنٍ وَعَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ
بْنِ جُبَيْرٍ وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ
وَقَالَ النَّخَعِيُّ وَالسُّدِّيُّ الْآيَةُ مَنْسُوخَةٌ بِفَرْضِ الْعُشْرِ وَنِصْفِ الْعُشْرِ