ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعْنَى ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ
وَغَيْرِهَا وَفَسَّرَ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هَا هُنَا
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بَيْنَ الْقِطْنِيَّةِ وَالِحِنْطَةِ فِيمَا
الصفحة: (...)
 
ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ مَعْنَى ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ
وَغَيْرِهَا وَفَسَّرَ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا أَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هَا هُنَا
فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) بَيْنَ الْقِطْنِيَّةِ وَالِحِنْطَةِ فِيمَا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 231
أَخَذَ مِنَ النَّبَطِ وَرَأَى أَنَّ الْقِطْنِيَّةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ وَأَخَذَ مِنَ الْحِنْطَةِ
وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ جَعَلَ الْقَطَانِيَّ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً وَلَمْ يَضُمَّهَا
وَحُجَّتُهُمْ أَيْضًا عَلَى مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الْقِطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ وَهُوَ اللَّيْثُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ بِهَذَا
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْقَائِلِينَ بِذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا حُجَّةَ فِي ذَلِكَ عَلَى
الْمُخَالِفِ لِأَنَّ عُمَرَ لَوْ أَخَذَ مِنَ الْجَمِيعِ الْعُشْرَ أَوْ مِنَ الْجَمِيعِ نِصْفَ الْعُشْرِ لَمْ يَكُنْ
ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى مَنْ ضَمَّ الْأَجْنَاسَ وَالْأَنْوَاعَ مِنَ الْحُبُوبِ وَغَيْرِهَا وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ
يَضُمَّهَا وَإِنَّمَا الْحُجَّةُ فِي قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ليس فيما دُونَ خَمْسَةِ
أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ
وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ تَمْرٌ إِلَى زَبِيبٍ فَصَارَ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا سِوَاهُ وَبِاللَّهِ
التَّوْفِيقُ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي ضَمِّ الْحُبُوبِ بَعْضِهَا إِلَى بَعَضٍ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَازُعُ
فِي الْبَابِ قَبْلَ هَذَا
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الشَّرِيكَيْنِ فِي النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَاعْتِبَارُهُ فِي مِلْكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا
وَأَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَمْ تَبْلُغَ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَأَنَّ مَنْ بَلَغَتْ
حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ دُونَ صَاحِبِهِ الَّذِي لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَهُوَ
قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قَالَ الْكُوفِيُّونَ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الشَّرِيكَانِ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ يُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْوَاحِدِ
فَإِذَا كَانَ لَهُمَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ فِي النَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالْحُبُوبِ
وَالْمَاشِيَةِ وَلَهُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَهُوَ الْأَشْهَرُ عَنْهُ وَالْآخَرُ اعْتِدَادُ
النِّصَابِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
وَاحْتَجَّ بِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَأْخُذُونَ الزَّكَاةَ مِنَ الْحَوَائِطِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ فِي
حِصَّةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَالشُّرَكَاءُ عِنْدَهُ أَوْلَى بِهَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْخُلَطَاءِ
فِي الْمَاشِيَةِ وَقَدْ وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنَ الْخُلَطَاءِ فِي الْمَاشِيَةِ مَا قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي بَابِ
الْمَاشِيَةِ
وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَمَنْ وَافَقَهُ قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيْسَ فِيمَا دُونَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 232
خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ وَلَا
فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ مِنَ الْإِبِلِ صَدَقَةٌ
وَهُوَ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِي هَذَا الْبَابِ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَا أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ مِنَ الْحُبُوبِ
كُلِّهَا وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِمُرُورِ الْحَوْلِ عَلَيْهِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ إِذَا
بِيعَ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلتِّجَارَةِ
هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ دُونَ لَفْظِهِ أَمْرٌ مُجْتَمَعَ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِيهِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي حُكْمِ الْعُرُوضِ لِلتِّجَارَةِ وَحُكْمِ الْإِدَارَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ