وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ بن شهاب عن سليمان بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا
لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحَ خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً فَأَبَى ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا فَكَتَبَ إِلَى
عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا منهم وارددها عليهم وارزق رقيقهم
ففي إباء إياه (...)
 
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ عَنْ بن شهاب عن سليمان بْنِ يَسَارٍ أَنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَالُوا
لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحَ خُذْ مِنْ خَيْلِنَا وَرَقِيقِنَا صَدَقَةً فَأَبَى ثُمَّ كَلَّمُوهُ أَيْضًا فَكَتَبَ إِلَى
عُمَرَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ إِنْ أَحَبُّوا فَخُذْهَا منهم وارددها عليهم وارزق رقيقهم
ففي إباء إياه أبي عبيدة وعمر في الأخذ من أهل الشام ما ذكروا عن رقيقهم
وخيلهم دلالة واضحة أنه لا زكاة في الرقيق ولا في الخيل ولو كانت الزكاة واجبة
في ذلك ما امتنعا من أخذ ما أوجب الله عليهم أخذه لأهله ووضعه فيهم فلما ألحوا
على أبي عبيدة في ذلك وألح أبو عبيدة على عمر استشار الناس في أمرها فرأى
أن أخذها منهم عمل صالح له ولهم على ما شرط أن يردها عليهم يعني على
فقرائهم
ومعنى قوله وارزق رقيقهم يعني الفقير منهم والله أعلم وقيل في معنى وارزق
رقيقهم عبيدهم وإماءهم أي ارزقهم من بيت المال
واحتج قائلو هذا القول بأن أبا بكر الصديق كان يقرض للسيد وعبده من الفيء
وكان عمر يقرض للسيد وللعبد وسلك سبيلهما في ذلك الخليفة بعدهما
وهذا الحديث يعارض ما روي عن عمر في زكاة الخيل وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ
الْأَمْصَارِ أَوْجَبَ الزَّكَاةَ فِي الْخَيْلِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ أوجبها في الخيل السائمة
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 237
فقال إذا كانت ذكورا وإناثا ففيها الصدقة في كل فرس وإن شاء قومها وأعطى من
كل مائتي درهم خمسة دراهم
وحجته ما يروى عن عمر في ذلك
ذكر عبد الرحمن عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّ جبير بن يعلى
أخبره أنه سمع بن يعلى بن أمية يقول ابتاع عبد الرحمن بن أمية أخو يعلى بن
أمية من رجل من أهل اليمن فرسا أنثى بمائة قلوص فندم البائع فلحق بعمر فقال
غصبني يعلى وأخوه فرسا لي فكتب عمر إلى يعلى أن الحق بي فأتاه فأخبره الخبر
فقال عمر إن الخيل لتبلغ هذا عندكم! فقال ما علمت فرسا قبل هذا بلغ هذا فقال
عمر نأخذ من أربعين شاة شاة ولا نأخذ من الخيل شيئا! خذ من كل فرس دينارا
فضرب على الخيل دينارا دينارا
وحديث مالك المتقدم ذكره يرد هذا ويعارضه بسقط الحجة بهما
والحجة الثانية عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قوله لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ
وَلَا فَرَسِهِ صدقة
ومن حجة أبي حنيفة أيضا ما رواه عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني بن أبي
حسين أن بن شهاب أخبره أن عثمان كان يصدق الخيل وأن السائب بن يزيد أخبره
أنه كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل
قال بن شهاب لم أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم سن صدقة الخيل
قال أبو عمر قد روى جويرية عن مالك فيه حديثا صحيحا ذكره الدارقطني عن أبي
بكر الشافعي عن معاذ بن المثنى عن عبد الله بن محمد بن أسمى عن جويرية عن
مالك عن الزهري أن السائب بن يزيد أخبره قال لقد رأيت أبي يقيم الخيل ثم يرفع
صدقتها إلى عمر
وذكر إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا بن أَخِي جُوَيْرِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ مَالِكٍ
عَنِ الزُّهْرِيِّ أن السائب بن يزيد أخبره قال رأيت أبي يقيم الخيل ثم يرفع صدقتها
إلى عمر
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 238
قال أبو عمر هذا يمكن أن يكون خاصا بالخيل لللتجارة والحجة قائمة لما قدمنا مِنْ
حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي
عَبْدِهِ وَلَا فرسه صدقة
وحديث عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال قد عفوت عنكم
عن صدقة الخيل والرقيق
وقال علي وبن عمر لا صدقة في الخيل
وإذا كان الخلاف بين الصحابة في مسألة وكانت السنة في أحد القولين كانت الحجة
فيه
على أن عمر قد اختلف عنه فيه ولم يختلف عن علي وبن عمر في ذلك
وهو قول سعيد بن المسيب