وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ يُسْلِمُونَ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ (...) |
وَأَمَّا حَدِيثُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ
إِلَى عُمَّالِهِ أَنْ يَضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ حِينَ يُسْلِمُونَ فَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ إِذَا أَسْلَمَ فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِ الْحَوْلِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتِمَّ حَوْلُهُ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا أَسْلَمَ الذِّمِّيُّ أَوْ مَاتَ سَقَطَ عَنْهُ كُلُّ مَا لَزِمَهُ مِنَ الْجِزْيَةِ لِمَا مضى وسواء اجتمع عليه محول أَوْ أَحْوَالٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وعبيد الله بن الحسن وقال الشافعي وبن شُبْرُمَةَ إِذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِ السَّنَةِ أُخِذَ مِنْهُ بِحِسَابٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ أَفْلَسَ غَرِيمٌ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ وَهُوَ الصَّوَابُ إِنْ شاء الله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 249 عَلَى عُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ جِزْيَةٌ وَعَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ عُمَرَ ضَعُوا الْجِزْيَةَ عَمَّنْ أَسْلَمَ لِأَنَّهُ لَا يوضع عَنْهُ إِلَّا مَا مَضَى وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَى نِسَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا عَلَى صِبْيَانِهِمْ وَأَنَّ الْجِزْيَةَ لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنَ الرِّجَالِ الَّذِينَ قَدْ بَلَغُوا الْحُلُمَ فَهَذَا إِجْمَاعٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَا خِلَافَ بَيْنِهِمْ فِيهِ أَنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا تُضْرَبُ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنَ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا الْمَجُوسِ فِي نَخِلِهِمْ وَلَا كُرُومِهِمْ وَلَا زُرُوعِهِمْ وَلَا مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إِنَّمَا وُضِعَتْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لهم وردءا على فقرائهم ووضعت الجزية على أهل الكتاب صَغَارًا لَهُمْ فَهَذَا أَيْضًا إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ رَأَى تَضْعِيفَ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ دُونَ جِزْيَةٍ وَهُوَ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى تضعيف الصدقة على بني تغلب دون جزية الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالُوا يُؤْخَذُ مِنْهُمُ كُلُّ مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ مِثْلَاهَا حَتَّى فِي الرِّكَازِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِيهِ الْخُمُسَانِ وَمِمَّا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِ فِيهِ الْعُشُرُ أُخِذَ فِيهِ عُشُرَانِ وَمَا أُخِذَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ رُبُعُ الْعُشُرِ أُخِذَ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشُرِ وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَعَلَى نِسَائِهِمْ بِخَلَافِ الْجِزْيَةِ وَقَالَ زُفَرُ لَا شَيْءَ عَلَى نِسَاءِ بَنِي تَغْلِبَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِي بَنِي تَغْلِبَ شَيْءٌ مَنْصُوصٌ وَبَنِي تَغْلِبَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّصَارَى سَوَاءً فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ وَقَدْ جَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لَهُمْ لِئَلَّا يَنْظُرُوا أَجْنَاسَهُمْ قَدْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَا عَهْدَ لَهُمْ كَذَلِكَ قَالَ داود بن كردوس وهو راوية عُمَرَ فِي بَنِي تَغْلِبَ وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي خَلَّادٌ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شعيب الجزء: 3 ¦ الصفحة: 250 أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ لَا يَدَعُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا يُنَصِّرُ وَلَدَهُ وَلَا يهوده في بلاد العرب وعن بن التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنِ الْكَلْبِيِّ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين صَالَحَ نَصْرَانِيَّ بَنِي تَغْلِبَ عَلَى أَنْ لَا يُنَصِّرُوا الْأَبْنَاءَ فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا عَهْدَ لَهُمْ قَالَ وَقَالَ عَلِيٌّ لَوْ قَدْ عَرَفْتُ لَقَاتَلْتُهُمْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرْنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عن بن سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ أَنْ عَلِيًّا كَانَ يَكْرَهُ ذَبَائِحَ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ وَهُوَ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنَ النَّصْرَانِيَّةِ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ أَبُو عُمَرَ فَدَعَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلَ الْكِتَابِ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ فَلَا وَجْهَ لِإِخْرَاجِ بَنِي تَغْلِبَ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ فِي تُجَّارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمْ مِنْ بِلَادِهِمْ إِلَى غَيْرِ بِلَادِهِمْ مِنْ مِصْرَ إِلَى الشَّامِ إِلَى الْعِرَاقِ فَإِنَّهُمْ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِي ذَلِكَ مِمَّا بِأَيْدِيهِمْ فِي تِجَارَاتِهِمْ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي بَابِ زَكَاةِ الْعُرُوضِ لِمَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ هُنَاكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ (رَحِمَهُمَا اللَّهُ |