وذكر مثله عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَسُ الْعَتِيقُ هُوَ الْفَارِهُ - عِنْدَنَا -
وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ عَتَقَتِ الْفَرَسُ تَعْتِقُ إِذَا سَبَقَتْ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ رَائِعٌ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ تَحْبِيسِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي (...)
 
وذكر مثله عن نافع عن بن عُمَرَ عَنْ عُمَرَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْفَرَسُ الْعَتِيقُ هُوَ الْفَارِهُ - عِنْدَنَا -
وَقَالَ صَاحِبُ الْعَيْنِ عَتَقَتِ الْفَرَسُ تَعْتِقُ إِذَا سَبَقَتْ وَفَرَسٌ عَتِيقٌ رَائِعٌ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ إِجَازَةُ تَحْبِيسِ الْخَيْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّهُ قَدِ
احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَفِيهِ أَنَّهُ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَزَا بِهِ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ مَا
يَفْعَلُ فِي سَائِرِ مَالِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُنْكِرْ عَلَى
بَائِعِهِ بَيْعَهُ وَأَنْكَرَ على عمر شراءه ولذلك قال بن عمر إذا بلغت به واد الْقُرَى
فَشَأْنَكَ بِهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 255
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ إِذَا بَلَغَ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاتِهِ فَهُوَ لَهُ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْفَرَسُ ضَاعَ حَتَّى عَجَزَ عَنِ اللَّحَاقِ بِالْخَيْلِ وَضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ
فَأُجِيزَ لَهُ بَيْعَهُ لِذَلِكَ
وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ يَضَعُ ثَمَنَهُ ذَلِكَ فِي فَرَسٍ عَتِيقٍ إِنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا أَعَانَ بِهِ فِي
مِثْلِ ذَلِكَ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ كَسَائِرِ مَالِهِ إِذَا غَزَا عَلَيْهِ
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَعْطَى فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ
لَهُ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ الْفَرَسُ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ هِيَ لِمَنْ يُحْمَلُ عَلَيْهَا
تَمْلِيكًا
قَالُوا وَإِنْ قِيلَ لَهُ إِذَا بَلَغْتَ بِهِ رَأْسَ مَغْزَاكَ فَهُوَ لَكَ كَانَ تَمْلِيكًا عَلَى مُخَاطَرَةٍ وَلَمْ
يَجُزْ
وَقَالَ اللَّيْثُ مَنْ أُعْطِيَ فَرْسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى يَبْلُغَ مَغْزَاهُ ثُمَّ يَصْنَعُ بِهِ مَا
شَاءَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَبْسًا فَلَا يُبَاعُ
وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ إِذَا قَالَ هُوَ لَكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَرَجَعَ بِهِ رَدَّهُ حَتَّى يَجْعَلَهُ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ كُلَّ مَنْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِهِ وَبَيْعِهِ وَشِرَائِهِ فَجَائِزٌ لَهُ
بَيْعُ مَا شَاءَ مِنْ مَالِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَلِيلِ الثَّمَنِ وَكَثِيرِهِ كَانَ مِمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِهِ أَوْ
لَمْ يَكُنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مَالَهُ وَلَمْ يَكُنْ وَكِيلًا وَلَا وَصِيًّا لِقَوْلِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَذَا
الْحَدِيثِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ
وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ يَحْكِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ
بِفَسْخِ الْبَيْعِ فِيمَا كَانَ فِيهِ التَّغَابُنُ أقل مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ وَهَذَا لَا يُقِرُّ بِهِ الْمَالِكِيُّونَ عِنْدَنَا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي كَرَاهِيَةِ شِرَاءِ الرَّجُلِ صَدَقَتَهُ الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ إِذَا أَخْرَجَهَا عَنْ
يدهه لِوَجْهِهَا ثُمَّ أَرَادَ شِرَاءَهَا مِنَ الَّذِي صَارَتْ إِلَيْهِ
فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ فِي رَجُلٍ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَوَجَدَهَا مَعَ غَيْرِ الَّذِي تَصَدَّقَ بِهَا
عَلَيْهِ تُبَاعُ أَيَشْتَرِيهَا فَقَالَ تَرْكُهَا أَحَبُّ إلي
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 256
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَا يَشْتَرِيهَا
وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَبَاعَهُ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ
الْحَامِلُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَشْتَرِهِ أَبَدًا وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ وَالثَّوْبُ
وَقَالَ عَنْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ الْحَامِلُ فِي
يَدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَتَرْكُ شِرَائِهِ أَفْضَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَرِهَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَالشَّافِعِيُّ شِرَاءَ الصَّدَقَةِ لِمَنْ تَصَدَّقَ
بِهَا
فَإِنِ اشْتَرَى أَحَدٌ صَدَقَتَهُ لَمْ يَفْسَخُوا الْعَقْدَ وَلَمْ يَرُدُّوا الْبَيْعَ وَرَأَوْا لَهُ التَّنَزُّهَ عَنْهَا
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ فِي شِرَاءِ الْإِنْسَانِ مَا يُخْرِجُهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مِثْلُ الصَّدَقَةِ سَوَاءً وَإِنَّمَا
كَرِهُوا شِرَاءَهَا لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَفْسَخُوا الْبَيْعَ لِأَنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَيْهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى
وَقَدْ بَدَا ذَلِكَ فِي قِصَّةِ هَدِيَّةِ بِرَيْرَةَ بِمَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهَا مِنَ اللَّحْمِ
وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي مِثْلِ هَذَا لِأَنَّهُ طَابَقَ النَّهْيَ فَفُسِّرَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ مِنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ثُمَّ رُزِقَهَا أَنَّهَا حَلَالٌ لَهُ
رَوَاهُ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَدْ وَجَبَ أَجْرُكَ وَرَجَعَتْ إِلَيْكَ
بِالْمِيرَاثِ
وَيَحْتَمِلُ حَدِيثُ هَذَا الْبَابِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ التَّنَزُّهِ لِلرِّوَايَةِ أن بيع الصدقة قبل
إخراجها أو تكون مَوْقُوفًا عَلَى التَّطَوُّعِ فِي التَّنَزُّهِ عَنْ شِرَائِهَا
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْمَصِيرُ إِلَى حَدِيثِ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ مَنْ
أَبَاحَ شِرَاءَ صَدَقَتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اسْتَدَلَّ مَنْ أَجَازَ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُتَصَدَّقِ عليه له على أن
نعيه عَنْ شِرَائِهِ عَلَى التَّنَزُّهِ لَا عَلَى التَّحْرِيمِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَمْسَةِ
الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 257
الصَّدَقَةُ أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ فَلَمْ يَخُصَّ الْمُعْطِي مِنْ غَيْرِ الْمُعْطِي وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى
الْعُمُومِ
وَقَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقُ عَلَيْهِ فَأَهْدَاهَا الْمِسْكِينُ لِلْغَنِيِّ وَهَذَا فِي
مَعْنَى قِصَّةِ بِرَيْرَةَ وَسَنُوَضِّحُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا مَا يُوجِبُهُ تَهْذِيبُ الْآثَارِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي فَلَلْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَا تَصَدَّقَ بِهِ
لِأَنَّ الْخُصُوصَ قَاضٍ عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّهُ مُسْتَبِقٌ مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ
وَاحِدٍ يَعْنِي إِلَّا لِمَنِ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ بِمَا لَمْ يَكُنْ هَذَا الْمُتَصَدِّقُ لَمْ يَكُنْ كَلَامًا مُتَدَافِعًا
وَلَا مُعَارِضًا مُجْمَلَ الْحَدِيثَيْنِ عِنْدِي عَلَى هَذَا اسْتِعْمَالٌ لَهُمَا دُونَ رَدِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ