وَذَكَرَ أَنَّ الرَّجُلَ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ وَعَنْ مُكَاتَبِهِ وَعَنْ مُدَبَّرِهِ وَرَقِيقِهِ غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ لِلتِّجَارَةِ كَانُوا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَلْزَمُ السَّيِّدَ زَكَاةُ الْفِطْرِ (...) |
وَذَكَرَ أَنَّ الرَّجُلَ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ وَعَنْ مُكَاتَبِهِ
وَعَنْ مُدَبَّرِهِ وَرَقِيقِهِ غَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ لِلتِّجَارَةِ كَانُوا أَوْ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ تَلْزَمُ السَّيِّدَ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ من عبيد الْكُفَّارِ وَغَيْرِهِمْ وَالْغَائِبِ مِنْهُمْ وَالْحَاضِرِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو ثَوْرٍ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ وحجتهما قوله (عليه السلام) في حديث بن عُمَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَدَلَّ أَنَّ حَدِيثَ الْكُفَّارِ بخلاف ذلك الجزء: 3 ¦ الصفحة: 258 وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالنَّخَعِيِّ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي هريرة وبن عُمَرَ وَلَا يَصِحُّ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عِنْدِي عَنِ بن عُمَرَ لِأَنَّ الَّذِي يَرْوِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَكَيْفَ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا وَيُوجِبُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنِ الْكَافِرِ هَذَا يَبْعُدُ إِلَّا أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ غَيْرُهُ مِنْ حُفَّاظِ حَدِيثِ نَافِعٍ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ مَالِكٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي أَوَّلِ بَابِ مَكِيلَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِلْكُوفِيِّينَ فِي إِجَازَةِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ الْكَافِرِ بِأَنَّ قَوْلَهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَعْنِي مَنْ تَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مُسْلِمًا فَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِالْحَدِيثِ مَلِكُ الْعَبْدِ فَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا حُرْمَةَ فِي نَفْسِهِ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَلَا تَرَى إِلَى إِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ فِي الْعَبْدِ يُعْتَقُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ سَيِّدُهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إِذَا مَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا إِخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ إِخْرَاجُ كَفَّارَةِ مَا حَنِثَ فِيهِ مِنَ الْأَيْمَانِ فَهُوَ عِنْدَ رَأْيِهِ لَا يُكَفِّرُهَا بِصِيَامٍ وَلَوْ لَزِمَتْهُ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَأَدَّاهَا عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) مَنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْضِي لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَهَذَا الْقَضَاءُ أَيْضًا لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلْمُسْلِمِ وَتَزْكِيَةٌ وَهُوَ سَبِيلُ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الصَّدَقَاتِ وَالْكَافِرُ لَا يَتَزَكَّى فَلَا وَجْهَ لِأَدَائِهَا عَنْهُ أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبُغَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ صَاعًا من تمر أو صاعا من شعير على كُلِّ حُرٍّ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 259 حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم في صَدَقَةِ الْفِطْرِ صَاعٌ مِنْ بُرٍّ عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ أَوْ صَاعٌ مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيَرُدُّ اللَّهُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةَ الصِّيَامِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ فَهَذِهِ الْآثَارُ كُلُّهَا تَشْهَدُ بِصِحَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ لَا تَكُونُ إِلَّا عَنْ مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يُؤَدِّي الْعَبْدُ عَنْ نَفْسِهِ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَدَاوُدَ وَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي الرَّجُلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ مُكَاتَبِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَحُجَّتُهُمْ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ فِي مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَمِمَّا انْفَرَدَ بِكَسْبِهِ دُونَ الْمَوْلَى وَلَا سَبِيلَ لِمَوْلَاهُ إِلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ غَيْرَ أَنْجُمِ كِتَابِهِ وَجَائِزٌ لَهُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ مَوْلَاهُ غَنِيًّا وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا عَنْ مُكَاتَبِيهِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَا يُؤَدِّي الْمُكَاتَبُ عَنْ نَفْسِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 260 وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ فِي كُلِّ الْعَبِيدِ إِذَا مَا اسْتَثْنَى فِي الْحَدِيثِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ الْعَنْبَرِيُّ لَيْسَ فِي عَبِيدِ التِّجَارَةِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي الْمُدَبَّرِ أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ وَدَاوُدَ فَهُمَا عَلَى أَصْلِهِمَا فِي أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْعَبْدِ دُونَ سَيِّدِهِ عِنْدَهُمَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْغَائِبِ عَنْ سَيِّدِهِ هَلْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ آبِقًا كَانَ أَوْ مَغْصُوبًا فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا كَانَتْ غَيْبَةُ الْآبِقِ قَرِيبَةً عُلِمَتْ حَيَاتُهُ أَوْ لَمْ تُعْلَمَ يُخْرِجُ عَنْهُ سَيِّدُهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذَا كَانَتْ رَجْعَتُهُ يُرْجَى وَتُرْجَى حَيَاتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهُ قَالَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ وَإِبَاقُهُ قَدْ طَالَ وَيَئِسَ مِنْهُ فَلَا أَرَى أن يزكي عنه وقال الشافعي تُؤَدَّى زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنِ الْمَغْصُوبِ وَالْآبِقِ وَإِنْ لَمْ تُرْجَ رَجْعَتُهُمْ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاتُهُمْ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ حَيَاتُهُمْ فَلَا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَزُفَرَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْمَغْصُوبِ لَيْسَ عَلَى مَوْلَاهُ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَعَطَاءٍ وَرَوَى أَنَسُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي الْآبِقِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا عُلِمَتْ حَيَاةُ الْعَبْدِ أُدِّيَتْ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ الزُّهْرِيُّ إِنْ عُلِمَ مَكَانُ الْآبِقِ أُدِّيَ عَنْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ كَانَ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ عَبْدَهُ وَفَضْلُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ زَكَّى عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يَكُونُ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ يُؤَدِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْهُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 261 وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا فِي الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي السَّيِّدُ عَنْ نِصْفِهِ الْمَمْلُوكِ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نِصْفِهِ الْحُرِّ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ صَاعًا كَامِلًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُؤَدِّي السَّيِّدُ عَنِ النِّصْفِ الْمَمْلُوكِ وَيُؤَدِّي الْعَبْدُ عَنْ نِصْفِهِ الْحُرِّ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ رَأَيْتُ لِسَيِّدِهِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ عَلَى السَّيِّدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَمَّا مَلَكَ مِنَ الْعَبْدِ إِلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ كُلَّهُ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ نَفْسِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَبْدِ إِذَا عَتَقَ نِصْفُهُ وَكَأَنَّهُ قَدْ عَتَقَ كُلُّهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ فَقَالَ مَالِكٌ يُؤَدِّي عَنْهُ الْبَائِعُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَأَنْفَذَ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي عَنْهُ الْبَائِعُ وَإِنْ كَانَ الخيار للمشتري أولهما فَعَلَى الْمُشْتَرِي وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بِالْخِيَارِ فَصَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنِ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ يَصِيرُ إِلَيْهِ وَقَالَ زُفَرُ الزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَسَخَ أَوْ أَجَازَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ الْمُوصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ بِخِدْمَتِهِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ الزَّكَاةُ عَنْهُ عَلَى مَنْ جُعِلَتْ لَهُ الْخِدْمَةُ إِذَا كَانَ زَمَانًا طَوِيلًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَبِيدِ الْعَبِيدِ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي عَبِيدِ عَبِيدِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ صَدَقَةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ عَلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يُخْرِجُ عَنْ عَبِيدِ عَبِيدِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَلَا يُؤَدِّي عَنْ مَالِ عَبْدِهِ الزَّكَاةَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 262 وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الرَّجُلَ يَلْزَمُهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ كُلِّ مَنْ يَضْمَنُ نَفَقَتَهُ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُمَا جَمِيعًا أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَلْزَمُ الرَّجُلَ فِي كُلِّ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُ لَهُ تَرْكُهَا وَذَلِكَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِسَبَبٍ كَالْأَبْنَاءِ الْفُقَرَاءِ وَالْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا لَا يَرَى النَّفَقَةَ عَلَى الِابْنِ الْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا وَالشَّافِعِيُّ يَرَى النَّفَقَةَ عَلَى الْأَبْنَاءِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ وَالزَّمْنَى وَالنَّفَقَةَ عَلَى الْآبَاءِ الْفُقَرَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَكَذَلِكَ مَنْ تَلْزَمُهُ عِنْدَهُمَا نَفَقَتُهُ بِنِكَاحٍ كالزوجات وملك اليمين كالإماء والعبيد وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي رَقِيقِ امْرَأَتِهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ إِلَّا من كان بخدمه وذلك واحد لا زيادة وقال بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ يُؤَدِّي الرَّجُلُ عَنْ أَهْلِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُؤَدِّي عَنِ الْأَجِيرِ وَلَكِنَّ الْأَجِيرَ الْمُسْلَمَ يُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ وَقَالَ اللَّيْثُ إِذَا كانت إجازة الْأَجْرِ مَعْلُومَةً فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ مَعَ يَدِهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَيَكْسُوهُ أَدَّى عَنْهُ قَالَ اللَّيْثُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ رَقِيقِ امْرَأَتِهِ وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الزَّوْجَةِ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى زَوْجِهَا أَنْ يُخْرِجَ عنها زكاة الفطر وهي وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ ممن تلزمه نفقته وهو قول بن عُلَيَّةَ أَنَهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الرَّجُلِ فِي كُلِّ مَنْ يُمَوِّنُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَيْسَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ زَوْجَتِهِ وَلَا عَنْ خَادِمِهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَعَلَيْهَا أَنْ تُؤَدِّيَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهَا وَخَادِمِهَا قَالُوا وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُؤَدِّيَ إِلَّا عَنْ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَعَبْدِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ إِذَا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فَصَارَ أَصْلًا يَجِبُ الْقِيَاسُ وَرَدُّ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ إِلَيْهِ فَوَجَبَ فِي ذَلِكَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَقَدْ نَاقَضَ الْكُوفِيُّونَ فِي الصَّغِيرِ لِأَنَّ مَعْنَى قول بن عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَرَضَ رَسُولُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 263 اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ يَعْنُونَ كُلًّا عَنْ نَفْسِهِ وَهَذِهِ مُنَاقِضَةٌ فِي الصَّغِيرِ وَقَالَ مَالِكٌ تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ كَمَا تَجِبُ عَلَى الْقُرَى وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ وَقَالَ الليث بن سعد على أهل العمود الْفِطْرِ أَصْحَابِ الْخُصُوصِ وَالْمَالِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ اللَّيْثِ ضَعِيفٌ لِأَنَّ أَهْلَ الْبَادِيَةِ فِي الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ كَأَهْلِ الْحَاضِرِ وَكَذَلِكَ هُمْ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ |