ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى
الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ
يُخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ (...)
 
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَبْعَثُ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ إِلَى
الَّذِي تُجْمَعُ عِنْدَهُ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ
يُخْرِجُوا زَكَاةَ الْفِطْرِ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَا إِلَى الْمُصَلَّى
قَالَ مَالِكٌ وَذَلِكَ وَاسِعٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ الْغُدُوِّ مِنْ يَوْمِ الْفِطْرِ وَبَعْدَهُ
قَالَ أَبُو عمر في هذا من فعل بن عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَعْجِيلِ مَا تَجِبُ لِوَقْتٍ مِنَ
الزَّكَوَاتِ
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْوَقْتُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِي ذلك وإن كان تقديمها
باليوم واليومين جائز عندهم
ومالك وغيره يجيزون ما كان بن عُمَرَ يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا يَسْتَحِبُّ مَا
اسْتَحَبَّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي وَقْتِهِ مِنْ إِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ صَبِيحَةَ يَوْمِ الْفِطْرِ فِي الْفَجْرِ أَوْ
مَا قَارَبَهُ
وَفِي قَوْلِ مَالِكٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَدَاءَ زَكَاةِ الْفِطْرِ بَعْدَ وُجُوبِهَا أَوْ فِي حِينٍ وَجُوبِهَا
أَفْضَلُ وَأَحَبُّ إِلَيْهِ وَإِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِبَلَدِهِ فِي وَقْتِهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ خَبَرٌ حَسَنٌ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ
الْعُدُولِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو
مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا موسى بن عقبة عن
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 271
نافع عن بن عُمَرَ قَالَ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ أَنْ
تُؤَدَّى قَبْلَ خروج الناس إلى المصلى
قال وكان بن عُمَرَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ
وَلَيْسَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي تَعْجِيلِ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ كَذَلِكَ وَلَيْسَ فِي الْمُوَطَّأِ مَوْضِعُ هَذَا ذِكْرُ
الْمَسْأَلَةِ مِنْ هَذَا
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا رَوَى عَنْهُ بن وَهْبٍ
وَأَشْهَبُ وَخَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ قَبْلَ مَحَلِّهَا بِتَمَامِ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ
عَنْهُ وَهُوَ كَالَّذِي يُصَلِّي قَبْلَ الْوَقْتِ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَبِهِ قال بعض أصحاب داود
وروى بن الْقَاسِمِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ الْحَوْلِ إلا بيسير
وكذلك ذكر عنه بن عبد الْحَكَمِ بِالشَّهْرِ وَنَحْوِهُ
وَأَجَازَ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ قَبْلَ الْحَوْلِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ
وَأَبُو ثَوْرٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عن سعيد بن جبير وإبراهيم وبن شهاب والحكم وبن أَبِي لَيْلَى
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ لِمَا فِي يَدِهِ وَلِمَا يَسْتَفِيدُ فِي
الْحَوْلِ وَبَعْدَهُ
وَقَالَ زُفَرُ التَّعْجِيلُ عَمَّا فِي يَدِهِ جَائِزٌ وَلَا يَجُوزُ عما يستفيده
وقال بن شُبْرُمَةَ يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا لِسِنِينَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ لِلْمُصَدِّقِ إِذَا رَأَى الْعَوَزَ فِي أَهْلِ الصَّدَقَةِ أَنْ يَسْتَلِفَ لَهُمْ مِنْ
صَدَقَةِ أَهْلِ الْأَمْوَالِ إِذَا كَانُوا مَيْسُورِينَ وَلَيْسَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُخْرِجَ صَدَقَتَهُ قَبْلَ
الْحَوْلِ إِلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ
قَالَ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخْرَجَ زَكَاةَ مَالِهِ فَقَالَ إِنَّ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَانَتْ هَذِهِ عَنْهُ لَمْ
يُجْزِئْ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا إِلَى سَبَبٍ بِلَا سَبَبٍ لَمْ تَجُزْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَعَمِلَ شَيْئًا لَا يَجِبُ
عَلَيْهِ إِنْ حَالَ فِيهِ حَوْلٌ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 272
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ تَعْجِيلَ الزَّكَاةِ قِيَاسُهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَحُجَّةُ مَنْ أَجَازَ
تَعْجِيلَهَا الْقِيَاسُ عَلَى الدُّيُونِ الْوَاجِبَةِ لِآجَالٍ مَحْدُودَةٍ أَنَّهُ جَائِزٌ تَعْجِيلُهَا أَوْ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ
مَحَلِّهَا
وَحَدِيثُ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ اسْتَلَفَ صَدَقَةَ
الْعَبَّاسِ قَبْلَ مَحَلِّهَا وَقَدْ رُوِيَ لِعَامَيْنِ
وَفَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ بِأَنَّ النَّاسَ يَسْتَوُونَ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَلَا يَسْتَوُونَ فِي
وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ
وَقِيَاسُ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ عَلَى الصَّلَاةِ أَصَحُّ فِي سَبِيلِ الْقِيَاسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ