مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْهِلَالُ رُؤِيَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِعَشِيٍّ فَلَمْ يُفْطِرْ
عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فيها عن عثمان
ولاعن علي ولا عن عمر وبن مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْهِلَالُ رُؤِيَ فِي زَمَانِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ بِعَشِيٍّ فَلَمْ يُفْطِرْ
عُثْمَانُ حَتَّى أَمْسَى وَغَابَتِ الشَّمْسُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ اخْتَلَفَ فِيهَا السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فيها عن عثمان
ولاعن علي ولا عن عمر وبن مَسْعُودٍ وَأَنَسٍ
وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِيهَا عَنْ عُمَرَ فَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 278
قَالَ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ إِنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْثَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ
الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ
وَهَذَا مَذْهَبُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وبن عُمَرَ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ
إِلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ حَبِيبٍ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا بِالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَنْ عُمَرَ
وهي رواية رواها القطان وبن مَهْدِيٍّ وَوَكِيعٌ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ
سِمَاكٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَنَّ قَوْمًا رَأَوُا الْهِلَالَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ
فَأَفْطَرُوا فَكَتَبَ إِلَيْهِمْ يُلْزِمُهُمْ وَقَالَ إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ نَهَارًا قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ فَأَفْطَرُوا
وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا تُفْطِرُوا
وَبِهَذَا قَالَ سَفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ فِي ذَلِكَ بِرِوَايَةِ سُفْيَانَ عن عُمَرَ
وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وأحمد وإسحاق وأبو ثَوْرٍ
وَرِوَايَةُ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ أَبِي وَائِلٍ أَصَحُّ عَنْ عُمَرَ لِأَنَّهَا مُتَّصِلَةٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ
لَمْ يُدْرِكْ عُمَرَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا الْبَغَوِيُّ قَالَ
حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ الْجَعْدِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ
قَالَ كَتَبَ إِلَيْنَا عُمَرُ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ إِنَّ الْأَهِلَّةَ بَعْضُهَا أَكْثَرُ مِنْ بَعْضٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُ
الْهِلَالَ نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ
قَالَ أَتَانَا كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَنَحْنُ بِخَانِقِينَ إِنَّ الْأَهِلَّةَ تَخْتَلِفُ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ
نَهَارًا فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ رَجُلَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَفِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ هَذَا نَهَارًا لَمْ يَخُصَّ فِيهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَلَا بَعْدَهُ
وَمَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ الثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ إِنَّهُ حَدِيثٌ مُجْمَلٌ وَحَدِيثُ إِبْرَاهِيمَ حَدِيثٌ
مُفَسَّرٌ فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُقَالَ به
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 279
قَالُوا إِذَا رُؤِيَ الْهِلَالُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَهُوَ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَإِذَا رُؤِيَ الْهِلَالُ بَعْدَ الزَّوَالِ
فَهُوَ لِلْقَابِلَةِ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي بِقُرْطُبَةَ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يَصُومُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ
يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ مِنْ رَمَضَانَ وَمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ لِأَنَّ
النَّاسَ يَتَّهِمُونَ على أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُمْ مَنْ لَيْسَ بِمَأْمُونٍ فَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي هِلَالِ
رَمَضَانَ أَنَّهُ مَنْ رَآهُ يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ إِلَّا عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَصُومُ وَحْدَهُ
وَلَا يُفْطِرُ وَحْدَهُ وَإِنْ رَآهُ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ أَنَّهُ
يَصُومُ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ لَا يَسَعُهُ عِنْدَهُمْ غَيْرُ ذَلِكَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَاخْتَلَفُوا فِي هِلَالِ شَوَّالٍ يَرَاهُ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُفْطِرُ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَرِهَ لِمَنْ رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ
وَحْدَهُ أَنْ يُفْطِرَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُفْطِرُ الَّذِي رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ وَحْدَهُ إِذَا لَمْ يَشُكَّ فِيهِ فَإِنْ شَكَّ أَوْ خَافَ
أَنْ يُتَّهَمَ لَمْ يَأْكُلْ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
قَالَ وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَصُومَ فَإِنْ خَافَ التُّهْمَةَ اعْتَقَدَ الْفِطْرَ وَأَمْسَكَ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَأَفْطَرَ عَامِدًا كَانَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ
وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 280
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ حُكْمَ إِشْهَادِهِ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ وَذَكَرَهُ غَيْرُ
وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى شَهَادَةِ
رَمَضَانَ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ وَهِلَالِ شَوَّالٍ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ الْمُزَنِيُّ إِنْ شَهِدَ عَلَى هِلَالِ رَمَضَانَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَدْلٌ
رَأَيْتُ أَنْ أَقْبَلَهُ لِلْأَثَرِ الذي جاء فيه
قال والقياس أَلَّا يُقْبَلَ فِيهِ إِلَّا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ
قَالَ وَأَمَّا هِلَالُ الْفِطْرِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إِلَّا عَدْلَانِ
وَالَّذِي ذَكَرَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْوَاحِدِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ هُوَ قول
الكوفيين وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ
وَقَالَ إِسْحَاقُ لَا يُقْبَلُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَشَوَّالٍ إِلَّا عَدْلَانِ
وَقَالَ أَبُو بُطَيْنٍ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَلَا يُصَامُ رَمَضَانُ وَلَا يُفْطَرُ مِنْهُ بِأَقَلِّ مِنْ عَدْلَيْنِ حُرَّيْنِ
لِسَائِرِ الْحُقُوقِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ قُبِلَتْ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَدْلٍ فِي هِلَالِ
رَمَضَانَ
قَالُوا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ قُبِلَتْ شَهَادَةُ رَجُلٍ عَدْلٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ
قَالُوا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي السَّمَاءِ عِلَّةٌ لَمْ تُقْبَلْ إِلَّا شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ
وَهَذَا قَوْلُ دَاوُدَ وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ كَقَوْلِ مَالِكٍ
يُقْبَلُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى هِلَالِ شَوَّالٍ عَدْلَانِ فِي الصَّحْوِ وَالْغَيْمِ وَلَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ
عَدْلَيْنِ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حديث بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَجَازَ شَهَادَةَ
الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْنَدَهُ وَأَكْثَرُهُمْ أَرْسَلَهُ عَنْ
عِكْرِمَةَ
كَذَلِكَ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ
وَرَوَاهُ زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ وَالْوَلِيدُ بْنُ ثَوْرٍ وَحَمَّادُ بْنُ سِمَاكٍ عَنْ حماد عن عكرمة عن
بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسندا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 281
ورواه بن وَهْبٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ نَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ
عن بن عُمَرَ قَالَ تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ فَأَخْبَرْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إِنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ هِلَالِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالٍ يَرَاهُ أَهْلُ بَلَدٍ دُونَ غَيْرِهِمْ
فَكَانَ مَالِكٌ فِيمَا رَوَاهُ عنه بن الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيُّونَ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ
رَأَوْهُ فَعَلَيْهِمُ الْقَضَاءُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ الذي أفطروه وصيامه غَيْرِهِمْ بِرُؤْيَةٍ صَحِيحَةٍ
وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَالْكُوفِيِّينَ وَأَحْمَدَ
وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قول المغيرة وبن دينار وبن الْمَاجِشُونِ إِنَّ الرُّؤْيَةَ لَا
تَلْزَمُ غَيْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الإمام يحمل الناس على ذلك
أما الاختلاف الْأَعْمَالِ وَالسَّلَاطِينِ فَلَا إِلَّا فِي الْبَلَدِ الَّذِي رَأَى فِيهِ الْهِلَالَ وَفِي عَمَلِهِ
هَذَا بِمَعْنَى قولهم
وروي عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ لِكُلِّ قَوْمٍ رُؤْيَتُهُمْ
وَبِهِ قَالَ عِكْرِمَةُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وإليه ذهب بن المبارك
وإسحاق بن رَاهْوَيْهِ وَطَائِفَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مَا أَخْبَرَنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ
قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ الْأَشْعَثِ قَالَ حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ
قَالَ أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بِنْتَ الْحَارِثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ فَقَدِمْتُ
الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا فَاسْتَهَلَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ فَرَأَيْنَا الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ ثُمَّ قَدِمْتُ
الْمَدِينَةَ في آخر الشهر فسألني بن عَبَّاسٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ قُلْتُ
رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ قَالَ أَنْتَ رَأَيْتَهُ قُلْتُ نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ
لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ فَقُلْتُ أَفَلَا تَكْتَفِي
بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ وَصِيَامِهِ قَالَ لَا هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 282
وَأَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ
قَالَ حدثنا أحمد بن شعيب النَّسَوِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حَجَرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ
بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بَعَثَتْهُ
إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ قَالَ فَقَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا فَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ هِلَالُ رَمَضَانَ
وَذَكَرَ رَمَضَانَ الْحَدِيثُ سَوَاءٌ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا تُرَاعَى الرُّؤْيَةُ فِيمَا أُخِّرَ مِنَ الْبُلْدَانِ كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ
خُرَاسَانَ وَكَذَلِكَ كُلُّ بَلَدٍ لَهُ رُؤْيَتُهُ إِلَّا مَا كَانَ كَالْمِصْرِ الْكَبِيرِ وَمَا تَقَارَبَتْ أَقْطَارُهُ مِنْ
بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي النَّاسِ يَصُومُونَ يَوْمَ الْفِطْرِ لِرُؤْيَتِهِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَأْتِيهِمُ الثَّبَتُ أَنَّ
هِلَالَ شَوَّالٍ قَدْ رُؤِيَ الْبَارِحَةَ أَوْ هِلَالَ رَمَضَانَ قَدْ رُؤِيَ قَبْلَ أَنْ يَصُومُوا بِيَوْمٍ وَأَنَّ
يَوْمَهُمْ ذَلِكَ يَوْمُ الْفِطْرِ أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ يُفْطِرُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ أَيْ سَاعَةَ جَاءَهُمُ
الْخَبَرُ غَيْرَ أَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ جَاءَهُمْ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ
وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى مَا ذُكِرَ إِلَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ اخْتَلَفُوا فِي
ذَلِكَ
فَمَذْهَبُ مَالِكٍ الَّذِي لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْعِيدِ فِي
غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا فِي يَوْمِ الْعِيدِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَرَّةً قَالَ بِقَوْلِ مَالِكٍ لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْعِيدِ
بَعْدَ الزَّوَالِ
وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَقَالَ إِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تُصَلَّى فِي يَوْمِ الْعِيدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَالْيَوْمُ الثَّانِي
أَبْعَدُ مِنْ وَقْتِهَا وَأَحْرَى أَنْ لَا تُصَلَّى فِيهِ
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا تُصَلَّى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ضُحًى
وَقَالَ الْبُوَيْطِيُّ عَنْهُ لَا تُصَلَّى بَعْدُ إِلَّا إِنْ ثَبَتَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْ قُضِيَتْ صَلَاةُ الْعِيدِ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهَا لَأَشْبَهَتِ الْفَرَائِضَ وَقَدْ أَجْمَعُوا
فِي سَائِرِ السُّنَنِ أَنَّهَا لَا تُقْضَى فَهَذِهِ مِثْلُهَا
وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ ذَكَرَ الطحاوي قال كان بن أَبِي عُمَرَ يَحْكِي أَنَّ أَبَا
حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ إِذَا لَمْ تُدْرَكْ صَلَاةُ الْعِيدِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ لَمْ تُصَلَّ بَعْدُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 283
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ إِذَا فَاتَتْهُمُ الصَّلَاةُ يَوْمَ الْعِيدِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ صَلَّاهَا بِهَا
إِمَامُهُمْ مِنَ الْغَدِ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الزَّوَالِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَصَلَّ بَعْدُ هَذَا فِي الْفِطْرِ وَأَمَّا
فِي الْأَضْحَى فَيُصَلِّيهَا بِهِمْ في اليوم الثالث
وقال بن سَمَاعَةَ مِثْلَ ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي الْفِطْرِ يَخْرُجُونَ مِنَ الْغَدِ
وَقَالَ أَحْمَدُ يَخْرُجُونَ فِي الْغَدِ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَخْرُجُونَ فِي الْفِطْرِ وَيَخْرُجُونَ فِي الْأَضْحَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ لِأَنَّ الْأَضْحَى أَيَّامُ عِيدٍ وَهِيَ صَلَاةُ عِيدٍ وَلَيْسَ لِلْفِطْرِ صَلَاةُ عِيدٍ إِلَّا
وَاحِدٌ فَإِذَا لَمْ تُصَلِّ فِيهِ لَمْ تُقْضَ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِفَرِيضَةٍ فَتُقْضَى
وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَخْرُجُونَ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى مِنَ الْغَدِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إِذَا شَهِدَ عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ بَعْدَ الزَّوَالِ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ بِالْأَمْسِ أَفْطَرَ
النَّاسُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ بِيَسِيرٍ وَخَرَجُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ مِنَ الْغَدِ
وَالْحُجَّةُ لِمَنْ قَالَ إِنَّهَا تُصَلَّى مِنَ الْغَدِ حَدِيثُ هُشَيْمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ أَبِي
عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةِ أُمِّهِ مِنَ الْأَنْصَارِ أَنَّهُمْ حَدَّثُوهُ قَالُوا أُغْمِيَ عَلَيْنَا هلال
شوال فأصبحنا صيام فَجَاءَ رَكْبٌ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ رَأَوْهُ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ
وَيَخْرُجُوا لِصَلَاتِهِمْ مِنَ الْغَدِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ عَنْ
أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ أَنَّ قَوْمًا رَأَوُا الْهِلَالَ وَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ وَأَنْ يَخْرُجُوا إِلَى الْعِيدِ مِنَ الْغَدِ