قوله : ( ونتبع السنة والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة ).
 
ش : السنة : طريقة الرسول صلى الله عليه وسلم ، والجماعة : جماعة المسلمين ، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين . فاتباعهم هدى ، وخلافهم ضلال . قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم . وقال : ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً . وقال تعالى : قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ، فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين . وقال تعالى : وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ، ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون . وقال تعالى : ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم . وقال تعالى : إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون .
وثبت في السنن الحديث الذي صححه الترمذي ، عن العرباض بن سارية ، قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة ، ذرفت منها العيون ، ووجلت منها القلوب ، فقال قائل : يا رسول الله ، كأن هذه موعظة مودع ؟ فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : أوصيكم بالسمع والطاعة، فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، تمسكوا بها ، [وعضوا عليها] بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلالة . وقال صلى الله عليه وسلم : إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة ، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة ، يعني الأهواء ، كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة . وفي رواية : قالوا : من هي يا رسول الله ؟ قال ؟ ما أنا عليه وأصحابي فبين صلى الله عليه وسلم أن عامة المختلفين هالكون من الجانبين ، إلا أهل السنة والجماعة .
وما أحسن قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، حيث قال : من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات ، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ، أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا أفضل هذه الأمة ، أبرها قلوباً ، وأعمقها علماً وأقلها تكلفاً ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم . وسيأتي لهذا المعنى زيادة بيان إن شاء الله تعالى ، عند قول الشيخ : ونرى الجماعة حقاً وصواباً ، والفرقة زيغاً وعذاباً