وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا قَالَ وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي (...) |
وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمِ يَقُولُونَ لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي
نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ فِيمَا بَلَغَنَا قَالَ وَذَلِكَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 331 قَالَ أَبُو عُمَرَ صِيَامُ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ لَا لِمُتَطَوِّعٍ وَلَا لِنَاذِرٍ وَلَا لِقَاضٍ فَرْضًا أَنْ يَصُومَهُمَا وَلَا لِمُتَمَتِّعٍ لَا يَجِدُ هَدْيًا وَلَا يَأْخُذُ مِنَ النَّاسِ وَهُمَا يَوْمَانِ حَرَامٌ صِيَامُهُمَا فَمَنْ نَذَرَ صِيَامَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَدْ نَذَرَ مَعْصِيَةً وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ وَلَوْ نَذَرَ نَاذِرٌ صِيَامَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ أَوْ صِيَامًا بِعَيْنِهِ مِثْلَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا فَوَافَقَ هَذَا الْيَوْمُ فِطَرًا أَوْ أَضْحًى فَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يَصُومُهَا وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا فَفِي أَحَدِ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ بْنِ الْهُذَيْلِ وَجَمَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهِ قضاؤها وهو قول بن كِنَانَةَ صَاحِبِ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَقْضِيهِمَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَآخِرُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَرُوِيَ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ أَنَّهُ يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا وَلَا يَصُومَهُمَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِمَا وَالْآخَرُ أَنَّهُ يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَقْضِيَهُمَا وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَقْضِيهِمَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يصومهما وروى الرواية الأولى بن وهب عنه والروايتان الأخريان رواهما بن وهب وبن القاسم عنه قال بن الْقَاسِمِ قَوْلُهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنْ يَقْضِيَهُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ فَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الَّذِي لَيْسَ فِيِهِ ذَبْحٌ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَصُومُهُ وَلَا يَدَعُهُ وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ سَنَةٍ أَنَّهُ يَجْعَلُ عَلَى نَفْسِهِ صِيَامَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَهْرًا لِمَكَانِ رَمَضَانَ وَيَوْمَيْنِ لِمَكَانِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَيَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 332 وَقَالَ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ الرَّجُلِ وَتَقْضِي أَيَّامَ الْحَيْضِ وَرُوِيَ عَنْهُ فِيمَنْ نَذَرَ صِيَامَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَوَافَقَ ذَلِكَ الْفِطْرَ وَالْأَضْحَى أَنَّهُ يُفْطِرُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَهَذَا خِلَافُ الْأَوَّلِ إِلَّا أَنِّي أَحْسَبُ أَنَّهُ جَعَلَ الِاثْنَيْنَ وَالْخَمِيسَ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا وَالْجَوَابُ الْأَوَّلُ فِي سَنَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ نَذَرَ صِيَامَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ أَبَدًا لَا يَخْلُو أَنْ يَدْخُلَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى فِي نَذْرِهِ أَوْ لَا يَدْخُلُ فَإِنْ دَخَلَ فِي نَذْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَنْ قَصَدَ إِلَى نَذْرِ صَوْمِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَنَذْرُهُ ذَلِكَ بَاطِلٌ وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَعَلَى مَا ذَكَرْنَا يَسْقُطُ الِاعْتِكَافُ عَمَّنْ نَذَرَهُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَيَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ وَأَمَّا صِيَامُ الدَّهْرِ لِمَنْ أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصِيَامِهَا فَمُبَاحٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا أَنَّ الصِّيَامَ عَمَلٌ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَفَضْلُهُ مَعْلُومٌ وَفِي نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ أَيَّامٍ ذَكَرَهَا عَلَى إِبَاحَةِ مَا سِوَاهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ كَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ صِيَامَ الدَّهْرِ لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ وَغَيْرِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ فَقَالَ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ وَيُرْوَى لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ أَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا الجزء: 3 ¦ الصفحة: 333 وَهَذَا عِنْدِي عَلَى الِاخْتِيَارِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَا عَلَى شَيْءٍ يَلْزَمُ |