وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لَا
يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الصَّلَاةُ فَإِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَرْضًا عَلَيْهِ
مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا سنة ولا (...)
 
وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ لَا
يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا الصَّلَاةُ فَإِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَرْضًا عَلَيْهِ
مِنَ الصَّلَاةِ وَلَا سنة ولا تطوعا لا عَنْ حَيٍّ وَلَا عَنْ مَيِّتٍ وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ عَنِ الْحَيِّ
لَا يُجْزِئُ صَوْمُ أَحَدٍ فِي حَيَاتِهِ عَنْ أَحَدٍ وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ لَا خِلَافَ فِيهِ
وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ فَهَذَا مَوْضِعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ قَدِيمًا وَحَدِيثًا
فَقَالَ مالك ما تقدم ذكره لا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ
قَالَ وَهُوَ أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا
وَرُوِيَ مثل قول مالك عن بن عباس وبن عمر
إلا أنه اختلف فيه عن بن عباس من رواته عنه بمذهب بن عُمَرَ وَمَالِكٍ
فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ
الْأَحْوَلُ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رباح عن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَا
يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ
حِنْطَةٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُطْعَمُ عَنْهُ وَلَا يُصَامُ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ فِي رِوَايَةٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنَّ مَنْ أَمْكَنَهُ الْقَضَاءُ فَقَدْ أَبْعَدَ فَإِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ
قَالَ وَالنَّذْرُ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
وَهُوَ قَوْلُ بن عُلَيَّةَ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجْعَلُ وَلِيُّهُ مَكَانَ الصَّوْمِ صَدَقَةً فَإِنْ لَمْ يَجِدْ صَامَ عَنْهُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 340
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَإِنِ اعْتَكَفَ اعْتَكَفَ عَنْهُ وَصَامَ عَنْهُ
بَعْدَ مَوْتِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَصُومُ عَنْهُ وَلَيُّهُ
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَامٍ يُطْعِمُ عَنْهُ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ عَنْ كُلِّ
يَوْمٍ مُدًّا وَفِي النَّذْرِ يَصُومُ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَقْضِي عَنْهُ الصَّوْمَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ
وَجُمْلَةُ أَقْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ وَالشَّافِعِيَّ وَالْحَسَنَ بْنَ حَيٍّ
وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ وَأَبَا عُبَيْدٍ قَالُوا وَاجِبٌ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْجَبُ
عَلَيْهِ إِلَّا أَبَا حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ يَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ
وَقَالَ مَالِكٌ الْإِطْعَامُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْوَرَثَةِ إِلَّا أَنْ يُوصِيَ بِذَلِكَ إِلَيْهِمْ
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْمَيِّتِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ
كَانَ فِي ثُلُثِهِ
وَمَعْنَى قَوْلِي وَاجِبٌ عَلَيْهِ أَيْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ صَوْمُهُ
فَإِنْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِالْإِطْعَامِ عَنْهُ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فِي
الْأَيْمَانِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ فِعَلَ كَانَ فِي ثُلُثٍ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَرَثَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ
صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا بن وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ
اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا فِي النَّذْرِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 341
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ
قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ
قَالَ قَاسِمٌ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ
قَالَ قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ كِلَاهُمَا عَنِ
الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ
شَهْرٍ أَفَأَقْضِيَهُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ فَدِينُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ فَذَكَرَهُ
وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ
شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا نُبَيْشَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُبَيْدٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن بن عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَقَالَ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيَهُ عَنْهَا فَقَالَ أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ
أَكُنْتَ تَقْضِيهِ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى
رَوَاهُ الْحَكَمُ بْنُ عُتَيْبَةَ وَسَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَعْنَاهُ
وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ أَفْتَى فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ فَقَالَ يُطْعَمُ
وَفِي النَّذْرِ يُصَامُ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ فِيهِمَا جَمِيعًا الْإِطْعَامُ
وَزَعَمَ مَنِ احتج للكوفيين ومالك أن بن عَبَّاسٍ لَمْ يُخَالِفْ بِفَتْوَاهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ إِنَّهُ يُطْعَمُ عَنْهُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا يُصَامُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 342
رَوَاهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهَا عَمْرَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَهَذَا وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
قَالَ أَحْمَدُ إِنَّ مَعْنَى حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعِ أَنَّهَا فِي النَّذْرِ دُونَ قَضَاءِ رَمَضَانَ
وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَقَالَ يُصَامُ عَنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا
وَهُوَ قَوْلُ دَاوُدَ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ
صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ وَهَذَا عِنْدَهُمْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ إِنْ صَامَ عَنْهُ ثَلَاثُونَ رَجُلًا يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ يريد أن ذلك كرجل واحد
صام ثلاثين يَوْمًا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَوْلَا الْأَثَرُ الْمَذْكُورُ لَكَانَ الْأَصْلُ الْقِيَاسُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ فِي
الصَّلَاةِ وَهُوَ عَمَلُ بَدَنٍ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ كَمَا لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ