عن مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي (...)
 
عن مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَصْبَحَتَا صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا طَعَامٌ فَأَفْطَرَتَا عَلَيْهِ فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَالَتْ حَفْصَةُ وَبَدَرَتْنِي بِالْكَلَامِ وَكَانَتْ
بِنْتَ أَبِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَصْبَحْتُ أَنَا وَعَائِشَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ إِلَيْنَا
طَعَامٌ فَأَفْطَرْنَا عَلَيْهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْضِيَا مَكَانَهُ يَوْمًا آخَرَ
هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ فِيمَا عَلِمْتُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ يَحْيَى وَمُطَرِّفٍ وَرَوْحِ بْنِ عُبَادَةَ وَالْقُدَامِيُّ عَنْ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 353
مالك عن بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مُسْنَدًا إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ إِلَّا مَنْ لَيْسَ
بِذَاكَ مِنْ أَصْحَابِهِ
وَمِمَّنْ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنِ بن شِهَابٍ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي
الْأَخْضَرِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ وَصَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
الْأَنْصَارِيُّ
إِلَّا أَنَّ مَدَارَ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَلَى يَحْيَى بْنِ
أَيُّوبَ وَلَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ
وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ
وَجَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ فِي الزُّهْرِيِّ لَيْسَ بِشَيْءٍ
وَسُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ وَصَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ فِي حَدِيثِهِمَا عن الزهري خطأ كبير
وحفاظ بن شهاب يروونه مرسلا عن بن شِهَابٍ أَنَّ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ مِنْهُمْ مَالِكٌ
وَمَعْمَرٌ وعبيد الله بن عمر وبن عُيَيْنَةَ
هَكَذَا رَوَى حَدِيثَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْهُ يَحْيَى الْقَطَّانُ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْنَاهُ مِنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي الْأَخْضَرِ
عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَصْبَحْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَنَا
طَعَامٌ مَخْرُوصٌ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ
قَالَ سُفْيَانُ فَسَأَلُوا الزُّهْرِيَّ وَأَنَا شَاهِدٌ أَهُوَ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ لَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَظُنُّ السائل الذي أشار إليه بن عيينة بالذكر هو بن جُرَيْجٍ
ذُكِرَ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرزاق قال أخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ
أَحَدَّثَكَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أَفْطَرَ فِي التَّطَوُّعِ
فَلْيَصُمْهُ
قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عُرْوَةَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَكِنْ حَدَّثَنِي فِي خِلَافَةِ سُلَيْمَانَ إِنْسَانٌ عَنْ
بَعْضِ مَنْ كَانَ يَسْأَلُ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ أَصْبَحْتُ أَنَا وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 354
قَالَ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ أَسَمِعْتَهُ مِنْ
عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ لَا إِنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ رَجُلٌ بِبَابِ عَبْدِ الْمَلِكَ بْنِ مَرْوَانَ أَوْ رَجُلٌ مِنْ
جُلَسَاءِ عَبْدِ الْمِلْكِ بْنِ مَرْوَانَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
قَالَ جَاءَنَا صَالِحُ بْنُ الْأَخْضَرِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ الزُّهْرِيُّ لَنَا فَقَامَ فَرَوَى لَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا أَصْبَحَتْ هِيَ وَحَفْصَةُ صَائِمَتَيْنِ مُتَطَوِّعَتَيْنِ فَأُهْدِيَ لَهُمَا
طَعَامٌ وَكَانَ الطَّعَامُ مَخْرُوصًا عَلَيْهِ فَلَمَّا جَاءَ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ
عُرْوَةَ وَلَا قَالَ فِيهِ وَكَانَ الطَّعَامُ مَخْرُوصًا عَلَيْهِ فَوَقَفُوا الزُّهْرِيَّ وَأَنَا حَاضِرٌ هَلْ
سَمِعْتَهُ مِنْ عُرْوَةَ فَقَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ مَا رُوِيَ مُسْنَدًا فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ وَعَلَّلَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ
كُلَّهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ دَخَلَ فِي صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةِ
تَطَوُّعٍ فَقَطَعَهُ عَلَيْهِ عُذْرٌ مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ سَبَبٌ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَطَعَ صَلَاتَهُ أَوْ صِيَامَهُ عَامِدًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ
وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ
وحجتهم ما ذكرنا من حديث بن شهاب المذكور وما كان معناه فيما ذكرناه فِي
التَّمْهِيدِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ أَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ لَا يُفْطِرَ فَإِنْ أَفْطَرَ فَلَا قَضَاءَ
عَلَيْهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ صَاحِبِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَوْلِ
الشَّافِعِيِّ
وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ يَقُولُونَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ إِذَا أَفْطَرَ نَاسِيًا أَوْ عَلَيْهِ
شَيْءٌ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ بن عُلَيَّةَ الْمُتَطَوِّعُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا أَوْ نَاسِيًا قِيَاسًا عَلَى الْحَجِّ
وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ بْنَ حَنْبَلٍ عَنْ رَجُلٍ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا ثُمَّ بَدَا
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 355
لَهُ فَأَفْطَرَ أَيَقْضِيهِ قَالَ إِنْ قَضَاهُ فَحَسَنٌ وَأَرْجُو أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
قِيلَ لَهُ فَالرَّجُلُ يَدْخُلُ فِي صَلَاةٍ مُتَطَوِّعًا أَلَهُ أَنْ يَقْطَعَهَا فَقَالَ الصَّلَاةُ أَشَدُّ لَا يَقْطَعُهَا
قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَطَعَهَا أَيَقْضِيهَا قَالَ فَإِنْ قَضَاهَا خَرَجَ مِنَ الِاخْتِلَافِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُتَطَوِّعَ إِذَا أَفْطَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ قَضَاءٍ وَلَا
غَيْرِهِ مَا أَخْبَرَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ
قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي
زِيَادٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ
فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَنْ يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ قَالَتْ
فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ ثُمَّ نَاوَلَهُ أَمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ
قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً فَقَالَ لَهَا أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا قَالَتْ لَا
قَالَ فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا
وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ سماك بن
حرب عن هارون بن أُمِّ هَانِئٍ عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا صَائِمَةٌ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ فَقَلْتُ يَا رَسُولَ
اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَاقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءِ
رَمَضَانَ فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِي وَإِنْ شِئْتِ لَا تَقْضِي
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سِمَاكٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الْإِسْنَادُ أَصَحُّ إِسْنَادٍ
لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طُرُقِ سِمَاكٍ وَلَا يَقُومُ عَلَى غَيْرِهِ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ شُعْبَةُ
وَكَانَ سِمَاكٌ يَقُولُ حَدَّثَنِي ابْنَا أُمِّ هَانِئٍ فَرَوَيْتُهُ عَنْ أَفْضَلِهِمَا
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا بِجَوَازِ الْفِطْرِ فِي التَّطَوُّعِ بِأَنْ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ
طَلِحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ إِنَّا خَبَّأَنَا لَكَ حَيْسًا فَقَالَ أَمَا إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ ولكن
قدميه
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 356
قَالَ وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ وَهُوَ صَائِمٌ رَفَعَ إناء فوضعه
على يده وهو الرَّحْلِ فَشَرِبَ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ
فَقَالَ هَذَا لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَأَلَّا يَدْخُلَ وَكَانَ مُخَيَّرًا فِي
ذَلِكَ إِذَا دَخَلَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَالتَّطَوُّعُ بِهَذَا أَوْلَى
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وعبد المجيد عن بن جريج عن عطاء أن بن عَبَّاسٍ
كَانَ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا
قَالَ وَيَضْرِبُ لِذَلِكَ أَمْثَالًا رَجُلٌ طَافَ سَبْعًا وَلَمْ يُوَفِّهِ فَقَدَ مَا احْتَسَبَ أَوْ صَلَّى رَكْعَةً
فَلَمْ يُصَلِّ أُخْرَى فَقَدَ مَا احْتَسَبَ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عن بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ لَا
يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا
قال وأخبرنا عبد المجيد عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي الْوَرْدِ مِثْلَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ ذَكَرَ هَذِهِ الْآثَارَ كُلَّهَا عبد الرزاق عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَمْرِو
بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَوَاءٌ
وَذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أن بن عَبَّاسٍ قَالَ الصَّوْمُ
كَالصَّدَقَةِ أَرَدْتَ أَنْ تَصُومَ فَبَدَا لَكَ وَأَرَدْتَ أَنْ تَصَدَّقَ فَبَدَا لَكَ
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَخْبَرَنِي إِسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ
قَالَ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا مُتَطَوِّعًا إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ
وَهُوَ قَوْلُ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَمُجَاهِدٍ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ
وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى مَنْ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْحُجَّةَ بِالْإِجْمَاعِ فِي حَجِّ الْعُمْرَةِ وَالتَّطَوُّعِ أَنَّهُ
لَيْسَ لِأَحَدٍ الْخُرُوجُ مِنْهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِمَا وَأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْهُمَا قَضَاهُمَا وَأَنَّ الصِّيَامَ
قِيَاسٌ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ أَوْ صِيَامَهُ أَوْ طَوَافَهُ كَانَ
عَاصِيًا لَوْ تَمَادَى فِي ذَلِكَ فَاسِدًا وَهُوَ فِي الْحَجِّ مَأْمُورٌ بِالتَّمَادِي فِيهِ فَاسِدًا وَلَا يَجُوزُ
لَهُ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 357
الْخُرُوجُ مِنْهُ حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى فَسَادِهِ ثُمَّ يَقْضِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الصَّوْمُ وَالصَّلَاةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنْ حُجَّةِ مَالِكٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ فِي إِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُتَطَوِّعِ إِذَا
أَفْسَدَ صومه عامدا مع حديث بن شِهَابٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثُ عَائِشَةَ
وَحَفْصَةَ وَقَوْلُ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ (وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) الْحَجِّ 30
وَلَيْسَ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ بِمُعَظِّمٍ لِحُرَمِ الصَّوْمِ وَقَدْ أَبْطَلَ عَمَلَهُ
فِيهِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) الْبَقَرَةِ 187 وَهُوَ
يَقْتَضِي عُمُومَ الْفَرْضِ وَالنَّافِلَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ)
الْبَقَرَةِ 197 وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْمُفْسِدَ لِحِجَّةِ التَّطَوُّعِ أَوْ عُمْرَتِهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ فَالْقِيَاسُ
عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ إِيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَى مُفْسِدِ صَوْمِهِ عَامِدًا
وَأَمَّا مَنِ احْتَجَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) مُحَمَّدٍ 30 فَجَاهِلٌ بِأَقْوَالِ
أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ فِيهَا عَلَى قَوْلَيْنِ
فَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ لَا تُبْطِلُوهَا بِالرِّيَاءِ أَخْلِصُوهَا لِلَّهِ
وَقَالَ آخَرُوُنَ (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ) مُحَمَّدٍ 30 بِارْتِكَابِ الْكَبَائِرِ وَمِمَّنْ رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ
أَبُو الْعَالِيَةِ
وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ
مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ
وَرُوِيَ فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلَا يَأْكُلْ
فَلَوْ كَانَ الْفِطْرُ فِي التَّطَوُّعِ حَسَنًا لَكَانَ أَفْضَلُ ذَلِكَ وَأَحْسَنُهُ فِي إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ الَّتِي
هِيَ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْفِطْرَ فِي التَّطَوُّعِ لَا يَجُوزُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا تَصُومُ امْرَأَةٌ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ
مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلَّا بِإِذْنِهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 358
وَفِي هَذَا أَنَّ الْمُتَطَوِّعَ لَا يُفْطِرُ وَلَا يُفَطِّرُهُ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَيْهَا
مَا احْتَاجَتْ إِلَى إِذْنِهِ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ إِذْنُهُ لَا مَعْنَى لَهُ
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ قُدِّمَ إِلَيْهِ سَمْنٌ وَتَمْرٌ وَهُوَ صَائِمٌ فَقَالَ
رُدُّوا تَمْرَكُمْ فِي وِعَائِهِ وَسَمْنَكُمْ فِي سِقَائِهِ فَإِنِّي صَائِمٌ وَلَمْ يُفْطِرْ بَلْ أَتَمَّ صِيَامَهُ إِلَى
اللَّيْلِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ) الْبَقَرَةِ 187 وَلَمْ يَخُصَّ
فرضا من نافلة
وقد روي عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ ذَاكَ اللَّاعِبُ
بِدِينِهِ أَوْ قَالَ بِصَوْمِهِ
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الْأَسِنَّةُ فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُفْطِرَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ
قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَزَعَةُ بْنُ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مَعْرُوفُ بْنُ أَبِي
مَعْرُوفٍ أَنَّ عَطَاءً صَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا بِذِي طُوَى فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ وَعَطَاءٌ صَائِمٌ وَمُجَاهِدٌ
صَائِمٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ صَائِمٌ فَأَفْطَرَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَقَالَ سَعِيدٌ لَأَنْ تَخْتَلِفَ الشِّفَارُ
فِي جَوْفِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُفْطِرَ
وهو قول بن عمر وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومكحول
وإليه ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابُهُ
وَقَدِ احْتَجَّ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا كَانَ مِثْلَهَا مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ بِمَا قَدْ
أَوْرَدْنَا مَعْنَاهُ فِيمَا مَضَى لِهَذَا الْبَابِ