عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ (...) |
عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ إِنَّمَا يَذَرُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي فَالصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ كُلُّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَّا الصِّيَامَ فَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ قَوْلُهُ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ يَعْنِي مَا يَعْتَرِيهِ فِي آخِرِ النَّهَارِ مِنَ التَّغَيُّرِ وَأَكْثَرُ ذَلِكَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَقَوْلُهُ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يُرِيدُ أَزْكَى عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ عِنْدَكُمْ يَحُضُّهُمْ عَلَيْهِ وَيُرَغِّبُهُمْ فيه وهذا في فضل الصيام وَثَوَابِ الصَّائِمِ وَقَوْلُهُ الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الصَّوْمَ لَا يظهر من بن آدَمَ فِي قَوْلٍ وَلَا عَمَلٍ وَإِنَّمَا هُوَ نِيَّةٌ يَنْطَوِي عَلَيْهَا لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ وَلَيْسَتْ مِمَّا يَظْهَرُ فَيَكْتُبُهَا الْحَفَظَةُ كَمَا تَكْتُبُ الذِّكْرَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّدَقَةَ وَسَائِرَ أَعْمَالِ الظَّاهِرِ لِأَنَّ الصَّوْمَ فِي الشَّرِيعَةِ لَيْسَ هُوَ بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ دُونَ اسْتِشْعَارِ النِّيَّةِ وَاعْتِقَادِ النِّيَّةِ بِأَنَّ تَرْكَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالْجِمَاعَ ابْتِغَاءَ ثَوَابِ اللَّهِ وَرَغْبَتَهُ فِيمَا نَدَبَ إِلَيْهِ تَزَلُّفًا وَقُرْبَةً مِنْهُ كُلُّ ذَلِكَ مِنْهُ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَمَنْ لَمْ يَنْوِ بِصَوْمِهِ أَنَّهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَيْسَ بِصِيَامٍ فَلِهَذَا قُلْنَا إِنَّهُ لَا تَطَّلِعُ عَلَيْهِ الْحَفَظَةُ لِأَنَّ التَّارِكَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَيْسَ بِصَائِمٍ فِي الشَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِفِعْلِهِ ذلك التقرب إلى الله تعالى بما أَمَرَهُ بِهِ وَرَضِيَهُ مِنْ تَرْكِهِ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ لَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيَكَ لَهُ لَا لِأَحَدٍ سِوَاهُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا أُرِيدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ له ولكنه ظَاهِرٌ وَالصَّوْمُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَفِي قَوْلِهِ الصَّوْمُ لِي فَضْلٌ عَظِيمٌ لِلصَّوْمِ لِأَنَّهُ لَا يُضَافُ إِلَيْهِ إِلَّا أَكْرَمُ الْأُمُورِ وَأَفْضَلُ الْأَعْمَالِ كَمَا قَالَ بَيْتُ اللَّهِ فِي الْكَعْبَةِ وَكَمَا قَالَ تعالى (ونفخت الجزء: 3 ¦ الصفحة: 375 فِيهِ مِنْ رُوحِي) الْحِجْرِ 29 وَقِيلَ لِعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رُوحُ اللَّهِ وَكَمَا قَالَ (صِبْغَةَ اللَّهِ) الْبَقَرَةِ 138 وَكَمَا قَالَ (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ) الْحَجِّ 26 وَيُقَالُ دِينُ اللَّهِ وَبَيْتُ اللَّهِ وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ وَالصَّوْمُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ الصَّبْرُ قَالَ بن الْأَنْبَارِيِّ إِنَّمَا سُمِّيَ الصَّوْمُ صَبْرًا لِأَنَّهُ حَبَسَ النَّفْسَ عَنِ الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ وَالْمَنَاكِحِ وَالشَّهَوَاتِ وَقَالَ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ صَامَ شَهْرَ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ يَعْنِي بِشَهْرِ الصَّبْرِ شَهْرَ رَمَضَانَ وَقَدْ يُسَمَّى الصَّائِمُ سَائِحًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (السَّائِحُونَ) التَّوْبَةِ 112 يَعْنِي الصَّائِمِينَ الْمُصَلِّينَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ) التَّحْرِيمِ 5 وَلِلصَّوْمِ وُجُوهٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ |