ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلَهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ (...) |
ذَكَرَ فِيهِ مَالِكٌ عَنِ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا اعْتَكَفَ يُدْنِي إِلَيَّ رَأْسَهُ فَأُرَجِّلَهُ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إِلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ اخْتِلَافَ أَصْحَابِ مَالِكٍ عَلَيْهِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَتْنِهِ واختلاف أصحاب بن شِهَابٍ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَبَيَّنَّا ذَلِكَ كُلَّهُ هُنَالِكَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَأَمَّا الِاعْتِكَافُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فَهُوَ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيْءِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهِ وَالْمُلَازَمَةُ لَهُ وَأَمَّا فِي الشَّرِيعَةِ فَمَعْنَاهُ الْإِقَامَةُ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَمَلِ الْبِرِّ عَلَى حَسَبِ مَا وَرَدَ مِنْ سُنَنِ الِاعْتِكَافِ فَمَا أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ جَائِزٌ الدَّهْرَ كُلَّهُ إِلَّا الْأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا فَإِنَّهَا مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ الِاعْتِكَافِ بغير صوم الجزء: 3 ¦ الصفحة: 384 وَأَجْمَعُوا أَنَّ سُنَّةَ الِاعْتِكَافِ الْمَنْدُوبِ إِلَيْهَا شَهْرُ رَمَضَانَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَأَنَّهُ جَائِزٌ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا مَا ذَكَرْنَا وَأَجْمَعُوا أَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ يَعْنِي فِي الْبَقَرَةِ 187 فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْآيَةَ خَرَجَتْ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ الْعُمُومَ فَقَالُوا لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدِ نَبِيٍّ كَالْكَعْبَةِ أَوْ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لَا غَيْرِ وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمِنْ حُجَّتِهِمَا أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي مَسْجِدِهِ وَكَانَ الْقَصْدُ وَالْإِشَارَةُ إِلَى نَوْعِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ مِمَّا بَنَاهُ نَبِيٌّ وَقَالَ آخَرُونَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ تُجْمَعُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ فِي الْآيَاتِ عِنْدَهُمْ إِلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ مِنَ الْمَسَاجِدِ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وبن مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَالْحَكَمُ بن عيينة وَحَمَّادٌ وَالزُّهْرِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَقَالَ آخَرُونَ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ جَائِزٌ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي قِلَابَةَ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَهَمَّامِ بْنِ الْحَارِثِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبِي الْأَحْوَصِ وَالشَّعْبِيِّ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيِّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَبِهِ يقول بن عُلَيَّةَ وَدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَحُجَّتُهُمْ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى عُمُومِهَا فِي كُلِّ مَسْجِدٍ |