مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَنَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَا لَا
اعْتِكَافَ إِلَّا بِصِيَامٍ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ وَنَافِعًا مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَا لَا
اعْتِكَافَ إِلَّا بِصِيَامٍ بِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي كِتَابِهِ (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ
وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) الْبَقَرَةِ 187 فَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ الِاعْتِكَافَ مَعَ الصِّيَامِ
قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى ذَلِكَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصِيَامٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مالك وعلى ذلك الأمر عندنا أنه لا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصِيَامٍ فِي هَذَا
الْبَابِ هُوَ قول بن عَبَّاسٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 392
ذكر بن وهب وعبد الرزاق قالا أخبرنا بن جريج عن عطاء عن بن عباس وبن
عُمَرَ قَالَا لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ
وَبِهِ قال عروة بن الزبير وعامر الشعبي وبن شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ
وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الِاعْتِكَافُ جَائِزٌ بِغَيْرِ صِيَامٍ
وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كِلَاهُمَا
قَالَ الْمُعْتَكِفُ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْ
وعن بن مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل وإسحاق وبن عُلَيَّةَ وَدَاوُدُ
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنِ بن عَبَّاسٍ وَرَوَى عَنْهُ طَاوُسٌ لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صَوْمٌ
إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ
رَوَاهُ أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ طَاوُسٍ
وَرَوَى عَنْهُ عَطَاءُ وَمِقْسَمٌ وَأَبُو فَاخِتَةَ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ
وَكَذَلِكَ رَوَى لَيْثٌ عَنْ طَاوُسٍ
وَاخْتُلِفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فَرُوِيَ عَنْهُ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا
وَكَذَلِكَ اخْتُلِفَ فِيهَا عَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ
وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَقَوْلُهُ فِيهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ وَاحْتَجَّ لِمَذْهَبِهِ وَمَذْهَبِ
الشَّافِعِيِّ كَذَلِكَ بِحُجَجٍ
(مِنْهَا) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً فَأَمَرَهُ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُوَفِّيَ بِنَذْرِهِ وَلَيْسَ اللَّيْلُ مَوْضِعَ صِيَامٍ
(وَمِنْهَا) أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَنْوِي بِهِ أَحَدٌ رَمَضَانَ وَغَيْرَهُ مَعًا لَا وَاجِبًا مِنَ الصِّيَامِ
وَلَا غَيْرَ وَاجِبٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اعْتِكَافَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي
رَمَضَانَ
(وَمِنْهَا) أَنَّ لَيْلَ الْمُعْتَكِفِ وَنَهَارَهُ سَوَاءٌ وَلَيْسَ اللَّيْلُ بِمَوْضِعِ الصِّيَامِ
وَذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو سُهَيْلِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ اجْتَمَعْتُ أنا وبن
شِهَابٍ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَكَانَ عَلَى امْرَأَتِي اعْتِكَافُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْمَسْجِدِ
الحرام فقال بن شِهَابٍ لَا يَكُونُ الِاعْتِكَافُ إِلَّا بِصِيَامٍ فَقَالَ عمر بن
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 393
عَبْدِ الْعَزِيزِ أَمِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ لَا
قَالَ فَمِنْ عُمَرَ قَالَ لَا قَالَ فَمِنْ عُثْمَانَ قَالَ لَا قَالَ أَبُو سُهَيْلٍ فَانْصَرَفْتُ فَوَجَدْتُ
طَاوُسًا وَعَطَاءً فَسَأَلَتُهُمَا عن ذلك فقال طاوس كان بن عَبَّاسٍ لَا يَرَى عَلَى الْمُعْتَكِفِ
صِيَامًا إِلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَالَ عَطَاءٌ وَذَلِكَ رَأْيِي
وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ