وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ
رَمَضَانَ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي
ذَلِكَ
 
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ إِنَّهُ رَأَى أَهْلَ الْعِلْمِ إِذَا اعْتَكَفُوا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ
رَمَضَانَ لَا يَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ حَتَّى يَشْهَدُوا الْفِطْرَ مَعَ الْمُسْلِمِينَ
قَالَ مَالِكٌ وَبَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ الْفَضْلِ الَّذِينَ مَضَوْا وَهُوَ أَحَبُّ مَا سَمِعْتُ إِلَيَّ فِي
ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَمِعَ الِاخْتِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَدِ
اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِيهَا فَالْأُكْثَرُ عَنْهُ مَا فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مُعْتَكَفِهِ مَنِ اعْتَكَفَ
الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ إِلَّا إِلَى الْمُصَلَّى وَإِنْ خَرَجَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 394
رواه بن الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ قَوْلُ بن القاسم
وقال بن الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ يُعِيدُ اعْتِكَافَهُ
قَالَ سَحْنُونٌ لِأَنَّ السنة المجتمع عَلَيْهَا أَنْ يَبِيتَ فِي مُعْتَكَفِهِ حَتَّى يُصْبِحَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِمَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا رِوَايَةً جَاءَتْ عَنْ
مَالِكٍ ذَكَرَهَا إِسْمَاعِيلُ فِي الْمَبْسُوطِ لَا وَجْهَ لَهَا فِي الْقِيَاسِ لِمَا وَصَفْنَا وَالصَّحِيحُ عَنْ
مَالِكٍ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا وَلَمْ يُجْتَمَعْ عَلَى مَا ذَكَرَ سَحْنُونٌ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا وَالْخِلَافُ
مَوْجُودٌ فِيهَا وَالْخِلَافُ لَا حجة فيه
وذكر بن وَهْبٍ عَنِ اللَّيْثِ أَنَّ عَقِيلًا حَدَّثَهُ عَنِ بن شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ
يَنْصَرِفَ الْمُعْتَكِفُ إِلَى أَهْلِهِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ
وَبِهِ قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هِيَ مَسْأَلَةُ اسْتِحْبَابٍ لِيَصِلَ الْمُعْتَكِفُ اعْتِكَافَهُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ فَيَكُونُ قَدْ
وَصَلَ نُسُكًا بِنُسُكٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا وَاجِبٌ وَلَا لَازِمٌ وَلَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لِأَنَّ
الْأَصْلَ لَيْلَةُ الْعِيدِ وَيَوْمُ الْعِيدِ لَيْسَ بِمَوْضِعِ اعْتِكَافٍ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَاهُ إِلَّا
بِصِيَامٍ وَمَعَ هَذَا فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ مَعْلُومٌ بِالْمَدِينَةِ وبالكوفة
ذكر بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ
كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلْمُعْتَكِفِ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى يَكُونَ غُدُوُّهُ مِنْهُ إِلَى
العيد
وعن وكيع عن بن عُمَرَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ يَبِيتُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ
فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ حَتَّى يَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْهُ إِلَى مُصَلَّاهُ
وَعَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ
فَهَؤُلَاءِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ أَعْلَامٌ إِلَى مَا حَكَاهُ مَالِكٌ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ فُضَلَاءَ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعُلَمَائِهِمْ
وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي ذَلِكَ عَلَى مَا اخْتَارَهُ مَالِكٌ وَاسْتَحَبَّهُ
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ يَقُولَانِ يَخْرُجُ مِنِ اعْتِكَافِهِ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ
أَيَّامِهِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ دَخَلَ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَإِذَا أَهَلَّ هِلَالُ
شَوَّالٍ فَقَدْ أَتَمَّ الْعَشْرَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
الجزء: 3 ¦ الصفحة: 395
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ أَجْمَعُوا فِي الْمُعْتَكِفِ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ أَوِ الْوُسُطِ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّهُ
يَخْرُجُ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنِ اعْتِكَافِهِ
وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا يُوهِنُ وَرِوَايَةُ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا أَوْ فِي
صَبِيحَتِهَا وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ نَقِيضُ مَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْخُرُوجِ لِمَنِ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ
الْأَوَاخِرَ وَيَدُلُّ عَلَى تَصْوِيبِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ فِيهَا مِنَ اعْتِكَافِهِ يَعْنِي بَعْدَ
الْغُرُوبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَالصَّحِيحُ فِي تَحْصِيلِ مذهب مالك أن يقام الْمُعْتَكِفُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي مُعْتَكَفِهِ وَخُرُوجُهُ
مِنْهُ إِلَى الْعِيدِ اسْتِحْبَابٌ وَفَضْلٌ لَا إِيجَابٌ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَهُ فِي مُوَطَّئِهِ بَلْ قَدْ
نَصَّ عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ