مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ
التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وعشرين وهي الليلة التي يخرج فيها من صُبْحِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ قَالَ مَنِ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ وَقَدْ رَأَيْتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَقَدْ رَأَيْتُنِي الجزء: 3 ¦ الصفحة: 404 أَسْجُدُ مِنْ صُبْحِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وَتْرٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَمْطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ لَيْلَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاعْتِكَافَ فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الِاعْتِكَافِ فِيهِ وَمَا وَاظَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ سُنَّةٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ قَوْلُهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْوُسُطَ مِنْ رَمَضَانَ وَهَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ وَأَمَّا قَوْلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ هَكَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَالشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ يَخْرُجُ فِيهَا من صبيحتها ورواه القعنبي وبن وهب وبن الْقَاسِمِ وَجَمَاعَةٌ عَنْ مَالِكٍ وَقَالُوا فِيهِ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مَسْأَلَةَ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ أَيَّ وَقْتٍ هُوَ فِي بَابِ خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ إِلَى الْعِيدِ وَأَمَّا خُرُوجُ مَنِ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْوُسُطَ أَوِ اعْتَكَفَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ فَ روى بن وهب وبن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ مَنِ اعْتَكَفَ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَوْ وَسَطَهُ فَلْيَخْرُجْ إِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ يَوْمٍ مِنِ اعْتِكَافِهِ وَإِنِ اعْتَكَفَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَلَا يَنْصَرِفْ إِلَى بَيْتِهِ حَتَّى يَشْهَدَ الْعِيدَ وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْمُعْتَكِفِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَوْ فِي الْعَشْرِ الْأُوَلِ أَوِ الْوُسُطِ مِنْ رَمَضَانَ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنِ اعْتِكَافِهِ إِلَّا إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ مِنْ آخِرِ أيام اعتكافه الجزء: 3 ¦ الصفحة: 405 وَهَذَا يُعَضِّدُ وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَأَنَّ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا وَهْمٌ وَأَظُنُّ الْوَهْمَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ مَذْهَبِهِمْ فِي خُرُوجِ الْمُعْتَكِفِ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْفِطْرِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ فَاعْتَكَفَ عَامًا حَتَّى إَذَا كَانَتْ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ فِيهَا مِنِ اعْتِكَافِهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنِيرٍ عَنْ هَارُونَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قُلْتُ هَلْ سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ قَالَ نَعَمْ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ الْأَوْسَطَ مِنْ رَمَضَانَ فَخَرَجْنَا صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَقَالَ إِنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَذَا قَالَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ وَهَذَا خِلَافُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هَذَا وَالْوَجْهُ عِنْدِي - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ أَرَادَ خَطَبَهُمْ غَدَاةَ عِشْرِينَ لِيُعَرِّفَهُمْ أَنَّهُ الْيَوْمُ الْآخِرُ مِنْ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِمْ وَأَنَّ اللَّيْلَةَ الَّتِي تِلْكَ الصَّبِيحَةُ هِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ هِيَ الْمَطْلُوبُ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ بِمَا رَأَى مِنَ الرُّؤْيَا وَقَوْلُهُ إِنِّي أُرِيتُهَا ثُمَّ أُنْسِيتُهَا وَرَأَيْتُنِي أَسْجُدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا فِي مَاءٍ وَطِينٍ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وَتْرٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَنْتَقِلُ وَيُخَيَّلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ يَعْنِي فِي الْوَتْرِ مِنْهَا أَيْ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْأَغْلَبِ مِنْ كُلِّ عَامٍ وَرُؤْيَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَلَّتْهُ عَلَى أَنَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْعَامِ فِي الْأَيَّامِ الْبَاقِيَةِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَهِيَ الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ وَأَنَّهَا فِي الْوَتْرِ مِنْهَا فَلِذَلِكَ خَاطَبَهُمْ ثُمَّ خَاطَبَهُمْ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ اخْتِلَافُ الْأَحَادِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاخْتِلَافُ الْعُلَمَاءِ فِيهَا عَلَى مَا نَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَاكِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الجزء: 3 ¦ الصفحة: 406 أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو الْبَزَّارُ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنِ شَرِيكٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُهَا فَنُسِّيتُهَا وَهِيَ لَيْلَةُ مَطَرٍ وريح أو قال فطر وَرِيحٍ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ فَوَكَفَ فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنَّ سَقْفَهُ كَانَ مُعَرَّشًا بِالْجَرِيدِ مِنْ غَيْرِ طِينٍ وَلِذَلِكَ كَانَ يَكِفُ وَقَوْلُهُ فَوَكَفَ يَعْنِي هَطَلَ فَتَبَلَّلَ الْمَسْجِدُ مِنْ ذَلِكَ ماء وطين وَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الصَّلَاةِ فِي الطِّينِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَمَرَّةً قَالَ لَا يُجْزِيهِ إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ بِالْأَرْضِ وَيَسْجُدُ عَلَيْهَا عَلَى حَسَبِ مَا يُمْكِنُهُ اسْتِدْلَالًا بِهَذَا الْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ فِيهِ فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ وَمَرَّةً قَالَ يُجْزِيهِ أَنْ يُومِئَ إِيمَاءً وَيَجْعَلُ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ يَعْنِي إِذَا كَانَ الْمَاءُ قَدْ أَحَاطَ بِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ أَوْمَأَ فِي مَاءٍ وَطِينٍ قَالَ عَمْرٌو وَمَا رَأَيْتُ أَعْلَمَ مِنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ حَدِيثَ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصَابَتْنَا السَّمَاءُ فَكَانَتِ الْبِلَّةُ مِنْ تَحْتِنَا وَالسَّمَاءُ مِنْ فَوْقِنَا وَنَحْنُ فِي مَضِيقٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَتَقَدَّمَ رسول الله يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَالْقَوْمُ عَلَى رَاحِلَتِهِمْ يُومِئُ إِيمَاءً يَجْعَلُ السُّجُودَ أَخْفَضَ مِنَ الرُّكُوعِ وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا مِنْ طُرُقٍ فِي التَّمْهِيدِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِثْلَ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ وَقَالَ الْأَثْرَمُ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَسْأَلُ عَنِ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَقَالَ فِي شِدَّةِ الْحَرْبِ وَأَمَّا الْأَمْنُ فَلَا إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ التَّطَوُّعُ وَفِي الطِّينِ الْمُحِيطِ بِهِ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّمْهِيدِ وَأَتَيْنَا مِنْهُ ها هنا وَفِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ وَالْحَمْدُ لله الجزء: 3 ¦ الصفحة: 407 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ أَنَّ السُّجُودَ عَلَى الْأَنْفِ وَالْجَبْهَةِ جَمِيعًا وَاجْتَمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ سُجُودِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ فَقَالَ مَالِكٌ يَسْجُدُ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ فَإِنْ سَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ دُونَ جَبْهَتِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ دُونَ أَنْفِهِ فَقَدْ أَدَّى وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُجْزِيهِ حَتَّى يَسْجُدَ عَلَى جَبْهَتِهِ وَأَنْفِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِهِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ وَذَكَرَ مِنْهَا الْوَجْهَ وَبَانَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ هَذَا أَنَّ سُجُودَهُ عَلَى وَجْهِهِ كَانَ عَلَى جبهته وأنفه وروى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ لَمْ يَضَعْ أَنْفَهُ فِي الْأَرْضِ فِي سُجُودِهِ فَلَا صَلَاةَ لَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ ذقنه أو أنفه أجزأه وحجته حديث بن عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ آرَابٍ فَذَكَرَ مِنْهَا الْوَجْهَ قَالُوا فَأَيُّ شَيْءٍ وَضَعَ مِنَ الْوَجْهِ أَجْزَأَهُ وهذا ليس بشيء لأن حديث بن عَبَّاسٍ قَدْ ذَكَرَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ الْأَنْفَ وَالْجَبْهَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طُرُقٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مُرَادَهُ قَوْلًا وَفِعْلًا |