وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
وَمَاتَ بِالْجُحْفَةِ مُحْرِمًا وَخَمَّرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَقَدِ انْقَضَى الْعَمَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ (...)
 
وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ
وَمَاتَ بِالْجُحْفَةِ مُحْرِمًا وَخَمَّرَ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ
قَالَ مَالِكٌ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَقَدِ انْقَضَى الْعَمَلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْخَلَفِ وَالسَّلَفِ فِي تَخْمِيرِ الْمُحْرِمِ لِوَجْهِهِ بَعْدَ
إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَمِّرُ رَأْسَهُ
فَكَانَ بن عُمَرَ فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْهُ يَقُولُ ما فوق الذقن من الرأس فلا
يخمره الْمُحْرِمُ
وَلِذَلِكَ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ عَنْ أصحابه
قال بن الْقَاسِمِ كَرِهَ مَالِكٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ ذَقَنَهُ أَوْ شَيْئًا مِمَّا فَوْقَ ذَقَنِهِ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ
فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ
قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ فَعَلَ أَتَرَى عَلَيْهِ فِدْيَةً قَالَ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَرَى
عَلَيْهِ شَيْئًا لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ فِي ذَلِكَ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مَنْ غَطَّى وَجْهَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَنَّهُ يَفْتَدِي
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 23
وفي موضع آخر من كتاب بن الْقَاسِمِ أَرَأَيْتَ مُحْرِمًا غَطَّى وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ فِي قَوْلِ
مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ تَرَكَهُ فَلَمْ يَنْزَعْهُ مَكَانَهُ حَتَّى
انْتَفَعَ بِذَلِكَ افْتَدَى
قُلْتُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ إِذَا غَطَّتْ وَجْهَهَا قَالَ نَعَمْ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ يُوَسِّعُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ
تَسْدِلَ رِدَاءَهَا فَوْقَ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا إِذَا أَرَادَتْ سِتْرًا وَإِنْ كَانَتْ لَا تُرِيدُ سِتْرًا فَلَا
تَسْدِلُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ رُوِيَ عَنْ عثمان وبن عباس وعبد الرحمن بن عوف وبن الزُّبَيْرِ وَزَيْدِ
بْنِ ثَابِتٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَاصٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ
وَجْهَهُ فَهُمْ مُخَالِفُونَ لِابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ
وَعَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ أَنَّهُمْ أَجَازُوا لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ وَجْهَهُ
وَقَالَ عَطَاءٌ يُخَمِّرُ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ إِلَى حَاجِبَيْهِ
وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدَ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ
عُثْمَانُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يُخَمِّرَانِ وُجُوهَهُمَا وَهُمَا مُحْرِمَانِ
وَكُلُّ مَنْ سَمَّيْنَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَفِي كِتَابِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
وَأَجْمَعُوا أَنَّ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَدْخُلَ الْخِبَاءَ وَالْفُسْطَاطَ وَإِنْ نَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ أَنْ يَرْمِيَ
عَلَيْهَا ثَوْبًا
وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِظْلَالِهِ عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ عَلَى الْمَحْمَلِ فَ رُوِيَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ
اضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ وَبَعْضُهُمْ يَرْفَعُهُ عَنْهُ
وَكَرِهَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ اسْتِظْلَالَ المحرم على محمله
وبه قال بن مهدي وبن حَنْبَلٍ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَظِلُّ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَأَنَّهُ أَجَازَ ذَلِكَ لِلْمُحْرِمِ
وَبِهِ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ والثوري وبن عُيَيْنَةَ
وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا
وَقَالَ مَالِكٌ إِذَا اسْتَظَلَّ الْمُحْرِمُ فِي مَحْمَلِهِ افْتَدَى
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 24
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَهِشَامُ بْنُ يُوسُفَ وَيَحْيَى بن سعيد عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ
يُخَمِّرُ الْمُحْرِمُ وَجْهَهُ إِلَى حَاجِبَيْهِ وَيُخَمِّرُ أُذُنَيْهِ حَتَّى حَاجِبَيْهِ
قَالَ بن جُرَيْجٍ فَقُلْتُ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْتَ قَوْلَكَ ذَلِكَ رَأْيٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنْ أَدْرَكْنَا النَّاسَ
عَلَيْهِ
قَالَ وَقَالَ عَطَاءٌ يُصْعِدُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ إِلَى حَاجِبِهِ وَلَا يَصُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ صَبًّا
وَيُخَمِّرُ أُذُنَيْهِ مَعَ وَجْهِهِ
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ بْنُ عيينة عن بن جريج عن عطاء مثله
وروى بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي وَأُخْتِي أَنَّهُمَا دَخَلَتَا
عَلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَسَأَلَتَاهَا كَيْفَ تُخَمِّرُ الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا فَأَخَذَتْ أَسْفَلَ خِمَارِهَا
فَغَطَّتْ بِهِ وَجْهَهَا وَعَلَيْهَا دَرَجٌ مُدْرَجٌ وَخِمَارٌ حَبَشِيٌّ
أَمَّا حَدِيثُهُ عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَفَّنَ ابْنَهُ وَاقِدًا وَمَاتَ بِالْجُحْفَةِ مُحْرِمًا وَخَمَّرَ
وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَقَالَ لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَطَيَّبْنَاهُ فَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَقَالَ فِي الْمُوَطَّأِ إِنَّمَا يَعْمَلُ
الرَّجُلُ مَا دَامَ حَيًّا فإذا مَاتَ انْقَطَعَ الْعَمَلُ وَلَا خِلَافَ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْعَلُ
بِالْمَيِّتِ الْمُحْرِمِ مَا يُفْعَلُ بِالْحَلَالِ
وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ قَالَ سُئِلَتْ عِائِشَةُ عَنِ الْمُحْرِمِ
يَمُوتُ فَقَالَتْ اصْنَعُوا بِهِ مَا تَصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ يَعْنِي مِنَ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ
وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعِكْرِمَةُ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُخَمَّرُ رأس المحرم ولا يطيب اتباعا لحديث بن عَبَّاسٍ فِي الَّذِي
وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ
وَلَا تُمِسُّوهُ طِيبًا فَإِنَّهُ يبعث يوم القيامة ملبيا
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ وَعَبْدُ الكريم عن سعيد بن جبير عن بن
عباس
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 25
وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا
حَمَّادٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَأَيُّوبُ عَنْ سعيد بن جبير عن بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ
وَاقِفًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَفَةَ فَوَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ
قَالَ أَيُّوبُ فَوَقَصَتْهُ فَمَاتَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ
وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبٍ وَلَا تُحَنِّطُوهُ وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ خَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْوَلِيدِ مُعْتَمِرًا مَعَ
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَمَاتَ بِالسُّقْيَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَلَمْ يُغَيِّبْ عُثْمَانُ رَأْسَهُ وَلَمْ يُمِسَّهُ طِيبًا
فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَ وَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِالْجُحْفَةِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَغَيَّبَ
رأسه بن عُمَرَ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ