وَذَكَرَ
عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُبَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ
وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ وَإِلَى جَنْبِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَقَالَ عُمَرُ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ
كَثِيرٌ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَبَّدْتُ رَأْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ لَا (...)
 
وَذَكَرَ
عَنِ الصَّلْتِ بْنِ زُبَيْدٍ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَجَدَ رِيحَ طِيبٍ
وَهُوَ بِالشَّجَرَةِ وَإِلَى جَنْبِهِ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ فَقَالَ عُمَرُ مِمَّنْ رِيحُ هَذَا الطِّيبِ فَقَالَ
كَثِيرٌ مِنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَبَّدْتُ رَأْسِي وَأَرَدْتُ أَنْ لَا أَحْلِقَ فَقَالَ عُمَرُ فَاذْهَبْ إِلَى
شَرَبَةٍ فَادْلِكْ رَأْسَكَ حَتَّى تُنَقِّيَهُ فَفَعَلَ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ
قَالَ مَالِكٌ الشَّرَبَةُ حَفِيرٌ تَكُونُ عِنْدَ أَصْلِ النَّخْلَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَقَدِّمُ فِي هَذَا الْبَابِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ عَنْ عَائِشَةَ
وَالْأَسَانِيدُ مُتَوَاتِرَةٌ بِهِ وَهِيَ صِحَاحٌ إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ
شَيْئًا سَنَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَأَمَّا حَدِيثُ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عطاء فهو مرسل في المؤطأ وَهُوَ مُتَّصِلٌ صَحِيحٌ مِنْ
حَدِيثِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَوَاهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو الزُّبَيْرِ وَعَمْرُو
بْنُ دِينَارٍ وقتادة وبن جُرَيْجٍ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى وَمَطَرٌ الْوَرَّاقُ وَإِبْرَاهِيمُ
بْنُ يَزِيدَ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بن أبي سليمان ومنصور بن المعتمر وبن أَبِي لَيْلَى وَاللَّيْثُ بْنُ
سَعْدٍ وَبَعْضُهُمْ أَتْقَنُ لَهُ مِنْ بَعْضٍ وَأَحْسَنُهُمْ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 27
رواية له عن عطاء بن جُرَيْجٍ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ وَقَيْسُ بْنُ سَعْدٍ
وَهَمَّامُ بْنُ يَحْيَى فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ رَوَوْهُ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ حَدَّثَنِي صفوان بن يعلى بن
أمية عن أبيه
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ قال حدثنا بن وَضَّاحٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
بِشْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ قَالَ
حَدَّثَنَا هَمَّامٌ قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءٌ قَالَ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعِرَّانَةِ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْخَلُوقِ (أَوْ قَالَ
صُفْرَةٌ) فَقَالَ كَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ فِي عُمْرَتِي قَالَ فَأُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ)
الْوَحْيُ فَاسْتَتَرَ بِثَوْبٍ وَكَانَ يَعْلَى يَقُولُ وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَدْ
أُنْزِلَ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ يَا يَعْلَى أَيَسُرُّكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَقَدْ أُنْزِلَ
عَلَيْهِ فَقُلْتُ نَعَمْ فَرَفَعَ طَرَفَ الثَّوْبِ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ فَإِذَا لَهُ غَطِيطٌ قَالَ أَحْسَبُهُ كَغَطِيطِ
الْبَكْرِ فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْهُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ اخْلَعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ وَاغْسِلْ عَنْكَ أَثَرَ
الْخَلُوقِ - أَوْ قَالَ الصُّفْرَةِ - وَقَالَ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا صَنَعَتْ فِي حَجَّتِكَ وَذَكَرَ
قِصَّةَ الْعَاضِّ لِيَدِ صَاحِبِهَا وَاللَّفْظُ لِابْنِ نَصْرٍ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أخبرنا بن عيينة عن بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ أَخْبَرَنِي
صَفْوَانُ بْنُ يَعْلَى أَنْ يَعْلَى كَانَ يَقُولُ لِعُمَرَ أَرِنِي نَبِيَّ اللَّهِ حِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ فَلِمَا كَانَ
بِالْجِعِرَّانَةِ وَعَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ قَدْ أَظَلَّ بِهِ عَلَيْهِ مَعَهُ فِيهِ نَاسٌ مِنْ
أَصْحَابِهِ مِنْهُمْ عُمَرُ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ
كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب فَسَكَتَ سَاعَةً فَجَاءَهُ
الْوَحْيُ فَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى بِيَدِهِ أَنْ تَعَالَى فَجَاءَ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ
السَّلَامُ - مُحْمَرُّ الْوَجْهِ يَغُطُّ كَذَلِكَ سَاعَةً ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ أَيْنَ السَّائِلُ عَنِ الْعُمْرَةِ
آنِفًا فَالْتَمَسَ الرَّجُلَ فَأُتِيَ به فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا الطِّيبُ الَّذِي بِكَ
فَاغْسِلْهُ عَنْكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَأَمَّا الْجُبَّةُ فَانْزِعْهَا ثُمَّ اصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ كَمَا تصنع في
حجك
قال بن جُرَيْجٍ كَانَ عَطَاءٌ يَأْخُذُ فِي الطِّيبِ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَكَانَ يَكْرَهُ الطَّيِّبَ عِنْدَ
الْإِحْرَامِ وَيَقُولُ إِنْ كَانَ بِهِ شَيْءٌ فَلْيَغْسِلْهُ وَلِيُنَقِّهِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 28
قال بن جُرَيْجٍ قَالَ وَكَانَ شَأْنُ صَاحِبِ الْجُبَّةِ قَبْلَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْأَخْذُ بِالْآخِرِ مِنْ
أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقٌّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَهُوَ بِحُنَيْنٍ فَالْمُرَادُ مُنْصَرَفُهُ مِنْ
غَزْوَةِ حُنَيْنٍ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَقِيَ الْأَعْرَابِيُّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ
الجعرانة وهو طريق حنين وفي هذا الْمَوْضِعِ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غَنَائِمَ حُنَيْنٍ كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ السِّيَرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ فَالْقَمِيصُ الْمَذْكُورُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هُوَ الْجُبَّةُ
الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ غَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمَخِيطَ كُلَّهُ مِنَ الثِّيَابِ لَا يَجُوزُ
لِبَاسُهُ لِلْمُحْرِمِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبَاسِ الْقُمُصِ وَالسَّرَاوِيلَاتِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ فَقَدْ بَانَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ أَنَّهَا كَانَتْ صُفْرَةَ خَلُوقٍ
وَهُوَ طِيبٌ مَعْمُولٌ مِنَ الزَّعْفَرَانِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
لِبَاسِ ثَوْبٍ مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الطِّيبَ كُلَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَى
الْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لِبَاسُ الثِّيَابِ
وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الطِّيبِ لِلْمُحْرِمِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ لِمَا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَأَجَازَ ذَلِكَ
قَوْمٌ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ وَمَنْ كَرِهَهُ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ صَاحِبِ الْقَمِيصِ
وَمِمَّنْ كَرِهَ الطِّيبَ لِلْمُحْرِمِ مِنْ قَبْلِ الْإِحْرَامِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَعَبْدُ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كُلُّهُمْ كَرِهُوا أَنْ يُوجَدَ مِنَ الْمُحْرِمِ
شَيْءٌ مِنْ رِيحِ الطِّيبِ وَلَمْ يُرَخِّصُوا لِأَحَدٍ أَنْ يَتَطَيَّبَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ
وَقَالَ بِهَذَا مِنَ الْعُلَمَاءِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى اخْتِلَافٍ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 29
عَنْ سَالِمٍ فِي ذَلِكَ وَالزُّهْرِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جبير والحسن وبن سِيرِينَ عَلَى اخْتِلَافٍ
عَنْهُمْ
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَأَصْحَابُهُ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ رواه عنه بن سَمَّاعَةَ
وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَانَ أَخَفَّهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلًا ذكر بن عَبْدِ
الْحَكَمِ عَنْهُ قَالَ وَتَرْكُ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَحَبُّ إِلَيْنَا
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ مَنْ لُبْسِ الْقُمُصِ
وَالسَّرَاوِيلَاتِ وَالْخِفَافِ وَالْعَمَائِمِ وَيَمْنَعُ مِنَ الطِّيبِ وَمِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ وَإِمْسَاكِهِ فَلَمَّا
أَجْمَعُوا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصًا أَوْ سَرَاوِيلَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَمَا أَحْرَمَ وَهُوَ عَلَيْهِ
أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِنَزْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْزِعْهُ وَتَرَكَهُ كَانَ كَمَنْ لَبِسَهُ فِي إِحْرَامِهِ لُبْسًا مُسْتَقْبَلًا
وَيَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَوِ اسْتَأْنَفَ لُبْسَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَكَذَلِكَ لَوِ اصْطَادَ
صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَهُوَ حَلَالٌ فَأَمْسَكَ فِي يَدِهِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أُمِرَ بِتَخْلِيَتِهِ وَإِنْ
لَمْ يُخَلِّهِ كَانَ إِمْسَاكُهُ لَهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ كَابْتِدَائِهِ الصَّيْدَ وَإِمْسَاكِهِ فِي إِحْرَامِهِ
قَالُوا فَلَمَّا كَانَ مَا ذكروا كما وصفنا وجب أن يكون الطيب قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَبَعْدَهُ سَوَاءً
وَاعْتَلُّوا فِي دَفْعِ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِمَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ قال
سألت بن عُمَرَ عَنِ الطِّيبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَالَ لَئِنْ أطلى بقطران أحب إلي من أُصْبِحَ
مُحْرِمًا يَنْضَخُ مِنِّي رِيحُ الطِّيبِ
قَالَ فدخلت على عائشة فأخبرتها بحديث بن عُمَرَ فَقَالَتْ رَحِمَ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ
طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا
رَوَاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ وَشُعْبَةُ
زَادَ بَعْضُهُمْ فِيهِ أَصْبَحَ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا
فَاحْتَجَّ مَنْ كَرِهَ الطِّيبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِهَذَا الْخَبَرِ وَقَالَ قَدْ بَانَ بِهَذَا فِي حَدِيثُ عَائِشَةَ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ بَعْدَ التَّطَيُّبِ وَإِذَا طَافَ عَلَيْهِنَّ
اغْتَسَلَ لَا مَحَالَهَ فَكَانَ بَيْنَ إِحْرَامِهِ وَتَطَيُّبِهِ غُسْلٌ
قَالُوا فَكَأَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَرَادَتْ بِهَذَا الْحَالِ الِاحْتِجَاجَ عَلَى مَنْ كَرِهَ مِنَ الْمُحْرِمِ بَعْدَ
إحرامه ريح الطيب كما كره ذلك بن عمر
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 30
وَأَمَّا بَقَاءُ نَفْسِ الطِّيبِ عَلَى الْمُحْرِمِ فَلَا
فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَنْ حَجَّ مَنْ كَرِهَ الطِّيبَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ مِنْ جِهَةِ الْأَثَرِ وَالْقِيَاسِ
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَطَيَّبَ الْمُحْرِمُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ بِمَا شَاءَ مِنَ
الطِّيبِ مِمَّا يَبْقَى عَلَيْهِ بَعْدَ إِحْرَامِهِ وَمِمَّا لَا يَبْقَى
وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ سعد بن أبي وقاص وبن عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَائِشَةُ وَأُمُّ حَبِيبَةَ
فَثَبَتَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ (رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ)
وَقَالَ بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَجَابِرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ وَخَارِجَةُ
بْنُ زَيْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الحنفية
واختلف في ذلك عن الحسن وبن سِيرِينَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَقَالَ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَزُفَرُ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَرَمِهِ قَبْلَ
أَنْ يُحْرِمَ وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ
هَذَا لَفْظُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ وَمِثْلُهُ رِوَايَةُ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ
وَقَالَ الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تُطَيِّبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَطْيَبِ مَا تَجِدُ
مِنَ الطِّيبِ حَتَّى قَالَتْ إِنِّي لَأَرَى وَبِيصَ الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ
وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْغَالِيَةِ الْجَيِّدَةِ عِنْدَ إِحْرَامِهِ
وَهَذَا رَوَاهُ أَبُو زَيْدِ بْنُ أَبِي الْغَمْرِ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ مُوسَى
بْنِ عُقْبَةَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 31
وَرَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ بْنِ عروة عن أبيه عروة بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ طَيَّبْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ بِأَطْيَبِ مَا أَجِدُ
وَرُبَّمَا قَالَتْ بِأَطْيَبِ الطِّيبِ لحرمه ولحله
وقالوا لا معنى لحديث بن الْمُنْتَشِرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُعَارِضُ بِهِ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةَ وَلَوْ كَانَ
مَا كَانَ فِي لَفْظِهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ طَافَ عَلَى نِسَائِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ
لِغَيْرِ جِمَاعٍ لِيُعْلِمَهُنَّ كَيْفَ يُحْرِمْنَ وَكَيْفَ يَعْمَلْنَ فِي حَجِّهِنَّ وَغَيْرَ ذَلِكَ
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ
يُرَى وَبِيصُ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ وهو
محرم
والصحيح في حديث بن الْمُنْتَشِرِ مَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ فَقَالَ فِيهِ
فَيَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا يَنْضَخُ طِيبًا
قَالُوا وَالنَّضْخُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الظُّهُورُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وجل (فيهما عينان نضاختان
66