وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ بِعُمْرَةٍ قال أبو عمر أما قول بن عُمَرَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ فَمُرْسَلُ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ هُوَ عِنْدَهُمْ (...) |
وَذَكَرَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ
بِعُمْرَةٍ قال أبو عمر أما قول بن عُمَرَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ فَمُرْسَلُ الصَّاحِبِ عَنِ الصَّاحِبِ هُوَ عِنْدَهُمْ كَالْمُسْنَدِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْحُجَّةِ بِهِ وَقَدْ روى بن عَبَّاسٍ فِي هَذَا مَا هُوَ أَكْمَلُ مَعْنَى من حديث بن عمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 36 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ وَأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَدِيَّةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ عمرو عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ بِالْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ بِالْجُحْفَةِ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلِمَ قَالَ وَهُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِمَّنْ سِوَاهُمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَالَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ قَالَ وَكَذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ يُهِلُّونَ مِنْهَا وَذَكَرَ عَبْدُ الرزاق عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْعِرَاقِ وَالْحِجَازِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ وَاسْتِعْمَالِهَا لَا يُخَالِفُونَ شَيْئًا مِنْهَا وَأَنَّهَا مَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا فِي الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ مِنْهَا وَلِكُلِّ مَنْ أَتَى عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا مِمَّنْ أَرَادَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِيقَاتِ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَفِي مَنْ وَقَّتَهُ لَهُمْ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ مِيقَاتُ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ كُلِّهَا ذَاتُ عَرَقٍ وَهُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ وَزَادَ الثَّوْرِيُّ إِنْ أَهَلُّوا مِنَ الْعَقِيقِ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَبُو الشَّعْثَاءِ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ لَمْ يُوَقِّتِ النَّبِيُّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَقْتًا وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بن دِثَارٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ حَدَّثَنَا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَمْ يُوَقِّتْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ وَقْتًا وَإِنَّمَا أَخَذَ النَّاسُ حِيَالَ قَرْنٍ ذَاتَ عِرْقٍ وَقَالَ جَابِرٌ وَعَائِشَةُ وَغَيْرُهُمَا وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 37 وَقَالَتْ طَائِفَةٌ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَنَّ الْعِرَاقَ فِي زَمَانِهِ افْتُتِحَتْ وَلَمْ تَكُنِ الْعِرَاقُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم ذَاتَ إِسْلَامٍ ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادِ بْنِ الْجِرَاحِ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رواد عن نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لَمَّا وُقِّتَ قَرْنٌ لِأَهْلِ نَجْدٍ قَالَ عُمَرُ مَهَلُّ أَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتُ عِرْقٍ فَاخْتَلَفُوا فِي الْقِيَاسِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ ذَاتُ عِرْقٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَطْنُ الْعَقِيقِ قَالَ بن عُمَرَ فَقَاسَ النَّاسُ ذَلِكَ وَقَالَ آخَرُونَ هَذِهِ غَفْلَةٌ مِنْ قَائِلِ هَذَا الْقَوْلِ بَلْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ بِالْعَقِيقِ كَمَا وَقَّتَ لِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَالشَّامُ كُلُّهَا يَوْمَئِذٍ ذَاتُ كُفْرٍ كَمَا كَانَتِ الْعِرَاقُ يَوْمَئِذٍ ذَاتَ كُفْرٍ فَوَقَّتَ لِأَهْلِ النَّوَاحِي لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَيَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِهِ الشَّامَ وَالْعِرَاقَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْبِلْدَانِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا وَمَنَعَتِ الشَّامُ مُدَّيْهَا وَدِينَارَهَا بِمَعْنَى سَتَمْنَعُ وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) زُوِيَتْ لِيَ الْأَرْضُ فَأُرِيتُ مشارقها وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ رَوَى حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ علي عن بن عَبَّاسٍ قَالَ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ وَرَوَى هِلَالُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ العقيق الجزء: 4 ¦ الصفحة: 38 وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ ذَاتَ عِرْقٍ وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي التَّمْهِيدِ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ بِهْرَامَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى قَالَ حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةَ وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ عِرَاقِيٍّ أَوْ مَشْرِقِيٍّ أَحْرَمَ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ فَقَدْ أَحْرَمَ عِنْدَ الْجَمِيعِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَالْعَقِيقُ أَحْوَطُ وَأُولَى عِنْدَهُمْ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُحْرِمَ أَحَدٌ عِنْدَ الْمِيقَاتِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ إِحْرَامَهُ مِنَ الْبَصْرَةِ وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ إِحْرَامَهُ قَبْلَ الْمِيقَاتِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ الْإِحْرَامَ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ مِنْهُمْ كَرَاهَةَ أَنْ يُضَيِّقَ الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ مَا قَدْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْ يَتَعَرَّضَ لِمَا لَمْ يَرَ أَنْ يَحْدُثَ فِي إِحْرَامِهِ وَكُلُّهُمْ أَلْزَمَهُ الْإِحْرَامَ لِأَنَّهُ زَادَ وَلَمْ يَنْقُصْ وَالدَّلِيلُ على ذلك أن بن عُمَرَ رَوَى الْمَوَاقِيتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَجَازَ الْإِحْرَامَ بَعْدَهَا مِنْ مَوْضِعٍ بَعِيدٍ هَذَا كُلُّهُ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ وَلَيْسَ الْإِحْرَامُ مِثْلَ عَرَفَاتٍ وَالْمُزْدَلِفَةِ الَّتِي لَا يُجَاوِزُ بِهَا مَوْضِعَهَا قَالَ وَالَّذِينَ أَحْرَمُوا قَبْلَ الْمِيقَاتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَثِيرٌ رَوَى شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى عَلِيًّا فَقَالَ أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196 قَالَ لَهُ عَلِيٌّ تَمَامُهَا أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ أن بن عُمَرَ أَهَلَّ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ أَبُو عمر أحرم بن عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَامَ الْحَكَمَيْنِ وَذَلِكَ بِأَنَّهُ شَهِدَ التَّحْكِيمَ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ فَلَمَّا افْتَرَقَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ نَهَضَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ أحرم منه الجزء: 4 ¦ الصفحة: 39 ذكر عبد الرزاق قال أخبرنا بن عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَعْيَنَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَتَيْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنِّي قَدْ رَكِبْتُ السُّفُنَ وَالْخَيْلَ وَالْإِبِلَ فَمِنْ أَيْنَ أُحْرِمُ قَالَ ائْتِ عَلِيًّا فَاسْأَلْهُ فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ ائْتِ عَلِيًّا فَاسْأَلْهُ فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ مِنْ حَيْثُ بدأت فَرَجَعْتُ إِلَى عُمَرَ فَقُلْتُ لَهُ أَتَيْتُ عَلِيًّا قَالَ فَمَا قَالَ لَكَ قُلْتُ قَالَ لِي أَحْرِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأَتْ قَالَ فَهُوَ مَا قَالَ لَكَ قَالَ وَأَخْبَرَنِي الْعُمَرِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنِ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن أذينة عن أبيه أذينة بْنِ سَلَمَةَ قَالَ أَتَيْتُ عُمَرَ فَذَكَرَ مِثْلَهُ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَا أَجِدُ لَكَ إِلَّا مَا قَالَ عَلِيٌّ قَالَ سُفْيَانُ وَصَنَعْنَا ذَلِكَ عَلَى الْمَوَاقِيتِ وَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالُوا كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلرَّجُلِ أَوَّلَ مَا يحج أن يحرم من بيته وأول ما يَعْتَمِرُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ بَيْتِهِ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَبِيبٍ وَإِسْحَاقُ وَالْإِحْرَامُ مِنَ الْمَوَاقِيتِ أَفْضَلُ وَهِيَ السُّنَّةُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهَا سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمَّتِهِ وَعَمِلَ بِهَا الصَّحَابَةُ مَعَهُ وَبَعْدَهُ وُجِدَ عَلَيْهَا عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ الْمَوَاقِيتُ رُخْصَةٌ وَتَوْسِعَةٌ يَتَمَتَّعُ الْمَرْءُ بِحِلِّهِ حَتَّى يَبْلُغَهَا وَلَا يَتَجَاوَزَهَا وَالْإِحْرَامُ قَبْلَهَا فِيهِ فَضْلٌ لِمَنْ فَعَلَهُ وَقَوِيَ عَلَيْهِ وَمَنْ أَحْرَمَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَالْإِحْرَامُ مِنْ مَوْضِعِهِ أَفْضَلُ وَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبي طالب وبن مسعود وعمران بن حصين وبن عمر وبن عَبَّاسٍ أَحْرَمُوا مِنَ الْمَوَاضِعِ الْبَعِيدَةِ وَهُمْ فُقَهَاءُ الصَّحَابَةِ وَقَدْ شَهِدُوا إِحْرَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ وَعَرَفُوا مِقْدَارَهُ وَمُرَادَهُ وَعَلِمُوا أَنَّ إِحْرَامَهُ مِنْ ميقاته كان تيسيرا على أمته أحرم بن عباس وبن عُمَرَ مِنَ الشَّامِ وَأَحْرَمَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ من البصرة وأحرم بن مَسْعُودٍ مِنَ الْقَادِسِيَّةِ وَكَانَ إِحْرَامُ عَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ مِنْ بُيُوتِهِمْ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ تَمَامُ الْحَجِّ أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الرَّجُلِ الْمُرِيدِ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يُجَاوِزُ مِيقَاتَ بَلَدِهِ إِلَى مِيقَاتٍ آخَرَ أَقْرَبَ إِلَى مَكَّةَ مِثْلَ أَنْ يَتْرُكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ الْإِحْرَامَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى يُحْرِمُوا مِنَ الْجُحْفَةِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 40 فَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَاخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ الدَّمَ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهُ وَأَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ عَلَى إِيجَابِ الدَّمِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَوْ أَحْرَمَ الْمَدَنِيُّ مِنْ مِيقَاتِهِ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَأَحْرَمَ مِنَ الْجُحْفَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَكَرِهَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ مُجَاوَزَةَ ذِي الْحُلَيْفَةِ إِلَى الْجُحْفَةِ وَلَمْ يُوجِبِ الدَّمَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ إِذَا أَرَادَتِ الْحَجَّ أَحْرَمَتْ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَإِذَا أَرَادَتِ الْعُمْرَةَ أَحْرَمَتْ مِنَ الْجُحْفَةِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَالَ مَالِكٌ إِذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَلَمْ يُحْرِمْ مِنْهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِذَا رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إِنْ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَلَبَّى سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الدَّمُ وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِنَّهُ إِنْ لَمْ يَرْجِعْ وَتَمَادَى فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلِلتَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَقَاوِيلُ أَيْضًا غَيْرَ هَذِهِ أَحْدُهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْمِيقَاتَ هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَالنَّخَعِيِّ وَقْوَلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ فَلَا حَجَّ لَهُ هَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَوْلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ كُلُّ مَنْ تَرَكَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى تَمَّ حَجُّهُ رَجَعَ إِلَى الْمِيقَاتِ فَأَهَلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ رُوِيَ هَذَا عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 41 وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَقْوَالُ شُذُوذٌ صَعْبَةٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهَا لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْآثَارِ وَلَا تَصِحُّ فِي النَّظَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ نِيَّةِ إِحْرَامٍ ثُمَّ يُحْرِمُ فَقَالَ مَالِكٌ أَيُّمَا عَبْدٍ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَذِنَ لَهُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ فَأَحْرَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ وَكَذَلِكَ إِنْ أَعْتَقَ اضْطَرَبَ الشَّافِعِيُّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَمَرَّةً قَالَ فِي الْعَبْدِ عَلَيْهِ دَمٌ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ فِي الْكَافِرِ يُجَاوِزُ الْمِيقَاتَ ثُمَّ يُسْلِمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ مَالِكٌ وَكَذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ يُجَاوِزُهُ ثُمَّ يَحْتَلِمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى لَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَى الصَّبِيِّ وَعَلَى الْكَافِرِ إِذَا أحرما من مكة ومرة قال عليهم بِلَادَهُمْ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّحِيحُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ بِالْمِيقَاتِ مُرِيدًا لِلْحَجِّ فَإِنَّمَا يُجَاوِزُهُ وَهُوَ غَيْرُ قَاصِدٍ إِلَى الْحَجِّ ثُمَّ حَدَثَ لَهُ حَالٌ وَقَّتَهُ بِمَكَّةَ فَأَحْرَمَ مِنْهَا فَصَارَ كَالْمَكِّيِّ الَّذِي لَا حَرَمَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّتَهَ فَإِنَّهُ يَقْضِيهَا مِنْ حَيْثُ كَانَ أَحْرَمَ بِالْحَجَّةِ الَّذِي أَفْسَدَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ عِنْدَ أَصْحَابِهِمَا عَلَى الِاخْتِيَارِ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ مَنْ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ لَا يُرِيدُ حَجًّا وَلَا عُمْرَةَ ثُمَّ بَدَا لَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ وَهُوَ قَدْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَنَّهُ يُحْرِمُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي بَدَا لَهُ مِنْهُ فِي الْحَجِّ وَلَا يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ يَرْجِعُ إِلَى الْمِيقَاتِ وَيُحْرِمُ مِنْهُ وَأَمَّا حَدِيثُهُ عَنْ نَافِعٍ عن بن عُمَرَ أَنَّهُ أَهَلَّ مِنَ الْفَرْعِ فَمُجْمَلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَرَّ بِالْمِيقَاتِ لَا يُرِيدُ إِحْرَامًا ثُمَّ بَدَا لَهُ فَأَهَلَّ مِنْهُ أَوْ جَاءَ إِلَى الْفَرْعِ مِنْ مَكَّةَ وَغَيْرِهَا ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْإِحْرَامِ هَكَذَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وغيره في معنى حديث بن عمر هذا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 42 وَمَعْلُومٌ أَنَّ عُمَرَ رَوَى حَدِيثَ الْمَوَاقِيتِ وَمُحَالٌ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَوَجَبَ عَلَى نَفْسِهِ دَمًا هَذَا لَا يَدْخُلُهُ عَالِمٌ فَأَجْمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ أَهْلُهُ دُونَ الْمَوَاقِيتِ إِلَى مَكَّةَ أَنَّ مِيقَاتَهُ مِنْ أَهْلِهِ حَتَّى يُبْلُغَ مَكَّةَ عَلَى مَا فِي حديث بن عَبَّاسٍ وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا قَوْلَانِ شَاذَّانِ أَحْدُهُمَا لِأَبِي حَنِيفَةَ فَيَمَنْ مَنْزِلُهُ بَيْنَ الْمَوَاقِيتِ وَمَكَّةَ قَالَ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ إِلَّا حَرَامٌ فَإِنْ دَخْلَهُ غَيْرَ حَرَامٍ فَلْيَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ وَلْيُهِلَّ مِنْ حَيْثُ شَاءَ مِنَ الْمَهَلِّ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ لَا يُلْزِمُونَهُ الْخُرُوجَ مِنَ الْحَرَمِ إِلَى الْحِلِّ في الحج وإنما يلزمه عندهم أن ينشئ حَجَّهُ مِنْ حَيْثُ نَوَاهُ (وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لِمُجَاهِدٍ) قَالَ إِذَا كَانَ الرَّجُلُ مَنْزِلُهُ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمِيقَاتِ أَهَلَّ مِنْ مَكَّةَ وَأَمَّا إِهْلَالُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ بِعُمْرَةٍ فَذَلِكَ مُنْصَرَفُهُ مِنْ حُنَيْنٍ إِلَى مَكَّةَ وَالْعُمْرَةُ لَا مِيقَاتَ لَهَا إِلَّا الْحِلُّ فَمَنْ أَتَى الْحِلَّ أَهَلَّ بِهَا مَنْشَؤُهَا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَلَا حَرَجَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ |