مَالِكٌ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ وَمَعْنَاهُ (...) |
مَالِكٌ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ أَهَلَّ مِنْ عِنْدِ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ حِينَ
اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَأَنَّ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ أَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَلَمْ يَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ وَمَعْنَاهُ قَدْ رُوِيَ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرْتُ أَكْثَرَهَا فِي التَّمْهِيدِ وَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الْإِهْلَالَ سُنَّتُهُ أَنْ تَكُونَ قَبْلَهُ صَلَاةُ نَافِلَةٍ أَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ ثُمَّ يُهِلُّ بِإِثْرِهَا وَيَرْكَبُ فَيُهِلُّ أَيْضًا إِذَا رَكِبَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ حدثني عيسى بن إبراهيم عن بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شِهَابٍ أَنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَبُ رَاحِلَتَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ يُهِلُّ حَتَّى تَسْتَوِيَ بِهِ قَائِمَةً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا بن جُرَيْجٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَصَلَّى الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ حَتَّى أَصْبَحَ فَلَمَّا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ وَاسْتَوَتْ بِهِ أَهَلَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَأَحْرَمَ بِإِثْرِهِمَا وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ بَيْدَاؤُكُمْ هَذِهِ فَإِنَّهُ أَرَادَ مَوْضِعَكُمُ الَّذِي تَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُهِلَّ إلا منه قال ذلك بن عُمَرَ مُنْكِرًا لِقَوْلِ مَنْ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَهَلَّ فِي حَجَّتِهِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ وَالْبَيْدَاءُ الصَّحْرَاءُ يُرِيدُ بَيْدَاءَ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ مَا أَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَالْإِهْلَالُ فِي الشَّرِيعَةِ هُوَ الْإِحْرَامُ وَهُوَ فَرْضُ الْحَجِّ وَهُوَ التَّلْبِيَةُ بِالْحَجِّ أَوِ الْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ وَيَنْوِي مَا شَاءَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْإِحْرَامِ تُجْزِئُ عَنِ الْكَلَامِ وَلَا قَضَاءَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 48 وَنَاقَضَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ إِنَّ الْإِحْرَامَ عِنْدَهُ مِنْ شَرْطِهِ التَّلْبِيَةُ وَلَا يَصِحُّ إِلَّا بِالنِّيَّةِ كَمَا لَا يَصِحُّ الدُّخُولُ فِي الصَّلَاةِ إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ جَمِيعًا ثُمَّ قَالَ فِيمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَأَحْرَمَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يَفِقْ حَتَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ يُجْزِئْهُ إِحْرَامُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَنْ عَرَضَ لَهُ هَذَا فَقَدَ فَاتَهُ الْحَجُّ وَلَا يَنْفَعُهُ إِحْرَامُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ وَنَاقَضَ مَالِكٌ أَيْضًا فَقَالَ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْرِمْ فَلَا حَجَّ لَهُ وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَيْسَ بِتَنَاقُضٍ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَفُوتُ إِلَّا بِفَوْتِ عَرَفَةَ وَحَسْبُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِذَا أَفَاقَ قَبْلَ عَرَفَةَ فَإِذَا أَحْرَمَ ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَوَقَفَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ عَلَى إِحْرَامِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ الَّذِي يَدْخُلُ عَلَيْنَا أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ فَرَضٌ وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَتَأَدَّى مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إِلَى أَدَائِهِ كَالْإِحْرَامِ سَوَاءٌ وَكَسَائِرِ الْفُرُوضِ لَا تَسْقُطُ إِلَّا بِالْقَصْدِ إِلَى أَدَائِهَا بِالنِّيَّةِ وَالْعَمَلِ حَتَّى يُكْمِلَهَا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَوَافَقَ أَبُو حَنِيفَةَ مَالِكًا فِيمَنْ شَهِدَ عَرَفَةَ مُغْمًى عَلَيْهِ وَلَمْ يَفِقْ حَتَّى انْصَدَعَ الْفَجْرُ وَخَالَفَهُمَا الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يُجِزْ لِلْمُغْمَى عَلَيْهِ وُقُوفًا بِعَرَفَةَ حَتَّى يُصْبِحَ عَالِمًا بِذَلِكَ قَاصِدًا إِلَيْهِ وَبِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَ أَحْمَدُ وِإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَأَكْثَرُ النَّاسِ وَاخْتَلَفَتِ الْآثَارُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَحْرَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ لِحِجَّتِهِ مِنْ أَقْطَارِ ذِي الْحُلَيْفَةِ فَقَالَ قَوْمٌ أَحْرَمَ مِنْ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ بَعْدَ أَنْ صَلَّى فِيهِ وَقَالَ آخَرُونَ لَمْ يُحْرِمْ إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنِ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَقَالَ آخَرُونَ إِنَّمَا أَحْرَمَ حِينَ أَطَلَّ عَلَى الْبَيْدَاءِ وَأَشْرَفَ عَلَيْهَا وَقَدْ أَوْضَحَ بن عَبَّاسٍ الْمَعْنَى فِي اخْتِلَافِهِمْ فَأَمَّا الْآثَارُ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ أَهَلَّ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى البيداء ف الجزء: 4 ¦ الصفحة: 49 رَوَى أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا عَلَا عَلَى جَبَلِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْرَمَ مِنَ الْبَيْدَاءِ وَرُبَّمَا قَالَ مِنَ الْمَسْجِدِ حِينَ اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ رِوَايَةُ شُعْبَةَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ مُخَالَفَةٌ لِرِوَايَةٍ مَالِكٍ عَنْهُ بِإِسْنَادٍ وَاحِدٍ وَحَدِيثُ عَبِيدِ بْنِ جُرَيْجٍ عن بن عُمَرَ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُهِلَّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ وَحَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ طَرِيقَ الْفُرْعِ أَهَلَّ إِذَا استوت به راحلته وإذا أخذ طريق الفرع أَهَلَّ إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الْبَيْدَاءِ فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ كُلِّهَا الْإِهْلَالُ بِالْبَيْدَاءِ وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِحَدِيثِ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا وَهِيَ صَحِيحَةٌ وحديث بن عَبَّاسٍ يُفَسِّرُ مَا أَوْهَمَ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بن سعيد قال حدثني أبي عن بن إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي خُصَيْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ عَجِبْتُ لِاخْتِلَافِ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي إِهْلَالِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَوْجَبَ حِجَّتَهُ فَقَالَ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسُ بِذَلِكَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا صلى بمسجده ذي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْهِ أَوْجَبَهُ فِي مَجْلِسِهِ فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ فَرَغَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا عَنْهُ ذَلِكَ ثُمَّ رَكِبَ فَلَمَّا اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَحَفِظُوا ذَلِكَ عَنْهُ وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا كَانُوا يَأْتُونَ أَرْسَالًا فَسَمِعُوهُ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ يُهِلُّ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ حِينَ اسْتَقَلَّتْ بِهِ نَاقَتُهُ ثُمَّ مَضَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا وَقَفَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 50 عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ وَأَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْهُ أَقْوَامٌ فَقَالُوا إِنَّمَا أَهَلَّ عَلَى شَرَفِ الْبَيْدَاءِ فمن أخذ من قول بن عَبَّاسٍ أَهَلَّ فِي مُصَلَّاهُ إِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْهِ وَفِي هَذَا الْبَابِ |