مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ
يَصْنَعُهَا قَالَ وما هن يا بن جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَرْبَعًا لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِكَ
يَصْنَعُهَا قَالَ وما هن يا بن جُرَيْجٍ قَالَ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ
وَرَأَيْتُكَ تَلَبَسُ النِّعَالَ السَّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ
إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهْلِلْ أَنْتَ حتى يكون في يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ
أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ إِلَّا الْيَمَانِيَّيْنِ وَأَمَّا
النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ
فِيهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَلْبَسَهَا وَأَمَّا الصُّفْرَةُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَصْبُغَ بِهَا وَأَمَّا الْإِهْلَالُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عُبَيْدُ بْنُ جُرَيْجٍ مِنْ ثِقَاتِ التَّابِعِينَ
ذَكَرَ الْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا بن وهب قال حدثني أبو
صخر عن بن قُسَيْطٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ حَجَجْتُ مع بن عُمَرَ مِنْ بَيْنِ حَجٍّ
وَعُمْرَةٍ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ مَرَّةً
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَفْعَالِ وَالْأَقْوَالِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 51
وَالْمَذَاهِبِ كَانَ فِي الصَّحَابَةِ مَوْجُودًا وَهُوَ عَنَدَ الْعُلَمَاءِ أَصَحُّ مَا يَكُونَ فِي الِاخْتِلَافِ
إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا مَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَاخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ بَعْدِهِمْ فَلَيْسَ
اخْتِلَافُهُمْ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الصَّحَابَةِ بِالتَّأْوِيلِ الْمُحْتَمَلِ فِيمَا سَمِعُوهُ أَوْ
رَأَوْهُ أَوْ فِيمَا انْفَرَدَ بِعِلْمِهِ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَوْ فِيمَا كَانَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى طَرِيقِ الْإِبَاحَةِ فِي فِعْلِهِ لِشَيْئَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي وَقْتِهِ
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُجَّةَ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ سُنَّةٌ وَأَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَى ما خلفها
وَلَيْسَ مَنْ خَالَفَهَا عَلَيْهَا حُجَّةٌ
أَلَا تَرَى أن بن عمر لما قال له بن جُرَيْجٍ رَأَيْتُكَ تَصْنَعُ أَشْيَاءَ لَمْ يَصْنَعْهَا أَحَدٌ مِنْ
أَصْحَابِكَ لَمْ يَسْتَوْحِشْ مِنْ مُفَارَقَةِ أَصْحَابِهِ إِذْ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ عِلْمٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يقل له بن جُرَيْجٍ الْجَمَاعَةُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكَ وَلَعَلَّكَ قَدْ وَهِمْتَ كَمَا يَقُولُ الْيَوْمَ مَنْ لَا عِلْمَ لَهُ بَلِ انْقَادَ لِلْحَقِّ إِذْ
سَمِعَهُ وَهَكَذَا يَلْزَمُ الْجَمِيعُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ لَا تَمَسُّ مِنَ الْأَرْكَانِ إِلَّا الْيَمَانِيَيْنِ فَالسُّنَّةُ الَّتِي عَلَيْهَا جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ
وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ أَنَّ ذَيْنِكَ الرُّكْنَيْنِ يُسْتَلَمَانِ دون غيرهما
وروينا عن بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ
الذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ عَلَى قَوَاعِدَ إِبْرَاهِيمَ
وَأَمَّا السَّلَفُ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ
فروي عن جابر وأنس وبن الزُّبَيْرِ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) أَنَّهُمُ كانوا
يَسْتَلِمُونَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا
وَعَنْ عُرْوَةَ مِثْلَ ذَلِكَ
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَمَنْ يَتَّقِ شَيْئًا مِنَ الْبَيْتِ وَكَانَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ فَقَالَ بن
عَبَّاسٍ لِمُعَاوِيَةَ أَلَا تَقْتَصِرُ عَلَى اسْتِلَامِ الرُّكْنَيْنِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْبَيْتِ
مَهْجُورًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ قَالَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 52
حَمَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قال حج
بن عَبَّاسٍ فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا قَالَ بن عَبَّاسٍ إِنَّمَا اسْتَلَمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ الْأَيْمَنَيْنِ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ لَيْسَ مِنْ أَرْكَانِهِ مَهْجُورٌ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا
الطَّيَالِسِيُّ قال حدثنا ليث بن سعد عن بن شهاب عن سالم عن بن عُمَرَ قَالَ لَمْ أَرَ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مِنَ الْبَيْتِ إِلَّا الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ رَأَيْتُكَ تَلَبَسُ النِّعَالَ السَّبْتِيَّةَ فَهِيَ النِّعَالُ السُّودُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا الشعر
ذكره بن وَهْبٍ صَاحِبُ مَالِكٍ
وَقَالَ الْخَلِيلُ السَّبْتُ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ بِالْقَرَظِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ هَوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بن قُتَيْبَةَ
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ هُوَ كُلُّ جِلْدٍ مَدْبُوغٍ
وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ جُلُودُ الْبَقَرِ خَاصَّةً مَدْبُوغَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ وَلَا يُقَالُ لِغِيَرِهَا
سَبْتٌ وَجَمَعُهَا سُبُوتٌ
وَقَالَ غَيْرُهُ السَّبْتُ نَوْعٌ مِنَ الدِّبَاغِ يَقْلَعُ الشَّعَرَ وَتُلْبَسُ النِّعَالُ مِنْهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي جَوَازِ لِبَاسِ النِّعَالِ السَّبْتِيَّةِ فِي غَيْرِ الْمَقَابِرِ وَأَمَّا فِي
الْمَقَابِرِ فَقَدْ جَاءَ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَعَنِ الْعُلَمَاءِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي التَّمْهِيدِ
وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ ورأيتك تصبغ بالصفرة وقول بن عُمَرَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْبُغُ بِهَا فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ
فَقَالَ قَوْمٌ أَرَادَ الْخِضَابَ بِهَا وَاحْتَجُّوا بِرِوَايَةِ مُسَدَّدٍ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ
الْقَطَّانِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ المقبري عن
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 53
بن جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ أَرْبَعُ خِصَالٍ رَأَيْتُكَ تَضْعَهُنَّ قَالَ وَمَا هُنَّ قُلْتُ رَأَيْتُكَ
تَلْبَسُ النِّعَالَ السَّبْتِيَّةَ وَرَأَيْتُكَ لَا تَسْتَلِمُ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ وَرَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتِكَ
وَسَاقَ الْحَدِيثَ
وَفِيهِ وَأَمَّا تَصْفِيرِي لِحْيَتِي فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ
وَذَكَرَ تَمَامَ الْخَبَرِ
وَمِثْلُ ذَلِكَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ
بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ قَالَ إِنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَفِّرُ بِالْوَرْسِ فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أُصَفِّرَ بِهِ كَمَا
كَانَ يَصْنَعُ
وَرَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ
بن جريج قال رأيت بن عُمَرَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ قُلْتُ لَهُ رَأَيْتُكَ تُصَفِّرُ لِحْيَتَكَ قَالَ رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ
وَرَوَى عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ عَنِ الْحَجَّاجِ عَنْ عطاء رأيت بن
عُمَرَ وَلِحْيَتُهُ صَفْرَاءُ
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَسَانِيدَ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَنِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُمْ فِي التَّمْهِيدِ
وَذَكَرْنَا حَدِيثَ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْضِبُ
وَلَكِنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ فكان يغسلها بالحناء والسدر
وقد ذكر بن أَبِي خَيْثَمَةَ فِي هَذَا أَخْبَارًا كَثِيرَةً وَفِي هَذِهِ أَيْضًا
وَقَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ رَأَيْتُكَ تَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ أَرَادَ
أَنَّهُ كَانَ يُصَفِّرُ ثِيَابَهُ وَيَلْبَسُ ثِيابًا صُفْرًا وَأَمَّا الْخِضَابُ فَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْضِبُ وَاحْتَجُّوا بِآثَارٍ كَثِيرَةٍ قَدْ ذُكِرْنَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَفِي بَابِ رَبِيعَةَ
مِنَ التَّمْهِيدِ وَفِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْهَا دِيوَانُ مِنْ ذَلِكَ كِفَايَةٌ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ
بْنُ سَعْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ قَالَ سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنِ
الْخِضَابِ فَقَالَ خَضَبَ أَبُو بَكْرٍ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ فَخَضَبَ عُمَرُ بِالْحِنَّاءِ قِيلَ لَهُ فَرَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَكُنْ فِي لِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 54
قَالَ حُمَيْدٌ كُنَّ سَبْعَ عَشْرَةَ شَعْرَةً
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنَا قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ أَخْضَبَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ
وَذَكَرَ مَالِكٌ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَلْبَسُ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ بِالْمِشْقِ وَالْمَصْبُوغَ
بِالزَّعْفَرَانِ
قال أبو عمر حديث بن عُمَرَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ كَانَ
فِي صَبْغِ الثِّيَابِ بِالصُّفْرَةِ لَا فِي خِضَابِ الشَّعْرِ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ وَلَمْ تُهِلَّ
أنت حتى كان يوم التروية فقال بن عُمَرَ لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يُهِلُّ حَتَّى تَنْبَعِثَ بِهِ رَاحِلَتُهُ فإن بن عُمَرَ قَدْ جَاءَ بِحُجَّةٍ قَاطِعَةٍ نَزَعَ بِهَا وَأَخَذَ
بِالْعُمُومِ فِي إِهْلَالِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَخُصَّ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِهَا
وَقَالَ لَا يُهِلُّ الْحَاجُّ إِلَّا فِي وَقْتٍ يَتَّصِلُ لَهُ عَمَلُهُ وَقَصْدُهُ إِلَى الْبَيْتِ وَمَوَاضِعِ الْمَنَاسِكِ
وَالشَّعَائِرِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ وَاتَّصَلَ لَهُ عَمَلُهُ
وقد تابع بن عُمَرَ عَلَى إِهْلَالِهِ هَذَا فِي إِهْلَالِ الْمَكِّيِّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ
الْعِلْمِ
ذكر عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَا
يُهِلُّ أَحَدٌ مِنْ مَكَّةَ بِالْحَجِّ حَتَّى يُرِيدَ الرَّوَاحَ إِلَى مِنًى
قَالَ بن طَاوُسٍ وَكَانَ أَبِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمَسْجِدِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ خَرَجَ
قَالَ بن جُرَيْجٍ وَقَالَ عَطَاءٌ إِهْلَالُ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُهِلَّ أَحَدُهُمْ حِينَ تَتَوَجَّهُ بِهِ دَابَّتُهُ نَحْوَ
مِنًى فَإِنْ كَانَ مَاشِيًا فَحِينَ يَتَوَجَّهُ نَحْوَ مِنًى
وَأَهَلَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلُوا فِي حَجَّتِهِمْ مَعَ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ
السَّلَامُ) عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ حِينَ تَوَجَّهُوا إِلَى منى
قال بن جُرَيْجٍ وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يُخْبِرُ عَنْ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 55
حِجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فأمرنا بعد ما طفنا أن نحل قال وَإِذَا أَرَدْتُمْ
أَنْ تَنْطَلِقُوا إِلَى مِنًى فَأَهِلُّوا قَالَ فَأَحْلَلْنَا مِنَ الْبَطْحَاءِ
وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَذْهَبٌ آخَرُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَيْضًا جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
سَنَذْكُرُهُ فِي بَابِ إِهْلَالِ أَهْلِ مَكَّةَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ