وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمَ يَقُولُونَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ
لِتُسْمِعِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا
قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالْإِهْلَالِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ لِيُسْمِعْ نَفْسَهُ وَمَنْ
يَلِيهِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ (...)
 
وَذَكَرَ أَنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلْمَ يَقُولُونَ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ
لِتُسْمِعِ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا
قَالَ مَالِكٌ لَا يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالْإِهْلَالِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ لِيُسْمِعْ نَفْسَهُ وَمَنْ
يَلِيهِ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى فَإِنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا
قَالَ مَالِكٌ سَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَعَلَى كُلِّ شَرَفٍ
مِنَ الْأَرْضِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ سَمِعْتُهُمْ يَصْرُخُونَ بِهِمَا جَمِيعًا
وَالصُّرَاخُ الصِّيَاحُ
وَقَدْ أَوْجَبَ أَهْلُ الظَّاهِرِ رَفْعَ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ فَرْضًا وَلَمْ يُوجِبْهُ غَيْرُهُمْ وَهُوَ عِنْدَهُمْ
سُنَّةٌ
قَالَ مَالِكٌ يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ قَدَرَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَرْفَعُ صَوْتَهَا
قَدْرَ مَا تُسْمِعُ نَفْسَهَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 56
وَقَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى وَبَيْنَ سَائِرِ
الْمَسَاجِدِ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ أَنَّ مَسَاجِدَ الْجَمَاعَةِ إِنَّمَا بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ خَاصَّةً فَكُرِهَ
رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهَا وَجَاءَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ فِيهَا عَامًّا لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْ
أَحَدٍ إِلَّا الْإِمَامَ الَّذِي يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِيهَا فَدَخَلَ الْمُلَبِّي فِي الْجُمْلَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ
فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ مِنًى لِأَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ جُعِلَ لِلْحَاجِّ وَغَيْرِ الْحَاجِّ قَالَ
اللَّهُ تَعَالَى (سَوَاءً العاكف فيه والباد) الْحَجِّ 25 وَكَانَ الْمُلَبِّي إِنَّمَا يَقْصِدُ إِلَيْهِ فَكَانَ لَهُ
فِيهِ مِنَ الْخُصُوصِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا وَأَمَّا مَسْجِدُ مِنًى فَإِنَّهُ لِلْحَاجِّ خَاصَّةً
وقد ذكر أبو ثابت عن بن نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ هَلْ تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهَا
بِالتَّلْبِيَةِ فِي الْمَسَاجِدِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ قَالَ نَعَمْ قَالَ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ
قَالَ إِسْمَاعِيلُ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ إِنَّمَا جُعِلَتْ لِلْمَارَّيْنِ وَأَكْثَرُهُمُ الْمُحْرِمُونَ فَهُمْ مِنَ النَّوْعِ
الَّذِي وَصَفْنَاهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالشَّافِعِيُّ يَرْفَعُ الْمُحْرِمُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ عِنْدَ
اصْطِدَامِ الرِّفَاقِ وَالْإِشْرَافِ وَالْهُبُوطِ وَاسْتِقْبَالِ اللَّيْلِ فِي الْمَسَاجِدِ كُلِّهَا
وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ بِالْعِرَاقِ مِثْلَ قَوْلِ مَالِكٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى هَذَا عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ
هَذَا الْبَابِ وَعُمُومِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يخص فيه موضعا من موضع
وكان بن عمر يرفع صوته بالتلبية
وقال بن عَبَّاسٍ هِيَ زِينَةُ الْحَاجِّ
وَقَالَ أَبُو حَازِمٍ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبْلُغُونَ الرَّوْحَاءَ
حَتَّى تُبَحَّ حُلُوقُهُمْ مِنَ التَّلْبِيَةِ
وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَرْفَعَ صَوْتَهَا وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تُسْمِعَ
نَفْسَهَا فَخَرَجَتْ مِنْ جُمْلَةِ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَخُصَّتْ بِذَلِكَ وَبَقِيَ الْحَدِيثُ فِي الرِّجَالِ
وَاسْتَبْعَدَهُمْ بِهِ مَنْ سَاعَدَهُ ظَاهِرُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عن سالم قال كان بن عُمَرَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ
بِالتَّلْبِيَةِ فَلَا يَأْتِ الرَّوْحَاءَ حَتَّى يَصْحَلَ صَوْتُهُ
قَالَ الْخَلِيلُ صَحِلَ صَوْتُهُ يَصْحَلُ صَحَلًا فَهُوَ أَصْحَلُ إِذَا كَانَتْ فِيهِ بَحَّةٌ
وَأَمَّا قَوْلُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ التَّلْبِيَةَ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ وَعَلَى كُلِّ
شَرَفٍ فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 57