عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ قَالَ رَبِيعَةُ فَلَقِيتُ عَبْدَ (...) |
عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَدِيرِ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا مُتَجَرِّدًا بِالْعِرَاقِ فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا إِنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ قَالَ رَبِيعَةُ فَلَقِيتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ رَوَى حديث عائشة المسند في أول الباب بن جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ وَرَوَاهُ أَفْلَحُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ الْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ وَمَسْرُوقٌ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِالْكُوفَةِ وَهُوَ حَدِيثٌ مُجْتَمَعٌ عَلَى إِسْنَادِهِ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا قَلَّدَ الْحَاجُّ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَحَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُلَبِّي بِالْحَجِّ وَكَذَلِكَ إِذَا أَشْعَرَ هَدْيَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَحْلِيلِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ الْإِحْلَالُ كَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَبَاهُ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِلَّا مَنْ أَحْرَمَ وَلَبَّى كَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 80 وَقَالَ آخَرُونَ إِذَا نَوَى بِالتَّقْلِيدِ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ وَهَذَا كُلُّهُ عَنْهُمْ فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ (فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) الْبَقَرَةِ 197 وَكُلُّهُمْ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُ الْحَجِّ وَتَلْبِيَتِهِ فِي حِينِ تَقْلِيدِهِ الْهَدْيَ وَإِشْعَارِهِ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ بن عمر كقول بن عَبَّاسٍ مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ سَوَاءٌ خَرَجَ مَعَهُ أو بعث به وَأَقَامَ وَهُوَ يَفْعَلُهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ خَرَجَ بِهَدْيٍ لِنَفْسِهِ فَأَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ هُوَ حَتَّى جَاءَ الْجُحْفَةَ قَالَ لَا أُحِبُّ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ فَعَلَهُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْهَدْيَ وَلَا يُشْعِرَهُ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ إِلَّا رَجُلٌ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ فَيَبْعَثُ بِهِ وَيُقِيمُ فِي أَهْلِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي حَالًّا وَسُئِلَ مَالِكٌ هَلْ يَخْرُجُ بِالْهَدْيِ غَيْرَ مُحْرِمٍ فَقَالَ نَعَمْ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ مِنَ الْإِحْرَامِ لِتَقْلِيدِ الْهَدْيِ مِمَّنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ فَقَالَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ فِي ذَلِكَ قَوْلُ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ أَقَامَ فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا أَحَلَّهُ اللَّهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ هَدْيُهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْمُسْنَدِ فِي هَذَا الْبَابِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَرَى أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ إِلَى الْكَعْبَةِ لَزِمَهُ إِذَا قَلَّدَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَجْتَنِبَ كُلَّ مَا يَجْتَنِبُهُ الْحَاجُّ حَتَّى يُنْحَرَ هَدْيُهُ وَتَابَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ رَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عن سعيد بن المسيب قَالَ أَخْبَرَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ أَنَّ بُدْنَهُ قُلِّدَتْ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ جَارِيَتِهِ فَانْتَزَعَهُ وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا مَيْمُونُ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ قَالَ مَنْ قَلَّدَ أَوْ أَشْعَرَ أَوْ جَلَّلَ فَقَدْ أَحْرَمَ وَرُوِيَ بِمِثْلِ ذَلِكَ أَثَرٌ مَرْفُوعٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفِيهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ وَعُلُومِ الدِّيَانَةِ فَلَا يَعِيبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بأكثر مِنْ رَدِّ قَوْلِهِ وَمُخَالَفَتِهِ إِلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ السُّنَّةِ فِي ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 81 وَفِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الِاهْتِبَالِ بِأَمْرِ الدِّينِ وَالْكِتَابِ فِيهِ إِلَى الْبُلْدَانِ وَفِيهِ عَمَلُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَيْدِيِهِنَّ وَامْتِهَانِهِنَّ أَنْفُسَهُنَّ وَكَذَلِكَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْتَهِنُ نَفْسَهُ فِي عَمَلِ بَيْتِهِ فَرُبَّمَا خَاطَ ثَوْبَهُ وَخَصَفَ نَعْلَهُ وَقَلَّدَ هَدْيَهُ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِيَدِهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَفِيهِ أَنَّ تَقْلِيدَ الْهَدْيِ لَا يُوجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ الْإِحْرَامَ وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي سَبَقَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَهُوَ الْحُجَّةُ عِنْدَ الشَّارِعِ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا ذَكَرَهُ فِي مُوَطَّئِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَسَنُ بْنُ حَيٍّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ كُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ التَّقْلِيدَ لَا يُوجِبُ الْإِحْرَامَ عَلَى مَنْ لَمْ يَنْوِهِ هَذِهِ جُمْلَةُ أَقْوَالِهِمْ وَأَمَّا تَفْصِيلُهَا فَ قَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَلَّدَ الْهَدْيَ فَقَدْ أَحْرَمَ إِنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوِ الْعُمْرَةَ وَإِنْ كَانَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَلْيَبْعَثْ بِهَدْيِهِ وَلْيَقُمْ حَلَالًا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وأبو ثور وداود ولا يكون أحدا محرما بِسِيَاقَةِ الْهَدْيِ وَلَا بِتَقْلِيدِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إِحْرَامٌ حَتَّى يَنْوِيَهُ وَيُرِيدَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مَنْ سَاقَ هَدْيًا وَهُوَ يَؤُمُّ الْبَيْتَ ثُمَّ قَلَّدَهُ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَإِنَّ جَلَّلَ الْهَدْيَ أَوْ أَشْعَرَهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا وَإِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا بِالتَّقْلِيدِ وَقَالَ إِنْ كَانَتْ مَعَهُ شَاةٌ فَقَلَّدَهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُقَلَّدُ وَقَالَ إِنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ فَقَلَّدَهُ وَأَقَامَ حَلَالًا ثُمَّ بَدَى لَهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ وَاتَّبَعَ هَدْيَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحْرِمًا حِينَ يَخْرُجُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مُحْرِمًا إِذَا أَدْرَكَ هَدْيَهُ وَأَخَذَهُ وَسَارَ بِهِ وَسَاقَهُ مَعَهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَإِنْ بَعَثَ بِهَدْيٍ لِمُتْعَةٍ ثُمَّ أَقَامَ حَلَالًا أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ وَقَدْ كَانَ قَلَّدَ هَدْيَهُ فَهُوَ مُحْرِمٌ حِينَ يَخْرُجُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ بَعَثَ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ قَالَ أَبُو عُمَرُ رُوِيَ عن عطاء نحو مذهب بن عَبَّاسٍ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ رَوَى الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرزاق وهشام بن يوسف عن بن جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ أَمَّا الِّذِي قَلَّدَ الْهَدْيَ فَقَدْ أَحْرَمَ قَالَ وَمِثْلُ التَّقْلِيدِ فَرْضُ الرَّجُلِ هَدْيَهُ ثُمَّ يَقُولُ أَنْتَ هَدْيٌ أَوْ قَدْ أَهْدَيْتُكَ قَالَ وَبِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ الْمُجَلَّلُ وَالْإِشْعَارُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 82 وَيَحْتَمِلُ هَذَا مِنْ قَوْلِ عَطَاءٍ أَنْ يَنْوِيَ فِعْلَ ذَلِكَ أَوْ يَتَوَجَّهَ مَعَ هَدْيِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي ذَهَبَ إليه من اتبع بن عباس وبن عُمَرَ رَوَاهُ أَسَدُ بْنُ مُوسَى وَغَيْرُهُ عَنْ حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عطاء بن أبي لبيبة عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا فَقَدَّ قَمِيصَهُ مِنْ جَنْبِهِ حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ رِجْلَيْهِ فَنَظَرَ الْقَوْمُ إِلَى النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَقَالَ أَمَرْتُ بِبُدْنِي الَّتِي بَعَثْتُ بِهَا أَنْ تُقَلَّدَ وَتُشْعَرَ عَلَى مَكَانِ كَذَا وَكَذَا فَلَبِسْتُ قَمِيصِي وَنَسِيتُ فَلَمْ أَكُنْ لِأُخْرِجَ قَمِيصِي مِنْ رَأْسِي فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ فِي أَهْلِهِ فَقَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ أَنَّهُ يَتَجَرَّدُ فَيُقِيمُ كَذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ النَّاسُ مِنْ حجهم واحتجوا بهذا الحديث وبقول بن عَبَّاسٍ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي لَبِيبَةَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَوَى عَنْهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ وَالدَّرَاوَرْدِيُّ وَدَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ وَحَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ إِلَّا أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا يَنْفَرِدُ بِهِ فَكَيْفَ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَلَكِنَّهُ قَدْ عَمِلَ بِحَدِيثِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) رَوَى معمر عن أيوب عن بن سيرين أن بن عَبَّاسٍ بَعَثَ بِهَدْيِهِ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهُ فَأَتَى مُطَرِّفَ بْنَ الشِّخِّيرِ فِي الْمَنَامِ فقيل له أئت بن عَبَّاسٍ فَمُرْهُ أَنْ يُطَهِّرَ فَرْجَهُ فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ فَأَتَى اللَّيْلَةَ الثَانِيَةَ فَقِيلَ لَهُ مِثْلَ ذلك فأبى أن يأتيه فأتى اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ وَقِيلَ لَهُ قَوْلٌ فِيهِ بَعْضُ الشدة فلما أصبح أتى بن عباس فأخبره بذلك فقال بن عَبَّاسٍ وَمَا ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ فَقَالَ إِنِّي وَقَعْتُ عَلَى فُلَانَةٍ بَعْدَ مَا قَلَّدْتُ الْهَدْيَ فَكَتَبَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهَا فَلَمَّا قَدِمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الَّذِي بَعَثَ مَعَهُ الْهَدْيَ سَأَلَهُ أَيَّ يَوْمٍ قَلَّدْتَ الْهَدْيَ فَأَخْبَرَهُ (فَإِذَا هو قد) وقع عليها بعد ما قلد الهدي فأعتق بن عباس جاريته تلك وروى بن جُرَيْجٍ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ قَالَ إِذَا قَلَّدَ الرَّجُلُ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَالْمَرْأَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَحُجَّ فَهُوَ حَرَامٌ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ وَرَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عن بن عُمَرَ خِلَافَ مَا رَوَى نَافِعٌ عَنْهُ ذَكَرَ مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ سمعت بن عُمَرَ يَقُولُ تَقُولُونَ إِذَا بَعَثَ الرَّجُلُ الْهَدْيَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مُحْرِمًا مَا كَانَ يَدْخُلُ دُونَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 83 قَالَ أَيُّوبُ فَذَكَرْتُهُ لِنَافِعٍ فَأَنْكَرَهُ قَالَ أَبُو عمر اختلف على بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى بن عباس ونافع أثبت في بن عُمَرَ مِنْ أَبِي الْعَالِيَةِ وَأَعْلَمُ بِهِ وَهَذَا مَا لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ فِيهِ إِلَّا أَنَّ الَّذِي حَكَاهُ أَبُو الْعَالِيَةِ عن بن عُمَرَ قَوْلٌ صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ وَهُوَ الثَّابِتُ فِي الْأَثَرِ مِنْ حَدِيثُ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللَّهُ فِي حِينِ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَبَعَثَ إِلَى مَكَّةَ بِهِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ دون حديث بن أَبِي لَبِيبَةَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَئِمَّةُ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي هَذَا الْبَابِ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ أَيْضًا مِنَ الْفِقْهِ مَا يَرُدُّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ فَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنَّ يُضَحِّيَ فَلَا يَأْخُذُ مِنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيَ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَشْرِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ ظُفُرِهِ أَوْ مِنْ شَعَرِهِ كُلُّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ وَالْهَدْيُ فِي حُكْمِ الضَّحِيَّةِ وَفِي حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم بعد تَقْلِيدِهِ الْهَدْيَ لَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ فَهُوَ مُعَارِضٌ لِأُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَأَصَحُّ لِأَنَّ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ من بِالنَّقْلِ تَقُولُ إِنَّ عُمَرَ بْنَ مُسْلِمٍ شَيْخَ مَالِكٍ مَجْهُولٌ يَقُولُ فِيهِ شُعْبَةُ وَبَعْضُ أَصْحَابٍ مَالِكٍ عَنْ مَالِكٍ عَمْرُو بْنُ مُسْلِمٍ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَقَالَ فِيهِ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَكَذَلِكَ قَالَ فِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ أُكَيْمَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ كَامِلٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمَنْصُورِ قَالُوا حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عُمَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ مَنْ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَرَادَ أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 84 وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَأَبُو بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَسَانِيدَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ أَكْثَرِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مَالِكٍ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْعَسْكَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقِ بْنِ دِينَارٍ الْبَصَرِيُّ بِمِصْرَ قَالَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ سَلْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَأَى مِنْكُمْ هِلَالَ ذِي الحجة فأراد أن يضحي فلا يأخذ من شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا قَالَ أَبُو عُمَرَ تَرَكَ مَالِكٌ أَنْ يُحَدِّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ وَقَالَهُ عَنْهُ عِمْرَانُ بْنُ أَنَسٍ فَقَالَ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي قَالَ فَقُلْتُ لِجُلَسَائِهِ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ شُعْبَةُ وَهُوَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ حَدِيثِي وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْقَوْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِحَلْقِ الرَّأْسِ وَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّارِبِ وَحَلْقِ الْعَانَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَالثَّوْرِيِّ وَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فَمَرَّةً قَالَ مَنْ أَرَادَ الضَّحِيَّةَ لَمْ يَمَسَّ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ مَنْ شَعَرِهِ وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ وَمَرَّةً قَالَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ أَخْذَ مِنْ شَعَرِهِ أَوْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وقال الأوزاعي إذا اشترى أضحيته بعد ما دَخَلَ الْعَشْرُ فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنْ قَصِّ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ وَإِنِ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الْعَشْرُ فَلَا بَأْسَ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ بِظَاهِرِ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَاخْتُلِفَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي ذَلِكَ وَرُوِيَ عنه أنه أفتى بِمَا رُوِيَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ عِمَارَةِ بْنِ صَيَّادٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ لَا بَأْسَ بِالِاطِّلَاءِ بِالنَّوْرَةِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَهُوَ أَتْرَكُ لِمَا رَوَاهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالْجِمَاعِ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ وَأَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ فَحَلْقُ الشَّعَرِ وَالْأَظْفَارِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا قَالَ أَبُو عُمَرَ مِنَ الِاخْتِلَافِ في حديث أم سلمة أن بن عُيَيْنَةَ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَمِّ سَلَمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ موقوفا عليها وكذلك رواه بن وَهْبٍ قَالَ أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنِ اللَّيْثِ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَذَكَرَهُ مَوْقُوفًا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَضَعَّفَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيِثِ هَذَا وَأَمَّا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فَقَالَ هُوَ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ شَيْخِ مَالِكٍ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ سَعِيدَ بْنَ أَبِي هِلَالٍ رَوَاهُ عَنْهُ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي عُمَرَ بن مسلم بن أكيمة الليثي وهو بن أخي الذي روى عنه بن شِهَابٍ قَالَ أَحْمَدُ ذَكَرْتُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ وَحَدِيثَ عَائِشَةَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ الْهَدْيَ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَبَقَى سَاكِتًا وَلَمْ يُجِبْ وَذَكَرْتُهُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَقَالَ ذَاكَ لَهُ وَجْهٌ وَهَذَا لَهُ وَجْهٌ وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ بِالْمِصْرِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ لِمَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ وَأَقَامَ قَالَ أَحْمَدُ وَهَكَذَا أَقُولُ حَدِيثُ عَائِشَةَ هُوَ عَلَى الْمُقِيمِ الَّذِي يُرْسِلُ بِهَدْيِهِ وَلَا يُرِيدُ أَنْ يُضَحِّيَ بَعْدَ ذَلِكَ الْهَدْيِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ شَيْئًا وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ هُوَ عِنْدِي عَلَى كُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ فِي مِصْرِهِ حَكَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَنْهُ الْأَثْرَمُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِذْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ لَمْ يَجْتَنِبْ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَصَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُضَحِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَحُضُّ عَلَى الضَّحِيَّةِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَنَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَامِ الَّذِي بَعَثَ فِيهِ بِهَدْيِهِ وَلَمْ يَبْعَثْ بِهَدْيِهِ لِيُنْحَرَ عَنْهُ بِمَكَّةَ إِلَّا سَنَةَ تِسْعٍ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَلَا يُوجَدُ أَنَّهُ لَمْ يُضَحِّ فِي ذَلِكَ الْعَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ جَوَازِ الْإِجْمَاعِ أَنْ يَجُوزَ مَا دُونَهُ مِنْ حِلَاقِ الشَّعَرِ وَقَطَعِ الظُّفُرِ وَبِاللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) التَّوْفِيقُ قَالَ أَبُو عُمَرَ صَحَّحَ الطَّحَاوِيُّ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا وَقَالَ بِهِ وَخَالَفَ أَصْحَابَهُ فِيهِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ طُرُقَهُ وَالِاخْتِلَافَ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهَا يَشُدُّ بَعْضًا وَقَالَ لَيْسَ شَيْخُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 85 مَالِكٍ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَئِمَّةٍ مَالِكٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ وَقَدْ تَابَعَهُ عَلَى رِوَايَتِهِ مَالِكٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَا يَضُرُّهُ تَوْقِيفُ مَنْ وَقَفَهُ إِذَا رَفَعَةُ ثِقَاتٌ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهُ عُمَرَ وَمَالَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى الْقَوْلِ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا وَاحْتَجَّ لَهُ وَخَالَفَ فِيهِ أَصْحَابَهُ الْكُوفِيِّينَ وَمَالِكًا وَمِمَّا ذَكَرَهُ فَمِنْ ذَلِكَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يعمر كان يفتي بِخُرَاسَانَ فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَرَى أُضْحِيَّةً وَسَمَّاهَا وَدَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ يَكُفَّ عَنْ شَعَرِهِ وَأَظْفَارِهِ فَلَا يُمَسُّ مِنْهَا شَيْءٌ قَالَ كَثِيرٌ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ نَعَمْ قَدْ أَحْسَنَ قُلْتُ عَنْ مَنْ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ قَالَ عَنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَقُولُونَ أَوْ كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وأما قول بن الزُّبَيْرِ فِي الَّذِي تَجَرَّدَ حِينَ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ مُحْتَجًّا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يجوز أن يكون عندنا حلف الزُّبَيْرِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ بِدْعَةٌ إِلَّا وَقَدْ علم أن السنة على خلاف ذلك وأما بن عَبَّاسٍ فَإِنَّمَا اعْتَمَدَ عَلَى حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَذْكُورِ وَقَدْ ذَكَرْنَا عِلَّةَ إِسْنَادِهِ وَلَوْ عَلِمَ بِهِ بن الزُّبَيْرِ لَمْ يُقْسِمْ وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُحِبُّ لِأَحَدٍ قَلَّدَ هَدْيَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُؤَخِّرَ إِحْرَامَهُ إِلَى الْجُحْفَةِ فَإِنَّ الْهَدْيَ لَمَّا كَانَ مَحِلُّ هَدْيِهِ مَحَلَّهُ وَذَلِكَ يَوْمَ النَّحْرِ وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ مَعَ تَقْلِيدِهِ لَهُ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَهِيَ السُّنَّةُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَلَّدَ هَدْيَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَقَالَ لَا أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ الْهَدْيَ وَلَا يَخْتِلِفُ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْهَدْيَ وَلَا كُلُّ مَنْ كَانَ مِيقَاتُهُ ذَا الْحُلَيْفَةَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ إِحْرَامُهُ إِلَى الْجُحْفَةِ وَإِنَّمَا يُؤَخِّرُ إِحْرَامَهُ إِلَى الْجُحْفَةِ الْمَغْرِبِيُّ وَالشَّامِيُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ إِذَا مَرَّ بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَنْ يُحْرِمَ منها الجزء: 4 ¦ الصفحة: 87 |