عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ فَبَيَّنَ بِهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ
كَانَ يَقُولُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْوَقْفَةِ
ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْحَجُّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ وَعَلَيْهِ مَا (...)
 
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ فَبَيَّنَ بِهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّهُ
كَانَ يَقُولُ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ قَبْلَ الْوَقْفَةِ
ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى أَدْرَكَهُ الْحَجُّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنْ حَجَّ وَعَلَيْهِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَإِنْ
لَمْ يَجِدْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عن بن عُمَرَ
لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ التَّمَتُّعُ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلى
الحج) البقرة 196 إلا أَنَّهُ قَصَّرَ فِيهِ وَأَجْمَلَ مَا فُسِّرَ فِيهِ مَعْنَى التَّمَتُّعِ عِنْدَ الْجَمِيعِ
إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ إِنَّ حَجَّ يَعْنِي فِي عَامِهِ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ
مَكَّةَ فَيَكُونُ مَسْكَنُهُ وَأَهْلُهُ مِنْ وَرَاءِ الْمَوَاقِيتِ إِلَى سَائِرِ الْآفَاقِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَطَافَ
بِعُمْرَةٍ لِلَّهِ وَسَعَى لَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ إِحْرَامُهُ كما قال بن عُمَرَ فِي
أَشْهُرِ الْحَجِّ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالسَّعْيِ لَهَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ قَبْلَ أَوَانِ عَمَلِ الْحَجِّ ثُمَّ
أَنْشَأَ الْحَجُّ مِنْ مَكَّةَ بَعْدَ حِلِّهِ فَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَذَا مُتَمَتِّعٌ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ
فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَطَافَ لَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مَوْضِعُ اخْتِلَافٍ
وَسَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْكَلَامِ فِي مَعْنَى حَدِيثِ سَعْدٍ وَالضَّحَّاكِ وَمَا
لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي وُجُوهِ التَّمَتُّعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَمِنْ مَعْنَى التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ لِأَنَّ الْقَارِنَ يَتَمَتَّعُ بِسُقُوطِ
سَفَرِهِ الثَّانِي مِنْ بَلَدِهِ كَمَا صَنَعَ الْمُتَمَتِّعُ فِي عُمْرَتِهِ إِذَا حَجَّ مِنْ عَامِهِ وَلَمْ يَنْصَرِفْ
إِلَى بَلَدِهِ
فَالتَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ يَتَّفِقَانِ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَكَذَلِكَ يَتَّفِقَانِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ فِي الْهَدْيِ
وَالصِّيَامِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا مِنْهَا
وَأَمَّا قَوْلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ فِي التَّمَتُّعِ إِنَّهُ لَا يَصْنَعُ ذَلِكَ إِلَّا مِنْ جَهِلَ أَمْرَ اللَّهِ فإنه
لم يَكُنْ عِنْدَهُ عَلِمٌ فِي سَبَبِ نَهْيِ عُمَرَ عن التمتع
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 93
وَفِي إِنْكَارِ سَعْدٍ عَلَى الضَّحَّاكِ قَوْلَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ يَلْزَمُهُ إِنْكَارُ مَا سَمِعَهُ مِنْ
كُلِّ قَوْلٍ يُضَافُ بِهِ إِلَى الْعِلْمِ ما ليس بعلم إنكارا فيه رفق وتوءدة أَلَا تَرَى قَوْلَ
سَعِيدٍ لَهُ لَيْسَ مَا قلت يا بن أَخِي فَلَمَّا أَخْبَرَهُ الضَّحَّاكُ أَنَّ عُمَرَ نَهَى عَنْهَا لَمْ يَرَ
ذَلِكَ حُجَّةً لِمَا كَانَ عِنْدَهُ حُجَّةٌ مِنَ السُّنَّةِ وَقَالَ صَنَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَصَنَعْنَاهَا مَعَهُ
وَكَذَلِكَ قَالَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِالتَّمَتُّعِ وَصَنَعْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَعْدُ قَالَ رَجُلٌ بَدَا لَهُ مَا شَاءَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ يَعْنِي عُمَرَ (رَضِيَ الله عنه)
وقد كان بن عُمَرَ يُخَالِفُ أَبَاهُ فِي ذَلِكَ فَكَانَ يَقُولُ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي هَذَا الْبَابِ