قَالَ مَالِكٌ مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
أَهْلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ إِنَّمَا الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ
الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ وَكُلُّ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ مَنِ اعْتَمَرَ فِي شَوَّالٍ أَوْ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى
أَهْلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ إِنَّمَا الْهَدْيُ عَلَى مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ
الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ وَكُلُّ مَنِ انْقَطَعَ إِلَى مَكَّةَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ وَسَكَنَهَا ثُمَّ
اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ مِنْهَا فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَلَا صِيَامٌ
وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا كَانَ مِنْ سَاكِنِيهَا
سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ خَرَجَ إِلَى الرِّبَاطِ أَوْ إِلَى سَفَرٍ مِنَ الْأَسْفَارِ ثُمَّ
رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ بِهَا كان له أهل بمكة أو لا أَهْلَ لَهُ بِهَا فَدَخَلَهَا
بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَنْشَأَ الْحَجَّ وَكَانَتْ عُمْرَتُهُ الَّتِي دَخَلَ بِهَا مِنْ مِيقَاتِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ دُونَهُ أَمُتَمَتِّعٌ مَنْ كَانَ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ عَلَيْهِ
مَا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ مِنَ الْهَدْيِ أَوِ الصِّيَامِ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ
(ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الْبَقَرَةِ 196
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ هَدْيٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ
الْهَدْيُ وَلَوْ كَانَ مُتَمَتِّعًا لَلَزِمَهُ الْهَدْيُ فِي التَّمَتُّعِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ
هَذَا الَّذِي لَا يَرْجِعُ إِلَى بَلَدِهِ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ فِي ذَلِكَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ حَجَّ
أَوْ لَمْ يَحُجَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ متعة
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 98
وَرَوَى شُعْبَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ كَانَ
أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَمِرُونَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ يَرْجِعُونَ فَلَا
يَهْدُونَ فَقُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَإِنْ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَقَالَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ
قَالَ قَتَادَةُ وَقَالَ الْحَسَنُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ
وَرَوَى هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلَهُ قَالَ عَلَيْهِ الْهَدْيُ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ
وَرَوَى أَشْعَثُ عَنِ الْحَسَنِ قَالَ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ ثُمَّ حَجَّ
مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فعليه هدي لأنه كان يقال عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ
وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ مَنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ
الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى يَحُجَّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ فَإِنْ رَجَعَ إِلَى مِصْرِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ
عَامِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى قَوْلِ سَعِيدٍ هَذَا فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ طَاوُسٍ فِي التَّمَتُّعِ قَوْلَانِ هُمَا أَشَدُّ شُذُوذًا مِمَّا ذَكَرْنَا عَنِ الْحَسَنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ مَنِ اعْتَمَرَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ حَتَّى الْحَجِّ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهُوَ
مُتَمَتِّعٌ وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ غَيْرُهُ فِيمَا عَلِمْتُ
وَذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ شُهُورَ الْحَجِّ أَحَقُّ بِالْحَجِّ مِنَ الْعُمْرَةِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ جَائِزَةٌ فِي السَّنَةِ
كُلِّهَا وَالْحَجُّ إِنَّمَا مَوْضِعُهُ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَإِذَا جَعَلَ أَحَدٌ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَمْ
يَحُجَّ الْعَامَ فَقَدْ جَعَلَ الْعُمْرَةَ فِي عَامٍ كَانَ الْحَجُّ أَوْلَى بِهَا ثُمَّ رخص الله (عز وجل)
في كتابه وعلى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لَلْمُتَمَتِّعِ
وَلَلْقَارِنِ وَلِمَنْ شَاءَ أَنْ يُفْرِدَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ
وَالْقَوْلُ الْآخَرُ قَالَهُ فِي الْمَكِّيِّ إِذَا تَمَتَّعَ مِنْ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَهَذَا لَمْ
يُعَرِّجْ عَلَيْهِ أَحَدٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) الْبَقَرَةِ 196
وَأَوْجَبَ الْقَوْلَ فِيمَنْ أَنْشَأَ عُمْرَةً فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ عَمِلَهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ
حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ فَ
قَالَ مَالِكٌ عُمْرَتُهُ فِي الشَّهْرِ الَّذِي حَلَّ فِيهِ يُرِيدُ إِنْ كَانَ حَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ
الْحَجِّ فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ وَإِنْ كَانَ حَلَّ مِنْهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مُعْتَمِرًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْهُ يَوْمٌ أَوْ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 99
يَوْمَانِ فَلَمْ يَطُفْ لِعُمْرَتِهِ حَتَّى رَأَى هِلَالَ شَوَّالٍ فَكَانَ إِبْرَاهِيمُ يَقُولُ هُوَ مُتَمَتِّعٌ وَأَحَبُّ
إِلَيَّ أَنْ يُهَرِيقَ دَمًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ فِي رَمَضَانَ وَأَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ
فِي شَوَّالٍ كَانَ مُتَمَتِّعًا وَإِنْ طَافَ لَهَا أَرْبَعَةً فِي رَمَضَانَ وَثَلَاثَةً في شوال لم يكون
مُتَمَتِّعًا
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ بِالْعُمْرَةِ فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إِنَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ
ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ الْعُمْرَةَ إِنَّمَا تَكْمُلُ بِالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إِلَى كَمَالِهَا
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ إِذَا دَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ فَبَدَأَ الطَّوَافَ لَهَا فِي
رَمَضَانَ أَوْ فِي شَوَّالٍ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَى المتمتع ف ذكر بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ
عَنِ الْمُتَمَتِّعِ بالعمرة إلى الحج يموت بعد ما يَخْرُجُ بِالْحَجِّ بِعَرَفَةَ أَوْ غَيْرِهَا أَتَرَى
عَلَيْهِ هَدْيًا
قَالَ مَنْ مَاتَ مِنْ أُولَئِكَ قَبْلَ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَلَا أَرَى عَلَيْهِ هَدْيًا وَمَنْ رَمَى
ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ الْهَدْيُ
قِيلَ لَهُ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِنَ الثُّلُثِ قَالَ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ
إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ دَمُ الْمُتْعَةِ إِذَا كَانَ وَاجِدًا لِذَلِكَ
ذَكَرَهُ الزَّعْفَرَانِيُّ عَنْهُ
وَهُوَ قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
وَقَالَ رَبِيعَةُ إِذَا أَهَلَّ الْمُتَمَتِّعُ بِالْحَجِّ ثُمَّ مَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ أَوْ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ فَفِيهِ قَوْلَانِ
أَحَدُهُمَا أَنَّ عَلَيْهِ دَمَ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَامَ عَنْهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا
دَمَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ قَدْ مَاتَ فِيهِ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمْ أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ ثَلَاثَةَ
أَيَّامٍ إِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ إِلَى آخَرِ يَوْمِ عَرَفَةَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَقَالَ عَطَاءٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَصُومَ الْمُتَمَتِّعُ فِي الْعَشْرِ وَهُوَ حَلَالٌ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ
وَقَالَ مجاهد وطاووس إِذَا صَامَهُنَّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَجْزَاهُ
وَقَالَ مَالِكٌ إِنْ صَامَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ لَمْ
يُجْزِهِ وَلَكِنْ يَصُومُ مَا بَيْنَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ إِلَى يَوْمِ عَرَفَةَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 100
وهو قول الشافعي
وروي عن عائشة وبن عُمَرَ مِثْلُ ذَلِكَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِنَّ مَنْ صَامَ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ أَجَزَاهُ
وَقَالَ زُفَرُ إِذَا بَدَأَ بِالْحَجِّ فَأَحْرَمَ بِهِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُضِيفَ إِلَيْهِ عُمْرَةً فَصَامَ قَبْلَ
إِحْرَامِهِ لِلْعُمْرَةِ أَجْزَاهُ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إِنْ بَدَأَ بِإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَصَامَ قَبْلَ إِحْرَامِ الْحَجِّ أَجْزَاهُ وَإِنْ بَدَأَ بِإِحْرَامِ
الْحَجِّ فَصَامَ قَبْلَ إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ يُجْزِيهِ
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ إِنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ
وَهُوَ قَوْلُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ
وَقَالَ عَطَاءٌ لَا يَصُومُ حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ لَا سَبِيلَ لِلْمُتَمَتِّعِ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ يَجِدُ الْهَدْيَ فَلَا يصم الثلاثة
الأيام قبل يوم النحر فقال مَالِكٌ يَصُومُهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ عَشَرَةَ
أَيَّامٍ إِذَا رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ وَأَجْزَاهُ وَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا بَعْدَ رُجُوعِهِ وَقَبْلَ صَوْمِهِ أَهْدَى قَبْلَ
أَنْ يَصُومَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي الْحَجِّ لَمْ يُجْزِهِ الصَّوْمُ بَعْدُ وَكَانَ عَلَيْهِ
هَدْيَانِ هَدْيٌ لِمُتْعَتِهِ أَوْ قِرَانِهِ وَهَدْيٌ لِتَحَلُّلِهِ مِنْ غَيْرِ هَدْيٍ وَلَا صِيَامٍ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا لَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِي الْحَجِّ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الصِّيَامِ بَعْدُ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُقْضَى يَوْمُ النَّحْرِ حَتَّى يَهْدِيَ أَوْ يَصُومَ فَإِنْ لَمْ يَهْدِ حَتَّى رَجَعَ
إِلَى بِلَادِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَيَصُومُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ فِي بَلَدِهِ وَيَهْدِي إِنْ وَجَدَ
وَعَنِ الشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالْآخَرُ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي صِيَامِ أَيَّامِ مِنًى لِلْمُتَمَتِّعِ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فَقَالَ بِالْعِرَاقِ يَصُومُهَا
كَقَوْلِ مَالِكٍ وَقَالَ فِي مِصْرَ لَا يَصُومُهَا أَحَدٌ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَنْ صِيَامِهَا
وَاخْتَلَفُوا فِيهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ وَاجِدٍ لِلْهَدْيِ فَصَامَ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ كَمَالِ صَوْمِهِ فَ
ذَكَرَ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ إِذَا دَخَلَ فِي الصَّوْمِ فَإِنْ وَجَدَ هَدْيًا فَأَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ
يُهْدِيَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَاهُ الصِّيَامُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 101
وذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ الْمُتَظَاهِرَ وَالْحَالِفَ إِنْ دَخَلَ
أَحَدُهُمْ فِي الصِّيَامِ ثُمَّ وَجَدَ الْمُتَمَتِّعُ الْهَدْيَ أَوْ وَجَدَ الْمُتَظَاهِرُ الرَّقَبَةَ وَالْحَالِفُ مَا يُطْعِمُ
أَوْ يَكْسُو أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الصَّوْمِ أَنَّهُ إِنْ شَاءَ فَادَى فِي
الصَّوْمِ وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ لَا يُجْزِئُ الصَّوْمُ وَاحِدًا مِنْهُمْ إِذَا وَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ صَوْمَهُ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَمْضِي فِي صَوْمِهِ وَهُوَ فَرْضُهُ كَمَا يَمْضِي فِي الصَّلَاةِ بِالتَّيَمُّمِ إِذَا طَرَأَ
عَلَيْهِ الْمَاءُ وَهُوَ فِيهَا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَيْسَرَ الْمُتَمَتِّعُ فِي يَوْمِ الثَّلَاثِ مِنْ صَوْمِهِ يَصِلُ الصَّوْمَ وَوَجَبَ
الْهَدْيُ فَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ كَامِلَةً ثُمَّ أَيْسَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ السَّبْعَةَ الْأَيَّامَ
وَلَا يَرْجِعُ إِلَى الْهَدْيِ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ إِذَا وَجَدَ مَا يَذْبَحُ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ حَجِّهِ فَلْيَذْبَحْ وَإِنْ كَانَ قَدْ
صَامَ لَمْ يَجِدْ مَا يَذْبَحُ حَتَّى يَحِلَّ فَقَدْ أَجْزَاهُ الصَّوْمُ
وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ صَامَ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَذْبَحُ فَلْيَذْبَحْ حَلَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ مَا كَانَ فِي أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَلَى مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ قبل يوم النحر ف ذكر بن وَهْبٍ عَنْ
مَالِكٍ قَالَ مَنْ نَسِيَ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فِي الْحَجِّ أَوْ مَرِضَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ بِمَكَّةَ
فَلْيَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فِيهَا وَلْيَصُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ سَبْعَةً وَإِنْ كَانَ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ
فَلْيَهْدِ إِنْ قَدَرَ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةً وَسَبْعَةً بَعْدَهَا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي ثَوْرٍ وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ إِذَا قَدِمَ بَلَدَهُ وَلَمْ يَصُمْ ثُمَّ وَجَدَ الْهَدْيَ لَمْ
يَجْزِهِ الصَّوْمُ وَلَا يَصُومُ إِلَّا إِذَا لَمْ يَجِدْ هَدْيًا
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا انْقَضَى يَوْمُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَصُمِ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامَ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَطُوفُ
لِعُمْرَتِهِ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَعَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ طَوَافٌ آخَرُ لِحَجِّهِ وَسَعْيٌ
آخَرُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 102
وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ أَنَّهُ يَكْفِيهِ سَعْيٌ وَاحِدٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَاخْتَلَفُوا
فِي حُكْمِ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي يَسُوقُ الْهَدْيَ فَ قَالَ مَالِكٌ إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا حَلَّ إِذَا طَافَ
وَسَعَى وَلَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ إِلَّا بِمِنًى إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُفْرِدًا لِلْعُمْرَةِ فَإِنْ كَانَ مُفْرِدًا لِلْعُمْرَةِ
نَحَرَهُ بِمَكَّةَ وَإِنْ كَانَ قَارِنًا نَحَرَهُ بمنى
ذكره بن وَهْبٍ وَغَيْرُهُ عَنْ مَالِكٍ
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا لِلْعُمْرَةِ وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ لَمْ يُجْزِهِ ذلك وعليه هدي آخر لمتعته
لأنه إِنَّمَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا إِذَا أَنْشَأَ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ حَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَلَيْهِ
الْهَدْيُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو بَكْرٍ وَمُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ لَا يَنْحَرُ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا
إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ وَقَالَ أَحْمَدُ إِنْ قَدِمَ الْمُتَمَتِّعُ قَبْلَ الْعَشْرِ طَافَ وَسَعَى وَنَحَرَ هَدْيَهُ وَإِنَّ
قَدِمَ فِي الْعَشْرِ لَمْ يَنْحَرْ إِلَّا يَوْمَ النَّحْرِ
وَقَالَهُ عَطَاءٌ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ إِذَا طَافَ وَسَعَى سَاقَ هَدْيًا أَوْ لَمْ يَسُقْ
وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ يَحِلُّ وَلَكِنْ لَا يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ وَيَنْحَرُهُ يَوْمَ النَّحْرِ
وَقَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ فِي مَسَائِلِ الْمُتَمَتِّعِ الْمَذْكُورَةِ كُلِّهَا فِي هَذَا الْبَابِ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ
سَوَاءٌ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا لَمْ يَسُقِ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا فَإِذَا فَرَغَ مِنْ عُمْرَتِهِ كَانَ حَلَالًا
وَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَيَصِيرُ حَرَامًا وَلَوْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ لِمُتْعَتِهِ لَمْ يَحِلَّ
مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى يَحِلَّ مِنْ حَجِّهِ لِأَنَّهُ سَاقَ الْهَدْيَ مَعَهُ
وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ بن عُمَرَ أَنَّ حَفْصَةَ قَالَتْ مَا بَالُ النَّاسِ حَلُّوا وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ
مِنْ عُمْرَتِكَ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ إِذَا سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ الْهَدْيَ لِمُتْعَتِهِ وَطَافَ لِلْعُمْرَةِ وَسَعَى حَلَّ إِلَى
يَوْمِ التَّرْوِيَةِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا إِذَا اسْتَمْتَعَ بِإِحْلَالِهِ إِلَّا أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ
فأما من لم يحل من المعتمر فإنما هُوَ قَارِنٌ لَا مُتَمَتِّعٌ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 103