مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ كَانِ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى
يَرْجِعَ
الْمُغْنِي فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) مِنَ
الْحِرْصِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ بِالِانْصِرَافِ إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ (...)
 
مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ كَانِ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى
يَرْجِعَ
الْمُغْنِي فِي هَذَا الْخَبَرِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مَا كَانَ عَلَيْهِ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) مِنَ
الْحِرْصِ عَلَى الطَّاعَةِ وَالْقُرْبَةِ إِلَى اللَّهِ بِالِانْصِرَافِ إِلَى دَارِ الْهِجْرَةِ الَّتِي افْتَرَضَ
عَلَيْهِ الْمُقَامَ فِيهَا وَأَنْ لَا يَظْعَنَ عَنْهَا إِلَّا فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ دِينٍ أَوْ دُنْيَا ظعن سفر
لا ظغن إِقَامَةٍ عَنْهَا وَكَانَ مِنَ الْفَرْضِ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ أَلَّا يَرْجِعَ
لِلسُّكْنَى وَالْمُقَامِ إِلَى الدَّارِ الَّتِي افْتَرَضَ عَلَيْهِ الْهِجْرَةَ مِنْهَا وَانْصَرَفَ وَأَنْ يَجْعَلَ
الِانْصِرَافَ إِلَى مَوْضِعِ هِجْرَتِهِ بِمِقْدَارِ مَا يُمْكِنُهُ وَإِنَّمَا أَرْخَصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا يَعْنِي لِقَضَاءِ حَاجَاتِهِ فَرَأَى
عُثْمَانُ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الرُّخْصَةِ فِي ذَلِكَ لِمَا يَلْزَمُ مِنَ الْقِيَامِ بِأُمُورِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ
مِنَ الْمُسْلِمِينَ
وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا
قَالَ مَالِكٌ الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ ظَاهِرُهُ عَلَى وُجُوبِ الْعُمْرَةِ وَقَدْ جَهِلَ بَعْضُ النَّاسِ
مَذْهَبَ مَالِكٍ فَظَنَّ أَنَّهُ يُوجِبُ الْعُمْرَةَ فَرْضًا بِقَوْلِهِ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ
فِي تَرْكِهَا
وَقَالَ هَذَا سَبِيلُ الْفَرَائِضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ وَلَا يَخْتَلِفُونَ عَنْهُ أَنَّهَا
سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ هِيَ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ
وَكَانَ الشَّافِعِيُّ بِبَغْدَادَ يَقُولُ هِيَ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ وَقَالَ بِمِصْرَ هِيَ فَرْضٌ لَازِمٌ كَالْحَجِّ
مَرَّةً فِي الدَّهْرِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 108
وهو قول بن عمر وبن عباس وعطاء وطاوس ومجاهد والحسن وبن سِيرِينَ وَدَاوُدَ
وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ
وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو ثَوْرٍ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ هِيَ تَطَوُّعٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَبِهِ قال أبو ثور وداود
وروي عن بن مَسْعُودٍ قَالَ الْحَجُّ فَرِيضَةٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ أَنَّ قَوْلَ أَبِي ثَوْرٍ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ المصري يوجبون العمرة
وذكره بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَخْطَأَ عَلَيْهِ عِنْدَ جَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ الَّذِي بَلَغَنَا وَسَمِعْنَا أنها واجبة
وقال الأوزاعي كان بن عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّهَا وَاجِبَةٌ كَوُجُوبِ الْحَجِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ إِيجَابُهَا
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْعُمْرَةَ أَنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) لَمْ يُوجِبِ الْعُمْرَةَ بِنَصٍّ مُجْتَمَعٍ
عَلَيْهِ وَلَا أَوْجَبَهَا رَسُولُهُ فِي ثَابِتِ النَّقْلِ عَنْهُ وَلَا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى إِيجَابِهَا
وَالْفُرُوضُ لَا تَجِبُ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَوْ مِنْ دَلِيلٍ مِنْهَا لَا مَدْفَعَ فِيهِ
وَحُجَّةُ مَنْ أَوْجَبَهَا وَهُمُ الْأَكْثَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196
وَمَعْنَى أَتِمُّوا عِنْدَ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ أَقِيمُوا الْحَجَّ والعمرة لله
وقالوا لما كان (وأقيموا) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) النساء 196
أي فأتموا الصلاة كان معنى (فأتموا) أَقِيمُوا
وَرَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ وَالْأَعْمَشُ عَنْ إبراهيم في حرف بن مَسْعُودٍ (وَأَقِيمُوا
الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) إِلَى (الْبَيْتِ) قَالَ الْحَجُّ الْمَنَاسِكُ كُلُّهَا وَالْعُمْرَةُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ
ذَكَرَ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ قَالَ الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ مِثْلِ الْحَجِّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا
وَذَكَرَ بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا قَالَ لَا يُعْتَمَرُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً كَمَا لَا يُحَجُّ إِلَّا
مَرَّةً
وَقَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ الْعُمْرَةُ وَاجِبَةٌ وَتُقْضَى مِنْهَا الْمُتْعَةُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 109
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ
وَرُوِيَ وُجُوبُ الْعُمْرَةِ عَنْ عَلِيٍّ وبن عباس وبن عمر
وروى بن عيينة عن عمرو عن طاوس عن بن عَبَّاسٍ قَالَ وَاللَّهِ إِنَّهَا لَقَرِينَتُهَا فِي
كِتَابِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) البقرة 196
وروى بن جُرَيْجٍ وَأَيُّوبُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ أَحَدٌ إِلَّا
وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ إِنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِمُ السَّبِيلَ
وَالْآثَارُ عَمَّنْ ذَكَرْنَا كَثِيرَةٌ جِدًّا
وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَا نَخْرُجُ وَنُجَاهِدُ مَعَكَ فَإِنِّي لَا أَرَى
عَمَلًا فِي الْقُرْآنِ أَفْضَلَ مِنَ الْجِهَادِ قَالَ لَا إِنَّ لَكُنَّ أَحْسَنَ الْجِهَادِ حَجُّ الْبَيْتِ حَجٌّ
مَبْرُورٌ
وَمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْعُمْرَةَ فَرْضًا وَجُوَبُ إِتْمَامِهَا وَإِتْمَامُ الْحَجِّ عَلَى
مَنْ دَخَلَ فِيهَا
قَالُوا وَلَا يُقَالُ (أَتِمُّوا) إِلَّا لِمَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِلِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ مَنْ دَخَلَ فِي حَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ
ضَرُورَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ضَرُورَةٍ مُتَطَوِّعًا كَانَ أَوْ مُؤَدِّيًا فَرْضًا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَا يُفْسِدُهُ
عَلَيْهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ إِتْمَامُ ذَلِكَ الْحَجِّ وَتِلْكَ الْعُمْرَةِ وَالتَّمَادِي فِيهِمَا مَعَ فَسَادِهِمَا حَتَّى
يُتِمَّهُمَا ثُمَّ يَقْضِي بَعْدُ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ
وهذا الإجماع أولى بتأويل الْآيَةِ أَيْضًا قَوْلَانِ آخَرَانِ قَدْ مَضَى ذِكْرُهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ
وَمِنْ حُجَّةِ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الْعُمْرَةَ حَدِيثُ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْعُمْرَةِ أَوَاجِبَةٌ
هِيَ قَالَ لَا وَلِأَنْ تَعْتَمِرَ خَيْرٌ لَكَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 110
وَهَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بالحديث لانفراد الحجاج بِهِ وَمَا انْفَرَدَ بِهِ فَلَيْسَ
بِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ
وَقَدْ رَوَى شُعْبَةُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ عَنْ أَبِي رَزِينٍ قَالَ قُلْتُ
يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِي شيخ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلَا الْعُمْرَةَ قَالَ فَاحْجُجْ عَنْ أَبِيكَ
وَاعْتَمِرْ
وَهَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُمْ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَأَةَ
وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْحَنَفِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَجُّ وَاجِبٌ وَالْعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ
وَهَذَا مُنْقَطِعٌ وَلَا حُجَّةَ فِيهِ
وَمِثْلُهُ مِمَّا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ
فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْعُمْرَةُ الْحَجُّ
الْأَصْغَرُ
وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ (وَلِلَّهِ
عَلَى النَّاسِ حَجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا) آلِ عِمْرَانَ 97 قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هِيَ حَجٌّ وَعُمْرَةٌ فَمَنْ قَضَاهُمَا فَقَدْ قَضَى الْفَرِيضَةَ وَالَّذِي نَفْسِي
بِيَدِهِ لَوْ قُلْتُ كُلَّ عَامٍ لَوَجَبَتْ
قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ قَتَادَةُ العمرة واجبة
قال وأخبرنا بن جريج عن بن عطاء عن عكرمة عن بن عباس
قال وأخبرنا بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طاوس قال سمعت بن عَبَّاسٍ إِنَّهَا
لَقَرِينَتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ ثُمَّ قَرَأَ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 111
قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ وَسُلَيْمَانَ التيمي عن حيان بن عمير عن
بن عباس قال العمرة واجبة
قال وأخبرنا بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ لَيْسَ مِنْ
خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ زَادَ
بَعْدَهُمَا شَيْئًا فَهُوَ خَيْرٌ وَتَطَوَّعٌ
قَالَ وَأَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ ومعمر عن بن جريج عن نافع عن بن عُمَرَ قَالَ الْعُمْرَةُ
وَاجِبَةٌ قَالَ وَأَخْبَرْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنِ الْعُمْرَةِ
وَاجِبَةٌ هِيَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ نُسَيْرُ بْنُ رُومَانَ إِنَّ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ لَيْسَتْ وَاجِبَةً قَالَ
كَذَبَ الشَّعْبِيُّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) الْبَقَرَةِ 196
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ كَذَبَ ها هنا مَعْنَاهُ غَلَطَ وَهُوَ مَعْرُوفٌ فِي اللُّغَةِ وَقَدْ أَتَيْنَا بِشَوَاهِدِهِ
فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ
قَالَ عبد الرزاق أخبرنا بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ أَحَدٌ إِلَّا وَعَلَيْهِ
حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)
حَتَّى أَهَلَّ بِوَادِي قائل إِلَّا أَهْلَ مَكَّةَ فَإِنَّ عَلَيْهِمْ حَجَّةً وَلَيْسَتْ عَلَيْهِمْ عُمْرَةً مِنْ أَجْلِ
أَنَّهُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ يَطُوفُونَ بِهِ وَإِنَّمَا الْعُمْرَةُ مِنْ أَجْلِ الطَّوَافِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ عَطَاءٍ هَذَا بَعِيدٌ مِنَ النَّظَرِ وَلَوْ كَانَتِ الْعُمْرَةُ سَاقِطَةً عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ
لَسَقَطَتْ عَنِ الْآفَاقِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا الْبَابِ لَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَقَدْ قَالَهُ
غَيْرُهُ
وَإِنْ كَانَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِبَاحَةِ الْعُمْرَةِ فِي كُلِّ السَّنَةِ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ
وَقْتٌ مَعْلُومٌ وَلَا وَقْتٌ مَمْنُوعٌ لِأَنْ تُقَامَ فِيهِ إِلَّا مِنْ بَعْدِ طَوَافِ الْحَجِّ بِالْبَيْتِ أَوْ آخِرِهِ
فِي الطَّوَافِ أَوْ عِنْدَ طَوَافِ الْقُدُومِ إِلَى أَنْ يَتِمَّ حَجَّهُ وَمَا عَدَا هَذَا الْوَقْتَ فَجَائِزٌ عَمَلُ
الْعُمْرَةِ فِيهِ الْعَامَ كُلَّهُ
إِلَّا أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنِ اسْتَحَبَّ أَلَّا يَزِيدَ فِي الشَّهْرِ عَلَى عُمْرَةٍ وَمِنْهُمُ مَنِ اسْتَحَبَّ
أَنْ لَا يَعْتَمِرَ الْمُعْتَمِرُ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً كَمَا قَالَ مَالِكٌ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْمَعْ عُمْرَتَيْنِ فِي عَامٍ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 112
وَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِأَنَّهُ عَمَلُ بِرٍّ وَخَيْرٍ فَلَا يَجِبُ
الِامْتِنَاعُ مِنْهُ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ أَمْنَعَ مِنْهُ بَلِ الدَّلِيلُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ)
(وَافْعَلُوا الْخَيْرَ) الْحَجِّ 77
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالْحَجُّ
الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةَ
وَأَمَّا الِاسْتِحْبَابُ بِغَيْرِ لَازِمٍ وَلَا يَضِيقُ لِصَاحِبِهِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنِي الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا لَا
يَعْتَمِرُونَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً
قَالَ وَأَخْبَرَنَا جَعْفَرٌ عَنْ هِشَامٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ عُمْرَتَيْنِ فِي سنة
وقال بن سِيرِينَ تُكْرَهُ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ
وَأَمَّا الَّذِينَ أَجَازُوا الْعُمْرَةَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فِمِنْهُمْ علي وبن عباس وبن عُمَرَ وَعَائِشَةُ
وَأَنَسٌ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ
ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ
اعْتَمَرَتْ عَائِشَةُ فِي سَنَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مَرَّةً مِنَ الْجُحْفَةِ وَمَرَّةً مِنَ التَّنْعِيمِ وَمَرَّةً مِنْ
ذِي الْحُلَيْفَةِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا عُمَرَ عن نافع أن بن عُمَرَ اعْتَمَرَ فِي عَامِ
الْقِتَالِ عُمْرَتَيْنِ
قَالَ وَأَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ صَدَقَةَ عَنِ الْقَاسِمِ قَالَ فَرَّطَتْ عَائِشَةُ فِي الْحَجِّ
فَاعْتَمَرَتْ تِلْكَ السَّنَةَ مِرَارًا ثَلَاثًا
قَالَ صَدَقَةُ قُلْتُ لِلْقَاسِمِ أَنْكَرَ عَلَيْهَا أَحَدٌ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ! عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ! قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ
بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُعَاذَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ الْعُمْرَةُ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إِلَّا
أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ هِيَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ قَالُوا الْعُمْرَةُ جَائِزَةٌ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا إلا
يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق فَإِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ فِيهَا
وَكَانَ الْقَاسِمُ يَكْرَهُ عُمْرَتَيْنِ فِيهَا وَيَقُولُ فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ
وَكَذَلِكَ قَالَ طَاوُسٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 113
وَعَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فِي كُلِّ شَهْرٍ عُمْرَةٌ
وَقَالَ عِكْرِمَةُ يَعْتَمِرُ مَتَى شَاءَ
وَقَالَ عَطَاءٌ إِنْ شَاءَ اعْتَمَرَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّتَيْنِ
وَعَنْ طَاوُسٍ إِذَا ذَهَبَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ فَاعْتَمِرْ مَا شِئْتَ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ السَّنَةُ كُلُّهَا وَقْتُ الْعُمْرَةِ يَعْتَمِرُ فِيهَا مَنْ شَاءَ مَتَى شَاءَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَسَائِرِ الْفُقَهَاءِ إِلَّا مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَخْصِيصِ أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ
وَقَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ أَنْ يُجَوِّزَ الْعُمْرَةَ لِكُلِّ مَنْ طَافَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّهُ قَدْ
دَخَلَ الْحِلَّ كُلَّهُ وَلَيْسَتِ الْعُمْرَةُ بِوَاجِبَةٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَمِرِ يَقَعُ بِأَهْلِهِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْهَدْيَ وَعُمْرَةً أُخْرَى يَبْتَدِيهَا بَعْدَ
إِتْمَامِهِ الَّتِي أَفْسَدَ وَيُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ مِنْ
مَكَانٍ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِلَّا مِنْ مِيقَاتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَخْتَلِفُ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ بِوَطْءِ أَهْلِهِ أَنَّ عَلَيْهِ
إِتْمَامَهَا ثُمَّ قَضَاءَهَا إِلَّا شَيْءٌ جَاءَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ سنذكره في باب من وطىء
فِي حَجِّهِ لَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَإِنَّهُمْ مُجْمِعُونَ غَيْرَ الرِّوَايَةِ الَّتِي جَاءَتْ عَنِ الْحَسَنِ
عَلَى التَّمَادِي فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ حَتَّى يَتِمَّا ذَلِكَ ثُمَّ الْقَضَاءُ بَعْدُ وَالْهَدْيُ لِلْإِفْسَادِ
إِلَّا أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْوَقْتِ الَّذِي إِذَا جَامَعَ فِيهِ الْمُعْتَمِرُ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ فَ مَذْهَبُ مَالِكٍ
والشافعي أن المعتمر إذا وطىء بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى أَنْ يُكْمِلَ السَّعْيَ بَعْدَ
الطَّوَافِ فَعَلَيْهِ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا حَتَّى يُتِمَّ وَالْهَدْيُ لِإِفْسَادِهَا ثُمَّ قَضَاؤُهَا وَإِنْ
جَامَعَ قَبْلَ الْحِلَاقِ وَبَعْدَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
قَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ جَامَعَ الْمُعْتَمِرُ فِيمَا بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ
أَفْرَدَ عُمْرَتَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ طَافَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ ثُمَّ جَامَعَ فَقَدْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَإِنْ طَافَ أَرْبَعَةَ
أَشْوَاطٍ ثُمَّ جَامَعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ عُمْرَتِهِ وَيَتَمَادَى وَيُجْزِيهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ
يُجْزِيهِ مِنْهُ شَاةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّوَابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَمَّا قَوْلُ الْكُوفِيِّينَ
فَلَا وَجْهَ لَهُ إِلَّا خَطَأُ الرَّأْيِ وَالْإِغْرَاقُ فِي الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ عَلَى غَيْرِ أصل
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 114
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أُحِبُّ لِمَنْ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الْهَدْيَ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إِلَى الْقَضَاءِ
وَأَمَّا مَالِكٌ فَاسْتَحَبَّ تَأْخِيرُهُ إِلَى الْقَضَاءِ
وَكُلُّهُمْ يَرَى أَنْ يَقْضِيَ الْعُمْرَةَ مَنْ أَفْسَدَهَا مِنْ مِيقَاتِهِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِهَا إِلَّا أَنَّ مَالِكًا
قَالَ إِنْ كَانَ أَحْرَمَ بِهَا مِنْ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ أَجْزَاهُ الْإِحْرَامُ بِهَا مِنَ الْمِيقَاتِ
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ جُنُبٌ
أَوْ عَلَى غَيْرِ وَضُوءٍ ثُمَّ وَقَعَ بِأَهْلِهِ ثُمَّ ذَكَرَ قَالَ يَغْتَسِلُ وَيَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَعُودُ يَطُوفُ
بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَعْتَمِرُ عُمْرَةً أُخْرَى وَيَهْدِي
وَعَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِثْلُ ذَلِكَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الطَّوَافِ لِأَنَّ طَوَافَهُ كَانَ كَلَا طَوَافٍ إِذْ طَافَهُ عَلَى
غَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَمَّا كَانَ عَلَى الْمُفْسِدِ عُمْرَتَهُ التَّمَادِي فِيهَا حَتَّى يُتِمَّهَا
أَمَرْنَا بِالْكَفَّارَةِ لِلطَّوَافِ لِأَنَّهُ كَالصَّلَاةِ لَا يَعْمَلُ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا الطَّهَارَةُ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ
وَيَلْزَمُ أَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِالطَّهَارَةِ لِأَنَّهُ بِمَكَّةَ لَمْ يَرْجِعْ إِلَى بَلَدِهِ إِنْ كَانَ
وَطْئُهُ قَبْلَ أَنْ يُكْمِلَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ
قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الْعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ ثُمَّ يُحْرِمُ فَإِنَّ
ذَلِكَ يجزئ عَنْهُ إِنْ شَاءَ وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُهِلَّ مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنَ التَّنْعِيمِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا مَدْخَلَ لِلْقَوْلِ فِي هَذَا وَإِنَّمَا اخْتَارَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْ يُحْرِمَ الْمُعْتَمِرُ
بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ الْمَوَاقِيتَ لِلْحَاجِّ مِنْهُمْ
وَالْمُعْتَمِرِ بِالْعُمْرَةِ مِنْ ميقات رسو ل اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ وَالتَّنْعِيمُ أَقْرَبُ
الْحِلِّ إِلَى الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ وَالسَّعْيِ
هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ الْعُمْرَةُ عِنْدَ الْجَمِيعِ إِلَّا مِنَ الْحِلِّ لِمَكِّيٍّ وَغَيْرِ مَكِّيٍّ
فَإِنْ بَعُدَ كَانَ أَكْثَرَ عَمَلًا وَأَفْضَلَ وَيُجْزِئُ أَقَلُّ الْحِلِّ وَهُوَ التَّنْعِيمُ وَذَلِكَ أَنْ يحرم بها
من الحل فأقصاه المواقيت أدناه التَّنْعِيمُ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنَ الْحَرَمِ فَقَالَ مَالِكٌ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا
يُحْرِمُ أَحَدٌ مِنْ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ مَنْ أَحْرَمَ بِمَكَّةَ أَوْ مِنَ الْحَرَمِ بِعُمْرَةٍ فَإِنْ خَرَجَ مُحْرِمًا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 115
إِلَى الْحِلِّ ثُمَّ عَمِلَ عُمْرَتَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى حَلَّ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ
الْمِيقَاتَ وَكَذَلِكَ لَوْ طَافَ بِهَا شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ لَزِمَهُ الدَّمُ وَلَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ خُرُوجُهُ
إِلَى الْمِيقَاتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قِيَاسُ قَوْلِ مَالِكٍ (الْأَوَّلِ) عِنْدِي فِيمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنَ الْحَرَمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ
الدَّمُ وَلَا يَنْفَعُهُ خُرُوجُهُ إِلَى الْحِلِّ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ من مكة و (الثاني) إِنْ خَرَجَ
مُلَبِّيًا يُلَبِّي بِالْعُمْرَةِ وَخَارِجًا مِنَ الْحَرَمِ يَدْخُلُ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى أَنَّهُ لَا
شَيْءَ عَلَيْهِ