وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ثُمَّ كَمَا
كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ قَرَّتْ بِهِمْ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبُ أَنْ يَأْخُذُوهُ فَيَأْكُلُوهُ
فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى (...)
 
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ثُمَّ كَمَا
كَانُوا بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ قَرَّتْ بِهِمْ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ فَأَفْتَاهُمْ كَعْبُ أَنْ يَأْخُذُوهُ فَيَأْكُلُوهُ
فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تُفْتِيَهُمْ
بِهَذَا قَالَ هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ قَالَ وَمَا يُدْرِيكَ قَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ
إِنْ هِيَ إِلَّا نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مرتين
قال أبو عمر أما صيد المحرم فَحَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ بِنَصِّ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ
الأمة وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا وُجِدَ فِيهِ طَافِيًا وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي غَيْرِ السَّمَكِ مِنْهُ
وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ بِمَا لِلْعُلَمَاءِ مِنَ الْمَذَاهِبِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَإِنْ كَانَ الْجَرَادُ نَثْرَةَ حُوتٍ كَمَا ذَكَرَ كَعْبٌ فَحَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِ الْمُحْرِمِ أَكْلُهُ
وَمَا ذَكَرَهُ كَعْبٌ لَمْ يُوقَفْ عَلَى صِحَّةٍ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ فِي ذَلِكَ عُمَرُ وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَلَا
صَدَّقَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فِيهِ عِلْمٌ مِنَ التَّوْرَاةِ
وَهِيَ السُّنَّةُ فِيمَا حَدَّثَ بِهِ أَهْلُ الْكِتَابِ عَنْ كِتَابِهِمْ أَلَّا يُصَدَّقُوا وَلَا يكذبوا لئلا يكذبوا
في حق جاؤوا بِهِ أَوْ يُصَدَّقُوا فِي بَاطِلٍ اخْتَلَفُوا فِي دَلِيلِهِ لِأَنَّ عِنْدَهُمُ الْحَقَّ فِي
التَّوْرَاةِ وَعِنْدَهُمُ الْبَاطِلَ فِيمَا حَرَّفُوهُ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَكَتَبُوهُ بِأَيْدِيهِمْ وَقَالُوا هُوَ مِنْ عِنْدِ
اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِهَذَا الْمَعْنَى بَابًا كَافِيًا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ
وَفِي إِنْكَارِ عُمَرَ عَلَى كَعْبٍ مَا أَفْتَى بِهِ الْمُحْرِمِينَ مِنْ أَكْلِ الْجَرَادِ ثُمَّ كَفُّهُ عَنْهُ إِذْ
أَعْلَمَهُ بِمَا أَعْلَمَهُ بِهِ مِمَّا جَرَى فِي هَذَا الْبَابِ ذِكْرُهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَالِمَ لَا يَجِبُ لَهُ
نَفْيُ شَيْءٍ وَلَا إِثْبَاتُهُ إِلَّا بِعِلْمٍ صَحِيحٍ قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ مَا كَانَ
فِي مَعْنَاهُمَا
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ وَجْهٍ لَا يُحْتَجُّ بِهِ أَنَّ الْجَرَادَ مِنْ صَيْدِ
الْبَحْرِ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ جَابَانَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَرَادُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 131
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَمِنْ رِوَايَةِ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي
هُرَيْرَةَ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ وَجْهٍ ضَعِيفٍ أَيْضًا أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْجَرَادِ فَقَالَ هُوَ مِنْ صَيْدِ
الْبَحْرِ
وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى نَحْوُ مَا رُوِيَ عَنْ كَعْبٍ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ قَالَ حَدَّثْنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْجَرَادِ نَثْرَةُ حُوتٍ
ذَكَرَهُ السَّاجِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَدِيٍّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ
وَلَمْ أَدْرِ مَا مَعْنَى رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ فِي الْجَرَادِ وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ إِنْ هِيَ إِلَّا نَثْرَةُ حُوتٍ يَنْثُرُهُ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّتَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ كَعْبٍ
فِي ذَلِكَ مَا هُوَ أَشْبَهُ بِمَا فِي أَيْدِي أَهْلِ الْعِلْمِ
ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى يَعْنِي الْقَطَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ
هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الصِّدِّيقِ النَّاجِيُّ أَنَّهُ حَجَّ مَعَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ هُوَ وَكَعْبٌ فَجَاءَ
رِجْلُ جَرَادَةٍ فَجَعَلَ كَعْبُ يَضْرِبُهَا بِسَوْطِهِ فَقُلْتُ يَا أَبَا إِسْحَاقَ أَلَسْتَ مُحْرِمًا قَالَ بَلَى
وَلَكِنَّهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ خَرَجَ أَوَّلُهُ مِنْ مِنْخَرِ حُوتٍ
قَالَ أَبُو عُمَرَ فَفِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّ أَوَّلَ خَلْقِ الْجَرَادِ كَانَ مِنْ مِنْخَرِ حُوتٍ لَا أَنَّهُ الْيَوْمَ
مَخْلُوقٌ مِنْ نَثْرَةِ حُوتٍ لِأَنَّ الْمُشَاهَدَةَ تَدْفَعُ ذَلِكَ
وَيُعَضِّدُ هَذَا عَنْ كَعْبٍ مَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ إِذْ حَكَمَ كَعْبٌ فِي
الْجَرَادِ حَكَمَ فِيهَا بِدِرْهَمٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ إِنَّكَ لِتَجِدُ الدَّرَاهِمَ لَتَمْرَةٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ وَلَوْ
كَانَ عِنْدَهُ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ مَا حَكَمَ فِيهِ بِشَيْءٍ
وَجَاءَ عَنْ كَعْبٍ أَنَّهُ رَأَى فِي الْجَرَادِ الْقِيمَةَ دِرْهَمٌ فِي الْجَرَادَةِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ
أَيْضًا
ذَكَرَهُ السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بن سالم عن
بن جُرَيْجٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي عَمَّارٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ أَقْبَلَ مَعَ مُعَاذِ
بْنِ جَبَلٍ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ فِي ناس محرمين وأن كعبا أَخَذَ جَرَادَتَيْنِ وَنَسِيَ إِحْرَامَهُ ثُمَّ
ذَكَرَ إِحْرَامَهُ فَأَلْقَاهُمَا فَدَخَلُوا عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَصَّ عَلَيْهِ كَعْبٌ قِصَّةَ الْجَرَادَتَيْنِ
فَقَالَ عُمَرُ وَمَنْ يَدُلُّكَ لِعِلْمِكَ بِذَلِكَ يَا كَعْبُ قَالَ نَعَمْ قَالَ إِنَّ حِمْيَرَ تُحِبُّ الْجَرَادَ قَالَ
مَا جَعَلْتُ فِي نَفْسِكَ قَالَ دِرْهَمَيْنِ فَقَالَ عُمَرُ بَخٍ دِرْهَمَانِ خَيْرٌ مِنْ مَائَةِ جَرَادَةٍ اجْعَلْ
مَا جَعَلْتَ فِي نَفْسِكَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 132
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا يَصِحُّ فِي الْجَرَادِ أنه من صيد البحر إلا عن بن عَبَّاسٍ وَلَا عَنْ
مَنْ يَجِبْ بِقَوْلِهِ حُجَّةٌ وَلَمْ يُعَرِّجِ الْعُلَمَاءُ وَلَا جَمَاعَةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى ذَلِكَ
ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أبان قال حدثنا سفيان قال قال بن جُرَيْجٍ عَنْ
عَطَاءٍ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ مَا تَقُولُ فِي صَيْدِ الْجَرَادِ فِي الْحَرَمِ قَالَ لا يصح قلت إن
قومك وَاللَّهِ يَأْخُذُونَهُ قَالَ إِنَّهُمْ وَاللَّهِ لَا يَعْلَمُونَ
قَالَ السَّاجِيُّ وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبَانٍ قَالَ حدثني سفيان عن بن جُرَيْجٍ عَنْ بُكَيْرٍ عَنِ
الْقَاسِمِ قَالَ سُئِلَ بن عَبَّاسٍ عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ جَرَادَاتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ قَالَ فِيهِنَّ قَبْضُ
قَبَضَاتٍ مِنْ طَعَامٍ وَإِنِّي لِآخُذُ بِقَبْضَةِ جَرَادَاتٍ
وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْجَمَاعَةِ مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي الْجَرَادَةِ إِذَا قَتَلَهَا وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ فِي بَابِهِ مِنْ
هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ الله
وقال بن وَهْبٍ عَنْهُ فِي الْجَرَادَةِ قَبْضَةٌ وَفِي الْجَرَادَاتِ أَيْضًا قَبْضَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ كَأَنَّهُ يَقُولُ مَا دُونَ قَبْضَةٍ مِنَ الطَّعَامِ فَلَا قَدْرَ لَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَمْرٌ خَيْرٌ مِنْ جَرَادَةٍ
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عمر وبن عَبَّاسٍ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّا يُوجَدُ مِنْ لُحُومِ الصَّيْدِ عَلَى الطَّرِيقِ هَلْ يَبْتَاعُهُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ أَمَّا مَا
كَانَ مِنْ ذَلِكَ يُعْتَرَضُ بِهِ الْحَجَّاجُ وَمِنْ أَجْلِهِمْ صِيدَ فَإِنِّي أَكْرَهُهُ وَأَنْهَى عَنْهُ فَأَمَّا أَنْ
يَكُونَ عِنْدَ رَجُلٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْمُحْرِمِينَ فَوَجَدَهُ مُحْرِمٌ فَابْتَاعَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَقَدْ مَضَى مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي مَعْنَى مَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ الْمُحْرِمِ مُجْمَلًا
وَنَزِيدُهُ هُنَا بَيَانًا بِأَقْوَالِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ مَذَاهِبَهُمْ فِي ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ هُنَا أَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ يَعْتَرِضُ الْحَاجَّ وَمِنْ أَجْلِهِمْ صِيدَ فَإِنِّي
أَكْرَهُهُ وَأَنْهَى عَنْهُ إِلَى آخِرِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الْمُحْرِمِ يَأْكُلُ مِنْ صَيْدٍ يَعْلَمُ
أَنَّهُ قَدِ اصْطِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَنَّ عَلَيْهِ جَزَاءَ ذَلِكَ الصَّيْدِ
وَقَالَ أَشْهَبُ سَأَلْتُ مَالِكًا عَمَّا صِيدَ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْمُحْرِمِينَ فَقَالَ لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ مِنَ
الْمُحْرِمِينَ وَلَا مِنَ الْمُحِلِّينَ أَكْلَهُ
قَالَ وَمَا صِيدَ مِنْ أَجْلِ مُحْرِمٍ أَوْ ذُبِحَ مِنْ أَجْلِهِ مِنَ الصَّيْدِ فَلَا يَحِلُّ لِمُحْرِمٍ وَلَا
لِحَلَالٍ أَكْلُهُ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 133
قَالَ وَسُئِلَ عَمَّا صِيدَ لِمُحْرِمِينَ فَقَالَ مَا صِيدَ قَبْلَ إِحْرَامِهِمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَمَا صِيدَ بَعْدَ
إِحْرَامِهِمْ فَلَا يَأْكُلُوهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا بَأْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ لَحْمِ الصَّيْدِ حَلَالٌ
لِلْمُحْرِمِ مَا لَمْ يَصِدْهُ أَوْ يُصَدْ لَهُ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ
وَفِي هَذَا الْبَابِ
قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ صَيْدٌ قَدْ صَادَهُ أَوِ ابْتَاعَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ وَلَا
بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَهُ عِنْدَ أَهْلِهِ
هَكَذَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمُوَطَّأِ عِنْدَ يَحْيَى وَطَائِفَةٍ مِنْ رُوَاةِ الموطأ وزاد فيها بن وَهْبٍ
وَطَائِفَةٌ عَنْهُ أَيْضًا فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ مَالِكٌ مَنْ أَحْرَمَ وَعِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّيْدِ قَدِ اسْتَأْنَسَ
وَدَجَنَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إِنْ تَرَكَهُ فِي أَهْلِهِ
قال بن وَهْبٍ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْحَلَالِ يَصِيدُ الصَّيْدَ أَوْ يَشْتَرِيهِ ثُمَّ يُحْرِمُ وَهُوَ مَعَهُ
فِي قَفَصٍ فَقَالَ مَالِكٌ يُرْسِلُهُ بَعْدَ أَنْ يُحْرِمَ وَلَا يُمْسِكْهُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِذَا أَحْرَمَ وَفِي يَدِهِ أَوْ مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الصَّيْدِ
فَعَلَيْهِ إِرْسَالُهُ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ فِي بَيْتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِرْسَالُهُ كَائِنٌ مَا كَانَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَيْسَ عَلَى مَنْ مَلَكَ صَيْدًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ ثُمَّ أَحْرَمَ وَهُوَ فِي يَدِهِ أَنْ
يُرْسِلَهُ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَا دَجَنَ مِنَ الصَّيْدِ
وَالْحُجَّةُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هُؤُلَاءِ بُيِّنَتْ لِمَا قَدَّمْنَا مِنَ الْأُصُولِ
فَتَحْصِيلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ الصَّيْدُ فِي حِينِ إِحْرَامِهِ أَرْسَلَهُ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ
لِأَهْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حنبل
وقال بن أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي بَيْتِهِ عَلَيْهِ
أَنْ يُرْسِلَهُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ
وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ
وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أنه لَا يُرْسِلُهُ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي أهله
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 134
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ
وَقَالَ مَالِكٌ فِي صَيْدِ الْحِيتَانِ فِي الْبَحْرِ وَالْأَنْهَارِ وَالْبِرَكِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إِنَّهُ حَلَالٌ
لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَصْطَادَهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ)
الْمَائِدَةِ 96 وَالْبَحْرُ كُلُّ مَاءٍ مُجْتَمِعٍ عَلَى مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ
قَالَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) (وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ
أُجَاجٌ) فَاطِرٍ 12
وَكُلُّ مَا كَانَ أَغْلَبُ عَيْشِهِ فِي الْمَاءِ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ وَيَأْتِي هَذَا الْبَابُ فِي كِتَابِ
الصَّيْدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ