قَالَ مَالِكٌ كُلُّ شَيْءٍ صِيدَ فِي الْحَرَمِ أَوْ أُرْسِلَ عَلَيْهِ كَلْبٌ فِي الْحَرَمِ فَقُتِلَ
ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَعَلَى من فعل ذلك جزاء الصيد فَأَمَّا الَّذِي
يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يَصِيدَهُ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ (...)
 
قَالَ مَالِكٌ كُلُّ شَيْءٍ صِيدَ فِي الْحَرَمِ أَوْ أُرْسِلَ عَلَيْهِ كَلْبٌ فِي الْحَرَمِ فَقُتِلَ
ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَعَلَى من فعل ذلك جزاء الصيد فَأَمَّا الَّذِي
يُرْسِلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يَصِيدَهُ فِي الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَلَيْسَ
عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ جَزَاءٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْحَرَمِ فَإِنْ أَرْسَلَهُ
قَرِيبًا مِنَ الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الَّذِي يُرْسِلُ كَلْبَهُ فِي الْحِلِّ فَيَقْتُلُ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ
فَقَالَ مَالِكٌ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ رَمَى سَهْمًا فِي الْحِلِّ فَقَتَلَ فِي الْحَرَمِ
وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ رَمَى مِنَ الْحِلِّ فَوَقَعَتِ الرَّمْيَةُ فِي
الْحَرَمِ فَقَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَإِنْ أَرْسَلَ كَلْبًا فِي الْحِلِّ فَقَتَلَ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ
عَلَيْهِ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي شَجَرَةٍ أَصْلُهَا فِي الْحَرَمِ وَأَغْصَانُهَا فِي الْحِلِّ سَقَطَ عَلَيْهَا طَائِرٌ قَالَ
مَا كَانَ فِي الْحِلِّ يَلْزَمُ وَمَا كَانَ فِي الْحَرَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ
وَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ مَزَيْدٍ سُئِلَ الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ رَجُلٍ أَرْسَلَ كَلْبَهُ فِي الْحِلِّ عَلَى صَيْدٍ
فَأَدْخَلَهُ الْحَرَمَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ مِنَ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي مَا أَقُولُ فِيهَا فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ
لَوْ رَدَدْتَنِي شَهْرًا فِيهَا لم أرسل عَنْهَا أحَدًا غَيْرَكَ فَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ
وَلَيْسَ عَلَى صَاحِبِهِ جَزَاءٌ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 144
قَالَ الْوَلِيدُ فَحَجَجْتُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَلَقِيتُ بن جُرَيْجٍ فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا فَحَدَّثَنِي عَنْ عَطَاءٍ
عَنِ بن عَبَّاسٍ بِمِثْلِ مَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي تَحْرِيمِ الصَّيْدِ بِمَكَّةَ مِنْ
سَائِرِ الْحَرَمِ وَأَنَّهُ حَرَمٌ آمِنٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ (عز وجل) (أو لم يروا أنا جعلنا حرما
أمنا) الْعَنْكَبُوتِ 67 وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) (رَبِّ اجْعَلْ هذا البلد أمنا) إِبْرَاهِيمَ
35 وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) حَرَّمَ مَكَّةَ وَلَمْ
يُحَرِّمْهَا النَّاسُ
وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَهَذَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ دَعَى فِي تَحْرِيمِهَا فَكَانَ
سَبَبَ ذَلِكَ فَأُضِيفَ إِلَيْهِ عَلَى مَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ كَلَامِهَا
وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالِي
حَرَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَعَانِيَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 145
وَقَدْ رَأَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْجَانِيَ إِذَا عَاذَ بِالْحَرَمِ لَمْ يُقَمْ عَلَيْهِ حَدُّهُ فِيهِ حَتَّى
يَخْرُجَ مِنْهُ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَابٌ غَيْرُ هَذَا
وَقَالُوا لَمْ يَكُنِ الْجَزَاءُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَّا عَلَى مُحْرِمٍ فَلَا عَلَى قَاتِلِ صَيْدٍ فِي
الْحَرَمِ وَهُوَ حَلَالٌ وإنما كان الجزاء على هذه الأمة لقوله (عز وجل) (يا أيها الَّذِينَ
آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ منكم متعمدا) الْمَائِدَةِ 95
وَاتَّفَقَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَ صَيْدًا وَهُوَ حَلَالٌ فِي الْحَرَمِ الْجَزَاءُ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ
وَبِهِ قَالَ جَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ
وَشَذَّتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ فَقَالُوا لَا جَزَاءَ عَلَى مَنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ شَيْئًا مِنَ
الصَّيْدِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا
وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَحْرِيمِ الصَّيْدِ فِي الْجَزَاءِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي وُجُوبِ الْجَزَاءِ فِيهِ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وعثمان وعلي وبن عباس وبن عمر في حمام الحرم شَاةٌ فِي
كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا وَلَمْ يَخُصُّوا مُحْرِمًا مِنْ حَلَالٍ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ
وَقَدْ يُوجَدُ لِدَاوُدَ سَلَفٌ مِنَ التَّابِعِينَ
ذكر عبد الرزاق عن معمر عَنْ صَدَقَةَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ
حَجَلَةٍ ذَبَحْتُهَا وَأَنَا بِمَكَّةَ فَلَمْ يَرَ عَلَيَّ شَيْئًا
وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لِلْحَلَالِ يَقْتُلُ الصَّيْدَ فِي الْحَرَمِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الْهَدْيُ
وَالْإِطْعَامُ وَلَا يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ ثَمَنًا
وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ يُجْزِئُهُ الصَّوْمُ كَسَائِرِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاءُ الصَّيْدِ مِنَ
الْمُحْرِمِينَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمُحْرِمِ إِذَا أَدْخَلَ مَعَ الضَّحِيَّةِ شَيْئًا مِنْ صَيْدِ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ
فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَبْحُهُ وَلَا حَبْسُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُرْسِلَهُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ جَائِزٌ لَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ فِي الحرم
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 146