وذكر مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَلْبِ العقور الذي أمر بقتله في الحرم إِنَّ كُلَّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلَ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ |
وذكر مالك عن بن شِهَابٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ فِي الْحَرَمِ
قَالَ مَالِكٌ فِي الْكَلْبِ العقور الذي أمر بقتله في الحرم إِنَّ كُلَّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلَ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ فَهُوَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلَ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ وَمَا أَشْبَهَهُنَّ مِنَ السِّبَاعِ فَلَا يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ فَإِنْ قَتَلَهُ فَدَاهُ وَأَمَّا مَا ضَرَّ مِنَ الطَّيْرِ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ لَا يَقْتُلُهُ إِلَّا مَا سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ وَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ شَيْئًا مِنَ الطَّيْرِ سِوَاهُمَا فَدَاهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِجُمْلَةِ مَعْنَى أَحَادِيثِ هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْصِيلِهَا عَلَى مَا نُورِدُهُ عَنْهُمْ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 151 فَأَمَّا الْكَلْبُ الْعَقُورُ فَقَدْ ذَكَرَ مَالِكٌ مَذْهَبَهُ فيه في موطئه على حسب ما أوردناه ومذهب بن عُيَيْنَةَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ نَحْوُ مَذْهَبِ مَالِكٍ قال بن عُيَيْنَةَ مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِرُ وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ الْكَلْبَ قَالَ سُفْيَانُ وَفَسَّرَهُ لِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَرُوَى زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَبَلَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ كَالْأَسَدِ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ يَقُولُونَ إِنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الْكِلَابَ الْإِنْسِيَةَ الْعَادِي مِنْهَا وَلَا غَيْرَ الْعَادِي دُونَ سَائِرِ مَا يَعْقِرُ النَّاسَ وَيَعْدُوُ عَلَيْهِمْ مِنَ السِّبَاعِ كُلِّهَا وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِكَ فَعَدَى عَلَيْهِ الْأَسَدُ فَقَتَلَهُ وَمَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ مَالِكٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْكَلْبَ الْعَقُورَ قَالَ وَهُوَ كُلُّ مَا عَدَا عَلَيْكَ مِنَ السِّبَاعِ تَقْتُلُهُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْكَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ نَحْوُ ذَلِكَ أَيْضًا قَالَ الشَّافِعِيُّ الْكَلْبُ الْعَقُورُ مَا عَدَا عَلَى النَّاسِ مِنَ الْكِلَابِ قَالَ وَمِثْلُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ كُلُّ سَبُعٍ عَقُورٍ مِثْلُ النَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ وَالْأَسَدِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ تَقْتُلُ كُلَّ مَا عَدَا عَلَيْكَ وَعَقَرَكَ وَآذَاكَ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْكَ فَهَؤُلَاءِ الْعُلَمَاءُ كُلُّهُمْ مَذَاهِبُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ فِي الْعِبَارَةِ عَنِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَكُلُّهُمْ لَا يَرَى مَا لَيْسَ مِنَ السِّبَاعِ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ فِي الْأَغْلَبِ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي شَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ عِنْدَهُمْ قَتَلُ الْهِرِّ الْوَحْشِ وَلَا الثَّعْلَبِ وَلَا الضَّبْعِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنَ السِّبَاعِ إِلَّا الْكَلْبَ وَالذِّئْبَ فَقَطْ يَقْتُلُهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا ابْتَدَأَهُ أَوِ ابْتَدَأَهُمَا وَإِنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ السِّبَاعِ فَدَاهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ ابْتَدَأَهُ السَّبُعُ فَإِنِ ابْتَدَأَهُ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَبْتَدِئُهُ وَقَتَلَهُ أَفْدَاهُ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 152 وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ إِلَّا الذِّئْبَ وَحْدَهُ وَمَتَى قَتَلَ غَيْرَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ ابْتَدَأَهُ أَوْ لَمْ يَبْتَدِئْهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ تَلْخِيصُ مَذْهَبِ مَالِكٍ فِي الْكَلْبِ الْعَقُورِ وَسَائِرِ السِّبَاعِ فِيمَا ذكره بن القاسم وبن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْهُ أَنَّ الْمُحْرِمَ يَقْتُلُ السِّبَاعَ التي تعدو على الناس وتفترس ابتدأته أَوِ ابْتَدَأَهَا جَائِزٌ لَهُ قَتْلُهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَأَمَّا صِغَارُ أَوْلَادِهَا الَّتِي لَا تَعْدُو عَلَى النَّاسِ وَلَا تَفْتَرِسُ فَلَا يَقْتُلُهَا وَلَا يَقْتُلُ ضَبْعًا وَلَا ثَعْلَبًا وَلَا هِرًّا وَحْشِيًّا إلا أن يبتدئه أَحَدُ هَذِهِ بِالْأَذَى وَالْعَدَاءِ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ فله قتله ودفعه عن نفسه قال بن الْقَاسِمِ كَمَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا عَدَا عَلَى رَجُلٍ فَأَرَادَ قَتْلَهُ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَقَالَ أَشْهَبُ عَنْهُ إِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ ثَعْلَبًا أَوْ هِرًّا أَوْ ضَبْعًا وَدَاهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْذَنْ فِي قَتْلِ السِّبَاعِ وَإِنَّمَا أَذِنَ فِي قَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ قَالَ وَكَذَلِكَ صِغَارُ الذِّئَابِ وَالنُّمُورِ لَا يَرَى أَنْ يَقْتُلَهَا الْمُحْرِمُ فَإِنْ قَتَلَهَا فَدَاهَا وَهِيَ مِثْلُ فِرَاخِ الْغِرْبَانِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ مَنْ قَتَلَ شَيْئًا مِنَ السِّبَاعِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا فَدَاهُ إِلَّا الْكَلْبَ الْعَقُورَ وَالذِّئْبَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الَّذِي يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مِنَ السِّبَاعِ فَصِغَارُهُ وَكِبَارُهُ سَوَاءٌ يَقْتُلُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ صَغِيرًا لَمْ يَقْتُلْهُ كَبِيرًا وَكُلُّ مَا لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِهِ فَلَا بَأْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِ وَجَائِزٌ عِنْدَهُ أَكْلُ الضَّبْعِ وَالثَّعْلَبِ وَالْهِرِّ وَسَنُبَيِّنُ مَذْهَبَهُ وَمَذْهَبَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ فِيمَا يُؤْكَلُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ عِنْدَ ذِكْرِ نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَيْسَ هَذَا الْبَابُ فِيمَا لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ مِنْ بَابِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي شَيْءٍ يُعَقِّبُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَّا الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ فِي هَذَا الْبَابِ فَقَالَ أَشْهَبُ سُئِلَ مَالِكٌ أَيَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْغُرَابَ وَالْحِدَأَةَ مِنْ غَيْرِ أن يضرانه قال لا إلا أن يضرانه إنما أذن في قتلهما إِذَا أَضَرَّا فِي رَأْيِي فَأَمَّا أَنْ يُصِيبَهُمَا بدءا فلا وهما صيد الجزء: 4 ¦ الصفحة: 153 وَلَيْسَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَصِيدَ وَلِيًّا مِثْلَ الْعَقْرَبِ والفأرة والغراب والحدأة صيد فَإِنْ أَضَرَّ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ بِالْمُحْرِمِ فَلَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا قَالَ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتُلُ الْحَيَّةَ والفأرة والعقرب وإن لم تضره وقال بن وَهْبٍ وَأَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَمَّا الطَّيْرُ فَلَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ مِنْهُ إِلَّا مَا سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغُرَابُ وَالْحِدَأَةُ وَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا إِلَّا أَنْ يَضُرَّاهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ الْحَيَّةِ والْعَقْرَبِ وَالْحِدَأَةِ الفأرة وَالْغُرَابِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْغُرَابِ والحدأة والرحم وَالنُّسُورِ وَالْخَنَافِسِ وَالْقِرْدَانِ وَالْحَلَمِ وَكُلُّ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ للمحرم وغيره هذا معنى قوله وهو قول بن عمر وعائشة وعروة وبن شِهَابٍ ذَكَرَ السَّاجِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ عبد الحميد الغدائري قال حدثنا الْهَيْثَمُ بْنُ جَمِيلٍ قَالَ حَدَّثَنِي شَرِيكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ ذُكِرَ عند بن عُمَرَ الْغُرَابُ فَقَالَ هُوَ الَّذِي سَمَّاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفُوَيْسِقَ وَاللَّهِ مَا هُوَ مِنَ الطَّيِّبَاتِ الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي الْقُرْآنِ قَالَ وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بن الحارث المخزومي قال حدثني بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنِّي لَأَعْجَبُ مِنْ أَكْلِ الْغُرَابِ وَقَدْ رَأَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ فَاسِقًا وَاللَّهِ مَا هَذَا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَحَدَّثَنِي بن الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّهُ كَرِهَ لَحْمَ الْغُرَابِ قَالَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ لَحْمِ الْغُرَابِ فَكَرِهَهُ قَالَ أَبُو عُمَرَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ أَكْلُ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَكُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنَ الطَّيْرِ وَلَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ النَّهْيُ الَّذِي رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَحَّ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ قَالَ كُلِ الطَّيْرَ كُلَّهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْخَبَرَ عَنْهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وجماعة من العلماء الجزء: 4 ¦ الصفحة: 154 وذكر بن وَهْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عُقَيْلٍ عن بن شِهَابٍ أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ أَكْلِ الْبَازِي فأمره بأكله قال بن وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي اللَّيْثُ قَالَ كَتَبْتُ إِلَى يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فِي لَحْمِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالنَّسْرِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي وَالْعُقَابِ وَأَشْبَاهِهَا هَلْ يُكْرَهُ أَمْ لَا فَقَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ تُحَرِّمَ إِلَّا مَا حَرَّمَ اللًهُ (عَزَّ وَجَلَّ) أَوْ بِمَا تَكَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنِّهْيِ عنه قال بن وَهْبٍ وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ أَكْلِ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَقُلْتُ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُمَا فَاسِقَيْنِ وَأَمَرَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِهِمَا فقال لم أدرك أحدا ينهى عن أكلهما قَالَ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِمَا قَالَ وَإِنِّي لَأَكْرَهُ أَكْلَ الْفَأْرَةِ وَالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَرَاهُ حَرَامًا قَالَ وَمَنْ أَكَلَ حَيَّةً فَلَا يَأْكُلْهَا حَتَّى يُذَكِّيَهَا قَالَ أَبُو عُمَرَ الْعُلَمَاءُ مُجْمِعُونَ عَلَى قَتْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ وَكَذَلِكَ الْأَفْعَى عِنْدَهُمْ جَمِيعِهِمْ وفي حديث بْنِ مَسْعُودٍ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِنًى لَيْلَةَ عَرَفَةَ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتُلُوا فُسَيْقًا وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْأَفْعَى وَالْأَسْوَدَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ والحدأة والكلب العقور والفويسقة قال أبو عمر قَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي التَّمْهِيدِ وَالْأَسْوَدُ الْحَيَّةُ وَالْفُوَيْسِقَةُ الْفَأْرَةُ رَوَى شُعْبَةُ عَنْ مُخَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ اعْتَمَرْتُ فَمَرَرْتُ بِالرِّمَالِ فَرَأَيْتُ حَيَّاتٍ فَجَعَلْتُ أَقْتُلُهُنَّ وَسَأَلْتُ عُمَرَ فَقَالَ هِيَ عَدُوٌّ فاقتلوهن الجزء: 4 ¦ الصفحة: 155 وقال بن عُيَيْنَةَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ سُئِلَ عَنِ الْحَيَّةِ يَقْتُلُهَا الْمُحْرِمُ فَقَالَ هِيَ عَدُوٌّ فَاقْتُلُوهَا حَيْثُ وَجَدْتُمُوهَا قَالَ سُفْيَانُ وَقَالَ لَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَيْحَكَ! أَيُّ كَلْبٍ أَعْقَرُ مِنَ الْحَيَّةِ! قَالَ أَبُو عُمَرَ وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْفَأْرَةِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَقَتْلِ الْعَقْرَبِ والوزغ إلا أن بن القاسم وبن وهب وأشهب رووا عن مالك وذكره بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْهُ قَالَ لَا أَدْرِي أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِنَّ قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ قَالَ أَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ وَهُوَ مِثْلُ شَحْمَةِ الْأَرْضِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ إِلَّا سَبْعًا قَالَ وَلَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ قِرْدًا وَلَا خِنْزِيرًا وَلَا الْحَيَّةَ الصَّغِيرَةَ وَلَا صِغَارَ السِّبَاعِ وَلَا فِرَاخَ الْغِرْبَانِ قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فويسقا رواه بن شِهَابٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَهَا فِي التَّمْهِيدِ وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ قَتْلَ الْحَيَّةِ وَالْأَفْعَى وَلَيْسَتْ مِنَ الْخَمْسِ الَّتِي سَمَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ عِنْدَهُ صِفَةٌ لَا عَيْنٌ مُسَمَّاةٌ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنَ الْخَمْسِ وَقَدْ قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ اخْتُلِفَ فِي الزُّنْبُورِ فَشَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِالْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ قَالَ وَلَوْلَا أَنَّ الزُّنْبُورَ لَا يَبْتَدِئُ لَكَانَ أَغْلَظَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ فِي طَبْعِهِ مِنَ الْأَذَى مَا فِي الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَجِيءُ إِذَا أُوذِيَ قَالَ فَإِنْ عَرَضَ الزُّنْبُورُ لِإِنْسَانٍ فَدَفَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 156 قَالَ إِسْمَاعِيلُ وَإِنَّمَا لَمْ يَدْخُلْ أَوْلَادُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فِي حُكْمِ الْعَقُورِ لِأَنَّهُنَّ لَا يَعْقِرْنَ فِي صِغَرِهِنَّ قَالَ وَقَدْ سَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَمْسَ فَوَاسِقَ وَالْفَوَاسِقُ فَوَاعِلُ وَالصِّغَارُ لَا فِعْلَ لَهُنَّ قَالَ أَبُو عُمَرَ وَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْثِيلَ بِالْبَهَائِمِ وَنَهَى أَنْ يَتَّخِذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا وَنَهَى أَنْ تُصْبَرَ الْبَهَائِمُ وَذَلِكَ فِيمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ وَفِيمَا لَا يَجُوزُ وَإِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا بِغَيْرِ حَقِّهِ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِيلَ وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ يَذْبَحُهُ وَلَا يَقْطَعُ رَأْسَهُ فَيَرْمِي بِهِ وَفِي هَذَا كُلِّهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ أَنَّ مَا يَحِلُّ أَكْلُهُ لَا يجوز قَتْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الْفَسَادِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ وَاللَّهُ قَدْ نَهَى عَنِ الْفَسَادِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يُحِبُّهُ وَقَدْ نَهَى عَنْ إِضَاعَةِ الْمَالِ وَكُلُّ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ ذَكَاتُهُ الذَّبْحُ وَكُلُّ مُمْتَنِعٍ مِنَ الصَّيْدِ ذَكَاتُهُ الْحَدِيدُ حَيْثُ أَدْرَكْتَ مِنْهُ مَعَ سُنَّةِ التَّسْمِيَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَبَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ تِلْكَ الْفَوَاسِقِ وَشِبْهِهَا فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَغَيْرِهِ وَقَالَ الْمُحْرِمُ يقتله الجزء: 4 ¦ الصفحة: 157 وَأَمَّا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى جَوَازِ أَكْلِ الطَّيْرِ كُلِّهِ ذِي الْمِخْلَبِ مِنْهُ وَغَيْرِ ذِي الْمِخْلَبِ فَمِنْ حُجَّتِهِمْ أَنَّ الْحِدَأَةَ وَالْغُرَابَ اسْتَثْنَاهُمْ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصَّيْدِ الَّذِي نَهَى الْمُحْرِمَ عَنْهُ وَقَدْ قَالَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُمْ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ وَلَا يُقْتَلُ الْغُرَابُ وَلَكِنْ يُرْمَى وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ عَنْهُ فِي التَّمْهِيدِ وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِذَلِكَ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ الْحَيَّةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْفُوَيْسِقَةُ وَيَرْمِي الْغُرَابَ وَلَا يَقْتُلُهُ وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْحِدَأَةُ وَالسَّبُعُ الْعَادِي رَوَاهُ هُشَيْمٌ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عبد الرحمن بن أبي نعم عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ بِإِسْنَادِهِ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَشَذَّتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى فَقَالَتْ لَا يُقْتَلُ مِنَ الْغِرْبَانِ إِلَّا الْغُرَابُ الْأَبْقَعُ وَاحْتَجُّوا بِمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَمْسٌ يَقْتُلُهُنَّ المحرم الحية والفأرة والحدأة والغراب والأبقع وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْأَبْقَعُ مِنَ الْغِرْبَانِ الَّذِي فِي ظَهْرِهِ وَبَطْنِهِ بَيَاضٌ وَكَذَلِكَ الْكَلْبُ الْأَبْقَعُ أَيْضًا وَأَمَّا الْأَدْرَعُ فَهُوَ الْأَسْوَدُ وَالْغُرَابُ الْأَعْصَمُ هُوَ الْأَبْيَضُ الرِّجْلَيْنِ وَكَذَلِكَ الْوَعْلُ الْأَعْصَمُ عِصْمَتُهُ بَيَاضٌ فِي رِجْلَيْهِ |