مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا
فِي الْفِتْنَةِ إنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا
فِي الْفِتْنَةِ إنْ صُدِدْتُ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ
الْحُدَيْبِيَةِ
ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ نَظَرَ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 169
فَقَالَ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قد أوجبت الحج والعمرة
ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ طَوَافًا وَاحِدًا وَرَأَى ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى
قَالَ مَالِكٌ فَهَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ كَمَا أُحْصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَأَمَّا مَنْ أُحْصِرَ بِغَيْرِ عَدُوٍّ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ دُونَ الْبَيْتِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْإِحْصَارُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهَا الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ وَبِالسُّلْطَانِ الْجَائِرِ وَمِنْهَا
بِالْمَرَضِ
وَأَصْلُ الْأَسْرِ فِي اللُّغَةِ الْحَبْسُ وَالْمَنْعُ
قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ حَصَرْتُ الرَّجُلَ حَصْرًا مَنَعْتُهُ وَحَبَسْتُهُ قَالَ وَأُحْصِرَ الرَّجُلُ عَنْ
بُلُوغِ مَكَّةَ وَالْمَنَاسِكِ مِنْ مَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ
هَكَذَا قَالُوا جَعَلُوا الْأَوَّلَ ثُلَاثِيًّا مِنْ حَصَرْتُ وَالثَّانِيَ رُبَاعِيًّا مِنْ أَحْصَرْتُ فِي الْمَرَضِ
وعلى هذا خرج قول بن عَبَّاسٍ لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرَ الْعَدُوِّ وَلَمْ يقل لا إحصار إِلَّا
إِحْصَارَ الْعَدُوِّ
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللغة يقال أَحْصَرَ مِنْ عَدُوٍّ وَمِنَ الْمَرَضِ جَمِيعًا وَقَالُوا حَصَرَ
وَأَحْصَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي الْمَرَضِ وَالْعَدُوِّ وَمَعْنَى أَحْصَرَ حَبَسَ
وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ هَذَا مِنَ الْفُقَهَاءِ بِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ) الْبَقَرَةِ 196
وَإِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْحُدَيْبِيَةِ وَكَانَ حَبْسُهُمْ وَمَنْعُهُمْ يَوْمَئِذٍ بِالْعَدُوِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ أُحْصِرَ بِعَدُوٍّ أَنَّهُ يَحُلُّ مِنْ إِحْرَامِهِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ
وَلَا قَضَاءَ إِلَّا أَنَّهُ إِنْ كَانَ سَاقَ هَدْيًا نَحَرَهُ فَقَدْ وَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى أنه فِي الْمَوْضِعِ
الَّذِي حِيلَ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَأَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
صَرُورَةً فَلَا يُسْقِطُ ذَلِكَ عَنْهُ فَرْضَ الْحَجِّ
وَخَالَفَهُ فِي وُجُوبِ الْهَدْيِ عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ عَلَيْهِ الْهَدْيُ يَنْحَرُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي
حُبِسَ فِيهِ وَيَحِلُّ وَيَنْصَرِفُ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُحْصَرِ بَعَدُوٍّ أَنَّهُ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصِرَ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ إِلَّا
أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ هَدْيًا
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْهَدْيِ فَإِذَا نَحَرَهُ فِي مَوْضِعِهِ حَلَّ
وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 170
وَاتَّفَقَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِعَدُوٍّ يَنْحَرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُبِسَ وَصُدَّ وَمُنِعَ فِي الْحِلِّ
كَانَ أَوْ فِي الْحَرَمِ
وَخَالَفَهُمَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ وَسَنَذْكُرُهُ بَعْدُ
وَاخْتُلِفَ فِي نَحْرِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ هَلْ كَانَ فِي الْحِلِّ
أَوِ الْحَرَمِ
فَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ لَمْ يَنْحَرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدْيَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إلا
في الحرم
وهو قول بن إِسْحَاقَ
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْمَغَازِي وَغَيْرِهِمْ لَمْ يَنْحَرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
هَدْيَهُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَّا فِي الْحِلِّ
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) الْفَتْحِ 25
وذكر يعقوب بن سفيان الفسوي قال بن أَبِي أُوَيْسٍ عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ يَعْقُوبَ عَنْ أبيه
قال لما حبس رسول الله وَأَصْحَابُهُ نَحَرُوا بِالْحُدَيْبِيَةِ وَحَلَقُوا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى رِيحًا
عَاصِفًا فَحَمَلَتْ شُعُورَهُمْ فَأَلْقَتْهَا فِي الْحَرَمِ
وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُمْ حَلَقُوا بِالْحِلِّ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُهُ (عَزَّ وَجَلَّ) فِي يَوْمِ الْحُدَيْبِيَةِ (ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ
الهدي محله) البقرة 196 يعني حتى تنحروا ومحله هذا نحره
وأما قوله فِي الْبَدَنِ (ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) الْحَجِّ 33 فَهَذَا لِمَنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ
دُخُولِ مَكَّةَ وَمَكَّةُ كُلُّهَا وَمِنًى مَسْجِدٌ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهَا وَلَيْسَ الْبَيْتُ بِمَوْضِعِ
النَّحْرِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى الْمُحْصَرِ أَنْ يُقَدِّمَ الْهَدْيَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْحَرَهُ إِلَّا فِي الْحَرَمِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِرَاقِ الْإِحْصَارُ بِالْمَرَضِ وَالْإِحْصَارُ
بِعَدُوٍّ سَوَاءٌ وَتَبْيِينُ مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرَ الْعَدُوِّ
وَهُوَ قول بن عَبَّاسٍ
يُرِيدُونَ أَنَّ حَصْرَ الْعَدُوِّ لَا يُشْبِهُهُ حَصْرُ الْمَرَضِ وَلَا غَيرِهِ لِأَنَّهُ مَنْ حُصِرَ بالعدو
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 171
خَاصَّةً يَحِلُّ فِي مَوْضِعِهِ عَلَى مَا وَصَفْنَا دُونَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ وَالْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ
لَا يُحِلُّهُ إِلَّا الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَلَا قَضَاءَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ عَلَى الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ إِذَا فَاتَهُ مَا دَخَلَ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ
فَاتَهُ الْحَجُّ وَبِخِلَافِ الْمَرِيضِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَرُورَةً وَلَمْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ فَإِنْ كَانَ
كَذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ
وَجُمْلَةُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ أَنَّهُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ يَنْحَرُ كُلُّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا هَدْيَهُ فِي الْحَرَمِ وَيَحِلُّ يَوْمَ النَّحْرِ إِنْ شَاءَ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ
وَهُوَ قَوْلُ الطَّبَرِيِّ
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَتَحَلَّلُ دُونَ يَوْمِ النَّحْرِ
وَهُوَ قَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ بِمَكَّةَ فَقَالَ مَالِكٌ يَتَحَلَّلُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ كَمَا لَوْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ
فِي الْحِلِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَكِّيًّا فَيَخْرُجُ إِلَى الْحِلِّ ثُمَّ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ أَهْلُ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ كَأَهْلِ الْآفَاقِ
قَالَ الشَّافِعِيُّ الْإِحْصَارُ بِعَدُوٍّ بِمَكَّةَ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحِلُّ مَكَانَهُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِذَا أَتَى مَكَّةَ مُحْرِمًا بِالْحَجِّ فَلَا يَكُونُ مُحْصَرًا
وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ فَلَيْسَ بِمُحْصَرٍ وَيُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ
وَيَهْدِيَ
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكُونُ مُحْصَرًا
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ
وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَوْلٌ آخَرُ كَقَوْلِ مَالِكٍ سَوَاءً
وأما حديث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ فَفِيهِ مِنَ الْفِقْهِ مَعَانٍ كَثِيرَةٌ مِنْهَا
إِبَاحَةُ الْإِهْلَالِ وَالدُّخُولِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى أَنَّهُ إِنْ سَلِمَ نَفِذَ وَإِنْ مَنَعَهُ مَانِعٌ صَنَعَ مَا
يَجِبُ لَهُ فِي ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ مَسْأَلَةَ الِاشْتِرَاطِ فِي الْحَجِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ
هَذَا الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَفِيهِ رُكُوبُ الطَّرِيقِ فِي الْخَوْفِ وَهَذَا إِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ فِيهِ سَلَامَةُ المهجة لأن بن
عُمَرَ لَمْ يَخَفْ فِي الْفِتْنَةِ إِلَّا مَنْعَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ خَاصَّةً دُونَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُمْ لَمْ
يَكُونُوا فِي فِتْنَتِهِمْ يَقْتُلُونَ مَنْ لَا يقاتلهم
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 172
وَأَمَّا قَوْلُهُ مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ أُشْهِدُكُمُ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَقَدْ كَانَ
أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ فَفِيهِ جَوَازُ إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ فِي
مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هُنَاكَ مَا لِلْعُلَمَاءِ فِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ
وَفِي إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْحَجِّ وَفِي إِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْعُمْرَةِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ
مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ
أَنَّهُ جَائِزٌ وَيَكُونُ قَارِنًا وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ مَنْ أَهَلَّ بِهِمَا مَعًا
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَإِنْ أَكْمَلَ الطَّوَافَ
بِالْبَيْتِ مَا لَمْ يَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ وَأَنْ يَسْعَى بَعْدَ الطَّوَافِ مَا لَمْ يَرْكَعْ
رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ
وَهَذَا شُذُوذٌ لَا نَظَرَ فِيهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ
وَقَالَ أَشْهَبُ مَتَى طَافَ لِعُمْرَتِهِ شَوْطًا وَاحِدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا
وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ أَيْضًا فِيمَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ فِي الطَّوَافِ
فَقَالَ مَالِكٌ مَنْ أَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ بَعَدَ أَنْ يَفْتَتِحَ الطَّوَافَ لَزِمَهُ وَصَارَ قَارِنًا
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْمَشْهُورُ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ إِلَّا قَبْلَ الْأَخْذِ بِالطَّوَافِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ قَارِنًا
وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ عَطَاءٍ
وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حديث بن عُمَرَ ثُمَّ نَفَذَ حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ فَطَافَ بِهِ طَوَافًا وَاحِدًا وَرَأَى
أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى فَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إن طواف الدخول إذا وصل
بالسعي يجزئ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ لِسُنَّةٍ وَلَمْ يُؤَدِّهِ حَتَّى رَجَعَ
إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرَ مَالِكٍ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَاللَّهُ
أَعْلَمُ
عَلَى أَنَّ تَحْصِيلَ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ إِلَّا ما
كان من الوقوف بعرفة قَبْلَ الْجَمْرَةِ أَوْ بَعْدَهَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 173
وَهُوَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْبَغْدَادِيِّينَ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ
وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ هُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَأَنْكَرَ رِوَايَةَ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ لا يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِأَنَّ طَوَافَ
قَبْلِ عَرَفَةَ سَاقِطٌ عَنِ الْمَكِّيِّ وَعَنِ الْمُرَاهِقِ
وَهُمْ مجمعون على أن طواف الإفاضة الذي يجزئ عَنْ طَوَافِ الْقُدُومِ إِذَا وَصَلَ
بِالسَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِلنَّاسِي وَالْجَاهِلِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِنْ كَانَ
مُرَاهِقًا أَوْ مَكِّيًّا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَا شَيْءَ وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَهَذَا يَدُلُّكَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَمِنْ قَوْلِ الْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ الْمُفْتَرَضَ فِي الْحَجِّ
طَوَافٌ وَاحِدٌ لَا غَيْرَ وَمَا سِوَاهُ سُنَّةٌ إِلَّا أَنَّ حُكْمَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَسُنَّتِهِ أَنْ يَكُونَ
يَوْمَ النَّحْرِ مِمَّا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ أيام التشريق
وفيما ذكرنا أيضا عن بن عُمَرَ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْحِجَازِ فِي أَنَّ
الْقَارِنَ يُجْزِئُهُ طَوَافٌ وَاحِدٌ لِحَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ
وَسَنَذْكُرُ اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ عِنْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَقَوْلِهَا فِيهِ وَأَمَّا الَّذِينَ أَهَلُّوا
بِالْحَجِّ أَوْ جَمَعُوا الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هذا
الكتاب
وقال القعنبي في حديث بن عُمَرَ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَأَى أَنَّ ذَلِكَ مُجْزِيًا عَنْهُ وَأَهْدَى
شَاةً وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الموطأ يحيى ولا بن الْقَاسِمِ وَلَا أَبُو الْمُصْعَبِ
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا عَلَى الْقَارِنِ مِنَ الْهَدْيِ أَوِ الصِّيَامِ فَرُوِيَ عن بن عُمَرَ أَنَّ
الْقَارِنَ أَوِ الْمُتَمَتِّعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ وَكَانَ يَقُولُ (فَمَا اسْتَيْسَرَ
مِنَ الْهَدْيِ) الْبَقَرَةِ 196 بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ يُرِيدُ بَدَنَةً دُونَ بُدْنِهِ أَوْ بَقَرَةً مِنْ بَقَرِهِ وَهَذَا
مِنْ مَذْهَبِهِ مَشْهُورٌ معلوم محفوظ وهو يرد رواية القعنبي في حديث بن عُمَرَ هَذَا
وَيَشْهَدُ بِأَنَّهُ وَهِمَ فِي قَوْلِهِ وَأَهْدَى شَاةً
إِلَّا أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا فِي مَعْنَى قَوْلِ اللَّهِ (عَزَّ وَجَلَّ) (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى
الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) الْبَقَرَةِ 196 قَالُوا شَاةٌ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عمر وعلي وبن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفَتْوَى بِالْأَمْصَارِ
وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ فِي الْقَارِنِ إِنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وسبعة إذا
رجع هو وَالْمُتَمَتِّعُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 174
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُجْزِئُ الْقَارِنَ فِي ذَلِكَ شَاةٌ قِيَاسًا عَلَى الْمُتَمَتِّعِ قَالَ وَهُوَ أَخَفُّ شَأْنًا
مِنَ الْمُتَمَتِّعِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يُجْزِئُهُ شَاةٌ وَالْبَقَرَةُ أَفْضَلُ وَلَا يُجْزِئُهُ عِنْدَهُمُ إِلَّا
الدَّمُ عَنِ الْمُعْسِرِ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ قِيَاسًا عَلَى مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ
مُحْرِمٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ رَمْيَ الْجِمَارِ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُهَا أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَلَا يُجْزِئُهُ
مِنْهُ صِيَامٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قِيَاسُ الْقَارِنِ عَلَى الْمُتَمَتِّعِ أَوْلَى وَأَقْرَبُ وَأَصْوَبُ مِنْ قِيَاسِهِ عَلَى مَنْ
جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَوْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُوجِبَ للدم عَلَى الْمُتَمَتِّعِ هُوَ
مَوْجُودٌ فِي الْقَارِنِ وَهُوَ سُقُوطُ السَّعْيِ عَنْهُ لِحَجِّهِ أَوْ لِعُمْرَتِهِ مِنْ بَلَدِهِ
وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ عَلَى الْمُحْصَرِ بِعَدُوٍّ بِمَا أَخْبَرَنَا بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا النُّفَيْلِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَاضِرٍ الْحِمْيَرِيَّ يُحَدِّثُ
أَبِي مَيْمُونَ بْنَ مهران قال خرجت معتمرا عام حاصر بن الزُّبَيْرِ أَهْلُ الشَّامِ بِمَكَّةَ
وَبَعَثَ مَعِي رِجَالًا مِنْ قَوْمِي بِهَدْيٍ فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ مَنَعُونِي أَنْ أَدْخُلَ
الْحَرَمَ فَنَحَرْتُ الْهَدْيَ مَكَانِي ثُمَّ حَلَلْتُ ثُمَّ رَجْعتُ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ خَرَجْتُ
لِأَقْضِيَ عُمْرَتِي فَأَتَيْتُ بن عَبَّاسٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أَبْدِلِ الْهَدْيَ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَصْحَابَهُ أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ
قَوْلُهُ خَرَجْتُ الْعَامَ الْمُقْبِلَ لِأَقْضِيَ عُمْرَتِي لَيْسَ فِيهِ قَوْلٌ غَيْرُ قَوْلِهِ وَالْخَبَرُ عَنْ نَفْسِهِ
لَا عَنِ بن عباس وليس في قوله حجة وبن عَبَّاسٍ إِنَّمَا قَالَ لَهُ أَبْدِلِ الْهَدْيَ
وَذَلِكَ حُجَّةٌ لِلشَّافِعِيِّ وَأَشْهَبَ فِي إِيجَابِهِمَا الْهَدْيَ عَلَى الْمُحْصَرِ دُونَ الْقَضَاءِ
وَاحْتَجَّ أَيْضًا مَنْ قَالَ بِإِيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ مِنْ عَامِ الْحُدَيْبِيَةِ قَضَاءً لِتِلْكَ الْعُمْرَةِ قَالُوا
وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا عُمْرَةُ الْقَضَاءِ
وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ كُسِرَ أَوْ
عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى وعمرة
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 175
قَالُوا وَكَذَلِكَ كَلُّ مَمْنُوعٍ مَحْبُوسٍ مَمْنُوعٍ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ بِعَدُوٍّ أَوْ بِغَيْرِ عَدُوٍّ
يَحِلُّ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى إِنْ كَانَ حَاجًّا أَوْ عُمْرَةٌ إِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُحْصَرَ بِعَدُوٍّ يَنْحَرُ هَدْيَهُ وَيَحْلِقُ رَأْسَهُ قَدْ حَلَّ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ
شَيْءٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ احْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ
فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ إِنَّ هَذِهِ الْعُمْرَةَ لِي وَلَكُمْ قَضَاءٌ عَنِ الْعُمْرَةِ الَّتِي صُدِدْنَا عَنْهَا
وَحُصِرْنَا
وَمَعْلُومٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاضَى عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ قُرَيْشًا عَلَى أَنْ
يَحُجَّ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ
وَقَوْلُهُمْ عُمْرَةُ الْقَضَاءِ وَعُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ سَوَاءٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وبَاللِّهِ التَّوْفِيقُ لَا شَرِيكَ لَهُ
وَلَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِيمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ أَنَّهُ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ رَجَاؤُهُ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ
وَأَدْرَكَ الْحَجَّ أَنَّهُ يُقِيمُ عَلَى إِحْرَامِهِ حَتَّى يَيْأَسَ فَإِذَا يَئِسَ حَلَّ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ
وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ نَحَرَ وَقَصَّرَ وَرَجَعَ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ
صَرُورَةً
وَخَالَفَهُمُ الْعِرَاقِيُّونَ فَأَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْقَضَاءَ
وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشَّعْبِيِّ