مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الرَّمَلَ - وَهُوَ (...) |
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ
بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ الْبَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الرَّمَلَ - وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَشْيِ - لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعَةِ فِي طَوَافِ دُخُولِ مَكَّةَ خَاصَّةً للِقَادِمِ الْحَاجِّ أو المعتمر الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190 وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ مِنَ الْحَجَرِ وَهَذَا مَا لَا خلاف فيه أيضا وروى بن وهب عن يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حين يَقْدُمُ مَكَّةَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا بَدَأَ مِنَ الْحَجَرِ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَنَّ الدَّاخِلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَوْ غَيْرِهِ أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ يَقْصِدُهُ فَيُقَبِّلُهُ إِنِ اسْتَطَاعَ أَوْ يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ وَيُقَبِّلُهَا بَعْدَ أَنْ يَضَعَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ قَامَ بِحِذَائِهِ فَكَبَّرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي طَوَافِهِ ثُمَّ يَمْضِي عَلَى يَمِينِهِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ إِلَى الرُّكْنِ الَّذِي لَا يُسْتَلَمُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ مِثْلَهُ ثُمَّ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يُسْتَلَمُ وَهُوَ يَلِي الْأَسْوَدَ ثُمَّ إِلَى رُكْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ هَذَا حُكْمُ كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ وَغَيْرِ وَاجِبٍ وَهَذِهِ طَوْفَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ يَرْمُلُ فِيهَا ثُمَّ أَرْبَعَةً مِثْلَهَا لَا يَرْمُلُ فِيهَا إِذَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي طَوَافِ الدُّخُولِ وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَكَذَا فَقَدْ فَعَلَ مَا يَنْبَغِي فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَمَا وَصَفْنَا وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ وَمَضَى مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ عَلَى يَسَارِهِ فَقَدْ نَكَّسَ طَوَافهُ وَلَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عِنْدَنَا وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ مَنْكُوسًا فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ بِلَادِهِ فَيَطُوفَ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ وَهُوَ قَوْلُ الْحُمَيْدِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَقَالَ أبو حنيفة وأصحابه يعيد الطواف ما دام بمكة فإذا بَلَغَ الْكُوفَةَ أَوْ أَبْعَدَ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ ويحزئه وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ شَوْطًا واحدا من الطواف أنه لَا يُجْزِئَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ عَلَى بَقِيَّةِ إِحْرَامِهِ فَيَطُوفَ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ بَلَغَ بَلَدَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الطَّوَافَ مَنْكُوسًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فِي أَوَّلِ طَوَافِهِ وَأَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191 مَنَاسِكَكُمْ فَمَنْ خَالَفَ فِعْلَهُ فَلَيْسَ بِطَائِفٍ وَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ طَوَافٌ قَدْ حَصَلَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى سُنَّتِهِ فَيُجْبِرُ بِالدَّمِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِأَنَّ سُنَنَ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ وَأَمَّا الرَّمَلُ فَهُوَ الْمَشْيُ خَبَبًا يَشْتَدُّ فِيهِ دُونَ الْهَرْوَلَةِ وَهَيْئَتُهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ لِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ فِي مَشْيِهِ هَذَا حُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ طَوَافَ دُخُولٍ لَا غَيْرَهُ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَشْوَاطِ تَتِمَّةَ السَّبْعَةِ فَحُكْمُهَا الْمَشْيُ الْمَعْهُودُ هَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَطْوَافٍ مِنْ طَوَافِ الدُّخُولِ لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ دُونَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَغَيْرِهِ إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الرَّمَلِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَمْ لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَاجِبَةٍ لِأَنَّهُ كَانَ لِعِلَّةٍ ذَهَبَتْ وَزَالَتْ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَيْهِ اخْتِيَارًا فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بن رَاهْوَيْهِ أَنَّ الرَّمَلَ سُنَّةٌ لِكُلِّ قَادِمٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فِي الثَّلَاثَةِ الْأَطْوَافِ الْأُوَلِ وَقَالَ آخَرُونَ لَيْسَ الرَّمَلُ بِسُنَّةٍ وَمَنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَمَنْ شاءَ لَمْ يَفْعَلْهُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَسَالِمٌ وَالْقَاسِمُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وهو الأشهر عن بن عباس الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192 وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ وَمَنْ تَابَعَهُ وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّمَلَ سُنَّةً حديث أبي الطفيل عن بن عَبَّاسٍ رَوَى فِطْرٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَمَلَ بِالْبَيْتِ وَقَالَ ذَلِكَ سُنَّةٌ فَقَالَ صَدَقَوا وَكَذَبُوا! قُلْتُ مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ صَدَقُوا رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا لَيْسَ ذَلِكَ بِسُنَّةٍ إِنَّ قُرَيْشًا زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالُوا إن به وبأصحابه هزلا وقعدوا على قعيقعان يَنْظُرُونَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ارْمُلُوا أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْيَمَانِيِّ فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روى بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عن أبي الطفيل عن بن عباس قال رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي حجة الوداع أو في عمرته لَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أبي الطفيل عن بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ فَرَمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةً وَمَشَى أَرْبَعَةً فَفِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أبي الطفيل عن بن عباس أن رسول الله رَمَلَ الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ كُلَّهَا وَهَذَا مَعَ حَديِثِ جَابِرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قال يمشي بين الركن اليماني والأسود وقد اختلف عن بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193 وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرَّمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وعكرمة عن بن عَبَّاسٍ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ هَذَا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جعفر وعكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنَّ بِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ شَدُّوا مَآزِرَكُمْ وَارْمُلُوا حَتَّى يَرَى قَوْمُكُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرْمُلْ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ فِي حَجَّتِهِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمَاعَةً رَوَوْهُ بِإِسْنَادِهِ كَذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرْمُلْ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمر قَالَ فِي الرَّمَلِ لَا تَدَعْ شَيْئًا صَنَعْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ثبت عن عمر وبن مسعود وبن عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْمُلُونَ فِي الطَّوَافِ ثَلَاثًا طَوَافَ الْقُدُومِ فَصَارَ سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا لَا يَضُرُّهَا مَنْ جَهِلَهَا وَأَنْكَرَهَا وَرَوَى الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً يَعْنِي فِي حَجَّتِهِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ الحكم عن مجاهد عن بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ فِي الْعُمْرَةِ وَمَشَى فِي الْحَجِّ وَأَصَحُّ وَأَثْبَتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَرَوَى مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194 قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَأَتْبَاعِهِمْ وَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ جَابِرٍ بِمَا يُغْنِي عَنِ الدَّلَائِلِ وَالتَّأْوِيلِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الدُّخُولِ أَوْ تَرَكَ الْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ فَمَرَّةً قَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ وَمَرَّةً قَالَ لَا يُعِيدُ وَبِهِ قَالَ بن الْقَاسِمِ وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ إِنْ أَبْعَدَهُ فَقَالَ مَرَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ومرة قال عليه دم وقال بن الْقَاسِمِ وَهُوَ خَفِيفٌ وَلَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا وكذلك روى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ اسْتَخَفَّهُ قَالَ وَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا وَرَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ بن القاسم رجع عن ذلك مالك وذكر بن حبيب عن مطرف وبن الماجشون وبن الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ وَكَثِيرِهِ دما واحتج بقول بن عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا وَاسْتَخَفَّهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ سُنَّةٌ وَأَلْزَمَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ حَتَّى يَصِحَّ مَا يَجِبُ إِثْبَاتُهُ فِيهَا وقد روي عن بن عَبَّاسٍ فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه وهو قول عطاء وبن جُرَيْجٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ فِي طَوَافِهِنَّ بِالْبَيْتِ وَلَا هَرْوَلَةٌ فِي سَعْيِهِنَّ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا رَمَلَ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195 وَهُمُ الْمُتَمَتِّعُونَ لِأَنَّهُمْ قَدْ رَمَلُوا فِي حِينِ دُخُولِهِمْ حِينَ طَافُوا لِلْقُدُومِ وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا حَجُّوا هَلْ عَلَيْهِمْ رَمَلٌ أَمْ لا فكان بن عُمَرَ لَا يَرَى عَلَيْهِمْ رَمَلًا إِذَا طَافُوا بالبيت وقال بن وَهْبٍ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَرْمُلَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ طَوَافٍ قَبْلَ عَرَفَةَ كُلُّ طَوَافٍ يُوصَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْيِ فَإِنَّهُ يُرْمَلُ فِيهِ وَكَذَلِكَ الْعُمْرَةُ قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ جَمِيعُ مَعَانِي الْآثَارِ الْمَرْسُومَةِ مِنْ جِنْسِهِ وَأَمَّا قَوْلُ عُرْوَةَ فِي الطَّوَافِ (اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّا) فَإِنَّ الْمَوْزُونَ مِنَ الكلام وما يكره كغير الموزون وَأَمَّا قَوْلُ عُرْوَةَ فِي الطَّوَافِ (اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّا) فَإِنَّ الْمَوْزُونَ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا يُكْرَهُ كغير الموزون وأما الشِّعْرِ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى الذِّكْرِ وَكَانَ شَاعِرًا (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَالشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِهِ رَطْبَةٌ وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا (يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ أَنْتَ رَبِّي ... وَأَنْتَ مَوْلَايَ وَأَنْتَ حَسْبِي) (فَأَصْلِحَنْ بِالْيَقِينِ قَلْبِي ... وَنَجِّنِي مِنْ كَرْبِ يَوْمِ الْكَرْبِ) وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَمِنْ رَفْعِ الْعَقِيرَةِ بِهِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْغِنَاءِ وَشِبْهِهِ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ عِنْدَ ذِكْرِ رَفْعِ بِلَالٍ عَقِيرَتَهُ (أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخَرٌ وَجَلِيدُ |