مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ
بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ
الْبَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الرَّمَلَ - وَهُوَ (...)
 
مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَطُفْ
بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى يَرْجِعَ مِنْ مِنًى وَكَانَ لَا يَرْمُلُ إِذَا طَافَ حَوْلَ
الْبَيْتِ إِذَا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ الرَّمَلَ - وَهُوَ الْحَرَكَةُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَشْيِ - لَا
يَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَطْوَافٍ مِنَ السَّبْعَةِ فِي طَوَافِ دُخُولِ مَكَّةَ خَاصَّةً للِقَادِمِ الْحَاجِّ أو
المعتمر
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 190
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّائِفَ يَبْتَدِئُ طَوَافَهُ مِنَ الْحَجَرِ وَهَذَا مَا لَا خلاف
فيه أيضا
وروى بن وهب عن يونس عن بن شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم حين يَقْدُمُ مَكَّةَ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ أَوَّلَ مَا يَطُوفُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِذَا بَدَأَ مِنَ الْحَجَرِ مَضَى عَلَى يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَذَلِكَ أَنَّ
الدَّاخِلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ أَوْ غَيْرِهِ أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ بِهِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَجَرَ يَقْصِدُهُ فَيُقَبِّلُهُ
إِنِ اسْتَطَاعَ أَوْ يَمْسَحُهُ بِيَمِينِهِ وَيُقَبِّلُهَا بَعْدَ أَنْ يَضَعَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ قَامَ بِحِذَائِهِ
فَكَبَّرَ ثُمَّ أَخَذَ فِي طَوَافِهِ ثُمَّ يَمْضِي عَلَى يَمِينِهِ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ إِلَى
الرُّكْنِ الَّذِي لَا يُسْتَلَمُ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ مِثْلَهُ ثُمَّ الرُّكْنُ الثَّالِثُ وَهُوَ الْيَمَانِيُّ الَّذِي يُسْتَلَمُ
وَهُوَ يَلِي الْأَسْوَدَ ثُمَّ إِلَى رُكْنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ
هَذَا حُكْمُ كُلِّ طَوَافٍ وَاجِبٍ وَغَيْرِ وَاجِبٍ وَهَذِهِ طَوْفَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ
يَرْمُلُ فِيهَا ثُمَّ أَرْبَعَةً مِثْلَهَا لَا يَرْمُلُ فِيهَا إِذَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ فِي طَوَافِ الدُّخُولِ
وَهَذَا كُلُّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ مَنْ فَعَلَ هَكَذَا فَقَدْ فَعَلَ مَا يَنْبَغِي فَإِنْ لَمْ يَطُفْ كَمَا
وَصَفْنَا وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَمِينِهِ وَمَضَى مِنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ عَلَى يَسَارِهِ فَقَدْ نَكَّسَ
طَوَافهُ وَلَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ الطَّوَافُ عِنْدَنَا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ طَافَ الطَّوَافَ الْوَاجِبَ مَنْكُوسًا
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ الطَّوَافُ مَنْكُوسًا وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ
بِلَادِهِ فَيَطُوفَ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يَطُفْ
وَهُوَ قَوْلُ الْحُمَيْدِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ
وَقَالَ أبو حنيفة وأصحابه يعيد الطواف ما دام بمكة فإذا بَلَغَ الْكُوفَةَ أَوْ أَبْعَدَ كَانَ
عَلَيْهِ دَمٌ ويحزئه
وَكُلُّهُمْ يَقُولُ إِذَا كَانَ بِمَكَّةَ أَعَادَ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِيمَنْ نَسِيَ شَوْطًا
واحدا من الطواف أنه لَا يُجْزِئَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ بِلَادِهِ عَلَى بَقِيَّةِ إِحْرَامِهِ
فَيَطُوفَ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إِنْ بَلَغَ بَلَدَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ وَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ حُجَّةُ مَنْ لَمْ يُجِزْ الطَّوَافَ مَنْكُوسًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فِي أَوَّلِ طَوَافِهِ وَأَخَذَ عَنْ يَمِينِهِ وَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ وَقَالَ
خُذُوا عَنِّي
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 191
مَنَاسِكَكُمْ فَمَنْ خَالَفَ فِعْلَهُ فَلَيْسَ بِطَائِفٍ وَفِعْلُهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ
وَحُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ طَوَافٌ قَدْ حَصَلَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى سُنَّتِهِ فَيُجْبِرُ
بِالدَّمِ إِذَا رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِأَنَّ سُنَنَ الْحَجِّ تُجْبَرُ بِالدَّمِ
وَأَمَّا الرَّمَلُ فَهُوَ الْمَشْيُ خَبَبًا يَشْتَدُّ فِيهِ دُونَ الْهَرْوَلَةِ وَهَيْئَتُهُ أَنْ يُحَرِّكَ الْمَاشِي مَنْكِبَيْهِ
لِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ فِي مَشْيِهِ هَذَا حُكْمُ الثَّلَاثَةِ الْأَشْوَاطِ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ طَوَافَ دُخُولٍ لَا
غَيْرَهُ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأَشْوَاطِ تَتِمَّةَ السَّبْعَةِ فَحُكْمُهَا الْمَشْيُ الْمَعْهُودُ
هَذَا أَمْرٌ مُجْتَمَعٌ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّمَلَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَطْوَافٍ مِنْ طَوَافِ الدُّخُولِ
لِلْحَاجِّ وَالْمُعْتَمِرِ دُونَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَغَيْرِهِ
إِلَّا أَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي الرَّمَلِ هَلْ هُوَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا أَمْ
لَيْسَ بِسُنَّةٍ وَاجِبَةٍ لِأَنَّهُ كَانَ لِعِلَّةٍ ذَهَبَتْ وَزَالَتْ فَمَنْ شَاءَ فَعَلَيْهِ اخْتِيَارًا
فَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمْ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ
بن رَاهْوَيْهِ
أَنَّ الرَّمَلَ سُنَّةٌ لِكُلِّ قَادِمٍ مَكَّةَ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فِي الثَّلَاثَةِ الْأَطْوَافِ الْأُوَلِ وَقَالَ
آخَرُونَ لَيْسَ الرَّمَلُ بِسُنَّةٍ وَمَنْ شَاءَ فَعَلَهُ وَمَنْ شاءَ لَمْ يَفْعَلْهُ
رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَسَالِمٌ
وَالْقَاسِمُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ
وهو الأشهر عن بن عباس
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 192
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ وَمَنْ تَابَعَهُ
وَحُجَّةُ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّمَلَ سُنَّةً حديث أبي الطفيل عن بن عَبَّاسٍ
رَوَى فِطْرٌ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ زَعَمَ قَوْمُكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ رَمَلَ
بِالْبَيْتِ وَقَالَ ذَلِكَ سُنَّةٌ فَقَالَ صَدَقَوا وَكَذَبُوا! قُلْتُ مَا صَدَقُوا وَمَا كَذَبُوا قَالَ صَدَقُوا
رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَكَذَبُوا لَيْسَ ذَلِكَ بِسُنَّةٍ إِنَّ
قُرَيْشًا زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ قَالُوا إن به وبأصحابه هزلا وقعدوا على قعيقعان يَنْظُرُونَ إِلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ
لِأَصْحَابِهِ ارْمُلُوا أَرُوهُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمُلُ
مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِلَى الْيَمَانِيِّ فَإِذَا تَوَارَى عَنْهُمْ مَشَى
قَالَ أَبُو عُمَرَ قد روى بن الْمُبَارَكِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عن أبي الطفيل عن
بن عباس قال رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ
وَهَذَا مَعْنَاهُ فِي حجة الوداع أو في عمرته لَا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ
وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ أبي الطفيل عن بْنِ
عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعْتَمَرَ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ فَرَمَلَ بِالْبَيْتِ ثَلَاثَةً
وَمَشَى أَرْبَعَةً
فَفِي هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أبي الطفيل عن بن عباس أن رسول الله رَمَلَ الْأَشْوَاطَ
الثَّلَاثَةَ كُلَّهَا
وَهَذَا مَعَ حَديِثِ جَابِرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ قال يمشي بين الركن اليماني
والأسود
وقد اختلف عن بن عُمَرَ فِي ذَلِكَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 193
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الرَّمَلَ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي
الْأَشْوَاطِ الثَّلَاثَةِ
وَقَدْ رَوَى عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وعكرمة عن بن عَبَّاسٍ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ هَذَا وَقَدْ
ذَكَرْنَا الْأَحَادِيثَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي جعفر وعكرمة عن بن عَبَّاسٍ قَالَ
لَمَّا اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلَغَ أَهْلَ مَكَّةَ أَنَّ بِأَصْحَابِهِ هَزْلًا فَلَمَّا
قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ شَدُّوا مَآزِرَكُمْ وَارْمُلُوا حَتَّى يَرَى قَوْمُكُمْ أَنَّ بِكُمْ قُوَّةً ثُمَّ حَجَّ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرْمُلْ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الثَّابِتُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ
فِي حَجَّتِهِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنَ الْحَجَرِ إِلَى الْحَجَرِ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً مِنْ حَدِيثِ
مَالِكٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ
وَقَدْ ذَكَرْنَا جَمَاعَةً رَوَوْهُ بِإِسْنَادِهِ كَذَلِكَ فِي التَّمْهِيدِ
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِ مَا رَوَاهُ الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَرْمُلْ
وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عمر قَالَ فِي الرَّمَلِ لَا تَدَعْ شَيْئًا
صَنَعْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد ثبت عن عمر وبن مسعود وبن
عُمَرَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَرْمُلُونَ فِي الطَّوَافِ ثَلَاثًا طَوَافَ الْقُدُومِ فَصَارَ سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا لَا
يَضُرُّهَا مَنْ جَهِلَهَا وَأَنْكَرَهَا
وَرَوَى الشَّافِعِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن
عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَمَلَ ثَلَاثَةَ أَشْوَاطٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً
يَعْنِي فِي حَجَّتِهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خَيْرٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ الحكم عن مجاهد عن بْنِ
عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَلَ فِي الْعُمْرَةِ وَمَشَى فِي الْحَجِّ وَأَصَحُّ
وَأَثْبَتُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَرَوَى مَالِكٌ وَأَيُّوبُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نافع عن بن عُمَرَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ أَنَّهُ كَانَ
إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ رَمَلَ بِالْبَيْتِ وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 194
قَالَ أَبُو عُمَرَ عَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ بِالْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى وَأَتْبَاعِهِمْ
وَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ شَذَّ عَنْهُمْ وَقَدْ مَضَى حَدِيثُ جَابِرٍ بِمَا يُغْنِي عَنِ الدَّلَائِلِ وَالتَّأْوِيلِ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ فِي الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ طَوَافَ الدُّخُولِ أَوْ
تَرَكَ الْهَرْوَلَةَ فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا والْمَرْوَةِ ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ وَهُوَ قَرِيبٌ
فَمَرَّةً قَالَ مَالِكٌ يُعِيدُ
وَمَرَّةً قَالَ لَا يُعِيدُ
وَبِهِ قَالَ بن الْقَاسِمِ
وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ أَيْضًا هَلْ عَلَيْهِ دَمٌ إِنْ أَبْعَدَهُ فَقَالَ مَرَّةً لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
ومرة قال عليه دم
وقال بن الْقَاسِمِ وَهُوَ خَفِيفٌ وَلَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا
وكذلك روى بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُوَطَّئِهِ أَنَّهُ اسْتَخَفَّهُ قَالَ وَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا
وَرَوَى مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ أَنَّ عَلَيْهِ دَمًا
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ
وَقَالَ بن القاسم رجع عن ذلك مالك
وذكر بن حبيب عن مطرف وبن الماجشون وبن الْقَاسِمِ أَنَّ عَلَيْهِ فِي قَلِيلِ ذَلِكَ
وَكَثِيرِهِ دما
واحتج بقول بن عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَعَلَيْهِ دَمٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ الْحُجَّةُ لِمَنْ لَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا وَاسْتَخَفَّهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ
سُنَّةٌ وَأَلْزَمَهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ حَتَّى يَصِحَّ مَا يَجِبُ إِثْبَاتُهُ فِيهَا
وقد روي عن بن عَبَّاسٍ فِيمَنْ تَرَكَ الرَّمَلَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عليه
وهو قول عطاء وبن جُرَيْجٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي
ثَوْرٍ
وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ فِي طَوَافِهِنَّ بِالْبَيْتِ وَلَا هَرْوَلَةٌ فِي سَعْيِهِنَّ بَيْنَ
الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنْ لَا رَمَلَ عَلَى مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 195
وَهُمُ الْمُتَمَتِّعُونَ لِأَنَّهُمْ قَدْ رَمَلُوا فِي حِينِ دُخُولِهِمْ حِينَ طَافُوا لِلْقُدُومِ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ مَكَّةَ إِذَا حَجُّوا هَلْ عَلَيْهِمْ رَمَلٌ أَمْ لا
فكان بن عُمَرَ لَا يَرَى عَلَيْهِمْ رَمَلًا إِذَا طَافُوا بالبيت
وقال بن وَهْبٍ كَانَ مَالِكٌ يَسْتَحِبُّ لِمَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ أَنْ يَرْمُلَ حَوْلَ الْبَيْتِ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ كُلُّ طَوَافٍ قَبْلَ عَرَفَةَ كُلُّ طَوَافٍ يُوصَلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّعْيِ فَإِنَّهُ يُرْمَلُ
فِيهِ وَكَذَلِكَ الْعُمْرَةُ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ دَخَلَ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي هَذَا الْبَابِ جَمِيعُ مَعَانِي الْآثَارِ الْمَرْسُومَةِ مِنْ
جِنْسِهِ
وَأَمَّا قَوْلُ عُرْوَةَ فِي الطَّوَافِ
(اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّا)
فَإِنَّ الْمَوْزُونَ مِنَ الكلام وما يكره كغير الموزون وَأَمَّا قَوْلُ عُرْوَةَ فِي الطَّوَافِ
(اللَّهُمَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَا ... وَأَنْتَ تُحْيِي بَعْدَ مَا أَمَتَّا)
فَإِنَّ الْمَوْزُونَ مِنَ الْكَلَامِ وَمَا يُكْرَهُ كغير الموزون وأما الشِّعْرِ الَّذِي يَجْرِي مَجْرَى
الذِّكْرِ وَكَانَ شَاعِرًا (رَحِمَهُ اللَّهُ) وَالشِّعْرُ دِيوَانُ الْعَرَبِ وَأَلْسِنَتُهُمْ بِهِ رَطْبَةٌ
وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ فِي مِثْلِ هَذَا
(يَا فَالِقَ الْإِصْبَاحِ أَنْتَ رَبِّي ... وَأَنْتَ مَوْلَايَ وَأَنْتَ حَسْبِي)
(فَأَصْلِحَنْ بِالْيَقِينِ قَلْبِي ... وَنَجِّنِي مِنْ كَرْبِ يَوْمِ الْكَرْبِ)
وَقَدْ أَوْضَحْنَا مَا يَجُوزُ مِنَ الشِّعْرِ وَمِنْ رَفْعِ الْعَقِيرَةِ بِهِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْغِنَاءِ وَشِبْهِهِ
فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ هَذَا الدِّيوَانِ عِنْدَ ذِكْرِ رَفْعِ بِلَالٍ عَقِيرَتَهُ
(أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِوَادٍ وَحَوْلِي إِذْخَرٌ وَجَلِيدُ