مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَفَاضَ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ
فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَبَسَهُ شَيْءٌ فَهُوَ حَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَإِنْ
حَبَسَهُ شَيْءٌ أَوْ عَرَضَ لَهُ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَفَاضَ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ
فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَبَسَهُ شَيْءٌ فَهُوَ حَقِيقٌ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَإِنْ
حَبَسَهُ شَيْءٌ أَوْ عَرَضَ لَهُ فَقَدْ قَضَى اللَّهُ حَجَّهُ
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا جَهِلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ حَتَّى صَدَرَ لَمْ أَرَ
عَلَيْهِ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا فَيَرْجِعَ فَيَطُوفَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ يَنْصَرِفَ إِذَا كَانَ قَدْ أَفَاضَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ وَدَاعُ الْبَيْتِ لِكُلِّ حَاجٍّ أَوْ مُعْتَمِرٍ لَا يَكُونُ مَكِّيًّا مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ وَسُنَنِهِ
إِلَّا أَنَّهُ رُخِّصَ لِلْحَائِضِ إِذَا كَانَتْ قَدْ أَفَاضَتْ وَالْإِفَاضَةُ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ بَعْدَ رَمْيِ
جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْحِجَازِ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَيُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ
طَوَافَ الزِّيَارَةِ فَمَنْ طَافَ ذَلِكَ الطَّوَافَ مِنَ النِّسَاءِ ثُمَّ حَاضَتْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهَا أَنْ
تَصْدُرَ عَنِ الْبَيْتِ وَتَنْهَضَ رَاجِعَةً إِلَى بَلَدِهَا دُونَ أَنْ تُوَدِّعَ الْبَيْتَ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 210
وَرَدَتِ السُّنَّةُ بِذَلِكَ فِي الْحَائِضِ الَّتِي قَدْ أَفَاضَتْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِهِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ
إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ) وَسَنَذْكُرُ هُنَاكَ مَنْ رَخَّصَ لِلْحَائِضِ فِي ذَلِكَ مِنَ الْعُلَمَاءِ
اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ الَّتِي بَلَغَتْهُ فِيهَا وَمَنْ لَمْ يُرَخِّصْ لَهَا لِمَا غَابَ عَنْهُ فِي ذلك
قال بن وَهْبٍ قَالَ لِي مَالِكٌ فِي قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ آخِرُ النُّسُكِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ
قَالَ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ وَذَلِكَ لِمَنْ كَانَ
بِمِنًى فَمَنْ أَرَادَ الصَّدْرَ فَأَمَّا مَنْ رَجَعَ إِلَى مَكَّةَ بِإِفَاضَةٍ فَإِنَّ لَهُ سَعَةً أَنْ يَخْرُجَ وَإِنْ
لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ إِذَا أَفَاضَ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ ذكر بن جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ إِذَا أَخَّرْتَ طَوَافَكَ إِلَى
أَنْ تَجِيءَ يَوْمَ الصَّدْرِ أَجْزَاكَ لِزِيَارَتِكَ وَصَدْرِكَ - يَعْنِي الْوَدَاعَ
قَالَ الثَّوْرِيُّ مَنْ نَسِيَ فَخَرَجَ وَلَمْ يُوَدِّعْ رَجَعَ إِنْ ذَكَرَ فِي الْحَرَمِ فَطَافَ وَإِنْ كَانَ قَدْ
خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ لَمْ يَرْجِعْ وَيَمْضِي وَأَهْرَاقَ دَمًا
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ
وَأَوْصَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ يُهْرَاقَ عَنْهُ دَمٌ لِأَنَّهُ خَرَجَ مَرَّةً بِغَيْرِ وَدَاعٍ
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ طَافَ طَوَافَ الْوَدَاعِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي شِرَاءِ حَوَائِجَ مِنَ السُّوقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ
فَقَالَ عَطَاءٌ إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلَّا الرُّكُوبُ وَالنُّهُوضُ فَحِينَئِذٍ يُوَدِّعُ وَإِنَّمَا هُوَ عَمَلٌ يُخْتَمُ بِهِ
وَبِهِ قال الشافعي والثوري وأحمد وَأَبُو ثَوْرٍ
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إِذَا اشْتَرَى فِي بَعْضِ جِهَازِهِ وَطَعَامِهِ وَحَوَائِجِهِ فِي السُّوقِ بَعْدَ الْوَدَاعِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ حِينَ يَخْرُجُ فَلَوْ وَدَّعَ الْبَيْتَ ثُمَّ
أَقَامَ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ أَجْزَاهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إِعَادَةٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ عَمَرَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) فَلْيَكُنْ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ
بِالْبَيْتِ
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُعْتَمِرِ الْخَارِجِ إِلَى التَّنْعِيمِ هَلْ يُوَدِّعُ
فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَيْسَ عَلَيْهِ وَدَاعٌ
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ إِنْ لَمْ يُوَدِّعْ فَعَلَيْهِ دَمٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَوْلُ مَالِكٍ أَقْيَسُ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ فِي عُمْرَتِهِ إِلَى الْبَيْتِ وَلَيْسَ بِنَاهِضٍ إِلَى
بلده
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 211
وَيَقُولُونَ إِنَّ بَيْنَ مَرِّ الظَّهْرَانِ وَبَيْنَ مَكَّةَ ثمانية عشر ميلا وهذا بعيد عند مَالِكٍ
وَأَصْحَابِهِ وَلَا يَرَوْنَ عَلَى أَحَدٍ طَوَافَ الْوَدَاعِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ
وَجُمْلَةُ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ لَمْ يَطُفْ لِلْوَدَاعِ أَنَّهُ إِذَا كان قريبا رجع فطاف لوداع الْبَيْتَ
وَإِنْ بَعُدَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ يَرْجِعُ إِلَى طَوَافِ الْوَدَاعِ مَا لَمْ يَبْلُغِ الْمَوَاقِيتَ فَإِنْ بَلَغَهَا
وَلَمْ يَرْجِعْ فَعَلَيْهِ دَمٌ
وَقَالُوا فِي أَهْلِ بُسْتَانِ بن عَامِرٍ وَأَهْلِ الْمَوَاقِيتِ إِنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَهْلِ مَكَّةَ فِي طَوَافِ
الصَّدْرِ
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ مَنْ لَمْ يُطَفِ الْوَدَاعَ فَعَلَيْهِ دَمٌ إِنْ يَغْدُو إِنْ أَمْكَنَهُ
الرُّجُوعُ رَجَعَ
وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَالْحَكَمِ وَحَمَّادٍ وَمُجَاهِدٍ كُلُّهُمْ يَقُولُونَ عليه دم
وثبت عن بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ نَسِيَ مِنْ نُسُكِهِ شَيْئًا فَلْيُهْرِقْ دَمًا وَلَا خِلَافَ أَنَّ
طَوَافَ الْوَدَاعِ مِنَ النُّسُكِ
وَالْحُجَّةُ لِمَالِكٍ أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ سَاقِطٌ عَنِ الْمَكِّيِّ وَعَنِ الْحَائِضِ فَلَيْسَ مِنَ السُّنَنِ
اللَّازِمَةِ وَأَلْزَمَهُ بَدَنَةً فَلَا يَجِبُ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا بِيَقِينٍ