عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أُخْتِ عَقِيلِ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ قَالَ فَدَعَانِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ هَذِهِ (...)
 
عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِي عَنْ أَبِي مُرَّةَ مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ أُخْتِ عَقِيلِ
بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِيهِ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَوَجَدَهُ يَأْكُلُ قَالَ فَدَعَانِي قَالَ فَقُلْتُ لَهُ إِنِّي صَائِمٌ فَقَالَ هَذِهِ الْأَيَّامُ
الَّتِي نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صِيَامِهِنَّ وَأَمَرَنَا بِفِطْرِهِنَّ
قَالَ مَالِكٌ هِيَ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَمَّا حَدِيثُ أَبِي النَّضْرِ فَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي إِرْسَالِهِ في الموطأ
وأما حديث بن يَسَارٍ هَذَا فَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي
بَكْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ
حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حدثني محمد بن السَّلَامِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ
بْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ حَدَّثَنِي سُفْيَانَ فَذَكَرَهُ
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقَرَأْتُهُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم نهى عن صيام أيام منى
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 236
قال بن مهدي ولا أراه إلا أثبت من حديث سفيان
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَارِثِ قَالَ حَدَّثَنِي قَاسِمٌ قَالَ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ قَالَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ
مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَسَالِمٍ
أَبِي النَّضْرِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَمَرَهُ أَنْ يُنَادِيَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَقَالَ مُرْسَلٌ
قَالَ أَبُو عُمَرَ إِنَّمَا صَارَ مُرْسَلًا لِأَنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
حُذَافَةَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَإِنَّهُ يَتَّصِلُ مِنْ غَيْرِ مَا وَجْهٍ وَيَتَّصِلُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ
بن حذافة من حديث بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ يَطُوفُ فِي مِنًى لَا تَصُومُوا هَذِهِ
الْأَيَّامَ فَإِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذَا الْحَدِيثَ وَمَا كَانَ مِثْلَهُ فِي التَّمْهِيدِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ أَيَّامُ مِنًى هي ثلاثة أيام بعد يوم النحر وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْمَاءٍ يُقَالُ لَهَا أَيَّامُ
مِنًى لِإِقَامَةِ الْحَاجِّ بِهَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ لِرَمْيِ الجمار ويقال لها أيام التشريق
قال أهل اللغة سميت بذلك لتشريق لحوم الضحايا والهدايا
وَهِيَ الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ الَّتِي رُخِّصَ لِلْحَاجِّ أَنْ يَتَعَجَّلَ مِنْهَا فِي يَوْمَيْنِ
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنَّهَا أَيَّامُ مِنًى وَأَنَّهَا الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ
وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْأَيَّامِ الْمَعْلُومَاتِ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدُهُمَا أَنَّهَا أَيَّامُ الْعَشْرِ وهو قول بن عَبَّاسٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَالثَّانِي أَنَّهَا يَوْمُ النحر ويومان بعده من أيام التشريق وهو قول علي وبن عُمَرَ
وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الضَّحَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ
وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ أَيَّامَ مِنًى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ قَوْلُ الْعَرَجِيِّ
(مَا نَلْتَقِي إِلَّا ثَلَاثَ مِنًى ... حَتَّى يُفَرِّقَ بَيْنَنَا النَّفْرِ)
وَقَوْلُ عُرْوَةَ بْنِ أُذَيْنَةَ
(نَزَلُوا ثَلَاثَ مِنًى منزل غبطة ... وهم على سفر لعمرك ماهمو)
وَقَدْ ذَكَرْنَا الشَّوَاهِدَ فِي هَذَا وَفِي اشْتِقَاقِ مِنًى فِي التَّمْهِيدِ وَلِمَ قِيلَ لَهَا مِنًى
قال بن الْأَنْبَارِيِّ هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ مَنَيْتَ الدَّمَ إِذَا أصبته
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 237
وَقَالَ أَبُو هِفَّانَ هُوَ مِنًى وَهِيَ مِنًى فَمَنْ ذَكَّرَهُ ذَهَبَ إِلَى الْمَكَانِ وَمَنْ أَنَّثَهُ ذَهَبَ إِلَى
الْبُقْعَةِ
قَالَ وَتُكْتَبُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بِالْيَاءِ
وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ صِيَامُ أَيَّامِ مِنًى تَطَوُّعًا وَأَنَّهَا أَيَّامٌ لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ
بِصِيَامِهِنَّ إِلَّا شَيْءٌ يُرْوَى عن الزبير وبن عُمَرَ وَالْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُمْ
كَانُوا يَصُومُونَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ تَطَوُّعًا وَفِي الْأَسَانِيدِ عَنْهُمْ ضَعْفٌ
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ والحديث على كراهية ذلك
ذكر بن عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا بَأْسَ بِسَرْدِ الصِّيَامِ إِذَا أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَوْمَ
الْفِطْرِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهَا
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَا يَتَطَوَّعُ أَحَدٌ بِصِيَامِ أَيَّامِ مِنًى لِنَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صيام أيام منى
وقال بن القاسم عَنْ مَالِكٍ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَصُومَ أَيَّامَ الذَّبْحِ الثَّلَاثَةَ وَلَا يَقْضِيَ فِيهَا
صِيَامًا وَاجِبًا نَذْرًا وَلَا قَضَاءَ رَمَضَانَ وَلَا يَصُومُهَا إِلَّا الْمُتَمَتِّعُ وَحْدَهُ الَّذِي لَمْ يَصُمْ
قَبْلَ عَرَفَةَ وَلَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ
قَالَ وَأَمَّا آخِرُ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَيُصَامُ إِنْ نَذَرَهُ رَجُلٌ أَوْ نَذَرَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَمَّا
قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرُهُ فَلَا يَفْعَلُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ صَامَ قَبْلَ ذَلِكَ صِيَامًا مُتَتَابِعًا قَدْ
لَزِمَهُ فَمَرِضَ ثُمَّ صَحَّ وَقَوِيَ عَلَى الصِّيَامِ فِي هَذَا الْيَوْمِ يَبْنِي عَلَى الصِّيَامِ الَّذِي كَانَ
صَامَهُ فِي الظِّهَارِ أَوْ قَتْلِ النَّفْسِ خَطَأً وَأَمَّا قَضَاءُ رَمَضَانَ فَلَا يَصُومُهُ فِيهِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فَرَّقَ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ
فِي الصِّيَامِ خَاصَّةً وَفِي الْيَوْمِ الثالث منها إلا ما حكاه بن القاسم عن مالك على ما
ذكرناه
وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْأَثَرِ لَا يُجِيزُونَ صَوْمَ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ
التَّشْرِيقِ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ وَلَا فِي نَذْرٍ وَلَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الصِّيَامِ إِلَّا
الْمُتَمَتِّعَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ عَلَى ما نذكره عَنْهُمْ فِي بَابِهِ فِي آخِرِ هَذَا
الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (عَزَّ وَجَلَّ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَيَّامِ مِنًى إنها أيام أكل وشرب وذكر لله (عَزَّ
وَجَلَّ) فَإِنَّ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ أَنَّهَا أَيَّامٌ لَا صِيَامَ فِيهَا وَأَمَّا الذِّكْرُ فَهُوَ بِمِنًى التَّكْبِيرُ عِنْدَ
رَمْيِ الْجِمَارِ وَفِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ التَّكْبِيرُ بِإِثْرِ الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي مَوْضِعُ ذِكْرِهِ مِنْ هَذَا
الْكِتَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 238
وَأَمَّا نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَيَوْمِ النَّحْرِ فَلَا خِلَافَ بين
العلماء أنه لا يجوز صيامهما لِنَاذِرٍ وَلَا مُتَطَوِّعٍ وَلَا يُقْضَى فِيهِمَا رَمَضَانُ وَلَا
يُصَامَانِ فِي صِيَامِ التَّتَابُعِ
وَالَّذِي يَصُومُهُمَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ الْمُجْتَمَعِ عَلَيْهِ عَاصٍ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلِأَصْحَابِنَا فِيمَنْ
نَذَرَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ هَلْ يَقْضِي يَوْمَ النَّحْرِ أَمْ لَا مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ
مِنْ هَذَا الكتاب