مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ
ارْكَبْهَا وَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا (...)
 
مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً فَقَالَ ارْكَبْهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا بَدَنَةٌ فَقَالَ
ارْكَبْهَا وَيْلَكَ فِي الثَّانِيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ
قَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ ذَكَرْنَا فِي التَّمْهِيدِ الِاخْتِلَافَ عَلَى أَبِي الزِّنَادِ فِي إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ
وَالِاخْتِلَافَ أَيْضًا فِي أَلْفَاظِهِ عَنْ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي رُكُوبِ الْهَدْيِ الْوَاجِبِ وَالتَّطَوُّعِ
فَمَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ رُكُوبَهُ جَائِزٌ مِنْ ضَرُورَةٍ وَغَيْرِ ضَرُورَةٍ
وَبَعْضُهُمْ أَوْجَبَ ذَلِكَ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْكَبْهَا
الجزء: 4 ¦ الصفحة: 240
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إِلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِرُكُوبِ الْهَدْيِ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى
ظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ
وَالَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمْ وَأَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ كَرَاهِيَةُ رُكُوبِ
الْهَدْيِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ
وَكَذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ شُرْبَ لَبَنِ الْبَدَنَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ رِيِّ فَصِيلِهَا قَالَ فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا
شَيْءَ عَلَيْهِ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ إِنْ نَقَصَهَا الرُّكُوبُ أَوْ شَرِبَ لَبَنَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا شَرِبَ
مِنْ لَبَنِهَا وَقِيمَةُ مَا نَقَصَهَا الرُّكُوبُ
وَحُجَّةُ مَنْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ أَنَّ مَا خَرَجَ لِلَّهِ فَغَيْرُ جَائِزٍ الرُّجُوعُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَلَا
الِانْتِفَاعُ فَإِنِ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ جَازَ لَهُ لِحَدِيثِ جَابِرٍ فِي ذَلِكَ
حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنِي
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سعيد عن بن جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ
قَالَ سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ رُكُوبِ الْهَدْيِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا أُلْجِئْتَ إِلَيْهَا حَتَّى تَجِدَ ظَهْرًا
وَحُجَّةُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَذِنَ فِي رُكُوبِ الْهَدْيِ عِنْدَ
الْحَاجَةِ إِلَيْهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ بَيَانًا أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يَخْرُجُ لِلَّهِ وَلَوْ وَجَبَ فِي ذَلِكَ
شَيْءٌ لبينه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يُبَيِّنُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مُرَادَهُ وَقَدْ سَكَتَ عَنْ
إِيجَابِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمَا سَكَتَ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَفْوٌ مِنْهُ وَالذِّمَّةُ بَرِيئَةٌ إِلَّا بِيَقِينٍ
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيْلَكَ فَمَخْرَجُهُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ إِذْ أَبَى مِنْ رُكُوبِهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ وَقَالَ لَهُ إِنَّهَا
بَدَنَةٌ وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ أَنَّهَا بَدَنَةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ الْوَيْلُ
لَكَ فِي مُرَاجَعَتِكَ أيامي فِيمَا لَا تَعْرِفُ وَأَعْرِفُ
وَكَانَ الْأَصْمَعِيُّ يَقُولُ وَيْلَكَ كَلِمَةُ عَذَابٍ وَوَيْحَكَ كَلِمَةُ رَحْمَةٍ
وَذَكَرَ مَالِكٌ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ