قوله : ( وأن العشرة الذين سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبشرهم بالجنة ، نشهد لهم بالجنة ، على ما شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقوله الحق ، وهم . أبو بكر ، و عمر ، و عثمان ، و علي ، و طلحة ، و الزبير ، و سعد ، و سعيد ، و عبد الرحمن بن عوف ، و أبو عبيدة ابن الجراح ، وهو أمين هذه الأمة ، رضي الله عنهم أجمعين )
 
ش : تقدم ذكر بعض فضائل الخلفاء الأربعة . ومن فضائل الستة الباقين من العشرة رضي الله عنهم أجمعين : ما رواه مسلم : عن عائشة رضي الله عنها : أرق رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقال : ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة ، قالت : وسمعنا صوت السلاح ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال سعد ابن أبي وقاص : يا رسول الله ، جئت أحرسك - وفي لفظ آخر : وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه ، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام . وفي الصحيحين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع لسعد بن أبي وقاص أبويه يوم أحد ، فقال : ارم ، فداك أبي وأمي . وفي صحيح مسلم ، عن قيس بن أبي حازم ، قال : رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد قد شلت . وفيه أيضاً عن أبي عثمان النهدي ، قال : لم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض تلك الأيام التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم غير طلحة و سعد . وفي الصحيحين ، واللفظ لمسلم ، عن جابر بن عبد الله قال : ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس يوم الخندق فانتدب الزبير ، ثم ندبهم ، فانتدب الزبير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لكل نبي حواري ، وحواري الزبير وفيهما أيضاً عن الزبير رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من يأتي بني قريظة فيأتيني بخبرهم ؟ فانطلقت ، فلما رجعت جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه ، فقال : فداك أبي وأمي . وفي صحيح مسلم ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن لكل أمة أميناً ، وإن أميننا أيتها الأمة : أبو عبيدة بن الجراح . وفي الصحيحين عن حذيفة بن اليمان ، قال . جاء أهل نجران إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا رسول الله ، ابعث إلينا [ رجلاً ] أميناً ، فقال : لأبعثن إليكم رجلاً أميناً حق [ أمين ] ، قال : فاستشرف لها الناس ، قال : فبعث أبا عبيدة بن الجراح . وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه ، قال : أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أني سمعته يقول : عشرة في الجنة : النبي في الجنة ، و أبو بكر في الجنة ، و طلحة في الجنة ، و عمر في الجنة ، و عثمان في الجنة ، و سعد بن مالك في الجنة ، و عبد الرحمن بن عوف في الجنة ، ولو شئت لسميت العاشر ، قال : فقالوا : من هو ؟ قال : سعيد بن زيد ، وقال . لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يغبر منه وجهه ، خير من عمل أحدكم ، ولو عمر عمر نوح . رواه أبو داود ، و ابن ماجه ، و الترمذي وصححه . ورواه الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف . وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أبو بكر في الجنة ، و عمر في الجنة ، و علي في الجنة ، و عثمان في الجنة ، و طلحة في الجنة ، و الزبير بن العوام في الجنة ، و عبد الرحمن ابن عوف في الجنة ، و سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل في الجنة، و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة . رواه الإمام أحمد في مسنده . ورواه أبو بكر بن أبي خيثمة ، وقدم فيه عثمان على علي ، رضي الله عنهما . وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء ، [ هو ] و أبو بكر و عمر و عثمان و علي و طلحة و الزبير ، فتحركت الصخرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اهدأ ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد . رواه مسلم و الترمذي وغيرهما . وروي من طرق .
وقد اتفق أهل السنة على تعظيم هؤلاء العشرة وتقديمهم ، لما اشتهر من فضائلهم ومناقبهم . ومن أجهل ممن يكره التكلم بلفظ العشرة ، أو فعل شيء يكون عشر! ! لكونهم يبغضون خيار الصحابة ، وهم العشرة المشهود لهم بالجنة ، وهم يستثنون منهم علياً رضي الله عنه ! فمن العجب : أنهم يوالون لفظ التسعة ! وهم يبغضون التسعة من العشرة ! ويبغضون سائر المهاجرين والأنصار ، من السابقين الأولين ، الذين بايعوا رسول الله تحت الشجرة ، وكانوا ألفاً وأربعمائة ، وقد رضي الله عنهم . كما قال تعالى : لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة . وثبت في صحيح مسلم ، عن جابر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة . وفي صحيح مسلم أيضاً ، عن جابر : أن غلام حاطب بن أبي بلتعة قال يا رسول الله : ليدخلن حاطب النار ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كذبت ، [ لا يدخلها ] ، فإنه شهد بدراً والحديبية . والرافضة يتبرؤون من جمهور هؤلاء ، بل يتبرؤون من سائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا من نفر قليل ، نحو بضعة عشر نفراً ! ! ومعلوم أنه لو فرض في العالم عشرة من أكفر الناس ، لم يهجر هذا الاسم لذلك ، كما أنه سبحانه لما قال : وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون - لم يجب هجر اسم التسعة مطلقاً . بل اسم العشرة قد مدح الله مسماه في مواضع من القرآن : تلك عشرة كاملة . وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر . والفجر* وليال عشر . وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان ، وقال في ليلة القدر : التمسوها في العشر الأواخر من رمضان . وقال : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من أيام العشر . يعني عشر ذي الحجة .
والرافضة توالى بدل العشرة المبشرين بالجنة ، إثني عشر إماماً ، أولهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويدعون أنه وصي النبي صلى الله عليه وسلم ، دعوى مجردة عن الدليل ، ثم الحسن رضي الله عنه ، ثم الحسين رضي الله عنه ، ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم محمد بن علي الباقر ، ثم جعفر بن محمد الصادق ، ثم موسى بن جعفر الكاظم ، ثم علي بن موسى الرضى ، ثم محمد بن علي الجواد ، ثم علي بن محمد الهادي ، ثم الحسن بن علي العسكري ، ثم محمد بن الحسن ، ويغالون في محبتهم ، ويتجاوزون الحد ! ! ولم يأت ذكر الأئمة الإثني عشر ، إلا على صفة ترد قولهم وتبطله ، وهو ما خرجاه في الصحيحين ، عن جابر بن سمرة ، قال : دخلت مع أبي على النبي صلى الله عليه وسلم ، فسمعته يقول : لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم إثنا عشر رجلاً ، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة خفيت علي ، فسألت أبي : ماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كلهم من قريش . وفي لفظ : لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة وفي لفظ : لا يزال هذا الأمر عزيزاً إلى إثني عشر خليفة . وكان الأمر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم . والإثنا عشر : الخلفاء الراشدون الأربعة ، و معاوية ، وابنه يزيد ، و عبد الملك بن مروان ، وأولاده الأربعة ، وبينهم عمر بن عبد العزيز ، ثم أخذ الأمر في الإنحلال . وعند الرافضة أن أمر الأمة لم يزل في أيام هؤلاء فاسداً منغصاً ، يتولى عليهم الظالمون المعتدون ، بل المنافقون الكافرون ، وأهل الحق أذل من اليهود ! ! وقولهم ظاهر البطلان ، بل لم يزل الإسلام عزيزاً في ازدياد في أيام هؤلاء الإثني عشر